متسناع في سطور: أطلق لحيته وتعهد بألا يحلقها حتى تقيم إسرائيل سلاما مع جيرانها العرب

TT

القدس المحتلة ـ رويترز: عندما كان ضابطا صغيرا في الجيش الاسرائيلي اثناء حرب عام 1967 ترك عمرام متسناع لحيته تنمو وتعهد بألا يحلقها حتى تقيم اسرائيل سلاما مع جيرانها العرب. لكن لحيته يضربها الشيب وهو يتولى قيادة حزب العمل استعدادا لخوض الانتخابات العامة في يناير (كانون الثاني) المقبل بوصفات معتدلة لحل الصراع الاسرائيلي الصعب مع الفلسطينيين الذين يسعون لاقامة دولة لهم على اراض احتلتها اسرائيل قبل 35 عاما.

ومتسناع الذي انتخب زعيما لحزب العمل مساء اول من امس يقف على يسار القادة العسكريين السابقين الذين تحولوا الى السياسة. ونتيجة لذلك وصفه بعض النقاد من داخل الحزب ومن خارجه بانه هاو رومانسي.

لكنه يشير الى تاريخه العسكري المشرف والانسجام بين اليهود والعرب الذي تمكن من تحقيقه وهو رئيس لبلدية حيفا للتدليل على قدرته على اقامة سلام مع الفلسطينيين وحماية امن اسرائيل.

ومتسناع مستعد لاستئناف محادثات السلام مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات دون شروط مسبقة رغم ان العديد من الاسرائيليين يشعرون بان حكومة العمل اخطأت بشدة بتوقيعها اتفاقات السلام المرحلية معه بين عامي 1993 و.1995 واذا وصلت المفاوضات الى طريق مسدود فان متسناع سيحصن الحدود ويسحب القوات الاسرائيلية من جانب واحد من قطاع غزة واغلب اراضي الضفة الغربية.

لكن بالنسبة لحزب الليكود اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء ارييل شارون وللمستوطنين وللمتشددين من حزب العمل المنقسم فان هذه السياسات تعد استسلاما «للارهاب» الفلسطيني وتشكل تهديدا للدولة اليهودية.

غير ان فوز متسناع الكبير على وزير الدفاع المتشدد بنيامين بن اليعزر في زعامة الحزب يشير الى شعبية موقفه غير التقليدي بين الناخبين من تيار يسار الوسط الذين ارهقهم المأزق الذي وصل اليه الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني.

وفي حزب يعيد تشكيل نفسه ليصبح بديلا لليكود اذا ما اصبحت مفاوضات السلام خيارا حقيقيا فان برنامج متسناع اوصله للفوز بزعامة الحزب.

بيد ان استطلاعات الرأي اظهرت ان الاستياء العام ليس كافيا للوصول بمتسناع الى السلطة في الانتخابات العامة المقبلة.

وقال متسناع في حديث لوكالة رويترز بعد دخوله السباق على زعامة الحزب في اغسطس (اب) الماضي انه ثبت ان العمل العسكري العنيف لا يردع العنف الفلسطيني بل على العكس سيولد المزيد من الكراهية والعنف وان هناك حاجة لحافز سياسي تقدمه محادثات جديدة.

واذا انهارت المفاوضات سيبقي متسناع على بعض المستوطنات الاستراتيجية باعادة ترسيم اجزاء من الحدود في الضفة الغربية وتحصينها. وسيتم اجلاء جميع المستوطنين المقيمين شرق هذا الخط الحدودي واغلبهم في مناطق بعيدة تتطلب حماية عسكرية مكلفة للغاية وهم يمثلون غالبية نحو 200 الف مستوطن في الضفة الغربية.

وسيجلي متسناع القوات والمستوطنين من قطاع غزة حيث يقيم سبعة الاف يهودي في جيوب وسط اكثر من مليون فلسطيني يعانون الفقر تحت الحصار الاسرائيلي.

