القيادي الإخواني المصري عبد المنعم أبو الفتوح: عارضت التجديد لمشهور لأن هناك فرقا بين الاحترام واختيار مرشد كفء

عضو مكتب الإرشاد لــ«الشرق الأوسط»: موقف تنظيم الكويت من حقوق المرأة خارج على الجماعة وليس إسلاميا

TT

أعادت شهادة القطب الاخواني يوسف ندا، المثيرة حول الدور العالمي لجماعة الاخوان، تسليط الاضواء مجددا على جماعة الاخوان المسلمين، وكشفت عن خلافات داخلية عميقة كان آخرها المعركة التي اشتعلت بين أعضاء مكتب الارشاد (أعلى سلطة ادارية في الجماعة) بسببه.

الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب أصغر أعضاء مكتب الارشاد سنا وأحد رموز جيل السبعينات والمحسوب على تيار الانفتاح في الجماعة كان المفجر الأول للمعركة بسبب تصريحاته التي هاجم فيها يوسف ندا، وكان المادة الأساسية لما نشرته معظم الصحف والمجلات المصرية من تفاصيل الخلافات داخل مكتب الارشاد والتي صارت حديث الشارع السياسي المصري.

عبد المنعم أبو الفتوح فتح كل الملفات المشتعلة داخل جماعة الاخوان وتحدث في حوار مع «الشرق الأوسط»، عن أسباب هجومه على يوسف ندا، وأسباب التجديد لمرشد الجماعة مصطفى مشهور لفترة ولاية ثانية وهو ما تم في أجواء من السرية التامة، وتحدث عن الظروف والمبررات التي أجهضت بسببها التجربة الديمقراطية داخل هياكل الجماعة وبنيتها التنظيمية، ومدى إيمان الاخوان بالديمقراطية وحق المرأة في ممارسة العمل السياسي.

* ما حكاية يوسف ندا وشهادته التي أحدثت ضجة عالمية حول الدور العالمي لجماعة الاخوان؟

ـ نحن أغلقنا هذا الملف ولم يعد بامكاني الحديث فيه.

* لكن نسبت إليك تصريحات متضاربة حول ما ذكره يوسف ندا عن دوره كمفوض العلاقات السياسية الدولية لجماعة الاخوان والأمور غير واضحة الى الآن؟

ـ رأيي كان واضحا ونشر في أكثر من مكان آخرها موقع الاسلام على الانترنت (اسلام أون لاين) وقلت فيه انني أقدر يوسف ندا لكن لا يوجد منصب اداري بالجماعة اسمه (مفوض العلاقات السياسية الدولية)، كما ان الجماعة لا علاقة لها بنشاطاته التجارية بما فيها البنك الذي يرأسه حتى ولو ضم الى عضويته عددا من قيادات الجماعة، كما أرفض هجومه على النظام المصري من خارج مصر وهو ما يسيء الى الجماعة ويخالف ما عرف عنها، كما أبرئ الجماعة ومرشدها الراحل عمر التلمساني من القبول بمسرحية سياسية تتمثل في قيادة المرشد لمظاهرة تأييد لنظام الرئيس حسني مبارك، فسلوك الجماعة واستقامتها ضد ذلك، واذا صح ما ذكره يوسف ندا فهو اجتهاده الشخصي الذي لا علاقة لقيادة الجماعة به.

* لكن قيادات الجماعة زعمت ان الصحف شوهت كلامك وأنك تراجعت عما قلته وفهم منه انه هجوم على يوسف ندا؟

ـ لم أتراجع عن شيء قلته أبداً، والصحافي الذي نشر كلامي لم يشوهه، وأنا أقدر مهنة الصحافة وأتوقف كثيرا قبل اتهام أي صحافي بهذه التهمة، وهذا يكفي. ومن الأفضل ان نتحدث في موضوع آخر.

* هل تسكت استجابة لضغوط قيادات مكتب الارشاد عليك وخلافهم معك فيما قلته وحظرهم الحديث في هذا الموضوع؟

ـ أنا أسكت لان الموضوع انتهى ولا داعي لإثارته مرة أخرى وليس علي حظر ولاتوجد خلافات بهذا الشأن.

