البحرينيون يختارون نوابهم للمجلس الوطني المقبل وسط إقبال متفاوت للدوائر الانتخابية

«الشرق الأوسط» ترصد في جولة شاملة أجواء الانتخابات التي تنقل البحرين إلى مرحلة أعلى من الديمقراطية

TT

صوت البحرينيون لانتخاب مجلسهم النيابي المقبل امس وسط مشاركة شعبية متفاوتة، تبعا للدوائر الانتخابية، حيث قدرت نسبة المشاركة الاجمالية بحوالي 30 في المائة فقط. ويأتي المجلس الوطني الى حيز الوجود بعد التصويت الذي جاءت نسبته 98 في المائة على الميثاق الوطني في فبراير (شباط) الماضي، وسوف يضم المجلس الوطني 40 عضوا، بجانب مجلس للشورى ويضم نفس العدد ويتم تعيينهم من قبل ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وسيضم مجموعة من رجال الخبرة، ومن كبار الشخصيات البحرينية.

وتوجه المواطنون البحرينيون صباح امس الى مراكز الاقتراع لانتخاب اول مجلس نيابي بعد 29 عاما على توقف الحياة الانتخابية. وفتحت مراكز الاقتراع ابوابها صباح امس لاختيار 37 نائبا من اصل 40، بعد ان وصل ثلاثة مرشحين بالتزكية من بين 174 مرشحا بينهم 8 نساء يتنافسون على عضوية المجلس النيابي المقبل.

وتجري الانتخابات البرلمانية وسط اعلان اربع جمعيات سياسية بحرينية مقاطعتها للاشتراك في انتخاب المجلس الوطني، بسبب التعديلات الدستورية التي سادت بين المجلس المنتخب والشوري. وعلق علي ربيعة احد الشخصيات السياسية بقوله «ان هناك عددا من الدوائر الانتخابية شهدت اقبالا كبيرا مثل المحرق، بينما كان الاقبال ضعيفا في العديد من الدوائر مثل البديع، بل هي شبه خالية».

وقال «اننا نعتقد ان هناك العديد من المخالفات والتجاوزات تحوم حول العملية الانتخابية، منها ختم الجواز، واصدار تعليمات لعدد من القطاعات العسكرية في الدفاع والداخلية للعاملين بالإدلاء بأصواتهم.

يذكر ان عدد الناخبين المدرجة اسماؤهم في جداول الانتخابات يصل الى 243637 ناخبا في المحافظات الخمس، حيث يبلغ عدد الذكور 121768، في ما يبلغ عدد الاناث 121869.

كما يبلغ مراكز الاقتراع عددها 52 مركزا لاستقبال الناخبين في جميع انحاء مملكة البحرين الذين يحق لهم الانتخاب.

واستمرت عملية التصويت الى الساعة الثامنة من مساء امس، ومن المتوقع اعلان النتائج في الساعات الاولى من اليوم، وذلك من خلال المراكز الرئيسية الخمسة. واصدرت اللجنة التنفيذية للانتخابات تعليمات مشددة بعدم تحريك اي صندوق انتخابي من اي مركز، الا بعد اتمام عملية الفرز تماما وتوقيع محضر من قبل القاضي المشرف على المركز بشأن عدد الاصوات التي حصل عليها كل مرشح. على ان توضع المحاضر وكل اوراق الانتخابات في الصندوق ثم يتم تشميعه، وبعد ذلك ينقل الصندوق الى وزارة العدل، حيث يحفظ لمدة 21 يوما لتلقي الطعون، وبعد فوات هذه المدة لا يحق الطعن.

وتعزيزا لمبدأ الشفافية والانفتاح ولتأكيد النزاهة المطلوبة في الانتخابات تقرر ان توجد في مراكز الاقتراع الجمعية البحرينية لحقوق الانسان والجمعية البحرينية للشفافية للاشراف على سير العملية الانتخابية.

وأكدت توقعات اوساط رسمية بأن العملية الانتخابية جرت من دون أي معوقات تواجه الناخبين، وصرح وزير العدل البحريني لـ«الشرق الأوسط» امس ان عملية التصويت جرت بكل حرية، مؤكدا الحرص على اجراء الانتخابات بنزاهة، وشفافية، موضحا ان وجود القضاة في الدوائر الانتخابية كمسؤولين عن سير العملية الانتخابية ووجود المرشحين او ممثليهم في الدوائر الانتخابية، للتأكد من سلامة التصويت، خطوات مهمة، في تعزيز الثقة في العملية الانتخابية.

