هاتف جوال ولقاء مع العائلة قادا المخابرات البريطانية إلى مكان اختفاء أبو قتادة

أصوليو لندن يتحدثون عن «خطأ أمني» وقع فيه أبو قتادة قبل ساعات من اعتقاله

TT

«الخطأ الامني»، الذي وقع فيه وقع الاصولي الفلسطيني عمر محمود ابو عمر «ابو قتادة» الذي تطالب اربع دول اوروبية بتسلمه بعد ملاحقة نحو عام من قبل أجهزة المخابرات البريطانية، كان محور حوارات الاصوليين في بريطانيا خلال الايام الماضية.

وتقول مصادر اصولية مطلعة في لندن ان ابو قتادة، 40 عاما، المحتجز حاليا في سجن بلمارش، شديد الحراسة، بجنوب غربي لندن وقع في خطأين في مخبئه بشقته السكنية بمنطقة «الفنت آند كاسيل» في لندن، اولهما حالة «التراخي الامني» التي شعر بها الاصولي الفلسطيني، وثانيهما استقباله عائلته (زوجته واطفاله الخمسة) لمدة 72 ساعة قبل اعتقاله بساعات في اجازة نصف السنة الدراسية من المدرسة الاسلامية، واستخدام زوجته لهاتف جوال غير مغلق استطاعت المخابرات البريطانية بالتعاون مع فرقة مكافحة الارهاب البريطانية ان تحدد مكانه وتقتحم شقته مساء الاربعاء الماضي. وكشف اسلامي مصري في لندن لـ«الشرق الاوسط» عن استخدامه اسلوباً فريداً في التمويه عند زيارته الوحيدة لابو قتادة، الذي يصفه البعض بأنه الزعيم الروحي لـ«القاعدة» في اوروبا. وقال انه ترك هاتفه الجوال عند صديق له في شارع «ادجوار رود» بوسط لندن، قبل تجوله لعدة ساعات بين احياء لندن خوفا من عيون اجهزة الامن البريطانية قبل ان يصل الى شقة ابو قتادة قبل صلاة المغرب، على بعد عدة ياردات من المتحف الحربي، والتي لا تبعد عن المقر الرئيسي لسكوتلانديارد سوى عدة مئات من الامتار.

واجاب الاسلامي المصري عن اسباب اختيار موقع الشقة من قبل ابو قتادة، بقوله انه مكان مناسب للغاية ولا يخطر على بال احد. وحسب المصادر البريطانية فان اقرب محطة قطارات انفاق لشقة ابو قتادة كانت «لامبث نورث» وامامها في الجهة المقابلة من نهر التيمس يطل مبنى البرلمان وخلفه المقر الرئيسي لسكوتلانديارد، وتفصلها عدة شوارع عن مقر المخابرات البريطانية «إم آي 6». وقالت المصادر ان شقة ابو قتادة كانت تطل على جامعة ساوث بانك. واشار المصدر الاسلامي الى انه نصح ابو قتادة في زيارته بعد ان صلى العشاء معه الى اهمية مغادرته بريطانيا الى اي بلد اخر خوفا من القانون الجديد «الاحتجاز دون ادلة» الذي يحتجز بسببه عشرة اسلاميين في سجن بيل مارش ابرزهم الاسلامي الفلسطيني ابو رسمي وآخرون من الشمال الافريقي. واعتبر اصوليون في لندن ان ابو قتادة الذي يصفه البعض بأنه الزعيم الروحي لـ«القاعدة» في اوروبا ارتكب خطا امنيا قاتلا في ما يتعلق باستخدام الهاتف الجوال، حيث تقضي التعليمات بين الاصوليين كما هي واردة في موسوعة «الجهاد الكبرى»، الى ضرورة اغلاق الهاتف الجوال وفصل البطارية عن الجهاز نفسه عند التحدث في امور ذات حساسية خاصة. وكشفت مصادر في لندن ان ابو قتادة كان يستخدم في الاتصال بأعوانه هواتف مدفوعة الخدمات مسبقا خلال رحلة الهرب من شمال بريطانيا الى المدن الداخلية ثم الشقة الاخيرة التي اقام فيها. وقالت المصادر انه كان من الصعب على اجهزة الامن البريطانية تتبع الاتصالات بين ابو قتادة واعوانه عبر هذا النوع من الهواتف الجوالة. وقالت المصادر ان الشقة التي كان يعيش فيها ابو قتادة، الموجود اسمه على لائحة الناشطين الاسلاميين التي نشرتها الولايات المتحدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر، استأجرها له اسلامي جزائري باسمه، واشار الى ان ابو قتادة لم يغادر الشقة لفترات طويلة، فيما كانت هناك شبكة من تلاميذه معظمهم من الجزائريين تعمل على خدمته وشراء الحاجيات له وتزوره ليلا بصفة مستديمة. وجاء ذكر ابو قتادة في قرار اتهام ادى الى القبض على 11 شخصا في اسبانيا عقب تحقيق استمر اربعة اعوام في شبكة منتشرة في انحاء اوروبا والتي يشتبه بأن لها صلات بتنظيم «القاعدة». وابو قتادة ورد اسمه كذلك في لائحة ضمت 39 مؤسسة وفردا جمدت الولايات المتحدة اموالهم للاشتباه في صلاتهم بتمويل الارهاب. ونفى ابو قتادة المطلوب في الاردن لاتهامه في سلسلة حوادث تفجير، ان يكون متشددا اسلاميا.

ويتهم محققون اسبان ابو قتادة بأنه الساعد الايمن لاسامة بن لادن في اوروبا، ويتهم كذلك بعلاقته مع منظمة «التوحيد» الناشطة في المانيا.

واعرب اسلامي مصري من اصدقاء ابو قتادة القدامى عن اعتقاده ان الاصولي الفلسطيني كان تحت المراقبة الامنية البريطانية لعدة شهور قبل اعتقاله، وقال ان المخابرات البريطانية استخدمت معه اسلوب «غرف ماء البحر بملعقة» اي الصبر الشديد حتى «بلغ السيل الزبى» لكثرة مشاركاته في المنتديات الاسلامية على الانترنت، ومنها تبريره في المقال المشهور لهجمات 11 سبتمبر، والمقابلة الخاصة التي اجرتها معه «الشرق الاوسط» قبل اعتقاله بنحو اسبوع. وقال الاصولي المصري ان اجهزة الامن البريطانية تعرضت للعديد من الانتقادات بسبب ابو قتادة، من الصحافة الفرنسية والاسبانية والايطالية، والتي تتهمه بتمويل «خلايا القاعدة». واضاف ان ابو قتادة ربما شعر بالاطمئنان والتراخي الامني عقب الحكم الذي اصدره قاضي المحكمة الابتدائية ضد قانون «الاحتجاز دون اشتباه» والذي وصفه بأنه «قانون عنصري» قبل ان تكسب الداخلية البريطانية جولة جديدة في محكمة الاستئناف الاسبوع الماضي تقر بامكانية احتجاز المشتبه فيهم من غير البريطانيين لأجل غير مسمى. وكان ابو قتادة قد وصل الى بريطانيا بجواز سفر مزور ومنح حق اللجوء عام 1994. وفقدت السلطات البريطانية أثره قبل نهاية العام الماضي بعد ان غادر منزله في غرب لندن قبل ساعات معدودة من بدء تطبيق التشريع الجديد لمكافحة الارهاب الذي يجيز الاعتقال بدون محاكمة.