إصابة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر بجلطة ودخوله في غيبوبة تفتح جدلا ساخنا حول من يخلفه في موقعه

TT

تعرض المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر مصطفى مشهور اول من أمس، لأزمة صحية عنيفة تم نقله على اثرها الى مستشفى النزهة الدولي بحي مصر الجديدة القريب من مقر سكنه بمنطقة جسر السويس.

وأفاد بيان صادر عن جماعة الاخوان أمس حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «صرح المستشار محمد مأمون الهضيبي المتحدث الرسمي باسم جماعة الاخوان المسلمين، ان الاستاذ مصطفى مشهور المرشد العام للاخوان المسلمين، تعرض أمس (الثلاثاء) عقب صلاة العصر لأزمة صحية نقل على اثرها لمستشفى النزهة الدولي، حيث تبينت اصابته بجلطة في المخ ودخل في غيبوبة، ويتابع الاطباء حالته الصحية، وندعو الله أن يتم شفاءه».

ويتوقع ان يثار جدل داخل جماعة الاخوان حول من يخلف مصطفى مشهور في هذا التوقيت. وتطرح أسئلة من قبيل: ما هي آليات انتخاب مرشد عام جديد للجماعة خلال هذه المرحلة اذا لم يتخط مشهور الأزمة؟

وكان مصطفى مشهور البالغ من العمر 82 عاماً وأبرز صقور الجماعة، قد صعد الى منصب المرشد العام في شهر يناير (كانون الثاني) عام 96 في اعقاب وفاة المرشد السابق حامد أبو النصر عن 86 عاما، وتم تولي مشهور بصورة غير مسبوقة، إذ تمت مبايعته وقت دفن أبو النصر، وهي ما عرفت وقتها ببيعة القبور، الأمر الذي أحدث أزمة داخلية بسبب هذا الاجراء والذي تبناه المتحدث الرسمي باسم الجماعة المستشار مأمون الهضيبي حسماً لما أثير من خلاف عمن يخلف أبو النصر هل يكون مشهور أم الهضيبي؟

جاء هذا الموقف بعد عدة أشهر من تجديد بيعة جديدة لمشهور كمرشد للجماعة لفترة ثانية بعد انتهاء فترته الأولى التي استمرت لمدة خمس سنوات وسط حالة من الخلاف داخل مكتب الارشاد لهذا الاجراء الذي أيدته الأغلبية ورفضته أقلية باعتبار ان مشهور مصاب بأمراض الشيخوخة ولم يعد قادراً على ممارسة مهامه الجسيمة كمرشد للاخوان.

وحسب المعلومات الصحية عن مشهور، المتزوج من ابنة مؤسس الجماعة حسن البنا، فان الأزمة الصحية الأخيرة لمشهور تعد الثالثة من نوعها خلال الأشهر الستة الأخيرة التي قضى أغلبها بمنزله بعد أن اصبح يعاني صعوبة في الحركة، وكانت أكثر أزمة أقعدته عندما سقط في حمام منزله أثناء استعداده للوضوء وهي الأزمة التي أقعدته عدة أشهر بسريره.

وفرضت حالة من التكهنات نفسها على أوساط الاخوان عن طبيعة الموقف في حال غياب مشهور أو حتى شفائه من هذه الأزمة، لانه وقتها لن يكون قادراً على ممارسة مهامه، وحسب لائحة الجماعة فإن نائب المرشد وهو مأمون الهضيبي، يخول له ادارة مهام المرشد لحين اجراء انتخابات لانتخاب مرشد جديد خاصة ان الهضيبي يعد أكبر أعضاء مكتب ارشاد الجماعة سناً، 83 عاماً.

وهناك تخوفات من اجراءات تصعيد مرشد جديد للجماعة، إذ لمأمون الهضيبي عدد كبير من الخلافات مع بعض قيادات الجماعة، غير ان احتمالات توليته هي الأقرب في ظل صعوبة اجراء انتخابات داخل صفوف الجماعة بسبب التضييقات الأمنية، حسبما تقول الجماعة دائماً. غير انه لا يوجد بين صفوف الجماعة شخص يملك مبايعة الهضيبي كبيعة المقابر التي أعلنها الهضيبي لمشهور وقت وفاة أبو النصر.

