الكشف عن يمني تولى ربط الجماعات الجزائرية بـ«القاعدة»

قتل علوان في كمين من قبل قوات الأمن وهو يتحرك تحت حماية الجماعة السلفية

TT

أعلنت مصالح الأمن الجزائرية، أمس، أنها قتلت في شهر سبتمبر (ايلول) الماضي مسؤولا في تنظيم «القاعدة» يدعى عماد عبد الوحيد أحمد علوان من جنسية يمنية. وذكرت مصادر رسمية أن هذا المسؤول قُتل في كمين نصبته له قوات الجيش الجزائري في مدينة مروانة بولاية باتنة (430 كلم جنوب شرق العاصمة)، أين كان يتحرك تحت حماية الجماعة السلفية للدعوة والقتال بقيادة أميرها الوطني حسان حطاب.

وأشارت نفس المصادر إلى أن عماد عبد الحميد، المدعو أبو محمد، كان يتولى الإشراف على جميع أعضاء تنظيم «القاعدة» في منطقة الساحل الأفريقي وشمال أفريقيا، وقد زار الجزائر في مهمة تتمثل في «التنسيق وتقييم مدى قدرة وفعالية الجماعة السلفية للدعوة والقتال على التحرك، ليس على مستوى الجزائر فحسب، بل أيضا خارج الحدود».

ولم تذكر ذات المصادر أول مرة زار فيها أبو محمد الجزائر، إلا أنها كشفت أنها علمت بوجوده هنا خلال أحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001، عندما كان في جبال جنوب شرق الجزائر، ثم علمت بتحركاته الصيف الماضي، وقبل ذلك أي في يوليو (تموز) الماضي، تردد أنه يوجد في النيجر، على الحدود الجنوبية مع الجزائر، أين «كان يحضر للعودة إلى اليمن عن طريق السعودية، بحجة لاداء مناسك العمرة».

وذكر تقرير رسمي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن عماد علوان، المولود في 4 سبتمبر بمدينة تعز جنوب اليمن، «لعب دورا أساسيا في استقرار الأفغان العرب في اليمن، وخصوصاً ذوي الأصول الجزائرية والتونسية والمغربية والليبية والمصرية، وأغلب هؤلاء سبق لهم أن قضوا فترات بين باكستان وأفغانستان.

وكان أبو محمد، حسب نفس التقرير، يتردد على مسجد تسيره جمعية «الإحسان»، في صنعاء، وهي جمعية تدعو إلى «الجهاد» علنا وتعلن عن مواقفها في مجلة تدعى «المنتدى».

وذكر التقرير أن أبو محمد كان موجودا في منطقة الساحل الأفريقي والمغرب العربي منذ شهر يونيو (حزيران) ، وقبل أن يحط في أديس أبابا تنقل إلى النيجر، بعد توقف قصير في الخرطوم. وبعد أحداث سبتمبر انتقل، بوثائق مزورة، إلى شمال مالي ثم تنقل عبر عدة دول في المنطقة (الساحل)، بمعدل أسبوع إلى أسبوعين في كل دولة، ومنها موريتانيا والنيجر ونيجيريا وتشاد.

وتعتبر الجماعة السلفية للدعوة والقتال اكثر الجماعات الاصولية المسلحة الجزائرية تنظيما، وتضم اكبر عدد من الناشطين الاصوليين حسب ما افاد رئيس اركان المنطقة العسكرية الاولى في الجزائر الفريق بن معيزة خلال منتدى حول الارهاب عقد الشهر الماضي في العاصمة الجزائرية. وتعد الجماعة ما بين 350 الى 380 عنصرا من اصل 600 الى 650 ناشطا اصوليا مسلحا، حسبما افاد الفريق.

وتنشط الجماعة السفلية للدعوة والقتال في ولايات تيزي وزو وبومرداس والبويرة (في منطقة القبائل) وفي باتنة بمنطقة الاوراس وتبسة (اقصى الشرق) حسب ذات المصدر. ورفضت هذه الجماعة سياسة المصالحة الوطنية التي ينتهجها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتواصل هجماتها على غرار الجماعة الاسلامية المسلحة بزعامة رشيد ابو تراب منذ مقتل عنتر زوابري التي قتلته قوات الامن في فبراير (شباط) الماضي.