* لماذا تفضل السكوت والموضوع يخصك ومثار حاليا؟

ـ بصراحة، اذا كان هناك تجمع بشري مثل الاخوان المسلمين فيه قصور أو لخبطة فليس لأي انسان وطني مخلص أن يكون حريصا على إذكاء نار الفتنة بالحديث عن أوجه هذا القصور، أنا مثلا أرفض الحديث عن الخلافات والانقسامات داخل المعسكر الناصري أو القومي أو داخل أي قوى وطنية أخرى رغم انني أعرف عنها الكثير، لكن لا أعتبرها شطارة أن ألعب على هذه الخلافات والصراعات أو أذكيها بل اعتبر ذلك نوعا من الانتهازية السياسية المقيتة لا أقبله، ووفق هذا المبدأ لا أفضل الحديث عن خلافات أو صراعات داخل الاخوان المسلمين باعتبارهم تجمعاً وطنياً يجب الحفاظ عليه، قبل أن أكون عضوا فيه ملتزماً بذلك.

* دعني أسألك عن الحدث الذي مر دون أي اشارة من الجماعة التي بدت حريصة على التكتم عليه رغم خطورته، وأقصد التجديد لولاية ثانية لمرشدها مصطفى مشهور؟

ـ دعني أسألك: هل يعقل أن تجدد قيادة الجماعة لرجل تجاوز الثمانين من عمره وفي حالة صحية متدهورة وغير قادر على ممارسة مهام منصبه لمدة ست سنوات أخرى، ويتم ذلك في سرية تامة ومن دون أخذ رأي قواعد الجماعة في أي انتخابات حتى ولو كانت صورية، وأين الشورى والديمقراطية التي تنادي بها الجماعة ثم لا تلتزم بأبسط قواعدها داخل هياكلها التنظيمية؟ مبدأ تبني الشورى والديمقراطية معلن ومعمول به في الاخوان منذ أيام مؤسسها الشيخ حسن البنا الذي كان أول من أنشأ هيئة تأسيسية للجماعة وجعل لها سلطة انتخاب هيئة الارشاد، وأقر مبدأ ان قيادات الجماعة لا يأتون إلا بالانتخابات، وفعل ذلك دون الحاجة إليه وهو الذي كانت منزلته بين أتباعه كمنزلة الشيخ بين المريدين، لكن تطبيق المبدأ قد لا يكون متاحا في الظروف الاستثنائية كتلك التي تعيشها الجماعة الآن، فالجماعة مطاردة ومضيق عليها والاعتقالات والمحاكمات العسكرية التي تطال أبناءها لا تتوقف، ولا يمكن أن نتحدث عن انتخابات داخلية في مثل هذه الظروف، ولك أن تعرف ان القضية التي اعتقلت فيها أنا و62 قيادياً اخوانياً آخر عام 1995 وحوكمنا عسكريا بسببها وقضينا مددا في السجن بين ثلاث الى خمس سنوات كانت بسبب اجتماع مجلس شورى الجماعة لانتخاب مكتب الارشاد، وهي ـ بالمناسبة ـ الانتخابات التي لم يحصل فيها ابن مؤسس الجماعة احمد سيف الاسلام حسن البنا على أصوات تؤهله لعضوية المكتب وفاز بها غيره. لذا أقول لمن ينتقدون غياب الديمقراطية داخل الجماعة: اعطونا الحرية أولا ففي حالات الطوارئ وفي الظروف الاستثنائية لا يمكن الحديث عن ديمقراطية.

* أليس غريبا أن هذه أيضا حجة الأنظمة والحكومات العربية التي تبرر بها استبدادها، فالأمة تعيش حالة طوارئ والأمن القومي مهدد والعدو رابض على الحدود، ومن ثم فليس هذا وقت الحديث عن الديمقراطية والاحتكام لإرادة الشعوب والانتخابات الحرة المفتوحة، فما الفرق بينكم وبينها إذن، ولماذا تنعون على هذه الأنظمة ولا تملون من اتهامها بالاستبداد وتعويق النمو الديمقراطي؟

ـ ثقافة الشخص وطريقة تفكيره نتاج للمناخ والبيئة، التي يعيش فيها وهذا ينطبق على الاخوان، فقيادة الجماعة وسلطة اتخاذ القرار سترفض أي انتخابات داخلية بسبب حالة الحصار والمطاردة، والمناخ السائد سيعطيها ذريعة وحجة معقولة ومقبولة من القواعد الاخوانية التي لن تتردد في القبول باختيار قادتها دون انتخاب اذا ما كان البديل الاعتقال والسجن وضرب القيادة.

