معلومات الحساب البنكي التي قدمها «القناص» في رسالته «الابتزازية» أدت إلى القبض عليه

TT

كانت الصفحة الاولى مرتبة ومكتوبة بخط جيد وموجهة لـ«سيادة الشرطة». طالبت «ادعوني الرب» واحيطت كلماتها بخمس نجوم مرتبة. لقد كانت الرسالة التي تركها «القناص» في آشلاند بولاية فيرجنيا في 19 اكتوبر (تشرين الاول) الجاري مرعبة في تفاصيلها والتهديدات التي تحملها، الا انها قدمت كنزا من المعلومات للمحققين.

فقد احتوت على ارقام هواتف اتصل بها «القناص» في حوالي 6 محاولات فاشلة للاتصال بالسلطة. كما احتوت على معلومات بخصوص بطاقات ائتمان (فيزا) مسروقة طلب القناص تنشيطها مرة اخرى بعشرة ملايين دولار يمكنه الحصول عليها بسهولة.

وقالت الرسالة، المكونة من ثلاث صفحات، «نريد الحق في سحب اموال بلا قيود من اي مكان في العالم». واحتوت ايضا على رقم الحساب المصرفي لـ «بانك اوف اميركا» المكون من 16 رقما، كما احتوت على الرقم الشخصي السري للبطاقة وتاريخ بداية الصلاحية ونهايتها واسم المرأة صاحبة البطاقة الاصلية. وقالت الرسالة «يجب تنشيط الحساب المصرفي وبطاقة الائتمان والرقم السري».

وذكر الخبراء ان الرسالة تشير الى ان القناص ليس ماهرا كما كان يعتقد. واشار البعض الى ان المطالبة بالمال كانت الدافع الحقيقي وراء عملياته.

وتؤكد الرسالة التقارير الاولية التي اشارت الى ان صاحب الرسالة اشتكى بخصوص 6 اتصالات هاتفية رفض الرد عليها عمال التحويلة في مركز الشرطة في روكفيل وفي ادارة شرطة مقاطعة مونتغمري ومكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي)، وانها تحتوي على عبارة «اطفالكم ليسوا في امان في اي مكان وفي اي وقت». غير ان الرسالة تثير الدهشة بسبب مدى دقتها، اذ احتوت على سبيل المثال على اسم عائلة ضابط تلقى واحدة من المكالمات الهاتفية في شرطة مونتغمري. وقالت الرسالة «هؤلاء الرجال اعتبروا مكالمتنا نكتة او مزورة، ولذا فإن فشلكم في الرد كلفكم حياة خمسة اشخاص». ومن بين الهواتف التي ذكر القناص انه اتصل بها رقم مكتب شبكة (سي. ان. ان.) الاخبارية في واشنطن. غير ان متحدثا باسم الشبكة اكد عدم تلقي مثل هذا الاتصال.

وقد عثر على الرسالة مغلقة وملفوفة بمادة بلاستيكية ومربوطة بشجرة في غابة تقع خلف مطعم «بوندروسا» في اشلاند، حيث اطلق النار على شخص في السابعة والثلاثين من عمره.

وقد كتبت الرسالة بخط اليد على ورق مسطر واحتوت على اخطاء نحوية، بما في ذلك عدم كتابة بعض الحروف والكلمات والترقيم.

وقالت السلطات ان الرسالة والاتصالات الهاتفية مع القناص قدمت للمحققين العديد من الادلة الرئيسية التي ادت الى القبض على جون الن محمد (41 سنة) وجون لي مالفو (17 سنة) ابن زوجته الجامايكي الجنسية. وتعتقد السلطات ان الاثنين نفذا عمليات اطلاق النار التي استمرت ثلاثة اسابيع في منطقة واشنطن مما ادى الى مقتل عشرة اشخاص واصابة ثلاثة آخرين بجروح.

وتبين من تحليل الاساليب اللغوية ان الرسالة مشابهة للكلمات التي كتبت على ورقة لعب عثر عليها في منطقة غابات في بوي بالقرب من الصبي البالغ من العمر 13 سنة الذي اصيب بجروح في 7 اكتوبر الجاري.

وذكر المحققون والخبراء ان عبارة «السيد الشرطة» و«السيد الشرطي» التي كتبت على بطاقة اللعب يمكن ان تكون مستخدمة في اللهجة الجامايكية.

وتنتهي رسالة اشلاند بعبارة «الكلمة التزام» وهي جملة شبيهة بتلك التي استخدمها رئيس شرطة مونتغمري تشارلز مووس خلال مؤتمر صحافي عقده في ساعة متأخرة من يوم الاربعاء الماضي حاول خلاله الاتصال بالقناص. وكان مووس قد ذكر «اذا كنت مترددا في الاتصال بنا، فتأكد اننا على استعداد للتحدث معك مباشرة. كلمتنا التزام».

وعلى الرغم من ان اصل العبارة في الخطاب تظل غير واضحة، فإنها نفس عنوان اغنية لعديد من المغنيين مثل «بوستا رايمز» و«هاوس اوف بين» التي تبدأ بعبارة «الكلمة التزام».

وبالنسبة لبطاقة الائتمان فهي تخص سائقة حافلة في فلاغستاف بولاية اريزونا. وقد سرقت، بالاضافة الى رخصة القيادة في 25 مارس (آذار) الماضي. وقالت السائقة، التي اشترطت عدم الافصاح عن اسمها، ان البطاقة اخذت من حقيبة كانت موضوعة خلف مقعدها خلال قيادتها الحافلة في رحلة بين نوغاليس بولاية اريزونا وفلاغستاف.

واوضحت انها لم تعرف ان البطاقة سرقت الى ان اتصل بها «بانك اوف اميركا» في 11 ابريل (نيسان) ليبلغها انه اغلق الحساب بعدما استخدمت بطاقة الائتمان (الفيزا) في دفع ثمن وقود سيارات قيمته اكثر من 12 دولارا من محطة وقود في تاكوما بولاية واشنطن، اعتقد المصرف انها عملية شراء مزورة.

وتشير رسالة اشلاند في عبارتين غير مكتملتين الى ان وقف اطلاق النار سيتوقف اذا بعثت السلطات بالمال واوقفت عمليات البحث. وقال مايكل ولنر وهو طبيب نفسي في كلية الطب بجامعة نيويورك «اعتقد ان دوافع المشتبه فيهم كانت هي الابتزاز اكثر منها جلب انظار الناس اليهم». واضاف ان «فكرة حصولهما على عشرة ملايين دولار وعلى بطاقة مفتوحة لسحب اموال من اي مكان في العالم، يعتبر احتمالا كبيراً، لكن «خبثهما كان مبالغاً فيه».

ومن جانبها قالت كارول تشكس استاذة اللغة بجامعة جورج تاون ان الرسالة «ليست من شخص غير متعلم» في اشارة الى ما تضمنته من ارقام رومانية وجمل مركبة واساليب لغوية اخرى. واضافت تشكس، التي قدمت خبرتها من قبل في قضايا فيدرالية جنائية بسبب ما احتوته من تعقيدات لغوية مستخدمة، ان الرسالة مكتوبة باسلوب معقد لا يمكن لمالفو، وهو فتى في السابعة عشر من عمره وترك الدراسة بدون انهاء التعليم قد كتبها.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»