شارون ونتنياهو يتسابقان على زعامة الليكود بالصراع على «خريطة الطريق»

رئيس الحكومة الإسرائيلية ردا على انتقادات خصمه: لن نسمح بأن تتحول إسرائيل إلى دولة فوضى بسبب المعركة الانتخابية وخلالها

TT

لم يكد يمر يوم واحد على قرار الكنيست الاسرائيلي المصادقة على تعيين بنيامين نتنياهو وزيرا للخارجية، حتى انفجر الصراع الشخصي بينه وبين رئيس حكومته، ارييل شارون ومع ان صراعهما يقوم على التنافس بينهما على رئاسة حزب الليكود والتنافس باسمه على رئاسة الحكومة، الا انه اتخذ هذه المرة طابعا سياسيا. اذ حاول رجالات شارون اظهار نتنياهو معتدلاً ومتراجعاً عن مواقفه المتطرفة، حينما سربوا للاعلام قوله انه لن يقود الى ازمة مع الادارة الاميركية بسبب خطة «خريطة الطريق» فجاء رد جالات نتنياهو حاداً بمهاجمة هذه الخطة واعتبارها غير واقعية.

وصرح نتنياهو نفسه فيما بعد بأن «خريطة الطريق»، التي اعدت في واشنطن لتطبيق مستلزمات السلام في الشرق الاوسط كما وردت في خطاب الرئيس الاميركي، جورج بوش، تتناقض مع مقررات مؤتمر حزب الليكود الاخير التي اعلنت رفض الحزب لاقامة دولة فلسطينية مستقلة. واضاف: «ان على الولايات المتحدة ان تحترم النقاشات الدائرة في اسرائيل حول هذا الموضوع. فهناك انتخابات بعد ثلاثة اشهر. والموضوع المركزي في هذه الانتخابات هو قضية الارهاب وكيفية التعامل مع السلطة الفلسطينية. والمتنافسون على رئاسة الحكومة مختلفون فيما بينهم حول الموضوع. والشعب في اسرائيل وحده صاحب القرار في من سيؤيد لرئاسة الحكومة وبالتالي يقرر الموقف السياسي من الموضوع. ولهذا، فلا يجوز للحكومة ان تسير الآن على المسار الاميركي المذكور، اذا كان هناك احتمال لتغيير موقف الحكومة العتيدة. وعليه، فمن الضروري تجميد النشاطات المرتبطة بهذه الخطة الى ما بعد الانتخابات».

وقبل ان تثير هذه التصريحات ردود فعل في اسرائيل، تلقى رئيس الوزراء، شارون، رسالة اميركية تسأله عنها وان كان نتنياهو يمثل بها موقف الحكومة. وتساءل الاميركيون ايضا لماذا جاءت تصريحات نتنياهو فور لقائه مع شارون، وهل يعقل ان يكون قد اطلقها بمبادرة شخصية منه ومن دون تنسيق معه.

وحرص شارون على طمأنة الاميركيين بأنه لم يغير موقفه وبأن تصريحات نتنياهو لا تمثل موقف الحكومة. ووعد السفير الاميركي في تل ابيب، دانييل كريترز، بأن يعلن هذا الموقف صراحة امام الجمهور. وبالفعل، تكلم شارون بهذه الروح وعلى مسمع من كريتزر، امس خلال المؤتمر الدولي لرجال الاعمال المتضامنين مع الاقتصاد الاسرائيلي. وراح شارون يرد على تصريحات نتنياهو ومواقفه الانتخابية ايضا ولكن من دون ان يذكر اسمه. فقال انه اختار الذهاب الى انتخابات مبكرة، لأنه رفض اجراء اي تغيير في سياسة الحكومة.