* هل تقصد ان استمرار الملاحقات والتضييق الأمني على الجماعة يغذي فيها تيارات الاستبداد ويقوي مراكزها بما يضعف فرص النمو والتطور الديمقراطي داخلها؟

ـ طبيعي جدا، فالشورى والديمقراطية مبدأ عام مقبول من حيث الفكرة ومجمع عليه داخل الجماعة ولا أحد يستطيع رفضه نظريا، لكن عند التطبيق تتدخل الظروف وكل واحد يريد أن ينفذ الأفضل وما فيه مصلحة الجماعة، والأجواء الأمنية التي تصادر فيها حرية الحركة داخل الجماعة تعزز دعاوى الرافضين لأي انتخابات ويقويها البيئة والثقافة التي تربوا عليها، وفي كل الأحوال يبقى اتهام قيادات الجماعة بالاستبداد وتعويق التطور الديمقراطي داخلها مجرد اتهام لن يثنيه أو ينفيه إلا أجواء الحرية وبغير ذلك فذرائعهم وحججهم لها وجاهتها واعتبارها.

* أليست مفارقة ان القيادة التي تمنع اجراء أي انتخابات داخل هياكل الجماعة خوفا من الاعتقالات والمحاكمات هي نفسها التي تصر على تحدي سلطة النظام وتخوض الانتخابات العامة عام 2000 غير عابئة بالاعتقالات والمحاكمات العسكرية التي لاحقت عددا غير قليل من كوادرها؟

ـ الأمور لا تقاس هكذا، فليس مطلوبا منا أن نكف عن خوض الانتخابات العامة خوفا من الحكومة.

* لا أنا أقصد الاشارة الى الوزن النسبي الذي تتمتع به قضية ديمقراطية البناء الداخلي في اهتمامات قيادة الجماعة، مقارنة برغبتهم المحمومة في منافسة السلطة على الحكم، ألا تعتقد ان قضية ديمقراطية البناء الداخلي هامشية لديكم؟

ـ الديمقراطية ليست فقط انتخابات داخلية، كما ان الصواب طرح هذه القضية منفصلة عن قضية خوض الانتخابات العامة.

* إذن أدت سياسة التشدد التي انتهجتها السلطة مع الجماعة في العقد الماضي الى دعم التيار الذي ينزع الى العمل السري ويرفض الانفتاح، وعززت مواقعه داخل الجماعة؟

ـ نعم، وأتصور أن هذا ليس قاصرا على الاخوان فقط بل ويسري على كل القوى السياسية الأخرى، فالاستبداد والقهر يعزز فرص نمو التجمعات السرية والمحظورة.

* عودة الى قضية التجديد للمرشد، ما المبررات التي دفعتكم للتجديد لـ«مصطفى مشهور» فترة ولاية جديدة في ظل معطيات كانت تدفع للعكس، فالرجل طاعن في السن وعاجز عن ممارسة مهام منصبه، والتجديد له نوع من التوثين وعبادة الاشخاص ويكرس لمبدأ الجمود؟

ـ ربما كان ما تقوله صحيحا، لكن لا تنس أن التجديد تم بشكل ديمقراطي أياً كان رأيك فيه، فقد أعيد اختيار الرجل وفق أغلبية أصوات مكتب الارشاد، وكل واحد منهم قدم مبرراته.

* وماذا كانت مبررات الذين صوتوا لمصلحة التجديد؟

ـ الذين أعادوا انتخاب الرجل نظروا الى تاريخه وسابقته وجهاده وثباته في خدمة الدعوة وإعادة بناء الجماعة، وأياً كانت المبررات فقد كانوا أغلبية وكان على الجميع أن يرضوا بنتائج التصويت حتى ولو كانت ضد قناعات البعض.

* هل كان عدم التجديد له عيبا أو نوعا من العقوق ونكران الجميل في نظركم؟

ـ هذا صحيح، فالمجتمع المصري وليس الاخوان فقط يعاني من مشكلة الأبوية في الادارة والحكم، وكل مؤسساتنا بما فيها الوظيفية وليست الكيانات السياسية فقط تدار بهذا المنطق، وهذا خطأ كبير لكننا نعانيه ولا نستطيع تجاوزه.

* تردد انك كنت على رأس المعارضين للتجديد، فماذا كانت مبررات الرفض؟

ـ الرفض كان لفكرة ربط تقدير الرجل واحترامه بفرضية اعادة انتخابه، وكذلك أهمية اختيار شخص أكثر كفاءة ولديه قدرات أكبر لخدمة الجماعة، لكن الأزمة التي نعانيها دائما هي الخلط بين الشخصي والموضوعي في تقييم واختيار الأشخاص.