وبسؤاله إن كانت قد سجلت أي اختراقات قانونية في الدوائر الموجودة فيها، قال «لم يتقدم احد من المرشحين او الناخبين للادلاء بأي اعتراض او تسجيل شكوى في هذا المجال»، مؤكدا ان اي مخالفة لقانون الانتخاب يجري التعامل معها، وفق الاطر القانونية.

وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» على عدد من الدوائر الانتخابية أكد عدد من الناخبين اهتمامهم بالدور الذي سيلعبه المجلس الوطني المقبل في تكريس الحياة الديمقراطية، كما اكدوا اهمية ان يلعب المجلس دورا مهما في تعزيز الحياة الاقتصادية. وصرحت افنان راشد الزياني رئيسة جمعية سيدات الاعمال البحرينية أنها تعتز بالاسلوب الحضاري الذي يمارسه البحرينيون في الادلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية، ويأتي هذا التجاوب انطلاقا من ايمانهم بأهمية مجلسهم البرلماني المقبل، ودوره في الحياة السياسية الجديدة، مؤكدة اهمية دور المجلس في رسم حياة اقتصادية جديدة للبحرين، وذلك لتسهيل حركة النهوض التنموي، وتعزيز الاستقرار وجذب المزيد من الاستثمارات.

وقال القاضي محمد علي محمد آل خليفة القاضي في الدائرة التاسعة للمحافظة الوسطى، ان العملية الانتخابية تسير بسلاسة ومن دون وجود اي عقبات، واضاف ان عملية الانتخاب لن تستغرق اكثر من دقيقتين، حيث يسلم الناخب بطاقته الشخصية للتأكد من بياناتها، ومن ثم تسلم بطاقة الانتخاب.

من جانب آخر قال محمد الخطيب من الدائرة التاسعة ان المجلس النيابي الجديد انما يمثل حقبة جديدة لجيل جديد، وعلى هذا الاساس، فانه متفائل بدور المجلس في تحقيق طموحات الشباب، والجيل الجديد.

واللافت للنظر ان عملية التصويت تمت في اجواء هادئة، وشهدت بعض الدوائر ازدحاما مبكرا منذ الساعات الاولى لبدء الانتخاب، كما شهدت بعض الدوائر اقبالا ضعيفا، حتى ساعات الظهر من يوم امس. وكانت «الشرق الأوسط» في الدائرة الثالثة في المحافظة الشمالية، حيث اكد وكيل المرشح سمير الشويخ أن الدائرة تضم اكثر من 11 ألف صوت انتخابي، لكن المشاركة سجلت 1100 صوت، حتى ظهر امس. وارجع الشويخ قلة الاقبال الى وجود مراكز عامة للانتخاب في المنطقة، وتوقع ان يشهد المركز الانتخابي اقبالا مع فترة العصر.

وحضر المرشحون في دوائرهم الانتخابية لمتابعة سير العملية الانتخابية. والمعروف ان القانون اعطى حق الطعن ووضع عقوبات رادعة لمن يحاول التلاعب في العملية الانتخابية.

يذكر ان للمرشح الحق في اختيار وكيل له في اللجنة الفرعية لمراقبة سير عملية الاقتراع والاطمئنان على سلامة العملية الانتخابية، بالاضافة الى تحقيق العلانية الكافية لهذه الجداول على نحو يمكن المواطنين من مراقبة ما ورد من بيانات.

ويتم الانتخاب بالاقتراع السري المباشر ليتسنى للناخب اختيار مرشحه بحرية ووفقا للمعايير الدولية المعمول بها.

واحاطت القوانين المنظمة لعملية الانتخاب بالعديد من الضمانات التي تكفل نزاهتها وحياديتها، ومنها الاشراف القضائي والقانوني.

ويرى المراقبون السياسيون ان البحرين دخلت بهذه الانتخابات مرحلة جديدة من مراحل العمل الوطني القائم على الديمقراطية ودولة القانون والنظام واعطاء دور اكبر لمؤسسات المجتمع المدني في المساهمة في عملية البناء والتحديث التي تشهدها البلاد.