ولم يكن أبو محمد، كما أورد التقرير، يتنقل بهوية واحدة، بل كان يحمل عدة هويات مزيفة، منها واحدة كان يحن إليها، وهي سيدي أحمد حبيب الله، عمره سنة مولود في أبنغاريت شمال النيجر، ابن فطيمة لحبيب وقد تمكنت منه قوات الأمن الجزائرية يوم سبتمبر (أيلول) الأخير. وتضيف مصادر أمنية أن عماد عبد الوحيد علوان كان يشرف على تنظيم صفوف الجماعة السلفية للدعوة والقتال، كما كان أيضا يقوم بإسداء النصح إلى قادتها وتفتيشها أيضا وهي إشارة إلى أن تنظيم حسان حطاب كان يعمل تحت إشراف غير مباشر من تنظيم أسامة بن لادن. وقالت مصالح الأمن الجزائرية إنها تأخرت في الإعلان عن مقتل اليمني أبو محمد بسبب حرصها على التأكد قطعا من جنسية وأصل المعني، وقد اقتضى منها ذلك القيام بعدة اتصالات وتنسيق مع عدد من أجهزة الأمن وبصورة خاصة أجهزة الأمن في اليمن. وقد علمت مصالح الأمن في الجزائر بمهام وتفاصيل تحركات عماد علوان عن طريق شهادات تائبين تعرفوا عليه عندما كانوا ينشطون في الجبل قبل تسليم أنفسهم إلى السلطات الجزائرية. ويواصل التقرير أن تنظيم القاعدة كان يحاول إنشاء تنظيم فرعي في المنطقة يعوض ما خسره في أفغانستان والصومال، إضافة إلى أن هذه الشبكات من شأنها أن تشكل قواعد دعم للقاعدة في أفريقيا وأوروبا، وكشف التقرير أيضا أن اليمني لم يتمكن من لقاء حسان حطاب أمير تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، المعروف أنه موجود في منطقة الوسط، وكان يمنعه من ذلك أمير منطقة الشرق العسكري الفار عمار صايفي المدعو عبد الرزاق البارا المظلي، لاعتقاد هذا الأخير أنه أيضا أولى بالتنسيق مع اليمني في نفس الدرجة كما حطاب. وقد التقى أبو محمد مختار بلمختار مسؤول الجماعة السلفية على مستوى الصحراء الجزائرية، ويكون هو من كان ينسق لليمني تنقلاته من الجزائر عبر دول الساحل الأفريقي، على اعتبار أن بلمختار المدعو الأعور معروف عنه تحكمه في شبكات التهريب في تلك المنطقة. ورفضت مصادر أمنية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» الإفصاح إن كان أبو محمد اليمني هو الأجنبي الوحيد الموجود ضمن هذه المهمة التنسيقية بين القاعدة والشبكات في الساحل والمغرب العربي، واكتفت بالقول إنه ليس هو الأجنبي الوحيد الموجود في الجزائر والمتورط في اتصالات مع الجماعات الإرهابية. وكان قائد أركان الجيش الجزائري الفريق محمد العماري قد أكد، في تصريح للصحافة مطلع يوليو (تموز) الأخير، أن الاتصالات بين الجماعات المسلحة في الجزائر وتنظيم القاعدة لم تنقطع أصلا، بل هي مستمرة حتى بعد أحداث سبتمبر. وتعتبر الجماعة السلفية للدعوة والقتال من أخطر الجماعات المسلحة في الجزائر وأكثرها تنظيما، وقد قدر رئيس أركان الناحية العسكرية الأولى الجنرال معيزة، قبل شهر، عدد أفرادها برقم يساوي عدد أعضاء التنظيمات المسلحة الأخرى ومنها الجماعة الإسلامية المسلحة.