وزير بريطاني يعتبر الخوارج «مجرمين» كناشطي «القاعدة» ويحذر من احتمال إعطاء صدام أسلحة دمار شامل لـ«مجاهدين خلق» الإيرانية

TT

اعتبر وزير الدولة البريطاني لشؤون الخارجية المكلف ملف الشرق الاوسط مايك أوبرايان أن الخوارج لم يكونوا اقل حرصاً على ممارسة العنف وسفك الدماء لغايات سياسية عن شبكة «القاعدة». وعقد مقارنات خلص منها الى ان فرق الخوارج التي قال انه ما زال بعض أتباعها موزعين في عدة دول عربية كانت عبارة عن مجموعة من «القتلة» شأنها شأن تنظيم «القاعدة». وشجب دعاة العنف الذين يحاولون استغلال الاسلام لأغراض لاعلاقة لها بالدين السمح، وانتقد اسلوب تعاطي الاعلام الغربي مع هذه الاقلية المسلمة، وقال إن التشدد ليس حصراً على الاسلام بل إن مذاهب أخرى تعاني من هذه الآفة ايضاً. وأشار الوزير البريطاني في بادرة غير مسبوقة الى ما وصفه باحتمال منح بغداد أسلحة دمار شامل الى منظمة «مجاهدين خلق» الايرانية المعارضة التي اعتبرها أوبرايان ضالعة في الارهاب. وسمى الوزير بالاسم للمرة الاولى منظمة «المهاجرون» كمثال على مجموعة متشددة «تثير اشمئزاز المسلمين الحقيقيين».

وجاءت هذه التصريحات التي يرجح أن يثير بعضها الجدل، في كلمة ألقاها الوزير امس لافتتاح مؤتمر حول «الاسلام المتشدد في آسيا» في «معهد الاسلحة الملكية الموحدة» (روسي) بلندن.

وقال أوبرايان في الكلمة التي اطلق عليها «تهديد الخوارج الحديثين» إن هذه الفرق الاسلامية تعتبر مثالاً على «العنف اللامتسامح» الذي نبذه الاسلام. واضاف إن «الخوارج كانوا متطرفين سياسياً، غير متسامحين مع الآخرين، يعيشون خارج الحضارة، ويستعملون الارهاب ضد أعدائهم، واعتبرتهم غالبية المسلمين الساحقة كفاراً». وزاد أن الخوارج «كانوا قتلة على مستوى واسع (يمارسون القتل) لغايات سياسية، زاعمين ان الاسلام هو قضيتهم». وخلص الى ان «التشابه بين «الخوارج» والقاعدة مدهش». بيد ان أكاديميين، فضلوا الاحجام عن ذكر اسمائهم، اكدوا لـ«الشرق الأوسط» ان تصريحات الوزير تفتقر الى الأدلة التاريخية القوية. وأوضحوا ان الخوارج كانوا فرقاً عدة بينها الاباضية والصفرية والازارقة، مشيرين الى ان هذه الفرق كانت متفاوتة من حيث التشدد ولا يمكن الحديث عنها كما لو كانت وحدة متجانسة. ولم يستبعد هؤلاء ان تثير تصريحات الوزير قدراً من الجدل لا سيما بين أتباع فرق الخوارج الذين يعيش بعضهم في عُمان وليبيا والجزائر.

الى ذلك لفت أوبرايان الى إمكان حصول تعاون بين الحكومة العراقية ومنظمة «مجاهدين خلق» الايرانية التي تتخذ من العراق قاعدة لها. وقال «بصراحة لا يسعني ان اثق بأن سفاح حلبجة (الرئيس العراقي صدام حسين) لن يعطي أسلحة تدمير شامل لإرهابيين، سواء كان هؤلاء إرهابيي «مجاهدين خلق» اللئام الذين يؤويهم ام كانوا القاعدة». غير ان الوزير البريطاني اقر بعدم توفر أدلة حتى الآن على وجود «صلات مباشرة» بين بغداد وشبكة «القاعدة». وفي سياق تسليطه الضوء على حقيقة ان الاديان كلها تعاني من ظاهرة التشدد، قارن أوبرايان بين الكاهن الايرلندي الشمالي إيان بيزلي وحركة «المهاجرون»، معتبراً ان كلاً منهما يثير قرف أتباع دينه الحقيقيين. ومعروف ان المسؤولين البريطانيين دأبوا في الماضي على توجيه انتقادات عامة لمتشددين إسلاميين في بريطانيا من دون تسمية اي مجموعة متطرفة. واعتبر ان الاعلام الغربي يرتكب خطأ فاحشاً حين يركز الانظار على «المهاجرون» كنموذج إسلامي. وقال «يقدم إعلامنا في مناسبات عدة كلمات ممثل متطرف لـ(حركة) «المهاجرون» وكأنه متحدث باسم الاسلام». وشدد على ان الاسلام الحقيقي بريء من التطرف والعنف شأنه شأن المسيحية والهندوسية وغيرهما من الاديان التي يتشدق بأسمائها ناشطون سياسيون يزعمون أنهم من اتباعها الاصلاء. واستنكر استخدام تعبير «إرهابيون مسلمون» الذي دأب الاعلام البريطاني على استعماله للإشارة الى ناشطي «القاعدة» وامثالهم. وتساءل الوزير عن سر الخوف المرضي في الغرب من السياسات الاسلامية. واستغرب «رد فعل الاعلام القوي» في الغرب على فوز حزب العدالة والتنمية التركي بزعامة رجب الدين اردوغان في الانتخابات الاخيرة، موضحاً ان الصحافة الغربية «لم تكن لتشعر بأي قلق حيال حكومة مسيحية ديمقراطية (جديدة) في اوروبا». ودعا الغرب الى تفهم حقيقة التنوع في العالم الاسلامي على الصعيد السياسي. وأكد على ان «الدول الاسلامية المختلفة تعتمد أنواعاً مختلفة من السياسات الاسلامية».