جدل في أوساط الأصوليين حول انتقاد منظر «الأفغان العرب» لعمل بن لادن «المفتقر للحكمة»

هاشم المكي: الأميركيون أوهموا زعيم «القاعدة» بأنه قوة عظمى مخيفة

TT

تصاعدت حدة الجدل بين الاصوليين حول الانتقادات التي وجهها هاشم المكي منظر «الافغان العرب» وابرز القادة السابقين لتنظيم «القاعدة» لاسلوب عمل اسامة بن لادن «المفتقر للحكمة في افغانستان».

وقال المكي في مقالين متتاليين نشرا في موقع مجلة «المحروسة» على الانترنت، التي يشرف عليها اسامة رشدي المتحدث باسم «الجماعة الاسلامية» المصرية وهو اصولي مصري يقيم في هولندا، «يبدو ان هذا الاسلوب مرض منتشر في الحركة الجهادية العربية بشكل خاص». واضاف «الحكمة ضالة المؤمن، وفي القول المشهور: اطلبوا العلم ولو في الصين».

واستشهد المكي في مقاليه بـ «وصفة للانتصار في الحرب» كتبها حكيم صيني قبل آلاف السنين ولخصها في جملتين هما: «اعرف نفسك، واعرف عدوك». وتقول الوصفة المختصرة «اذا جهلت نفسك وجهلت عدوك فانت مهزوم في كل معركة. واذا عرفت نفسك وجهلت عدوك فستصيبك هزيمة مقابل كل نصر تحرزه. واذا عرفت نفسك وعرفت عدوك، فلا تخشى نتيجة مائة معركة».

وقال المكي انه «باستثناء الحركة الجهادية في لبنان وفلسطين، مازال مجاهدو «القاعدة» محصورين في البند الاول من المذكرة التفسيرية للحكيم الصيني (جهل النفس مع جهل العدو) وهذا من اسباب الهزائم المتصلة التي نشاهدها»، مشيراً الى ان «ذلك النوع من الجهل المزدوج للنفس والعدو يؤدي الى سوء التقدير» اي الى «مبالغة في قوة النفس من جهة واستهانة مفرطة بقوة العدو من جانب آخر، وبالتالي يسود اعتقاد خاطئ بنصر سهل وسريع».

واضاف المكي «ان الاعلام الاميركي كان بشكل مدروس ومبرمج يبث رسالة اعلامية مؤداها ان بن لادن وتنظيم القاعدة يملك قدرات هائلة وامكانات رهيبة تخيف الولايات المتحدة وتهدد العالم، الا اننا في المعركة الافغانية الاخيرة رأينا ان المعسكر الاسلامي لم يكن بهذه القوة ورأينا ايضا ان اميركا لم تكن ضعيفة الى هذا الحد الذي تخيلناه قبل الحرب».

واوضح ان الهدف كان يتمثل في «استدراج بن لادن نفسه كقيادة منفردة بالقرار كي تحقنه بفيروسات الغرور ثم يتوهم نصرا قريبا على عدو مرتجف هلعا فيقدم على معركة لم يستعد لها جيدا او يقدم بتصرفاته الطائشة سببا كافيا لضربه والقضاء عليه». ورأى ان «هذا اسلوب قديم تم استخدامه بنجاح في مرات عدة اشهرها ضرب (الرئيس المصري الاسبق جمال) عبد الناصر عام 1967 وضرب (الرئيس العراقي) صدام حسين في العراق عام 1991، وهو اسلوب فعال مع القيادات الفردية التي تهمها كثيرا صورتها لدى الجمهور، وللاسف نجح (هذا الاسلوب) ايضا مع زعامة اسلامية جهادية كبرى».

واشار المكي، وهو احد المقربين من زعيم طالبان الملا محمد عمر واشرف لعدة سنوات على اصدار مجلة «الامارة الاسلامية» في نسختها العربية، الى ان «الاسلاميين اكتشفوا في افغانستان حقائق جديدة لم تكتشف قبلا سوى من عدة قرون، ومنها ان اسلوب القيادة المطلقة للفرد هو اسلوب فاشل عفى عليه الزمن وينتهي بالهزيمة».

وقال ان النجاح الاميركي الاكبر كان في مجال «الحرب النفسية وخداع الخصم»، اذ «ضللوا بن لادن وجعلوه يعيش وهماً لذيذاً بانه قوة عظمى مخيفة، فتأثرت قراراته وتصرفاته كلها بذلك الوهم». وتابع المكي «لقد غادر بن لان تورا بورا مثخناً بجراح الهزيمة والانهيارات التي حطمت عظام طالبان واهوت بنظام الامارة الاسلامية وتشرد في جبال افغانستان ذلك الرجل الصالح الملا محمد عمر الذي ضحى بكل شيء حتى بشهوة الحكم كي لا يضحى بمسلم واحد استجار به».

وقال المكي «ان الاخطر هو الضعف الشديد في قدرات بن لادن السياسية والعسكرية على حد سواء، وليس ذلك سوى سر كشفه هو بنفسه عن طريق بياناته التي صدرت بعد خروجه من افغانستان، خاصة بيانه الاول المصور بعد معركة تورا بورا، وفيه كشف جهلا جسيما باولويات العمل العسكري».

ومن جهته، علق منتصر الزيات، محامي الاصوليين في مصر، على مقالي المكي بقوله «اعتقد ان بن لادن فى ظرف لا يسمح بالتعريض به او النيل منه، وانا استفدت كثيرا من تجربتي مع الدكتور ايمن الظواهري زعيم الجهاد المصري». واضاف الزيات في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط»: «رغم شعوري الداخلى ان المكي يريد الاصلاح، فان عليه اتباع القنوات الصحيحة فى وصول النصيحة، ويجب ايضا مراعاة الضوابط الشرعية فى توجيه النصيحة». وتابع ان الولايات المتحدة لم تعط احدا فرصة وهي تجتاح المنطقة وتتغول على اراضينا وتخطط لطمس هويتنا وتخريب اخلاقنا وتغيير مقرراتنا الدراسية».

ومن جانبه، كتب احمد مسلم وهو قيادي اصولي مصري مقيم بلندن «اللهم قنا شر المكي اما اعداؤنا فانت عليهم قدير». واضاف في مقالة كتبها في موقع «المحروسة» ان «هاشم المكي هداه الله كتب مقالاً بدأه بقول اللهم اكفني شر اصدقائي اما اعدائي فانا كفيل بهم، وهي مقولة الملا عمر الذي ضحى بحكمه من اجل استضافة بن لادن والدفاع عنه». وكتب مسلم في مقال آخر تحت عنوان «وقفات تحذيرية ضد مقال المكي» ان «بن لادن سيظل رمزا للجهاد الاسلامي رغم كرهك له، واذا كنت تبغي الحياد فلا تتحدث من وجهة نظرك وحدك اخي الكريم».