احتدام الجدل بين الأحزاب المغربية حول تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب

الأحزاب الصغرى تشكو من محاولة «الأحزاب الكبرى» ابتلاعها

TT

احتدم الجدل بين الأحزاب المغربية «الكبرى» و«الصغرى» بسبب تباين وجهات النظر حول ادخال تعديلات على النظام الداخلي لمجلس النواب، وتتعلق على الخصوص برفع سقف عدد النواب الذين يتشكل منهم الفريق النيابي لكل حزب. واتهم مسؤولون حزبيون من أحزاب «صغيرة» أحزابا «كبيرة» بالسعي لابتلاعها من خلال التعديلات المقترحة على نظام مجلس النواب.

ومن المقرر ان يبحث مجلس النواب المغربي يوم الإثنين المقبل في جلسة عمومية، مسألة القانون الداخلي لمجلس النواب، وتكوين مكتب المجلس، وتشكيل الكتل النيابية وتقنينها. ولوحظ أن عددا من الأحزاب باتت تدفع بتأجيل مناقشة هذا الموضوع الى حين تشكيل حكومة ادريس جطو، والتي يتوقع أن يكون لتشكيلتها، تأثير على انتساب عدد من النواب، وخصوصا الذين ينتمون لأحزاب صغيرة ولا يتمكنون من تشكيل فرق نيابية.

وقال محمد أحجام، رئيس الفريق النيابي لجبهة القوى الديمقراطية (يسار) إن أحزاب اليسار التي توصف بـ«الصغيرة» أو «المتوسطة»، وضمنها جبهة القوى الديمقراطية (12 نائبا) والتحالف الاشتراكي (17 نائبا) الذي يضم حزب التقدم والاشتراكية والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب العهد، هي المستهدفة من محاولات الأحزاب الكبيرة فرض سقف يصل الى ضعفين أو ثلاثة أضعاف بالنسبة لعدد النواب الذين يتشكل منهم الفريق النيابي، والذي يبلغ حسب القانون الداخلي القديم 12 نائبا، بينما تقترح أحزاب مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مضاعفته ثلاث مرات فيما يقترح حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية مضاعفته مرتين.

واعرب احجام في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن مخاوف حزبه، من أن تؤدي محاولات رفع نصاب تشكيل الفرق النيابية إلى سباق محموم لاستقطاب النواب، وهو ما قد يؤدي الى استعمال وسائل غير اخلاقية.

واضاف احجام «لدينا صراحة مخاوف من وجود خطة لدى حزب يساري «كبير» لاقصاء فرق اليسار الصغيرة والمتوسطة، في مرحلة أولى، والتخطيط في مرحلة ثانية لابتلاعها ضمن قطب يساري بطريقة مفروضة ودون حوار مسبق، يتزعمه هذا الحزب واستخدامها كورقة سياسية في قضايا أخرى». وكان المسؤول الحزبي يشير في حديثه إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

وأكد أحجام ان المرجعية الأساسية لاعتماد نصاب تشكيل الفرق النيابية هو القانون الداخلي القديم لمجلس النواب، ومعدل 3 في المائة الذي اعتمد في القانون الانتخابي الذي جرت على أساسه الانتخابات التشريعية الأخيرة، مشيرا الى انه لا يحق لأي طرف حزبي، القيام بعملية إعادة هيكلة للمشهد الحزبي لفائدته وعلى حساب أحزاب أخرى لها حضورها ودورها السياسي، موضحاً أن القوانين في دول مثل فرنسا تفترض تشكيل الفرق النيابية من نسبة لا تتجاوز 4 في المائة من عدد النواب، وفي ألمانيا بنسبة 5 في المائة، وفي بلجيكا وسويسرا يوضع سقف لا يتجاوز 5 نواب. وتساءل المسؤول الحزبي عن مصير الأحزاب التي توصف اليوم بـ«الكبيرة» عندما تخفق غدا في الانتخابات ويكون مستعصيا عليها تشكيل فريق نيابي فهل ستتم من جديد عملية مراجعة للقوانين المنظمة لمجلس النواب، وفق رغبتها آنذاك.

واقترح احجام انتظار سن قانون جديد للأحزاب يتم في اطاره تحديد آليات، وتوخي أسلوب الحوار حول القضايا التي تهم مستقبل الحياة السياسية في البلاد.

وأعرب المسؤول الحزبي عن تمسك حزبه بوجهة نظره ولو اقتضى الحال، البقاء كمجموعة نيابية دون تشكيل فريق نيابي، كي لا يسقط الحزب في استخدام وسائل لا اخلاقية من خلال عمليات استقطاب محمومة وغير مشروعة للنواب.

من جهته، قال النائب احمد خليل بوستة من حزب الاستقلال، انه من المدافعين عن التعديلات المرتقبة في المادة 44 من النظام الداخلي لمجلس النواب (الغرفة الاولى بالبرلمان المغربي) والقاضية برفع عدد اعضاء الفريق من 12 عضوا الى ما يقارب 20 عضوا او اكثر.

وعزا ذلك الى ان كثرة الفرق النيابية، حسب تجارب الولايات التشريعية السابقة، ادت الى تعطيل العمل التشريعي برمته من حيث كثرة التدخلات في مناقشة مشاريع او مقترحات قوانين او فيما يتعلق بمراقبة العمل الحكومي من خلال الاسئلة الشفوية. وأوضح ان ذلك لا يعكس العمل الجدي حيث يظهر اثناء التصويت تخلف النواب، اذ أحيانا يصوت 15 نائبا على قوانين مهمة.

ولاحظ ان العدد الكبير للفرق النيابية يعيق الى حد ما عمل الدبلوماسية البرلمانية، مشيراً الى سفريات الوفد المغربي الى الخارج الذي يكون ممثلا في الغالب الاعم بوفد كبير العدد يمثل جميع الفرق النيابية. واعتبر انه من المفيد جدا ارسال وفد يتكون من عضوين او ثلاثة لهم قوة ضغط وطريقة اقناع كافية للدفاع عن المصالح الحيوية للوطن.

ونفى ان يكون الرفع من عدد اعضاء الفريق سيؤدي الى خلط في الخريطة السياسية او قضاء على احزاب صغرى، او استشراء عملية بيع وشراء النواب لان الملتحقين الجدد سيحملون صفة منتسبين والاحزاب التي لن تستطيع تكوين فريق تشتغل كمجموعة نيابية حسب ما يكفله لها النظام الداخلي للمجلس.

واعتبر هذا التوجه الجديد، اذا ما كتب له التحقق، سيضفي على مجلس النواب دينامية جديدة للرفع من وتيرة العمل التشريعي، وهو ما يقع في جميع البلدان الديمقراطية عبر وجود غالبية مريحة واقلية معارضة.