* هل من حق الاخوان ـ بعد ذلك ـ انتقاد مبدأ التجديد لأي حاكم لمدد أخرى، والدعوة الى اتاحة الفرصة أمام الأجيال الجديدة؟

ـ أنا لا انتقد التجديد لأي حاكم في السلطة مهما كانت مرات التجديد طالما تم ذلك بشكل ديمقراطي، رغم انني شخصيا أكره فكرة التجديد للحكام والمسؤولين في مواقعهم، ولكن أقبل بها اذا تمت وفق الآليات الديمقراطية وبموافقة الأغلبية.

* هل هناك مدد معينة للتجديد للمرشد أم بدون حد أقصى؟

ـ لا، التجديد مفتوح ويمكن أن يتم كل ست سنوات، وقبل عشر سنوات فقط كان المرشد يختار مرة واحدة ولمدى الحياة، ولكن أعدنا النظر في لائحة الجماعة وصار الانتخاب لمدة ست سنوات تجدد بالانتخاب.

* هناك مشكلة تعانيها الجماعة تتمثل في وجود اتجاهين متناقضين داخلها، أحدها يميل للانفتاح على المجتمع والانخراط في مؤسساته ويفضل أساليب العمل العلني، في مقابل اتجاه منغلق ومتشدد ويؤمن بالعمل السري، الى أي مدى يؤثر ذلك في حركة الجماعة؟

ـ هذه سمة لأي كيانات سياسية عقائدية اسلامية أو مسيحية أو يهودية وليست قاصرة على الاخوان والجماعات الاسلامية فقط، بل ونجدها داخل القوى السياسية غير الدينية كالناصريين والشيوعيين. وفي رأيي ان مصلحة أي كيان سياسي في وجود هذين الاتجاهين (أو المدرستين) داخله لانه لاغنى لاستمراره عنهما، فالتشدد هو إحدى وسائل الضغط والانضباط، والانفتاح هو شرط الانطلاق، وليست المشكلة ـ في رأيي ـ في وجود الاتجاهين معا بل في نزوع أحدهما الى إقصاء الآخر واستبعاده.

* أليس هذا ما يحدث في الجماعة حيث يقوم الصقور أو قادة التشدد باقصاء وتهميش التيار المنفتح العلني؟

ـ أتصور أنه سوء ادارة وليس غياب لامكانية التعايش، وأتصور أن التعايش موجود منذ مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، وأنا حاورت في السجن نماذج للاتجاهين، فكان معي كمال السنانيري المتشدد في كل شيء حتى في عباداته ومحمد مهدي عاكف المنفتح السهل، وكلاهما من جيل واحد وداخل الجماعة نفسها، لكن الخطورة أن يأتي بعض الحمقى ويعمد الى إقصاء الآخرين المختلفين معه.

* أريد أن تجيبني بصراحة، هل كان ترشيح الاخوان لامرأة في البرلمان حقيقيا أم مجرد فرقعة اعلامية لجذب الأضواء؟

ـ وسائل الفرقعة الاعلامية كثيرة، ولم تكن تحتاج لو أردناها لترشيح امرأة في انتخابات مهمة، بل كنا جادين ونريد التأكيد على رؤيتنا الفكرية في حق المرأة في العمل السياسي.

* بأي أمارة؟

ـ بأمارة أننا أصدرنا رسالة عام 1994 عن رؤية الاخوان في قضية الشورى والمرأة طورنا فيها رؤيتنا الفكرية وقلنا بأحقية مشاركتها في الانتخابات (كجزء من العمل السياسي) تصويتا وترشيحا، وكنا قد قبلنا بترشيح حزب العمل لامرأة على قوائم التحالف الاسلامي التي كانت تضم مرشحينا ومرشحي الحزب عام 1987، وأردنا هذه المرة ان نؤكد أننا تجاوزنا مسألة الاقرار بحق المرأة في الترشيح الى ممارسته بأنفسنا وذلك بترشيح امرأة من التنظيم لا من خارجه، وهي ليست أي امرأة بل زوجة الدكتور ابراهيم الزعفراني أهم رموز الاخوان في الاسكندرية.

* لكن المرأة غير ممثلة في هياكل الجماعة، فهل يستقيم أن ترشح امرأة لتمثل الشعب رجالا ونساء، ومسلمين وأقباطا، وهي لا تعترف بأحقيتها في الانتخابات أو التصويت داخل هياكلها التنظيمية؟

ـ كان لها تمثيل داخل التنظيم أيام الشيخ حسن البنا.

