بوش يتفادى «الاحتفال المفرط» بفوز الجمهوريين.. والبيت الأبيض يلتزم الصمت إزاء خططه

TT

أصر البيت الأبيض على أن المكاسب الانتخابية التي حققها الحزب الجمهوري الثلاثاء الماضي قد منحت حكم الرئيس بوش تفويضا شعبيا واسعا وشرعية لم يتمكن من الحصول عليها في الانتخابات الرئاسية التي جرت سنة 2000، والتي كان على القضاء أن يحسمها لصالحه.

ولتجنب الظهور بمظهر الغالب المسرور بانتصاره ألغى مسؤولو البيت الأبيض الخطط السابقة لعقد مؤتمر صحافي رئاسي وظل بوش بعيدا الأربعاء الماضي عن أضواء الكاميرا. وبدلا من ذلك، أجرى الرئيس الأميركي اجتماعات تتعلق بمناقشة الاستراتيجيات، إضافة إلى الاتصال تليفونيا بالفائزين بالانتخابات والاتصال بالزعماء الديمقراطيين الخاسرين، والسيناتور الديمقراطي توم دشلي والسيناتور الجمهوري ديك غيبهارت.

وتجنب مسؤولو البيت الأبيض التحدث عن الكيفية التي سيدفع الرئيس بوش بها أجندته المحافظة، وهذا يعود بشكل جزئي إلى أنهم لا يرغبون بالظهور كأنهم على عجلة من أمرهم، إضافة إلى أنهم لم يتوقعوا انتصارا كبيرا كهذا. وقال آري فلايشر المتحدث باسم البيت الأبيض: «إنه انتصار كبير. هناك الكثير من العمل الذي لم يُنجز والذي يريد الشعب الأميركي من الديمقراطيين والجمهوريين أن يقوموا به معا، وقد يكون وقت الخلافات في طوره للانتهاء».

هناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى أن شعبية بوش كانت ضرورية إن لم تكن حاسمة للنتائج الانتخابية التي تحققت الثلاثاء الماضي. فمن بين الثلاثة وعشرين مرشحا الذين شارك بوش في الحملة الانتخابية لصالحهم فاز واحد وعشرون، بينما من بين الستة عشر مرشحا لمجلس الشيوخ فاز اثنا عشر شخصا كان بوش قد ساعدهم في حملاتهم الانتخابية.

وقال توني كويلهو، الذي كان رئيس حملة آل غور الانتخابية، «لقد راهن البيت الأبيض رهانا كبيرا: فهم رموا الزهر ليكتشفوا على أثر ذلك أنه كان معهم. هم لم يفوزوا بانتخابات سنة 2000 بشكل شرعي إلا أمس. والرئيس حصل على تفويض الشعب، وحصل على فوزه، والآن يستطيع أن يحكم لمدة عامين آخرين».

وعكس هذا الموقف أيضا المحافظون الجمهوريون الذين كانوا يتشككون بفوز بوش، إذ قال جون ماك لوغلين رئيس حملة المحافظ ستيف فوربيس الذي نافس بوش لكسب ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية السابقة، إن «نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة اعتُبرت متقاربة بينما في هذه الانتخابات فاز بوش والجمهوريون بشكل واضح أثناء لعبهم في الوقت الإضافي». وأضاف ماك لوغلين: «منحت هذه الانتخابات الشرعية لحكم الرئيس وأكدت للرأي العام العالمي أن الأميركيين يؤيدون الرئيس».

في الوقت نفسه، سلّم مسؤولو البيت الأبيض والديمقراطيون المعارضون بأن الفوز الجمهوري ليس كاسحا، فمن بين 77 مليون شخص شاركوا في انتخابات يوم الثلاثاء كان هناك 41000 صوت لصالح المرشح الجمهوري في ولاية ميسوري مقابل 22000 للمرشح الديمقراطي، أما في نيوهمشاير فكان الفرق بين المرشحَين الديمقراطي والجمهوري لمجلس الشيوخ هو 19ألف صوت فقط.

وتحققت، نتيجة لفوز الحزب الجمهوري، زيادة في عدد ممثليه في مجلس الشيوخ بشخصين، وبذلك أصبحت نسبة الجمهوريين 51 في المائة. أما في مجلس النواب فقد تمكن الجمهوريون من كسب مقاعد جديدة وبذلك أصبحوا يشكلون نسبة 52بالمائة من عدد أعضاء مجلس النواب. وبعد مكاسب الديمقراطيين في انتخابات حكام الولايات الأميركية يكون الجمهوريون قد حققوا نسبة 52بالمائة للفروع التنفيذية. وقال آل فروم مؤسس مجلس الزعامة الديمقراطية: «كانت النسبة 50/50 قبل الانتخابات وما زالت 50/50 بعد الانتخابات. لذلك لا أعتقد أن هذا تفويض حاسم».

من جانب آخر، قال مسؤولون في البيت الأبيض إنهم على علم بخطورة المبالغة بالفوز. إذ قال مسؤول كبير من الإدارة الأميركية: «بالتأكيد نسبة 51بالمائة أحسن من 49 في المائة لكنها ليست 60 في المائة، لذلك ليس كما لو أن الأشياء ستطير بشكل سحري داخل مجلس الشيوخ». لكن فلايشر أشار بشكل واضح إلى أن خريطة الكونغرس السياسية ستمنح بوش قدرات أكبر، إذ أن المتحدث باسم البيت الأبيض أشار إلى إمكانية أن يعيد بوش طرح اسم بريسكيلا أوين لمحكمة تكساس العليا، إذ أن تسميتها لاحتلال مقعد في محكمة استئناف قد تم رفضه في مجلس الشيوخ في سبتمبر الماضي. وأكد فلايشر أن نتائج الانتخابات سيزيد من احتمال أن يقوم الكونغرس بتمديد قانون تخفيض الضرائب للسنة الماضية وأن يدعم وقوع خصخصة جزئية لنظام الضمان الاجتماعي. وعلى الرغم من أن مسؤولين في الإدارة الأميركية قالوا إن أي إجراء تجاه نظام الضمان الاجتماعي مشكوك بوقوعه، لكن فلايشر أكد أن الناخبين أظهروا «معرفتهم بوجود خيارات إضافية أخرى».

ووضع النجاح الذي حققه الجمهوريون في وضع أقوى، لكنه زاد أيضا من المخاطر. وقال النائب مايكل كاسل رئيس مؤسسة «الشراكة الواسعة الجمهورية» المعتدلة: «هناك عبء كبير على أي حزب سياسي مكلف بمسؤولية إدارة حكومة منتخَبة. إذ سيتم الحكم علينا لا من خلال النجاح او الفشل في تشريع هذا القانون أو ذاك بل من خلال حل المشاكل».

لكن نتائج الانتخابات أزالت عائقا ظاهريا كان يقف في وجه سلطة بوش: «فهي نزعت عن كبير الشيوخ الديمقراطيين دشلي موقع رئاسة المجلس، لكنها في الوقت نفسه دعمت قوة مجموعتين قادرتين على أن تسببا بعض المشاكل لبوش. فالفوز عزز آمال المشرعين المحافظين بالمصادقة على مجموعة من المشاريع التي قد تؤذي بوش من حيث أنها ستقصي الأصوات المعتدلة عنه ومع دفع الديمقراطيين للمقاعد الخلفية لم يبق للمعارضة أي حافز للتعاون مع بوش».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»