الانتخابات النمساوية: فوز حزب «الشعب» بغالبية مقاعد البرلمان وتراجع ملموس لليمين المتطرف

TT

خرج النمساويون امس الى صناديق الاقتراع لتصحيح ما وقع منهم قبل ثلاث سنوات لدى انتخابهم لأول مرة في تاريخ اوروبا الحديث لحزب يميني متطرف. وهكذا فاز حزب «الشعب» المحافظ امس بالانتخابات البرلمانية التي اغلقت صناديق الاقتراع فيها في الساعة الخامسة مساء.

واعلن التلفزيون الرسمي ومحطات الاذاعة المختلفة النبأ الذي أثار فرحا هستيريا وسط مؤيدي المستشار ولفغانغ شوسل الذي نال حزبه 43.2% من الأصوات، بينما نال منافسه حتى آخر لحظة والذي كان يجاريه الحزب الاشتراكي بنسبة 36.5% وهي نسبة غير متوقعة البتة واصابت رئاسة الحزب حيث كان الآلاف يتجمعون بالوجوم والصمت الذي عكس خيبة أملهم. لكن يبدو ان المستشار شوسل بمقدرته على الاستمرار في الحكم رغم المصاعب والمتاعب والمقاطعة التي جابهت حكومته السابقة قد نجح في اقناع النمساويين بخبرته ومسؤوليته، بينما كانت الخسارة الكبرى من نصيب حزب «الحرية» اليميني المتطرف، الذي كان الحزب الحليف الثاني في الحكومة السابقة مع حزب الشعب.

وقد نال حزب الحرية 10.1% فقط من الأصوات بينما نال حزب الخضر 8.2% من الأصوات وهي نتيجة كان يتوقع احسن منها كثيرا.

وحاز حزب «الشعب» غالبية مقاعد البرلمان وعدده 183 مقعدا، وله 81 مقعدا بينما كان له في البرلمان السابق 52 مقعدا ثم الحزب الاشتراكي وله 68 مقعدا بينما كان له 65 مقعدا واصبح لحزب الحرية 19 مقعدا بينما كان له 52 ثم يأتي حزب الخضر بزيادة مقعد واحد فقط من مقاعدهم سابقا، إذ اصبح له 15 مقعدا.

وينتظر ان يعلن وزير الداخلية النتائج النهائية للانتخابات بينما سيتم اكمال اعلان النتائج بصورة نهائية يوم 2/12 القادم بعد وصول 381 ألف صوت من اصوات من لم يصوتوا بدوائرهم لوجودهم خارجها يوم الانتخابات وتم ادلاؤهم بأصواتهم عن طريق بطاقات خاصة. اما تشكيلة الحكومة فهذا ما سيعلن عنه خلال الأيام القادمة.

وكان حزب «الحرية» الذي حصل على نسبة 27 في المائة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة عام 1999 قد شهد تقلص شعبيته باطراد منذ دخوله الى ائتلاف حكومي مع حزب «الشعب»، الذي يمثل يمين الوسط في فبراير (شباط) من عام 2000.

وقام المستشار النمساوي شويسل بحل هذا الائتلاف في سبتمبر (ايلول) الماضي بعد نزاع داخلي ادى الى انشقاق حزب الحرية واستقالة ثلاثة من وزرائه من الحكومة.

وبما ان ايا من الاحزاب لن يتمكن من الحصول على الغالبية المطلقة، سيكون على الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين اللذين يرجح احتلالهما المراتب الأولى، تشكيل الحكومة المقبلة بطلب من الرئيس توماس كليستيل.

ومنذ السابعة صباح امس وحتى الخامسة عصرا واصل من يحق لهم التصويت، وعددهم 5.9 مليون ناخب من بين ثمانية ملايين مواطن نمساوي الادلاء بأصواتهم من انتخابات برلمانية جاءت مبكرة عاما كاملا عن تاريخها المقرر. واقتصرت مدة حملتها الانتخابية على اقل من شهرين نظرا لاضطرار المستشار شوسل للاعلان عن تنظيمها بعد ان انهارت حكومته الائتلافية بين حزبه (حزب الشعب) وحزب «الحرية».

وتواصلت الحملة الانتخابية على أشدها حتى مساء اول من امس، إذ تفرق قادة الاحزاب البرلمانية الأربعة وهي حزب «الشعب» بقيادة شوسل وحزب «الحرية» بقيادة هيربت هاوبث والحزب «الاشتراكي» بقيادة الفرد غوزنبادر، وحزب «الخضر» بقيادة الاسكندر فان ديربلن، تفرقوا في انحاء البلاد في مساع اخيرة لجذب اكثر من مليون مواطن لم يحسموا امرهم حتى آخر لحظة في معركة وضح انها تسير عنقا لعنق بين الاشتراكيين وحزب الشعب على المركز الأول.

وكانت اهم القضايا التي خاضتها الحملات الانتخابية التركيز على الميزانية، فالحكومة تؤكد انها تسير بمالية البلاد سيرا حسنا، وقد دعا المستشار شوسل وزير المالية الأسبق وهو أحد وزراء حزب «الحرية» المستقيلين لمواصلة برنامجه بالاشتراك معه كوزير مستقل، اذا ما عاد شوسل كمستشار للحكومة الجديدة وقد قبل الوزير الشاب (34 عاما).

وقد قل الحديث هذه المرة عن قضايا اللجوء والأجانب والدعوة لطردهم، كما دعا حزب «الحرية» سابقا. كذلك اوضحت كل الاحزاب موافقتها على توسعة الاتحاد الأوروبي وفتح الباب أمام عدد من جيران النمسا من دول شرق اوروبا وهي سياسة كان حزب الحرية وما يزال يعارضها.

من جانب آخر لعبت النساء دورا كبيرا في هذه الانتخابات، إذ بلغ عدد من يحق لهن التصويت 3.1 مليون امرأة.