توجه بريطاني جديد للاعتراف بأن وعد بلفور سبب أساسي للصراع في فلسطين

TT

أجمع عدد من النواب البريطانيين من حزب العمال الحاكم وحزب المحافظين المعارض على اعتبار وعد اللورد بلفور وزير الخارجية والمستعمرات البريطاني عام 1917 للحركة الصهيونية بوطن قومي في فلسطين لعب دورا أساسيا في نشوب الصراع الذي ما زالت جذوته مشتعلة في فلسطين والشرق الأوسط حتى الآن، وذلك في تحول جديد على الساحة السياسية البريطانية نحو الاعتراف بمسؤولية بريطانيا عما جرى ويجري في فلسطين.

جاء ذلك خلال اجتماع عقد الليلة قبل الماضية في مجلس العموم البريطاني في ذكرى وعد بلفور الذي صدر في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1917، تحدث فيه عدد من أعضاء البرلمان أبرزهم ريتشارد بيردن، رئيس لجنة كل الأحزاب من أجل فلسطين في البرلمان البريطاني، والنائب البريطاني أندرو لاف الذي افتتح الاجتماع الذي تم تنظيمه بالتعاون مع مركز العودة الفلسطيني. وكان من بين المتحدثين الدكتور داود عبد الله الباحث بمركز العودة الفلسطيني، والبروفسور مايكل براير الباحث والزميل في كلية سانت ماري في جامعة أوكسفورد والمحاضر في الديانة المسيحيّة بجامعة ساري، إضافة إلى المحامي ميشيل عبد المسيح رئيس الجالية الفلسطينيّة في المملكة المتحدة. وحضر الاجتماع جمع غفير من المهتمّين بالقضيّة الفلسطينيّة وبعض الأكاديميّين ونواب بريطانيون ودبلوماسيون عرب.

وأشار النائب لاف إلى البعد الرمزي لعقد هذا الاجتماع حول وعد بلفور في مجلس العموم البريطاني والبعد الكبير الذي كانت قضيّة فلسطين ولا تزال تحتله على الصعيد العالمي وكيف أنها أصبحت تؤثّر حتى على الساحة السياسيّة المحلية لعدد كبير من البلدان. وأكد النائب البريطاني على أهميّة العودة إلى التاريخ لمعرفة أسباب الصراع وتفسير ما يحدث اليوم وعبّر عن تفاؤله لمستقبل التعاطف البريطاني مع القضّية الفلسطينيّة وهو ما تجلّى في الحضور المكثّف لهذه الندوة وغيرها من الأنشطة المقامة نصرة للشعب الفلسطيني.

من جانبه تناول الدكتور داود عبد الله الأبعاد التاريخيّة التي جعلت الحكومة البريطانيّة تصرّ على منح هذا الوعد للصهاينة بوطن لهم على أرض فلسطين، مشيرا إلى أن الوعد، رغم صغر حجمه شكلا، كان سببا في معاناة عظيمة عاشها الفلسطينيّون ولا يزالون إلى يومنا هذا وربّما يكون من آخر محصّلاته التهديد الأخير من الصهاينة بترحيل كلّ الفلسطينيّين من أرضهم مجدّدا، مستغلّين أيّ حرب أميركيّة جديدة ضدّ العراق.

وركّز البروفسور براير في مداخلته على أنّ التأويلات الخاطئة لتعاليم المسيحيّة جعلت تيّار الصهيونيّة ينتشر انتشارا واسعا داخل الكنيسة المسيحيّة ويبرّر أعمالا عنصريّة وجرائم حرب باسم الدين. وأشار في هذا الصّدد إلى أنّه كعالم دين حريص على نقاء تعاليم المسيحيّة يسعى لضمان العودة إلى كلّ النصوص المسيحيّة التي تأثّرت بكتابات البشر ويضيف إليها النزعة الأخلاقيّة الغائبة والروح الإنسانيّة العامّة التي لا تفرّق بين شخص وآخر.

وأشار براير إلى أنّه رغم أنّ الخطأ في تأويل الدين سمة موجودة عند كثير من أتباع الديانات المختلفة، إلاّ أنّه في المسيحيّة أخذ منحى خطيرا نتيجة غلبة التيّار الصهيونيّ وعدم جرأة أيّ أحد على الانتقاد. وأشار في هذا الصدد إلى المفارقة العجيبة في أنّ الباحث المسيحي يستطيع أن يصل في انتقاده الكنيسة ونصوصها ورجالاتها والبابا الى أقصى الحدود ولكنّ هذه الحريّة في النقد والتصويب تتوقّف عند الحديث عن تأثير الفكر الصهيوني في النصوص الدينيّة المسيحيّة. وفي مداخلته ركّز عبد المسيح على عدم قانونيّة وجود إسرائيل أساسا وذلك لعدم قانونيّة وعد بلفور الذي هو وعد من شخص لا حقّ له في الأرض لطرف ثالث غريب تماما عن تلك الأرض. كما أشار إلى أن هناك مغالطة كبرى في استعمال المصطلحات حيث أن الوعد يذكر على أنّه «إعلان Declaration» حتى يعطى صفة قانونيّة والحال أنّه مجرّد وعد سياسي كتبه الصهاينة أنفسهم ولا يعطيهم أي شرعيّة قانونيّة للاغتصاب. وأضاف أنّ النقطة القانونيّة الثانية التي يبني الصهاينة مشروعهم عليها وهي قرار التقسيم من الأمم المتحدة يعتبر أيضا لاغيا لأنّه يناقض مبدأ حق تقرير السيادة للشعوب ويعطي حقا موهوما للأمم المتحدة لتقرّر بدلا عن الشعب الفلسطيني.