السنيورة لـ«الشرق الأوسط»: أهمية «باريس ـ 2» تكمن في اهتمام المشاركين بالاستقرار اللبناني

TT

توقع وزير المال اللبناني فؤاد السنيورة ان يؤدي مؤتمر «باريس ـ 2» بنتائجه الى دعم السياسات والاجراءات التي اتخذها لبنان في مجال الاصلاح المالي. وأكد «ان اهمية هذا المؤتمر تكمن في الاهتمام الذي توليه الدول التي ستشارك فيه للاستقرار الاقتصادي والمالي في لبنان».

وقال الوزير السنيورة لـ«الشرق الاوسط» رداً على سؤال عن اهمية مؤتمر «باريس ـ 2»: «هذا المؤتمر ربما كان من المؤتمرات النادرة في العالم التي يتمكن فيها بلد ـ وان كان في نظرنا كبيراً جداً لكنه في نظر العالم صغير بحجمه وموارده وامكاناته ـ من ان يدعو هذا العدد الكبير من الدول وان يأتي الحضور على المستوى الموعود لمعالجة مشاكل تراكمت على مدى سنوات طويلة بسبب حرب مدمرة وبسبب الظروف التي كانت قائمة واضطر لبنان الى ان يتعامل معها في عملية الخروج من الحرب ومعالجة الآثار الكبيرة التي نتجت عنها، من مشاكل المهجرين الى استمرار الاحتلال الاسرائيلي الى الاجتياحات الاسرائيلية. فاهميته (المؤتمر) السياسية كبيرة كونها تعكس الاهتمام الذي توليه هذه الدول للاستقرار الاقتصادي والمالي في لبنان، وبالتالي الاستقرار الاجتماعي للمنطقة خصوصاً ان لهذا الاستقرار ابعاداً ايضاً تنعكس على بقية دول المنطقة. هذا على الصعيد السياسي. اما على الصعيد الاقتصادي، فإن هذا المؤتمر مهم جداً بالنسبة للبنان، اذ سيساهم في دعم السياسات والاجراءات التي اتخذها والتي تشكل الاساس الذي ينبغي ان يستند اليها مؤتمر «باريس ـ 2».

واضاف السنيورة: «ان باريس ـ 2 يأتي بعد باريس ـ 1. وكان لبنان قد بيّن ما هي الخطوات التي يقوم بها والتي سيقوم بها ايضاً من اجل معالجة هذا الكم الكبير من المشاكل وما هي المعالجات التي ينوي ان يتخذها. وفي باريس ـ 2 سيتقدم لبنان بجملة من السياسات والاجراءات والمعالجات لمشكلة العجز في الموازنة ولمشكلة اصلاح الموازنة العامة والاصلاح الاقتصادي والسعي الى عملية التخصيص وتعزيز عملية الانفتاح الاقتصادي وتعزيز النمو وترشيد القطاع العام وزيادة انتاجيته، فضلاً عن العمل على تعزيز دور القطاع الخاص الى جانب كل الجهد المؤدي الى خفض الانفاق وزيادة الواردات. كل هذه السياسات والاجراءات ليست سهلة على الاطلاق ويقوم بها لبنان لأنه يدرك ان معالجة المشاكل تبدأ اساساً في لبنان ويقوم بها اللبنانيون. ومن خلال هذه الاجراءات الآيلة الى وضع المعالجات على الطريق الصحيح ادرك الاشقاء والاصدقاء والمؤسسات الدولية ان لبنان جاد في معالجة أوضاعه وانه قطع شوطاً ولا تزال هناك اشواط للقيام بهذه المعالجات، وان لبنان مستمر فيها». وقال السنيورة: «ان هذه الاجراءات على اهميتها، لن تكون كافية لمعالجة المشاكل بل هناك حاجة الى دعم خارجي يتمثل في الطريقة الجديدة التي طورها لبنان او ابتدعها. ولبنان يدرك ان العالم يعاني من مشكلات في موضوع الاعانات والمساعدات والهبات. وادراك لبنان هذا الامر جعله يفتش عن الطريقة التي تمكنه من تحقيق الغاية المنشودة من دون ان يثقل على اشقائه واصدقائه في هذا الامر. وقد اختار طريقة الكفالة او المساهمة في الاكتتاب في سندات الخزينة اللبنانية او ايداع بعض مدخرات هذه الدول لدى الخزينة اللبنانية في حسابها في مصرف لبنان. وبالتالي فإن هذه الدول والمؤسسات لن تقدم هذه المساعدة من قبلها او تضع عبئاً على موازناتها، انما تقدم كفالة لبلد اثبت على مر الايام انه يحترم التزاماته ولم يتخلف يوماً في اي منها الامر الذي يجعله بلداً جديراً بالمساعدة. وهذه المساعدة ستمكن لبنان، استناداً الى كفالة هذه الدول، من ان يقترض من أسواق هذه الدول باسعار الفائدة السائدة في تلك الاسواق والتي لا تكلف خزينة تلك الدول اي قرش. ولبنان سيقترض من هذه الدول ويعمل على استبدال دين قصير الاجل بفائدة عالية بدين آخر طويل الاجل وبفائدة مخفضة. وهذا لن يشكل عبئا على الدول المشاركة في مؤتمر باريس ـ 2 وفيه فائدة للبنان ومنفعة مشتركة ايضاً للبنان وهذه الدول».

وافاد السنيورة ان الاجراءات التي يقوم بها لبنان «مهمة وضرورية. ويجب ان يكون واضحاً انه اذا لم يتخذ لبنان هذه الاجراءات ويلتزم بها وينفذها فلن تكون هناك امكانية لباريس ـ 2».

وعما يتوقعه لبنان من المؤتمر قال السنيورة: «ان رغبة الدول المشاركة في المؤتمر في المساعدة هي رغبة حقيقية وبالتالي ستساعد لبنان على تخطي مشاكله السياسية التي تخلقها اسرائيل. لكن الاعتقاد في اننا دخلنا اطار البنوة وان هذه الدول ستشمل لبنان بحمايتها ورعايتها هو اعتقاد غير دقيق. وهو غير دقيق من الناحية الاقتصادية ايضاً. ولكن لبنان لديه اصدقاء حتماً والمؤتمر ابرز دليل على هؤلاء الاصدقاء، ولكن يجب ان يكون واضحاً لنا ان الاساس هو استمرار لبنان في سلوك طريق الاصلاح الاقتصادي والالتزام بهذا الطريق وبما يقتضيه سلوكه». ورداً على القائلين بأن استبدال الديون القائمة بديون منخفضة الفوائد لا يحل المشكلة، قال السنيورة: «ماذا يعني هذا؟ هل يريدون سحراً. لا يوجد شيء في الدنيا شيء اسمه الغاء ديون. هذا موجود في الاحلام. هناك دين يكلف مبالغ طائلة. وخدمة الدين لا تنخفض على المبالغ التي نقترضها فقط. وهنا جوهر القضية».