الحريري: مستعدون لاتفاق مع صندوق النقد لا يمس بثوابتنا ومصالحنا

توقع بدء انخفاض الفائدة في لبنان قبل نهاية السنة الحالية

TT

«اني مسرور ومرتاح» قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني لسائله عشية انتهاء مؤتمر «باريس ـ 2» الذي جنى منه لبنان قروضا طويلة الاجل وبفوائد منخفضة بقيمة 4.4 مليار دولار، سيستخدمها لاستبدال قسم من ديونه العامة البالغة نحو 30 مليار دولار وذات الخدمة العالية التي ترفع العجز في موازنته.

ولم يخف الحريري امام الصحافيين الذين التقوه في منزله الباريسي تفاؤله بالمستقبل اللبناني «فهناك مسار تغير، كنا نسير نزولا باتجاه الانهيار امام الان فقد بدأنا نسير صعودا نحو التعافي، فبدل دين يتعاظم نموه وخدمته بنسبة كبيرة مما يزيد العجز في الموازنة وضع البلد على السكة وسيصل في فترة وجيزة الى بداية الانفراج. فما حصل هو كرة ثلج ستكون لها انعكاساتها الايجابية على مجمل الاوضاع».

وعول الرئيس اهمية على مشاريع التخصيص لان الاموال التي ستجنى منها ستساهم الى جانب ما تقرر في مؤتمر «باريس ـ 2» في تقليص حجم الدين العام وتخفيض خدمته. ولم يعلق الحريري اهمية كبرى على اشتراط بعض الدول لتقديم قروض للبنان ان يتم اتفاق بينه وبين صندوق النقد الدولي، وقال في هذا المجال: «لسنا في صراع مع الصندوق، وانما هناك حوار معه، له وجهة نظر ولدينا وجهة نظر نتفق معه على مسائل ونتباين معه حول اخرى. فطريقتنا للمعالجة هي اما ان نستمر في السياسة التي ننتهجها حتى ولو اتعبتنا لبضع سنوات، او ان نسدد نصف الديون المتوجبة علينا، ولكن الثقة بالدولة تبقى الاهم في نظرنا وما تقرر في «باريس ـ 2» سينعكس ماليا على كل الاجراءات».

وعندما سئل عن الاصرار الاميركي على وجوب حصول اتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي كشرط لحصول مساهمة اميركية ودولية اضافية في دعم لبنان اجاب الحريري «والفرنسيون ايضا قالوا لنا الكلام نفسه، نحن نعمل مع صندوق النقد الدولي وفي هذا الشهر انعقدت بيننا اجتماعات مكثفة ومتعددة، فنحن لسنا رافضين الاجتماع مع مسؤولي الصندوق ولكن سؤالنا هو الى اين سنصل؟ اننا لا نستطيع ان نوقع على كل ما طلبه الصندوق منا».

وقال: اننا منذ البداية نتخذ اجراءات، اشار اليها الصندوق، ولم يطلبها منا، وغايتها ان نصل الى المعالجة المطلوبة من دون ان تهتز الثقة بلبنان». واضاف «هناك دول عبرت خلال المؤتمر عن رغبتها في حصول اتفاق بيننا وبين صندوق النقد على برنامج معين، فقلنا نحن لسنا رافضين الاتفاق، ولكن محتوى هذا الاتفاق هو بيت القصيد».

ولفت الحريري الى انه كانت له مداخلة في المؤتمر خاطب فيها الحاضرين قائلا: ان لبنان مر بحروب وتحديات كثيرة منذ استقلاله عام 1943 وخلال كل ذلك لم يفرط بأمرين: نظامه السياسي الجمهوري البرلماني الديمقراطي واحترامه تواقيعه والتزاماته الذي اكسبه ثقة دولية... واكرر اننا على استعداد للحوار والتفاهم مع الصندوق بطريقة تخدم اهداف الصندوق واهداف لبنان».

وتوقع الحريري ان تبدأ الفائدة في السوق المالية اللبنانية بالانخفاض قبل نهاية السنة الحالية وذلك في ضوء ما تقرر في مؤتمر «باريس ـ 2».

واشار الحريري الى ان الفاعلية العربية كانت كبيرة في المؤتمر واظهرت ان لبنان ليس لوحده وليس متروكا.

وقال «ان لبنان وضع من خلال مؤتمر «باريس ـ 2» على مسار مختلف بعدما كان على مسار ازدياد المديونية، والمسار الجديد هو تخفيض المديونية ضمن اسس محددة بحيث يسدد الديون وتنخفض بطريقة طبيعية». وشدد على وجوب ايفاء لبنان بالتزاماته ازاء الدول وتوقع ان يتم انجاز تخصيص قطاع الهاتف الجوال خلال اسابيع والاستمرار في التحضير لانجاز القطاعات الاخرى المطروحة للتخصيص».

وسئل الحريري عن مدى قدرة ادارة الدولة على استيعاب نتائج «باريس ـ 2» فاجاب: «هاجس الشعب هو تخفيض العجز، ولا اعتقد ان هناك حكومة قادرة بعد اليوم على تقديم موازنة سنوية يظهر فيها العجز زائدا عن السنة التي قبلها، وليس هناك حكومة تستطيع ان تقدم موازنة وتكون قد عاودت الاستدانة مجددا».

ووصف الحريري ما تقرر في «باريس ـ 2» بانه «مساهمة عربية ودولية مشتركة»، ولكنه اشار الى ان وقفة العرب الكبيرة الى جانب لبنان عكستها ارقام المبالغ التي قرروا تقديمها قروضا للبنان.

وكرر الحريري القول ان «باريس ـ 2» هو بأهمية اتفاق الطائف، فالاخير انهى الحرب في لبنان بينما «باريس ـ 2» وضع لبنان على طريق مختلف عن الطريق الذي كان يسير عليه واعتقد ان هذا المؤتمر اظهر ان هناك مخرجا ولكنه ليس المخرج الوحيد، وهنا اكرر ان الحل ليس فقط بما تقرر في «باريس ـ 2» انه اندفاعة اساسية مهمة في اتجاه الحل، والحل هو بالاصلاحات البنوية التي تتخذها الحكومة».

وحذر الحريري من انه «اذا لم يحصل التخصيص والتسنيد في لبنان فان منسوب الدين العام سيرتفع نتيجة ازدياد العجز في الموازنة» وقال ان انجاز التخصيص سريعا من شأنه ان يزيد من صدقيتنا ويخفض خدمة الدين» ولفت الى ان الـ4.4 مليار دولار الذي تقرر في المؤتمر لا علاقة له بأي التزامات سابقة وستحدد المشاريع التي سينفق عليها هذا المبلغ».