ويتفق متسناع مع اليمين الاسرائيلي في نقطة واحدة رئيسية يعتبرها تشكل تهديدا على الدولة اليهودية وهي رفض مطلب فلسطيني بعودة ملايين اللاجئين لاستعادة ديارهم القديمة في اسرائيل.

وخدم متسناع بالجيش لمدة 30 عاما واصيب مرتين في اربع حروب وتقاعد برتبة ميجر جنرال. وقاد القوات الاسرائيلية في الضفة الغربية في اواخر الثمانينات واوائل التسعينات وتعامل بصرامة مع نشطاء في الانتفاضة الفلسطينية الاولى. لكنه كان قد بدأ بالفعل يكتسب سمعة انه غير تقليدي.

وفي عام 1982 اختلف مع شارون الذي كان وزيرا للدفاع في ذلك الوقت بسبب احتجاجه على الغزو الاسرائيلي للبنان.

ويقود متسناع سيارته بنفسه ويتجول بمفرده على شاطئ حيفا ويقابل الناس دون مساعدين او حراس. ولد متسناع في مزرعة جماعية لمهاجرين من المانيا وهو متزوج ولديه ثلاثة اطفال.

يذكر ان متسناع هو من مواليد فلسطين قبل 57 عاما، ودخل الجيش وهو في الرابعة عشرة فاختار الدراسة الثانوية في مدرسة عسكرية واكمل دراسته في الولايات المتحدة، وتدرب فيها على دبابة «فاتون» وخدم بالاساس في سلاح المدرعات. واصيب بجراح بليغة مرتين، الاولى في حرب 1967 حيث تشوه وجهه ولذلك اطلق لحيته لاخفاء آثار الجراح، والثانية في حرب 1973 حيث تلقى اصابات في جميع انحاء جسده وفقد ركبته.

وكان متسناع القائد العسكري الذي قاد القوات الاسرائيلية في عملية اخلاء مستعمرة يميت اليهودية بالقوة، وتسليمها الى مصر، ضمن اتفاقية السلام الموقعة في كامب ديفيد. ولذلك كرهه المستوطنون. لكنهم كرهوه اكثر عندما نقل ليقود المنطقة الوسطى، المسؤولة عن الضفة الغربية ايضا، واختلف معهم.

ووصف الاعتداء الذي قاموا به ضد سكان مخيم اللاجئين في الدهيشة في بيت لحم بأنه اعتداء عنصري.

ومع ان متسناع نفذ سياسة الحكومة في حينه، بكل بشاعتها ضد الفلسطينيين وذات مرة هدم 120 بيتا فلسطينيا خلال 3 ايام انتقاما لقتل حارس يهودي في مستوطنة، الا انه اشتهر اكثر برفضه سياسة «تهشيم العظام» التي اعلنها اسحق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي ابان الانتفاضة الاولى. وامتنع عن تنفيذ العديد من الاوامر ذات الطابع الاجرامي. واختلف مع رابين كثيرا، حتى قدم استقالته من الجيش سنة 1989 وقبل رابين الاستقالة على مضض بشرط الا يفصح متسناع عن اسبابها. والتزم متسناع بهذا الشرط ولم يتحدث عن خلافاته مع رابين حول مسألة القمع الا في السنة الاخيرة. ولهذا عرف بأنه صاحب كلمة ومستقيم.

وابقاه رابين في الجيش حتى سنة 1993 ولكن في وظائف ادارية الى ان سرحه لكي يخوض معركة الانتخابات على رئاسة بلدية حيفا، ضد رئيس البلدية اريه غورييل، المقرب من شيمعون بيريس في حزب العمل ودعمه رابين ففاز. وظل في منصبه حتى يومنا هذا، حيث ادار البلدية بنجاح كبير واقام ائتلافا يضم جميع الاحزاب والكتل من اليمين واليسار، اليهود والعرب، العلمانيين والمتدينين.