* أنا أحدثك عن الآن، هل تراجعتم عما كان عليه الحال أيام حسن البنا؟

ـ نحن كمصريين وكاخوان بالطبع لدينا حساسية من مشاركة المرأة في العمل السياسي خاصة اذا كان قد يؤدي الى اعتقالها وربما سجنها مثلما قد يحدث في حال تولي المرأة مهام تنظيمية في الاخوان، لذا فنحن ننأى بها عن ذلك في هذه الظروف الاستثنائية لكن في الأوضاع الطبيعية غير تلك التي نعيشها سيكون للمرأة وجود ودور في هياكل الجماعة، كما يحدث في بلاد أخرى منها الولايات المتحدة مثلا التي تمثل فيها المرأة في تنظيم الاخوان هناك (الجمعية الاسلامية).

* لكن في الكويت تحالف تنظيم الاخوان مع القوى القبلية وصوت ضد المشروع الذي يقضي بمنح المرأة حق التصويت (فضلا عن الترشيح) في الانتخابات؟

ـ موقف تنظيم اخوان الكويت كان خارجا عن موقف جماعة الاخوان، وكان الأولى بهم أن يبرروه بحسابات تتعلق بواقع وطبيعة المجتمع الكويتي لا أن يلبسوه ثوب الاسلام.

* التراجع الملحوظ الذي أصاب جماعة الاخوان والحركات الاسلامية الأخرى في العقد الأخير هل يمكن ان يدخل ـ من وجهة نظرك ـ في إطار الحديث عن (ما بعد الحركات الاسلامية) والتنبؤات بنهاية عصر حركات الاسلام السياسي؟

ـ التراجع حدث بسبب ضغوط اقليمية وعالمية هي جزء من الهجمة الاميركية الصهيونية على العالم الاسلامي والتي تستهدف التيار الاسلامي ومعه التيار القومي باعتبارهما يحولان دون سقوط المنطقة بأكملها بيد الأميركان، وهي هجمة بدأت منذ سنوات وليس بعد 11 سبتمبر كما يتخيل البعض.

* لكن لماذا لايكون التراجع لأسباب داخلية تتعلق بعيوب وأخطاء في بنية حركات الاسلام السياسي وخطابها، أو حتى عدم قدرتها على الاستجابة للمتغيرات الجديدة بما فيها الضغوط العالمية؟

ـ هناك ضغوط لابد أن نستجيب لها ونحني مؤقتا لكن على ألا يصبح ذلك سياسة تمثل تراجعا أو خروجا على مبادئنا الثابتة، وأتصور أن معظم الحركات الاسلامية تحاول تفادي هذه الهجمة بما لا يجعلها تستأصل، وهو ما دفعها مثلا الى أن ترفع شعارا جديدا يتمثل في التعاون مع الأنظمة الحاكمة في بلادها رغم خلافها معها من أجل مصلحة الوطن.

* لكن أنا أتحدث عن تطوير من داخل هذه الحركات يطال بعض أفكارها وتوجهاتها وخطابها أيضا، وكثير من ذلك بحاجة لتطوير؟

ـ هذا منفصل عن الهجمة الأميركية ضدنا، فالأميركان لا يعنيهم ولا يريدون اصلاح أفكارنا أو تطوير خطابنا، أميركا لا تعرف ولا تعبد إلا أمعاءها، وما يهمها بالأساس هو مصالحها في المنطقة والتي ترى أن الحركات الاسلامية تهددها ولابد لذلك من تصفيتها.

* البعض يرى ان بعض تنظيمات الاخوان بدأت تكيف نفسها مع السياسة الأميركية الجديدة ويضرب مثالا بالوثيقة التي أصدرها تنظيم الاخوان السوريين في لندن، وشجعها عدد من قادة التنظيم الذين استقالوا بسبب ما رأوه فيها من انصياع للارادة الاميركية، ما رأيك؟

ـ ليس عندي معلومات محددة عن خلافات قادة تنظيم اخوان سورية حول هذه الوثيقة التي اطلعت عليها ولم أر فيها ما يمكن أن يعد تراجعا أو تكيفا مع الارادة الأميركية، بل وجدت مشروعا محترما لميثاق وطني يؤسس لعلاقة جيدة بين اخوان سورية وبينهم وبين القوى الوطنية الأخرى من أجل مصلحة سورية، وأتصور أن الاخوان المسلمين من أكثر القوى التي تضررت من السياسة الأميركية خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، وما يمكن أن أقرره أن الضغوط الاقليمية والعالمية على الجماعة أحدثت بالفعل تراجعا كبيرا في حركتها السياسية.