ويتحدث البعض عن تصعيد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أقوى أعضاء مكتب الارشاد وأبرز قيادات جيل الوسط الراغبة في إحداث تغييرات جذرية وقاعدية في صفوف وهياكل وعمل الجماعة على نحو مغاير لما تبناه مشايخ الجماعة وحرسها القديم خلال السنوات الماضية، غير ان تولية أبو الفتوح مسألة ليس من السهل تحقيقها في ظل هذه الظروف، خاصة ان مرشد الجماعة المختار لايكون مرشداً لاخوان مصر فقط ولكنه يكون مرشداً للتنظيم الدولي للجماعة، ولا بد أن يكون له من الثقل مع ما يعزز به هذا المنصب.

ومن جانبه اعتبر الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام ضياء رشوان ان غياب مشهور في هذا التوقيت سوف يحدث أزمة كبيرة داخل الجماعة على مستواها الداخلي والخارجي في ظل وجود درجة من التذمرات داخل وحدة الصفوف التي أصبحت غير متراصة كعادتها، وخروج الصراع الجيلي والفكري داخل الجماعة عن حدودها الداخلية الى وسائل الاعلام.

واضاف رشوان ان هذا التوقيت يتزامن مع أكثف حملة أمنية تتعرض لها الجماعة منذ عام 54، وكذلك غياب نخبة من جيل وسط الجماعة داخل السجون وهم يعدون القيادة الأساسية داخل الجماعة، فضلا عما يتعرض له الاخوان في أعقاب 11 سبتمبر (ايلول) مثلما حدث لباقي الجماعات الأخرى.

وأكد رشوان انه وفقاً لهذه الظروف فإن مرحلة اختيار مرشد جديد في حال حتمية ذلك لن يكون أمراً هادئاً أو سهلا في ظل ان الجيل الأول من الاخوان لم يعد مقنعاً للاخوان من جيل الوسط، وانه يرى وكثيرون غيره ان حركة الاخوان الحقيقية هم جيل الوسط وانهم أعادوا البناء ومنحوها الحياة من جديد منذ السبعينات.

ويشير رشوان الى ان الجيل الاول للجماعة يظن انه دفع ثمن كبير من أجل الاخوان منذ ايام عبد الناصر، وانه الأمين على رسالته أمام الجماعة ومؤسسها حسن البنا ولن يقبل بانتقال المنصب لجيل الوسط، وبالتالي فان هذا الوضع يطرح مساحة كبيرة من القلاقل والاضطرابات تسود الحركة، وهذا قد يدفع اطراف خارجية من الداخل ويمكن ان تكون من بينها الدولة، واطراف خارجية تسعى لمواجهة الإرهاب للمساعدة على عدم استقرار الأوضاع في ظل معرفتهم بحجم وتأثير الاخوان.

ولفت الخبير الاستراتيجي الى ان هذه المرحلة رغم اختلافها قد تشبه المرحلة التي تلت غياب حسن البنا رغم الفارق بين البنا ومشهور، وذلك لعدم الاتفاق بين الاطراف على شخصية من يتولى، وهو ما قد يدفع الجميع لاختيار من يمثل هذه الاطراف رمزياً وإن لم تكن له قوة حقيقية داخل الجماعة فقط لضمان الاستقرار.

وفجر رشوان مفاجأة كبيرة حينما طرح انه من بين المحتمل ان تدفع هذه الظروف لإحداث سابقة ستكون الأولى من نوعها في تاريخ الجماعة رغم مخالفتها للائحة، وهي اختيار مرشد عام للجماعة من خارج مصر، خاصة ان هناك رموزا اخوانية كثيرة يمكنها قيادة الجماعة في ظل ان البعض كان له اعتراضات كثيرة على بيعة المقابر التي تولى بها مصطفى مشهور.

وانتهى رشوان الى ان الصراع داخل الجماعة قد ينحصر ما بين مأمون الهضيبي بثقله التاريخي، وعبد المنعم أبوالفتوح بثقله الواقعي، وفي هذه الإطار لا نعلم من يتفوق: الثقل التاريخي أو الواقعي أو يؤتى بشخص آخر فوق الجميع بعيداً عن الأنظار مثلما حدث وقت تولية المرشد الأسبق حسن الهضيبي الذي جاء من خارج الجماعة ليقودها بعد رحيل حسن البنا.