شرطي كويتي يصيب جنديين أميركيين بالرصاص .. وأنباء عن اعتقاله على الحدود مع السعودية

ضابط الصف خالد الشمري دبر الكمين بإحكام * توقع الاستعجال في تعيين مسؤول جديد لجهاز أمن الدولة بالكويت

TT

للمرة الخامسة خلال حوالي الشهرين، تتعرض القوات الأميركية في الكويت الى حادث اطلاق رصاص. وخلافاً للحادث الأخير في جزيرة فيلكا، فان الشخص الذي أصاب الجنديين الأميركيين اصابات بالغة تمكن من الهروب، ولو ان الجهات الأمنية واثقة بأنه ستقبض عليه سريعاً. وأعلنت وزارة الداخلية الكويتية في بيان امس انها تعرفت على هوية مطلق النار، وهو ضابط صف في الادارة العامة للدوريات في وزارة الداخلية الكويتية وانه لاذ بالفرار عبر الحدود الى السعودية، ويجري التعاون مع السلطات السعودية لاعتقاله.

وحسب المعلومات المتوفرة، فان الحادث الذي وقع في منطقة الطريق الدائري السابع، وتحديداً بين مخيم الجيش الأميركي في الدوحة شمالاً ومنطقة عريفجان في الجنوب، كان مدبراً بشكل جيد ونفذه كويتي في الخامسة والثلاثين من العمر اسمه خالد ميسر الشمري، وهو ضابط صف في وزارة الداخلية، استعمل سيارة مدنية مصبوغة باللون الرمادي المشابه للون سيارات الشرطة ليبعد اي شبهة عنه. وبالفعل بينما كانت السيارة التي تقل الجنديين الأميركيين في طريقها الى الدائري السابع من معسكر الدوحة ، قام الشمري بتوقيفها بحجة انها كانت تسير بسرعة، وما ان اقترب منها حتى سحب سلاحه وأطلق الرصاص باتجاه الجنديين الأميركيين فأصاب الأول في وجهه والثاني في كتفه وفر هارباً قبل ان يلفت الأنظار اليه. ونقل الجنديان الى المستشفى العسكري الكويتي على الفور.

وتفيد المعلومات ايضاً ان الشمري كان برفقة أحد اصدقائه قبل ان ينفذ عمليته، وانه أوصله الى منزله في منطقة الرقة وأبلغه بأنه سيذهب لشراء جريدة ثم يعود اليه.

وتشير معلومات أخرى الى ان الشمري متزوج من امرأة سعودية، وأنه يخضع لعلاج نفسي منذ فترة غير قصيرة، وسبق له ان زار احد الأطباء ثلاث مرات في الفترة الماضية.

وخلافاً لما حصل في حادث فيلكا فان الجانبين الأميركي والكويتي يتعاونان بشكل دقيق للوصول الى دوافع الحادث ومن يقف خلفه. ورغم انه من المبكر، كما قالت اوساط سياسية، الحديث عن علاقة لتنظيم «القاعدة» فان هذا الاحتمال يبقى وارداً جداً.

وتأمل السلطات الأمنية، بالحصول على معلومات اكثر حول هوية الفاعل ومن يدعمه بعد الانتهاء من سلسلة من التحقيقات المكثفة التي بدأتها مع عدد من الأشخاص المحيطين به. كما تأمل بمعلومات أخرى من الجنديين الأميركيين المصابين عندما تسمح لهما صحتهما بذلك.

وأكد الناطق الرسمى باسم الجىش الأمىركي في الكويت داريل رايت لـ«الشرق الأوسط» امس أن مسلحا أطلق النار في العاشرة والنصف من صباح أمس الخميس على جنديين أميركيين بمنطقة الدائري السابع و أصابهما باصابات بليغة، الأول فى وجهه، والثاني في كتفه. وقال ان الجنديين نقلا جوا الي المستشفي العسكري حيث يخضعان للعلاج حاليا، مشيرا الي أنهما «في حالة صحية حرجة ولكنها مستقرة».

وأوضح رايت أن الجنديين اللذين رفض ذكر اسميهما «كانا في مهمة رسمية داخل سيارة مدنية في طريقها من مخيم الدوحة شمال مدينة الكويت الي منطقة العريفجان التي تبعد ما بين 15 الي 18 كيلومتراً الى الجنوب من مدينة الكويت». ولم يعط رايت مزيدا من المعلومات، مكتفيا بالقول «ان السلطات الكويتية والجيش الأميركي بدآ التحقيق في الحادث لمعرفة ملابساته.

وتعتبر هذه هي ثاني حادثة اطلاق نار يصاب فيها جنود أميركيون في أقل من شهرين بخلاف بعض حوادث اطلاق نار أخري أسفرت التحريات عن أنها كانت غير متعمدة او أنها جاءت بسبب اصطياد الطيور في المكان القريب من موقع التدريبات العسكرية الأميركية.

ويذكر أن القوات الأميركية ونظيرتها الكويتية تقومان منذ شهر سبتمبر(ايلول) الماضي باجراء مناورات عسكرية بحرية وبرية وجوية روتينية في اطار الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين.

