بن الشيبة يكشف للمحققين عن علاقة موساوي بهجمات 11 سبتمبر

الخاطف العشرون التقى عام 2000 في أفغانستان خالد شيخ وتسلم منه مبلغا ماليا وعناوين في أميركا

TT

ربط رمزي بن الشيبة المشتبه في كونه منسق هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، زكريا موساوي بالمشتبه في انه العقل المدبر للاعتداءات. وكشف بن الشيبة، المعتقل لدى الولايات المتحدة، ان موساوي التقى مع خالد شيخ محمد في افغانستان في صيف عام 2000، طبقا لمصادر على علاقة وثيقة بالتحقيقات.

وتضع المعلومات التي كشف عنها بن الشيبة، موساوي على علاقة مباشرة بخالد شيخ مدبر عمليات تنظيم «القاعدة» الذي قضى سنتين يخطط لهجمات سبتمبر. وقدم خالد شيخ لموساوي اسماء اشخاص في الولايات المتحدة، كما اعطاه بن الشيبة عنوان بريد الكتروني وحول له اموالا لصالح مؤامرة 11 سبتمبر، طبقا للمعلومات التي ادلى بها موساوي الى المحققين.

ويمكن ان تعقد تلك الاعترافات محاولات موساوي لطلب بن الشيبة كشاهد دفاع في محاكمته بتهمة التآمر في المحكمة الفيدرالية في الكسندريا بولاية فيرجينيا، المقرر عقدها في يونيو (حزيران) المقبل. وقد اعترف موساوي في المحكمة انه عضو في «القاعدة» لكنه نفى مشاركته في مؤامرة 11 سبتمبر.

وقد ناقشت السلطات الاميركية دور موساوي في الهجمات الانتحارية على الاقل منذ ان اعتبره ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي الخاطف العشرين في المؤامرة بعد شهر من وقوع الهجمات. وقال بن شيبة للمحققين انه وخالد شيخ فقدا الثقة في تقديره وقررا استخدامه في مؤامرة الاختطاف كخيار اخير، حسبما ذكرت المصادر.

وتجدر الاشارة الى ان المعلومات التي كشف عنها بن الشيبة تتعدى قضية موساوي، لانه يكشف ايضا معلومات عن خالد شيخ الذي يعتبر من كبار قادة «القاعدة» الفارين.

وكان بن الشيبة قد قبض عليه في باكستان قبل شهرين ونقلته وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه) الى مكان سري في الخارج لاستجوابه. وهو يمني وكان يعيش مع الزعيم المفترض لمنفذي هجمات سبتمبر محمد عطا في هامبورغ بالمانيا. وقد حاول بن الشيبة وفشل في الحصول على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة مرات عدة فيما قالت السلطات انه ربما كان يحاول الانضمام الى مجموعة الخاطفين في مؤامرة 11 سبتمبر.

وقد تفاخر بن الشيبة بدوره في امداد مجموعة الخاطفين الـ 19 بالدعم المالي واللوجستي، خلال مقابلة صحافية مع قناة «الجزيرة» القطرية.

ويشار الى ان خالد شيخ محمد كويتي من اصل فلسطيني، وقد شارك في العديد من عمليات «القاعدة» بينها مؤامرة تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 وفي المخطط الذي لم ينفذ ويقضي بتفجير 12 طائرة اميركية في المحيط الهادئ عام 1995 اضافة الى نسف المعبد اليهودي في جزيرة جربة التونسية في ابريل (نيسان) الماضي. كما تشتبه السلطات الباكستانية في تورطه في قتل الصحافي الاميركي دانيال بيرل.

واشارت المصادر الى انه تمت مقارنة المعلومات التي قدمها بن الشيبة مع غيره من معتقلي «القاعدة». وبالرغم من ان المسؤولين الاميركيين كانوا اشاروا ان بن الشيبة يتعاون، فإن هذه المعلومات التي كشف عنها تعتبر الاولى من نوعها من حيث التفاصيل التي تتحدث عنها.

وبالاضافة الى المعلومات الخاصة بالهجمات على نيويورك وواشنطن، فإن بن الشيبة كشف للمحققين عن محاولة فاشلة تم التخطيط لها في نفس الفترة الزمنية في مطار هيثرو بلندن، ويعتقد ان الشيخ محمد هو الذي نسقها ايضا. وكانت السلطات البريطانية قد قبضت على اصولي متشدد وصل في رحلة من نيويورك يوم 11 سبتمبر، وتم تسليمه فيما بعد الى مكتب المباحث الفيدرالي، كشاهد مادي.

ويسعى موساوي لاحضار عدد من اعضاء «القاعدة»، اهمهم بن الشيبة، الى المحكمة للادلاء بشهادتهم لصالحه. ولا يرغب المدعون الفيدراليون تعطيل التحقيقات مع المعتقلين التي يمكن ان تستمر لشهور او حتى سنوات. ويحاولون منع ظهور نشطاء «القاعدة» في قاعات المحاكم العلنية، حيث يمكن ان يكشفوا معلومات لا تريد الحكومة الكشف عنها. وقال عدد من المسؤولين الفيدراليين انه حتى لو كانت شهادة بن الشيبة ستورطه، فإن موساوي ربما يستمر في طلبه للادلاء بشهادته كوسيلة لممارسة الضغوط على الادعاء.

