ساسة ومحللون أميركيون: مكاسب الحزب الجمهوري الانتخابية ستزيد بوش ثقة ولكنها لن تغير في تعامله مع الملف العراقي

TT

بعد المكاسب التي حققها الحزب الجمهوري الاميركي في الكونغرس والتي سمحت لهم بالسيطرة على مجلسي النواب والشيوخ فيه، لن يكون هناك على الأكثر أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، خصوصا مع تمتع الرئيس جورج بوش بتأييد واسع من أنصار الحزبين في القضايا الأساسية، حسبما قال محللون وزعماء سياسيون أول من أمس. فبالتركيز على موضوعي العراق والحرب على الإرهاب فقط في حملته الانتخابية لصالح المرشحين الجمهوريين عبر العديد من الولايات الأميركية، لم يترك بوش اي مجال للمناورة للحزب الديمقراطي الذي كان قد قرر مسبقا عدم مساءلته حول سياسته الخارجية.

وقال توم داشل، زعيم الاغلبية الديمقراطية السابق في مجلس الشيوخ، الأربعاء الماضي إن الانتخابات كانت استفتاء حول قيادة الرئيس بوش وحول «مدى اهتمام الشعب الأميركي بالحرب على الإرهاب، وما يحدث في العراق، وحول سياستنا الخارجية التي تتضمن اهتماما كبيرا بالأمن القومي. كل هذه المواضيع كانت ضمن أسبقيات الرئيس بوش». وإذا راح البعض يشيع أن نتائج الانتخابات ستجعل الرئيس بوش أكثر حدة في تعامله مع الملف العراقي، قال آخرون إنها لن تغير شيئا. وضمن هذا السياق قال جاري شميت المدير التنفيذي لـ«مشروع القرن الأميركي الجديد»: «أظن أن آليات التفاوض في الأمم المتحدة ستستمر على نفس مسارها»، في اشارة الى مشروع القرار المعدل بشأن العراق الذي قدمته الإدارة الأميركية لمجلس الأمن الدولي اول من امس وتأمل في اعتماده اليوم.

لكن الخلافات حول الملف العراقي أعمق داخل الإدارة الأميركية مما هي عليه داخل الكونغرس. ونجحت وزارة الخارجية الأميركية حتى الآن في فرض اسلوب التشاور القائم على مبدأ التعددية، وذلك على حساب دعوة كبار مسؤولي وزارة الدفاع «البنتاغون» الى المضي قدما في الحرب ضد العراق بشكل منفرد. وقال «نيوت جينجريتش» الرئيس السابق لمجلس النواب «لا أعتقد أن نتائج الانتخابات ستجعل بوش أكثر حدّة على المسرح الدولي. بل ستؤدي إلى منح بوش ثقة وإصرارا أكثر من السابق... إنها نتائج مرضية بشكل عميق أكثر من أن تكون مبهجة».

وعلى الرغم من أن السيطرة على لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ ستصبح من حصة الحزب الجمهوري، فإن تركيبة اللجنة مختلفة كثيرا عما كان عليه في وقت رئيسها الجمهوري الأسبق السيناتور جيسي هيلمز الذي كان محافظا جدا وحكم بقبضة حديدية. في المقابل، يُعتبر السيناتور الجمهوري ريتشارد لوجار، الذي يُتوقع ان يتولى رئاسة هذه اللجنة، من المعتدلين وكان يجد أرضية مشتركة مع جوزيف بايدن رئيس اللجنة الديمقراطي الذي هو الآن في طريقه للتخلي عن موقعه. ويحتل الموقع الثاني في هذه اللجنة السيناتور الجمهوري تشاك هاجل.

وحينما طلب بوش الشهر الماضي موافقة الكونغرس على منحه تفويضا مطلقا لشن هجوم منفرد على العراق، شارك لوجار وبايدن وهاجل مع آخرين في طرح مشروع بديل يتضمن مطالبة الرئيس باستشارة الأمم المتحدة قبل القيام بأي عمل عسكري. وضمن مشروع القرار النهائي هذه الصياغة التي لم تلزم بوش بالحصول على موافقة الأمم المتحدة وصوت الثلاثة في النهاية لصالح مشروع القرار. وقال شميت، إن بوش يستطيع الآن أن يرى "الانتصار الجمهوري الكبير في كونه يعود بشكل جزئي إلى موقعه الحالي كقائد عام للقوات المسلحة في زمن الحرب ". واضاف شميت ان الديمقراطيين دعموا سياسات بوش لسببين : اولا لقناعتهم الجزئية بها وثانيا لقناعتهم بأن الناخبين سيعاقبونهم إن هم تصدوا لأداء الرئيس في وقت الحرب. وخلال ظهور متواصل لبوش في الحملات الانتخابية طيلة اسابيع، ظل بوش ينتقد موقف الديمقراطيين في مجلس الشيوخ لتأجيلهم البت في مشروع «قانون أمن البلاد»، علما بأن هذه القضية هي الوحيدة التي تحدّوه فيها.

وقال شميت إن خسائر الديمقراطيين في الكونغرس قد «تحررهم من الخوف من الاعتراض على الحرب ضد العراق، ومن ناحية أخرى قد تدفع نتائج انتخابات الثلاثاء الماضي الزعماء الديمقراطيين لكي يستنتجوا أن تحول الحزب الديمقراطي إلى حزب مناهض للحرب ليس حكيما». وكان الديمقراطيون قد أيدوا قرار الرئيس بوش بالسعي لإيجاد حل جماعي للأزمة التي اثارتها كوريا الشمالية اخيرا بعد كشفها عن برنامجها لتطوير السلاح النووي. كما اعترضت قلة منهم بشكل فعال سياسة بوش الخارجية التي تشمل التقارب المتزايد مع إسرائيل فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وتحويل برنامج محاربة المخدرات على الصعيد العالمي إلى برنامج لمحاربة الإرهاب، واقتراحه زيادة المساعدات الخارجية لبعض الحكومات المنتقاة. بل أن الديمقراطيين ساعدوا بوش بالتصويت لصالح مشروع قانون يفوضه تعزيز التبادل التجاري مع الدول الاخرى بينما حرم الرئيس السابق بيل كلينتون من مثل هذا التفويض.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»