اليمين المتطرف يشترط شطب اتفاقات أوسلو للانضمام لحكومة شارون

الحكومة الإسرائيلية الجديدة قد تضم موفاز للدفاع وليبرمن للخارجية

TT

مع بداية المفاوضات التي يجريها رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، لتشكيل حكومة جديدة تحل محل حكومة الوحدة الوطنية الحالية. واجهه المرشح لتسلم وزارة الخارجية بدلا من شيمعون بيريس المستقيل، بمطلب تعجيزي صعب هو: شطب البند الذي يتحدث عن الالتزام باتفاقيات اوسلو من الخطوط العريضة للائتلاف الحكومي.

وأوضح مساعدو شارون ان شطب هذا البند غير ممكن، لأن اتفاقيات اوسلو أقرت في حينه داخل الحكومة والكنيست واصبحت أمرا واقعا وان الغاءها الآن سيظهر اسرائيل أمام العالم كأنها تدوس على الاتفاقيات الدولية، وبذلك تفقد مصداقيتها بين الدول المتطورة. وأرسل شارون مبعوثيه الى ليبرمن لاقناعه بأهمية دخوله الحكومة في هذه المرحلة بالذات، حيث يخوض اليمين معركة للدفاع عن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وضحى شارون بحكومة الوحدة الوطنية في سبيل منع المساس بالميزانيات المعطاة لها.

ومن جهة ثانية تعرض ليبرمن لضغوط من داخل حزبه حتى يغير موقفه وينضم للحكومة من دون تغيير خطوطها العريضة، علما بأنه كان قد وافق على هذه الخطوط في السنة الماضية وانضم الى الحكومة وتولى وزارة مهمة فيها هي وزارة البنى التحتية.

يذكر ان ليبرمن هو قائد حزب جديد يدعى «اسرائيل بيتنا» يضم بالأساس اليهود الروس وفاز في الانتخابات الأخيرة (1999) بأربعة مقاعد. واقام تحالفا مع حزب «موليدت» برئاسة رحبعام زئيفي الذي تولى وزارة السياحة، وقتل بعملية نفذها عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اكتوبر (تشرين الأول) 2001 في القدس المحتلة. ولهذا الحزب 3 مقاعد، ويقوده حاليا النائب بيني ايلون، المتحمس جدا للانضمام الى حكومة شارون، ويهاجم زميله ليبرمن على موقفه وقال امس: «اذا لم ننضم الى حكومة اليمين هذه فالى أية حكومة يريدنا ليبرمن ان ننضم؟». وقال ان المطلوب من «حزب قومي مخلص مثل حزبنا ليس فقط ان ينضم الى حكومة كهذه، بل ان يعمل كل ما في وسعه لأن تبقى هذه الحكومة وتستمر حتى نهاية الدورة ويمنع تقديم موعد الانتخابات».

ويرى المراقبون ان تمنع ليبرمن ناجم عن واحد من أمرين: فاما انه يريد ان يرفع سعره الشخصي، حتى يفوز بوزارة كبيرة مثل الخارجية او انه يريد الاسراع في انهاء عمر هذه الحكومة لخدمة حليفه بنيامين نتنياهو.

والملاحظ ان شارون لا يبدو قلقا من خطر الفشل في تشكيل حكومة جديدة. بل يحاول الاستفادة من مصاعب تشكيلها، حيث سيبدو في نظر الادارة الاميركية مدافعا عن اتفاقيات اوسلو. وهو لا يتوقع ان يتمسك ليبرمن بموقفه، حيث الضغط عليه كبير من جميع اطراف اليمين. وخلال اجتماع له مع مساعديه المقربين وبعض الوزراء في الليكود، قال شارون امس انه لن يخضع لأي ابتزاز من أحد. وابلغهم، لأول مرة بشكل رسمي، انه قرر تعيين رئيس اركان الجيش السابق، شاؤول موفاز، وزيرا للدفاع. وانه تلقى من موفاز ردا ايجابيا.

ولمح شارون الى انه سوف يحتفظ لنفسه بملف وزارة الخارجية في هذه المرحلة، لأنه يفتش عن شخصية ذات سمعة عالمية لامعة لها وزن بيريس.

وهاجم رئيس حزب العمل، بنيامين بن اليعزر، الذي سيظل وزيرا للدفاع حتى مساء اليوم الجمعة، قرار شارون تعيين موفاز في هذا المنصب. وقال ان وزير الدفاع هو منصب سياسي ويحتاج الى رجل سياسي وليس الى عسكري، خصوصا ان موفاز خلع بزته العسكرية فقط قبل 3 اشهر. وتجدر الاشارة الى ان الكنيست (البرلمان) الاسرائيلي كان قد سن قانونا خاصا يمنع جنرالات الجيش من تبوؤ منصب وزاري قبل ان تمضي سنة على خلعهم البزة العسكرية. ولكن تبين ان اعضاء الكنيست قرروا، من دون ان ينتبهوا لذلك، ان يدخل القانون حيز التنفيذ فقط في الدورة المقبلة.

من جهة ثانية بدأت في الليكود عملية تسابق على تولي المناصب الوزارية التي تركها وزراء حزب العمل السبعة. فقد طالب عدد منهم تعيين بنيامين نتنياهو وزيرا للخارجية. وطالب بهذا المنصب ايضا كل من وزير القضاء، مئير شطريت ووزيرة التعليم ليمور لفنات. وطالب داني نافيه، وزير الشؤون البرلمانية، وتسيبي لفنة، الوزيرة بلا وزارة، بمنصب وزير التجارة والصناعة او وزير المواصلات. ويطالب بمناصب وزارية رفيعة الوزيران من حزب المركز روني ميلو (وزير التعاون الاقليمي حاليا) ودان مريدور (وزير الشؤون الاستراتيجية، الذي ذكر اسمه ايضا كمرشح لوزارة الخارجية).

ويجمع المراقبون على ان حكومة اليمين المتبلورة حاليا، ستكون مؤقتة عمليا. ولن تنجح في الصمود اكثر من بضعة أشهر. إذ انها ستشهد عمليات ابتزاز مالي في فترة اقرار الميزانية خلال الشهرين المقبلين. وستدخل في صدام مع دول الغرب وربما الادارة الاميركية على خلفية مواقفها السياسية.