القيادي الإخواني مختار نوح : الإخوان لا يصلحون لتولي السلطة.. ولا يسعون إليها والحكومة لا تريد القضاء عليهم

لو أحسن الحزب الحاكم اختيار مرشحيه ما استطاع الإخوان أو غيرهم الوقوف أمامه

TT

دعا القيادي البارز بجماعة الاخوان المسلمين المحظورة مختار نوح جماعة الجماعة الى اعادة قراءة الواقع السياسي، وفتح حوار مع النظام، قائلا: «ان الدولة المصرية لا تريد القضاء على الاخوان المسلمين، والسياسات الأمنية التي تتخذ ضد الجماعة مجرد اجراءات اجهاضية للحد من انتشارهم لاعتقاد الحكومة ان هذا يمنعهم من الوصول للحكم».

ونفى ان الجماعة المحظورة تسعى للوصول للحكم، واصفا ذلك بأنه كلام زائف. وأضاف انه من خلال تجربة الثلاث سنوات التي قضاها في السجن ادرك بنفسه حجم المعاناة التي تلاقيها الدولة من تنفيذ خطتها لمواجهة الاخوان، بالاضافة الى المعاناة التي تقع على معتنقي الفكر الآخر.

ووصف العلاقة بين الحكومة والاخوان بقوله: «اننا نعذب بعضا من دون ان ندري ماذا يريد كل طرف من الآخر، ولحل هذه الاشكالية كان لا بد من فتح حوار بين الطرفين حتى تتأكد السلطة ان الاخوان لا يسعون للحكم، وان لا خوف من امكانيات الجماعة الجماهيرية، وأيضا للحوار فائدة أخرى وهي القضاء على الفكرة السائدة لدى قطاعات كبيرة من الاخوان بأن الدولة تسعى الى القضاء على الحركة، خاصة ان الالتباس الناتج بين الطرفين يهيء المناخ لعدد من الشخصيات ان تدخل تقارير أمنية زائفة عن الاخوان، وتحدث نوعا من الفزع السياسي من دون الادراك للمغزى الحقيقي لتحرك الجماعة».

* لكن الاخوان في النصف الأول من التسعينيات سيطروا بالفعل على مجالس أكبر النقابات المهنية، وانت كنت على رأسهم في نقابة المحامين؟

ـ كنا مضطرين ان نتحكم في الاغلبية في النقابات المهنية، اننا اردنا ان نؤكد للجميع اننا نمتلك القدرة على اتخاذ القرار، واننا نمتلك العقول التي تدير، وذلك بعد عدة انتقادات وجهت للاخوان بأنهم جسد بلا عقل، ولذلك عزمنا ان نثبت أننا نصلح، وبعد نهاية التجربة حدث نوع من اليقين لدينا اننا لا يمكن ان نعمل لوحدنا من دون الآخرين، فتقدمت بمشروع في نقابة المحامين، بعنوان «المشاركة لا المغالبة»، وعرضته على الاخوان فوافقوا عليه، وقبلته ايضا دوائر في السلطة بعد ان قبلنا ان يكون تمثيل الاخوان داخل مجلس النقابة بالثلث فقط، ولكن ما حدث عقب ذلك اضاع كل شيء فقد قبض عليّ ولم يكتمل المشروع.

* البعض ينظر لمبادرات الاخوان بأنها خطط تكتيكية؟

ـ الاخوان ليس لهم تكتيك معين، ولو كانوا يفكرون بشكل تكتيكي لأعدوا البديل، ولكن لا يوجد لديهم بديل للحوار، واؤكد لكم ان الاخوان لا يصلحون لتولي السلطة، الاخوان حركة اصلاحية دعوية، وفكرة الوصول للحكم لا توجد في أدبيات الاخوان.

* ولماذا التنظيم قائم لليوم؟

ـ لنشر الافكار الاسلامية والمشاركة في اصلاح المجتمع.

* ولكن على مدى 70 عاما ماذا قدم الاخوان؟

ـ الاخوان قدموا الافكار التي تطرحها الدولة حاليا فمثلا الدستور ينص على ان الشريعة الاسلامية مصدر السلطات وايضا حالة التدين في الشارع، الحجاب وغيرها من العادات الدينية.

* لكن هذا موجود قبل ظهور الاخوان؟

ـ أولا دستور 1923 لم ينص على ان الشريعة الاسلامية مصدر التشريع، ولكن هذا كان في الدستور الدائم مع السادات عام 1971، واعترف ان التطورات الاسلامية لم تكن نتيجة نشاط الاخوان لوحدهم بل كانت تجمعا لانشطة مجموعة من الدعاة من الأزهر أيضا.

* ألا تعترف بأن وجود الاخوان في الساحة السياسية اعطى مبررا للحكومة ان تحجم دور الممارسة الديمقراطية بحجة الخوف من صعود الاصوليين؟

ـ هذه مغالطة تبرر بها الحكومة ممارستها غير الديمقراطية، فمثلا الاخوان لم يدخلوا انتخابات المحليات الاخيرة، فماذا كانت النتائج، الحكومة قفزت على حكم المحكمة الدستورية ونجح من تريده الحكومة بالتزوير.

