موسكو تعرب عن تحفظاتها تجاه توسع «الناتو» شرقا

TT

اعلن الكسندر ياكوفينكو المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية ان موسكو لا تضفي طابع المأساة على انضمام سبع من دول شرق أوروبا الى حلف الناتو، لكنها وفي الوقت ذاته على يقين من أن الحاجة لم تكن ماسة لذلك وانه لم تكن هناك اي ضرورة موضوعية لتوسع حلف شمال الاطلسي (الناتو) في الظروف الراهنة. وقال ياكوفينكو ان عملية التوسع تجري والى حد كبير على نحو تلقائي ولا تضيف على حد اعتقاده شيئا سواء الى أمن الناتو او الى امن الدول التي بات من المقرر قبولها وايضا الى امن روسيا. وأشار الى أن بلاده تأمل في ان تؤكد قمة رؤساء بلدان الحلف على النوعية الجديدة للعلاقات بين الناتو وروسيا. واذ أشار الى أن روسيا تعترف بكون الحلف مشاركا هاما في العمليات التي تجري في القارة الاوروبية ومؤثرا جديا على أمنها، اذ قال ان «الحلف لا يستطيع بدون روسيا تقرير المهام والتحديات التي يفرضها القرن الواحد والعشرون». وأكد المسؤول الروسي أن بلاده لا يمكن ان تقف مكتوفة الايدي تجاه وصول القدرات العسكرية للناتو الى مقربة مباشرة من الحدود الروسية، مشيرا الى اهمية الحفاظ على حقوق المواطنين الروس في بلدان البلطيق. وطالب بأن يأخذ الناتو على عاتقه بعضا من مسؤولية حل هذه المشاكل. مثل هذه التوجهات تطرح نفسها بكل قوة على القمة الروسية ـ الاميركية التي ستعقد مساء اليوم في «بوشكين» احدى ضواحي سان بطرسبورغ. ورغم ان هذه القمة التي من المقرر ان تجري بين جنبات القصر، الذي كان الاقرب الى قلب الامبرطورة كاتيرينا الثانية لن تستغرق اكثر من بضع ساعات، فانها تبدو مدعوة لتصفية الكثير مما يظل عالقا بالنفوس بسبب القرار الاخير لقمة رؤساء بلدان الناتو. وثمة من يقول ان الرئيس الاميركي مدعو لبذل قصارى جهده من اجل اقناع نظيره الروسي بأن الولايات المتحدة تظل الاقرب الى روسيا في قضايا السياسة والامن والاقتصاد، فيما من المتوقع أن يعلن مجددا عن تأييده لسياسات روسيا في الشيشان وان يظل اقرب الى محاولات اقناع القيادة السياسية الروسية بضرورة التركيز على السبل السلمية لحل هذه المشكلة. على أن الواقع الراهن على الصعيد الداخلي في روسيا يحدد الكثير من ملامح العلاقة مع الولايات المتحدة من منظور هيمنتها على حلف الناتو. فبعد انضمام ثلاث من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق الى الناتو يحذر المراقبون وممثلو العديد من فصائل القوى السياسية من مغبة التمادي في هذا الاتجاه ولا سيما بعد اعلان كل من جورجيا وأذربيجان وأوكرانيا عن رغبتها في التقارب مع الناتو على نحو دفع البعض الى التندر باحتمالات ان يتحول الناتو الى «حلف وارسو». ولعل ما اختارته الكثير من الصحف الروسية من عناوين تقول بتقدم الناتو صوب الحدود الروسية التي صار منها على مسافة بضع عشرات الكيلومترات فقط، يؤكد فداحة الموقف بالنسبة لمن سبق وحاول التخفيف من وقع توسع الناتو شرقا. فالمسألة تبدو ابعد من تفسيرات تتسم بقدر كبير من السذاجة السياسية وتتعداها الى المحاولة المباشرة لضرب التوجهات الرامية الى خلق رأي عام أوروبي يستند الى استقلالية القرار ما كان قد تمثل في اتخاذ موقف لا يتفق في الكثير من أطيافه مع الموقف الاميركي بشأن العراق. وكانت موسكو قد أعلنت مرارا وتكرارا أنها لا تستطيع أن تتصور نفسها في غير القارة الاوروبية وان كان ذلك لا يتعارض عمليا مع ما سبق وقالته أيضا حول ارتباطها الاستراتيجي بالقارة الاسيوية. ولعل علاقاتها مع الهند والصين في اطار مجموعة شنغهاي تكشف بعضا من ملامح موقفها وسياساتها بهذا الشأن. ولعل تناول مثل هذه التوجهات يفرض في طياته بعضا من الهواجس التي تظل تراود القيادتين السياسية والعسكرية في موسكو حول مدى تضارب الموقف الجديد مع مصالح روسيا الامنية وعلاقاتها مع بعض البلدان التي اعلنتها واشنطن في عداد الدول التي سمتها «المارقة». ومن هذا المنظور تطرح موسكو اليوم ما تسميه «فلسفة الامن» التي قالت المصادر الرسمية انها تتفق مع مصالح كل الدول وتراعي متطلبات العصر. وقد ناقشت هذه القضية امس في الاجتماع الذي على مستوى وزراء خارجية روسيا والناتو في براغ في معرض تأكيد التعاون في مجال مكافحة الارهاب الدولي بوصفه اخطر تحديات العصر.