بوتفليقة: لا حرب على الإرهاب قبل تحديد المفاهيم وندين العمليات الانتحارية الفلسطينية لكننا ندعو لتعريف عالمي للإرهاب

TT

شدد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أمس، على أن الحرب المعلنة ضد الارهاب منذ أحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 لا يمكن أن تؤتي أكلها قبل توصل دول العالم الى تحقيق حد أدنى من الشروط، أساسها التوصل الى تعريف عالمي موحد للارهاب.

واقترح الرئيس بوتفليقة، لدى افتتاحه أشغال ملتقى دولي حول الارهاب، تحتضنه الجزائر لمدة ثلاثة أيام، «عقد ندوة دولية لتحديد تعريف للارهاب يستحق أن يؤخذ بالاعتبار، ذلك أننا اذا أردنا أن تتضافر جهودنا ضمن كفاح موحد، فلا بد لنا من التوصل الى تحديد من هو عدونا المشترك. والخلط المقزز والمقيت الذي لاحظناه للأسف، في بعض الظروف، يفرض ضرورة تحديد هذا التعريف الذي سيعزز وحدة صفنا في كفاحنا المشترك ضد الارهاب من حيث أنه يدعم حق الشعوب في ممارسة حقوقها وفي مقاومة كل احتلال أجنبي».

وربط بوتفليقة مشاركة بلده في مكافحة الارهاب الدولي بضرورة وضوح الرؤية، وقال «إن كنا مدعوين لمكافحة الارهاب فنحن له بالمرصاد، وإن كنا مدعوين، تحت شعار محاربة الارهاب، للتغطية على استراتيجية لا ناقة لنا فيها ولا جمل فذلك أمر آخر». وأضاف أنه من العاجل «بذل مجهود اضافي للتوصل الى ابرام اتفاقية دولية شاملة للوقاية من الارهاب ومكافحته»، ويقتضي ذلك أيضا، حسب الرئيس بوتفليقة، تكييفا جديدا للعلاقات الدولية وأيضا اتفاقا لتفعيل التعاون بين الدول في مجال آجال تسليم المتورطين في أعمال ارهابية والتزويد بالمعدات العسكرية الخاصة بملاحقة الجماعات الارهابية.

وحذر بوتفليقة، مرة أخرى، من عواقب الخلط بين المقاومة الفلسطينية والأعمال الارهابية، مشيرا الى أن هناك فرقا بين «الارهاب الأعمى في 11 سبتمبر أو في موسكو وبين قضية الشعب الفلسطيني». وركز على أن استمرار المجتمع الدولي في تجاهل معاناة الفلسطينيين من شأنه أن يولد «انفعالات لا أحد بامكانه أن يتحكم فيها»، ومن ذلك «العمليات الاستشهادية التي ندينها، لكن للصبر حدودا».

وقد شدد رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرحمن شيبان على هذه النقطة، واستغرب التحيز الذي تبديه بعض الأطراف «عندما تعتبر (رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل) شارون رجل سلام يسعى لتحقيق السلم لشعبه وتصف (الرئيس الفلسطيني ياسر) عرفات بالارهابي».

من جهته، اتهم الاكاديمي الجزائري المقيم في فرنسا بن شنان الحركات السياسية الأصولية بأنها تحاول استغلال الديمقراطية للوصول الى الحكم «ثم تسارع بعد ذلك الى لي عنقها وبسط نظام شمولي، مثلما حدث مع نظام طالبان» في افغانستان. وأوضح بن شنان أن الشعوب الاسلامية هي التي تكون عادة أول ضحية لهذه الأنظمة الشمولية الأصولية. ودعا الى وجوب قمع هذه الحركات قبل أن تتمكن وتبسط هيمنتها على الشعوب. وأشار، في هذا الصدد، الى أن هذا هو ما قام به الجيش الجزائري قبل عشر سنوات عندما أوقف المسار الانتخابي ودخل في حرب مع المتطرفين الأصوليين. واستبعد المتدخل أن يعود للاسلام مجده الذي عرفه في عهد الخلفاء، وقال ان المسلمين لا يمكنهم لعب هذا الدور لوحدهم الآن، ذلك أن «الدين لا يستطيع أن يحل لوحده، اليوم أو غدا، المعضلات التي يعيشها عالمنا المعاصر».

وتميزت أشغال اليوم الأول من الملتقى بعودة الحديث عن الجيش من خلال محاضرات وتدخلات يقدمها ضباط سامون في الجيش الجزائري حول تجربة هذا الأخير في مكافحة الارهاب. وأوضح مراقبون حضروا الملتقى أن «هذه فرصة أخرى كي يدافع الجيش عن نفسه من التهم الملصقة به هنا وهناك والمتعلقة بتورطه في الأعمال الارهابية ضد المدنيين أو بتجاوزاته ضد حقوق الانسان خلال عملياته ضد الجماعات الأصولية المسلحة».

الى ذلك، اتهم قائد أركان الناحية العسكرية الأولى الجنرال معيزة الأساتذة المتعاقدين الذين استقدمتهم الجزائر من المشرق العربي، بداية السبعينات، بزرع أولى بذور الأصولية في الجزائر، عندما بدأوا يدوخون عقول الشباب بأفكار غريبة عن مجتمعهم وتوجيههم ضد النظام الاشتراكي الذي تبناه البلد منذ سنوات استقلاله الأولى.

وقدم الجنرال، في مداخلته التي تحمل عنوان «التزام الجيش الوطني الشعبي في مواجهة الارهاب»، نبذة عن تاريخ نشأة الحركات الأصولية المسلحة، موضحا أن العمل الارهابي لم يكن وليد توقيف المسار الانتخابي في يناير (كانون الثاني) 1992 بل كان قائما قبل سنوات من ذلك من خلال جماعة مصطفى بويعلي التي حملت السلاح لمحاربة النظام في منتصف الثمانينات.

وأشار الجنرال الى أن أخطر الجماعات الناشطة الآن هي الجماعة الاسلامية المسلحة التي يقودها رشيد أبو تراب ويبلغ عدد عناصرها 30 فردا من أخطر العناصر، اضافة الى الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي يتزعمها حسن حطاب بحوالي 300 عنصر وجماعة حماة الدعوة السلفية. وأشار الجنرال معيزة الى أن هناك جماعات متفرقة تنشط هنا وهناك.