* لماذا توجد دائما في خطاب الاخوان نرجسية، وأنهم هم الافضل؟

ـ اننا نتكلم في حوار عن الواقع ونرد على بعض الاتهامات، والواقع يقول ان الاخوان هم أكثر الفصائل السياسية تنظيما، ولكن هذا لا يمنع اننا لنا مشاكل مثل الفصائل الأخرى.

* وماهي مشاكل الاخوان؟

ـ انخفاض معدل التطور داخل الجماعة، وذلك يرجع الى المضايقات الأمنية، فنجد ان الممارسة الديمقراطية داخل الاخوان منخفضة، فمثلا اختيار المرشد يمكن ان يتم بصورة ديمقراطية أعلى ولكن الظروف الأمنية تمنع اجتماع مجلس الشورى للاختيار، مما يضطر الى تفويض مكتب الارشاد.

* كل مشاكلكم تضعونها على كاهل الحكومة فماذا يجب ان تفعل معكم؟

ـ اعتقد ان الحكومة في مصر باختلافها مع الاخوان تصارع طواحين الهواء، لانني اؤكد ان الاخوان لا ينافسونها أو يشكلون خطورة على السلطة.

* حتى وهم يمثلون أكبر تجمع معارض في البرلمان من خلال 17نائبا ويعدون القوى الوحيدة في النقابات المهنية؟

ـ لا يمكن ان نحسب ان 17عضوا في مجلس الشعب من أصل 444 يمثلون خطورة، وحتى في النقابات الاخوان لا يمثلون خطورة على الحزب الوطني، فنحن متعاونون جدا، ولكن الخطورة الحقيقية على الحزب الوطني تتمثل في سوء اختيار المرشحين للحزب الحاكم، الاخوان ينجحون لانهم يختارون عناصر اقرب الى الجماهير، ولكن الحزب الوطني اختياراته غير جيدة ولا تعبر عن تطلعات الجماهير. لو احسنت الحكومة الاختيار فلن يستطيع الاخوان ان يقفوا أمامها، فمثلا لا يجرؤ اي مرشح اخواني ان يخوض انتخابات ضد حمدي السيد نقيب الاطباء، سواء في النقابة أو في دائرة مصر الجديدة وأنا مثلا تركت دائرة الزيتون امام زكريا عزمي في انتخابات مجلس الشعب 1995، مع انها دائرتي الأصلية، لان اداءه جيد ويخدم مصالح الجماهير في الدائرة و داخل البرلمان. وهنا اؤكد حقيقة ان الحزب الوطني يستطيع ان يكتسح اي مرشح في أي دائرة لو اختار بشكل جيد وبناء على رغبة الجماهير، ووضع عينه على مرشحين تتوافر فيهم طهارة اليد وحسن الفكر والخوف على المصلحة العامة، والتمتع بالجماهيرية لن يقف في وجهه أحد، أنا مثلا لو رأيت ان مرشح الحزب الوطني مؤهل عن مرشح الاخوان سأختار مرشح الحزب الحاكم، واؤكد أنا في حالة المفاضلة مثلا بيني وحمدي السيد ومرشح اخواني اخر سأختار الدكتور حمدي السيد.

* حتى لو كان مرشح الاخوان هنا هو مأمون الهضيبي؟

ـ أنا اختار الافضل بالطبع.

* تتكلم عن حسن الاختيار ولكن الاخوان المسلمين أتوا بقائمة كاملة في انتخابات نقابة المحامين الاخيرة، وضمت اشخاصا غير مؤهلين للعمل النقابي أو القانوني بشهادة الجميع؟

ـ قائمة الاخوان في انتخابات نقابة المحامين ضمت بعض الاشخاص الجيدين.

* بنسبة كم؟

ـ حوالي 60 في المائة، ولكن لا استطيع ان احكم عليهم إلا بعد ان يأخذوا فرصتهم كاملة.

* لكن هذا يعني ان الاخوان يمكن ان يخطأوا مثل الحزب الحاكم؟

ـ طبعا الخطأ وارد في أي مكان وبين صفوف اي جماعة، ولكن اخطاء الاخوان حاليا لها ما يبررها على الاقل، وخصوصا الضغوط الأمنية، ولكن الحزب الوطني يمتلك كل المقومات التي تجعله يختار بطريقة جديدة.

* يقال انك ستكون عضوا في مكتب الارشاد؟

ـ هذا ما يقوله المحبون ولكن لا أسعى لذلك، واعتقد انني اقل من أن أصبح عضوا لمكتب الارشاد، وهناك اخوة أحق مني، كما انني لا أعمل في الاخوان من خلال التنظيم، ولكني اعمل من خلال فكر الاخوان بأسلوبي الخاص ونظريتي المستقلة، وأنا أعتبر مختار نوح الرجل البسيط من الاخوان لأنني مقتنع ان هذه الجماعة مؤهلة للعمل للصالح العام، ولو رأيت في يوم من الأيام ان الحزب الوطني الحاكم له شكل ومميزات الاخوان ممكن أن أنضم إليه، أنا أبحث عن المضمون وليس الشكل.