وأردف شارون يقول: «لن نسمح بأن تتحول اسرائيل الى دولة فوضى بسبب المعركة الانتخابية وخلالها. فلهذه الدولة حكومة. وللحكومة سياسة واضحة وثابتة. ورفضت وأرفض الآن اجراء اي تغيير في الخطوط العريضة التي تشكلت الحكومة على اساسها واي انحراف عن البرنامج السياسي الذي سرنا عليه حتى الان. وقد وافقنا مبدئيا على خريطة الطريق، وأبلغنا اصدقاءنا الحميمين في الولايات المتحدة ان لدينا بعض التحفظات عليها، وسنبحثها معا بطرق ودية. ولن نسمح لأحد بأن يمس او يحاول حتى المساس بالتفاهمات الاستراتيجية بيننا وبين الادارة الاميركية وبالعلاقات المميزة الممتازة التي نشأت وتطورت بين حكومتينا في فترة حكومتي».

وكان عدد من الوزراء في الليكود، وهم المعروفون بمواقفهم المتطرفة، قد تحمسوا لتصريحات نتنياهو. فقال وزير البيئة، تساحي هنغبي، انه لم يفاجأ من تصريحات وزير الخارجية الجديد «فهو يعبر عن الموقف السياسي المبدئي لحزب الليكود». وقال وزير الامن الداخلي، عوزي لانداو، «ان الحكومة الحالية لم تتخذ قرارا مخالفا للمنطق الذي تحدث به نتنياهو، فنحن لا نؤيد قيام دولة فلسطينية». وقالت وزيرة المعارف، ليمور لفنات، «ان الحديث عن دولة هو ببساطة غير واقعي. اذ انه لا يوجد في الطرف الفلسطيني قائد واحد يمكن الوثوق به والتفاوض معه.

وردا على ذلك، راح رجالات شارون ينشرون اشاعات بأنه سيفرض الانضباط في الحكومة حتى لو ادى ذلك الى اقالة وزير الخارجية الجديد، بنيامين نتنياهو.

يذكر ان شارون ونتنياهو على خلاف ايضا في كل القضايا الاجرائية لترتيب التنافس بينهما داخل حزب الليكود. فشارون يريد ان تتم الانتخابات الداخلية لاقرار المرشح لرئاسة الحكومة في اسرع وقت ممكن ويقترح يوم 21 الجاري لذلك، بينما نتنياهو يريدها في مطلع ديسمبر (كانون الاول) المقبل. وشارون يريد تأجيل مؤتمر الحزب الذي سينتخب هيئات الحزب التنظيمية الى ما بعد الانتخابات حتى لا ينشغل في امور وصراعات داخلية ويهمل المعركة الاساسية، بينما نتنياهو يصر على اتمام هذه الاجراءات حسب البرنامح المعد مسبقاً على امل ان يحرز نجاحات على طريق التنافس الاكبر. كما انهما مختلفان على طابع المؤتمر وكيفية انتخاب مرشحي الحزب في الكنيست.

من جهة ثانية يشتد الصراع داخل حزب العمل ايضا بين المرشحين لرئاسته ولرئاسة الحكومة. فالرئيس الحالي، بنيامين بن اليعزر، تهرب من المشاركة في ندوتين يشارك فيهما منافساه، حاييم رامون وعمرام متسناع. وهو لا يزال يعاني من تقهقر شعبيته في الاستطلاعات. وقد دل استطلاع رأي اجرته صحيفة «معاريف» ونشرت نتائجه امس ان متسناع ارتفع الى 44 في المائة من الاصوات بينما تراجع بين اليعزر الى 27 في المائة وتراجع رامون الى 17 في المائة.

وتزداد الضغوط على رامون كي ينسحب. ونقل على لسانه، امس، انه سينسحب اذا ظلت نسبته اقل من 25 في المائة في الاسبوع الاخير من المعركة. لكن ناطقا بلسانه نفى بشدة هذا القول. واكد انه سوف يستمر في التنافس حتى اللحظة الاخيرة.

ولوحظ ان متسناع يواصل حملته الانتخابية بوضوح بالغ. ويؤكد انه في حالة انتخابه سيستأنف المفاوضات مع الفلسطينيين فورا لوقف النار واطلاق المسيرة السلمية، حتى لو استمرت العمليات التفجيرية. ورفض ان يسقط من حسابه مفاوضة عرفات. وقال: «كفانا خداعا للنفس. فالفلسطينيون هم الذين يقررون من يقودهم وليس نحن».