حركة قرنق تدعو الخرطوم لطي صفحة الحرب إلى الأبد وتؤكد عدم سعيها لإقصاء النظام

TT

أكدت الحركة الشعبية لتحرير السودان انها «لا تسعى لإقصاء النظام (في السودان) بل الى سلام عادل قائم على توازن المصالح». ووجهت الحركة دعوة لقادة الخرطوم عبر «الشرق الأوسط» لطي صفحة «الحرب الى الأبد» والاتجاه بالبلاد نحو التنمية.

وقال ياسر عرمان المتحدث باسم الحركة الشعبية «ندعو قادة النظام (في السودان) عبر «الشرق الاوسط».. قائلين اننا لا نسعى لاقصاء الطرف الاخر بل نسعى لسلام عادل قائم على توازن المصالح بين اطرافه وعلى الاجماع الوطني، يطوي صفحة الحرب الى الابد ويتجه بالبلاد نحو التنمية، جاعلا من الفترة الانتقالية فترة للعمل الجاد.. لا للاستقطاب السياسي». وأوضح ان «افشال الفترة الانتقالية يضع وحدة بلادنا على المحك»، مشيرا الى ان التحدي الاكبر في حالة نجاح ماشاكوس هو «هل ستشكل اطراف الاتفاق والقوى السياسية الاخرى فرقة متجانسة تنفذ مهام الفترة الانتقالية ام ستدخل البلاد في حرب باردة بدلا من الحرب الحالية؟». وأكد عرمان ان «الحركة لا تسعى لاستغلال القرار الاميركي (حول السلام في السودان) الذي هو في حد ذاته يخدم السلام. ولا ترى جدوى من تبادل الاتهامات والتفاوض عبر اجهزة الاعلام».

وقال عرمان ان «المفاوضات في ماشاكوس لم تحرز أي تقدم طوال الاسبوعين الماضيين مما حدا بالوسطاء للتفكير في تخطي بند السلطة والقفز لقسمة الثروة، والسبب هو ان النظام منقسم على نفسه بين من يرى تصعيد الحرب ومن يرى تقديم التنازلات.. وفي كل الاحوال، كلما اقتربنا من نهاية جولة التفاوض سيقدم النظام تنازلات. وعلى مدى جدية هذه التنازلات يعتمد نجاح المفاوضات». وفي الخرطوم لمح ضيو مطوك وزير الدولة بمستشارية السلام الى ان الحكومة والحركة الشعبية وصلتا الى طريق مسدود حول بند قسمة السلطة التي تناقش في ماشاكوس. وقال في تصريحات صحافية امس بعد يوم من مغادرة الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية لشؤون السلام الى نيروبي حاملاً رسالة من الرئيس عمر البشير الى الرئيس الكيني دانيال اراب موي، ان «الطرفين انتقلا لمناقشة بند الثروة دون اكمال بند قسمة السلطة بعد أن أخذ هذا البند كفايته من النقاش». واضاف «لذا كان لابد من الانتقال الى البند التالي حتى يتمكن المفاوضون من تلمس مدى مطابقة ما سيقدم في هذا البند لرؤية كل طرف».

وقال مطوك ان الوسطاء يرون ايضا ارجاء مناقشة البند الثالث والمتعلق بالترتيبات العسكرية الى أن تتم مناقشة قضايا مناطق أبيي وجبال النوبة والنيل الأزرق، لكن الحركة ترى ضرورة مناقشة قضايا هذه المناطق الثلاث ضمن القضايا المطروحة حالياً، وتقترح الحكومة مناقشتها في مسار آخر.

من جانبه، قال قطبي المهدي مستشار رئيس الجمهورية للشؤون السياسية في حديث نقلته صحيفة «الحرية» السودانية امس ان الوفد الحكومي الذي يقوده صلاح الدين يحمل المواجهات العامة للحكومة حول بندي السلطة والثروة. وقال ان مرجعية هذه المواجهات بشكل عام هي دستور السودان وبروتكول ماشاكوس، وأن الحكومة حريصة على ألا تتعارض المفاوضات حول هذه البنود مع دستور السودان. واشار مهدي الى أن قانون سلام السودان بدأ يلقي بظلاله على المفاوضات. وقال: «تلاحظ أن وفد الحركة أصبح أكثر تشدداً وتطرفاً بعد القرارات الاميركية».

من جهة ثانية، أكد اللواء بكري حسن صالح وزير الدفاع السوداني ان «السلام هو المطلب والمبتغى بشرط أن يقوم على العزة والكبرياء والقناعة وليس الضعف والانكسار». وقال ان «السلام المرتجى لن يتحقق الا في ظل قوات مسلحة قوية مدربة ومؤهلة، وقادرة على التعامل مع أحدث تقنيات العصر من وسائل القتال فضلاً عن النهوض بالصناعة الحربية وصولاً للاكتفاء الذاتي». وقال وهو يقدم خطة وزارته لعام 2003 للمجلس الوطني امس ان وزارة الدفاع تهدف في خططها الرئيسية لهذا العام الى «تحرير كل شبر دنسه التمرد والاستنزاف الاجنبي وتأمين المرافق الاستراتيجية وحمايتها»، مشيرا الى ان «التحدي الحقيقي أن نجعل هذه القوات رادعة وذات أيد قادرة على التعامل مع أحدث التقنيات».

وتعقيبا على حديث النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه حول ماشاكوس الذي اشار فيها الى انها امتداد لاتفاق الخرطوم واعلن تمسك الحكومة بها، قال ياسر عرمان «ان اتفاقية الخرطوم ولدت ميتة واطراف ماشاكوش ليست هي اطراف اتفاقية الخرطوم، وكذلك الاطراف الضامنة لماشاكوس». وقال «لا يمكن مقارنة ماشاكوس بضمانات النائب الاول في اتفاقية الخرطوم، ولكن الدلالة الاهم في حديثه ان هناك اطرافا نافذة في النظام تعمل على اجهاض ماشاكوس.. وترى في نجاحها خسارتها.. وتفضل دفع شعبنا للحرب بدلا من دفع استحقاقات السلام». وأوضح ان ما لا تدركه «هذه العناصر انه ما عاد بامكانها المناورة، وان مستقبلها اصبح خلف ظهرها.. وماشاكوس هي اخف الاضرار». وقال ان اخفاق ماشاكوس «سيعني ذهاب النظام بصقوره وحمائمه، والتحدي الاكبر الذي تواجهه المفاوضات هو سيطرة تيار قوي داخل النظام يؤمن بالحل العسكري ويعمل عبر الكيان الخاص للحركة الاسلامية ويسمى «كاخ»، تيمنا بحركة «كاخ» الاسرائيلية المتطرفة وهو الذي عقد امس اجتماع البرلمان بالقيادة العامة واجاز خطة عام 2003 تقوم على تصعيد الحرب والاستيلاء على المناطق التي تستولي عليها الحركة دون اهتمام بما يجري في ماشاكوس وتركيزها على الحرب لا على ماشاكوس. وهي نفس العناصر التي ترفض الهدنة في الجبهة الشرقية ويسيطر عليها هاجس السلطة، وهي التي صعدت من قبل واستغلت الهوس الديني الى حد الاكاذيب وتحدثت في التسعينات عن القرود التي تفجر الالغام رأفة بالمجاهدين في الجنوب.. وعن الاشجار والموتى الذين يهللون ويكبرون، ولا غرابة ان وصل بها الحال لتتحدث عن غزو اريتري كذريعة لربط الهدنة في الجبهة الشرقية».