وكان شابان كويتيان قد أطلقا النار في الثامن من أكتوبر الماضي علي قوات المشاة البحرية الأميركية بجزيرة فيلكا مصيبين جنديين أميركيين توفي أحدهما ونقل الآخر الى المستشفى للعلاج. وقد توفي الكويتيان فيما ألقت السلطات الأمنية القبض علي 18 متهما تشتبه في ضلوعهم بشكل أو بآخر في الحادثة، وقد أطلقت سراح 13 منهم ولا تزال تحتجز الباقي. واستنكر نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح الحادث، مؤكداً ان الجهات الامنية المختصة في الجانبين الكويتي والاميركي تتابع مجري التحقيق وصولا الي الجناة ومن يقف وراءهم. وقال الشيخ جابر المبارك لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان هذه الحادثة غريبة علي المجتمع الكويتي وان الشعب يشارك الحكومة موقفها بشأن الاستعانة بالقوات الاميركية من اجل دعم امن الكويت واستقلالها. وذكر ان الاتفاقية الدفاعية الموقعة بين البلدين تحظي بمباركة الحكومة ومجلس الأمة وسواد الشعب الكويتي. واضاف «ليس بامكان فرد او افراد يمارسون اعمالا اجرامية ان يغيروا هذه الحقيقة او يفرضوا علي الكويت اهدافهم المريضة». واكد الشيخ جابر المبارك ضرورة انتظار نتائج التحقيق قبل الاجابة عن اسئلة تتعلق بهوية المهاجمين او طبيعة انتمائهم واهدافهم. وشدد علي ان هذه الحادثة «لن تؤثر علي استمرار التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة بل ستشجع علي القيام بمزيد من التنسيق الامني بين الجانبين وتعزيز الاجراءات الاحترازية».

ومن جانبه قال المتحدث باسم معسكر الجيش الاميركي في الدوحة العقيد ريك توماس ان الجنديين المصابين تم نقلهما علي الفور في مروحية عسكرية للمستشفي العسكري الكويتي، مضيفا ان «حالتهما حرجة ولكن مستقرة». وذكر ان احد الجنديين «أصيب في وجهه والاخر في كتفه ولكن لا تعتبر أي من الاصابتين مهددة لحياتهما». وبين المسؤول العسكري ان الحادث حاليا قيد التحقيق من قبل السلطات الكويتية وقيادة التحقيقات الجنائية الاميركية، واكد انه سيتم حجب اسماء المصابين ولن يعلن عنها معسكر الدوحة.

علي صعيد آخر، من المتوقع ان يؤدي هذا الحادث الي الاستعجال في تعيين مسؤول جديد لجهاز امن الدولة خلفاً للشيخ محمد الجراح الذي انتهت مدة ولايته ولم يجدد له مجلس الوزراء لاربع سنوات اضافية. وكان النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد قد اجتمع اول من امس مع وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد واتفق معه علي تكليف الوكيل المساعد لشؤون الخدمات المساندة في الوزارة اللواء عبد الله الفارس بتولي هذا المنصب بالنيابة. وقالت مصادر امنية ان الشيخ صباح طلب من وزير الداخلية الاسراع في ترشيح من يراه مناسبا لهذا المنصب الحساس وان هذا الموضوع قد يحسم خلال جلسة مجلس الوزراء بعد غد الاحد.

وفي وقت لاحق قالت مصادر كويتية ان الشرطي الكويتي اعتقل وهو يحاول الفرار الى السعودية عند نقطة النويصب الحدودية.

وكانت السلطات الامنية قد سارعت الى اجراء مسح لكل الدوريات التي تسير على الدائري السابع، كما قامت بفحص اسلحة العسكريين العاملين في هذه الدوريات للتأكد من مصدر اطلاق الرصاص.

وذكرت مصادر امنية ان الشخص الذي كان برفقة الشمري في السيارة انكر اي علاقة له بالحادث، لكنه اقر بأنه كان معه في دورية مشتركة خلال الصباح.

وذكرت احدى الروايات ان الشمري ابلغ رفيقه انه سيأخذ السيارة لمدة نصف ساعة ثم يعود الىه فانطلق بها بسرعة الى الدائري السابع حيث اوقف السيارة التي كانت تقل الجنديين الاميركيين واطلق النار عليهما. وحسب الرواية نفسها، فان الشمري اعاد الاتصال في وقت متأخر برفيقه، وقال له انه وصل الى السعودية.

وتقول رواية اخرى ان الشمري استخدم في الحادث سيارة رسمية تابعة لادارة الدوريات تم اعادها بعد تنفيذ العملية وهرب بسيارته الخاصة الى السعودية. كما تردد ان زوجته كانت تستعد للحاق به عندما داهم رجال الشرطة منزله.

وكانت وزارة الداخلية قد اصدرت بيانا في وقت لاحق قالت فيه «انه في الساعة 9.40 من صباح امس تعرض اثنان من الجنود الاميركيين لاطلاق نار اثناء قيادتهما لمركبتهما الخاصة بهما من نوع تويوتا بيضاء اللون على الدائري السابع من احد الاشخاص، مما ادى الى اصابة الجندي الاول في كتفه واصابة الجندي الآخر في وجهه من عدة طلقات، الامر الذي استدعى نقلهما على الفور الى المستشفى العسكري واجراء اللازم لهما وحالتهما الصحية مستقرة».

واضاف البيان انه «تم التعرف على مرتكب الحادث الذي تبين انه احد ضباط الصف من العاملين بالادارة العامة للدوريات الذي لاذ بالفرار بعد ارتكاب الحادث الآثم مباشرة الى المملكة العربية السعودية الشقيقة وجار التنسيق حاليا مع السلطات الامنية في المملكة لضبطه وتسليمه».