ويمكن للحكومة تقييد الشهادة بإلغاء الاتهامات الفيدرالية ضد موساوي ومحاكمته امام محكمة عسكرية، وهو امر فكرت فيه ادارة الرئيس جورج بوش ولكنها مترددة في استخدامه، لان موساوي ربما يحاول تحدي القرار في محكمة فيدرالية ويعرض المحكمة العسكرية لتحديات دستورية.

وكان موساوي الذي يمثل نفسه في القضية قد طلب، حسبما تبين في اوراق القضية التي اعلن عنها هذا الشهر، نسخة من مقابلة «الجزيرة» مع بن الشيبة وخالد شيخ، مشيرا الى انها ستعزز تأكيداته بأنه لم يشارك في هجمات 11 سبتمبر. وقد تعرض بن الشيبة خلال تلك المقابلة بذكر اسماء الخاطفين دون ان يذكر بينهم اسم موساوي.

وقال مصدران على علم بالتحقيقات مع بن الشيبة، انه ابلغ المحققين ان موساوي التقى بخالد شيخ في شتاء 2000 ـ 2001 في افغانستان. وقدم خالد شيخ لموساوي اسماء افراد يمكنه الاتصال بهم في الولايات المتحدة، طبقا لمصدر من الاستخبارات اضاف ان موساوي طلب من خالد شيخ مبلغاً من المال.

وقالت الحكومة في عريضة الاتهام ان موساوي سافر من هامبورغ الى لندن مطلع ديسمبر (كانون الاول) 2000 ثم الى باكستان في التاسع من الشهر نفسه. وغادر باكستان في 7 فبراير (شباط) 2001 الى لندن التي طار منها لاحقاً الى شيكاغو حيث كشف لسلطات الجمارك انه يحمل 35 الف دولار نقدا. ثم طار موساوي من شيكاغو الى بلدة نورمان بولاية اوكلاهوما حيث انضم الى مدرسة لتعليم الطيران.

الا ان مستواه في المدرسة كان سيئا. واوضح المسؤولون بالمدرسة فيما بعد انه كان نافد الصبر وكثير المجادلة، وكان على عجل من امره للحصول على رخصة قيادة الطائرات. وقالوا انهم شاهدوه يضع مبلغا كبيرا من النقد في فرع مصرف محلي. وبعد فشله في تعلم الطيران الفردي، ترك موساوي مدرسة نورمان وبعث برسالة الكترونية الى اكاديمية «بان اميركان» الدولية في مينيسوتا، طبقا لعريضة الاتهام.

وقالت المصادر ان بن الشيبة ابلغ المحققين انه التقى موساوي في كراتشي في شهر يونيو. وخلال تلك الفترة قدم بن الشيبة لموساوي العنوان الالكتروني لشخص موجود في الولايات المتحدة، حسبما ذكرت المصادر. وعاد موساوي لتلقي المزيد من دروس الطيران.

وابلغ بن الشيبة المحققين انه تحدث مع خالد شيخ هاتفيا في يوليو (تموز)، وناقش معه القلق من ان موساوي يلفت الانظار اليه، ويتصرف بطريقة لافتة للانتباه ويتحدث كثيرا. وقال خالد شيخ لابن الشيبة انه لايثق كثيرا في موساوي، لكنهما قررا استخدامه في عمليات الاختطاف لانهما كانا في حاجة ملحة اليه تتمثل في تقديمه التعليمات المحددة في اللحظات الاخيرة.

وقالت المصادر ايضا ان بن الشيبة كشف للمحققين عن عمليتي تحويل نقدي لموساوي في اواخر يوليو واوائل اغسطس (آب) 2001، وعن رسالة فاكس تؤكد التحويل. واوضحت العريضة ان موساوي تلقى تحويلات نقدية من بن الشيبة تصل قيمتها الى 14 الف دولار خلال تلك الفترة.

وكان قد تم القبض على موساوي بتهمة تتعلق بمخالفته قوانين الهجرة في منتصف اغسطس 2001 بعدما شك فيه مسؤولو مدرسة الطيران التي كان يتدرب فيها واتصلوا بمكتب المباحث الفيدرالي.

وبعد شهر على هجمات سبتمبر، التقى بن الشيبة وخالد شيخ في قندهار بجنوب افغانستان، حسبما كشف بن الشيبة للمحققين. وعرض بن الشيبة على خالد شيخ مجلة اميركية نشرت موضوعا يتعلق بالقبض على موساوي. واوضح بن الشيبة للمحققين ان خالد شيخ كان على علم بالقبض على موساوي، وعبر عن رضاه بأنهم ابعدوا موساوي عن الآخرين الذين شاركوا في عمليات الاختطاف.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»