وزير الخارجية الليبي لـ«الشرق الأوسط»: الجامعة انتهت صلاحيتها وينبغي تجديدها

عبد الرحمن شلقم يطالب العرب بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك وتشكيل «ناتو عربي»

TT

وصف عبد الرحمن شلقم أمين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي الليبي (وزيرالخارجية) الجامعة العربية بأنها تشبه «مضادا حيويا انتهت صلاحيته» واضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حان الوقت لتكوين تجمع جديد يقوي ترابط العرب، ويوحد كلمتهم في مواجهة أي اعتداء خارجي، عبر تكوين اتحاد عربي، وحلف عسكري عربي موحد على غرار حلف شمال الاطلسي (الناتو)».

الى ذلك، دعا شلقم الذي اختتم زيارة رسمية لأثينا مساء أول من أمس اليونان إلى الانضمام لتجمع دول البحر المتوسط، والذي يضم حاليا 5 دول عربية و5 دول أوروبية. واشار في مؤتمر صحافي مع نظيره اليوناني جورج باباندريو امس أن ليبيا، التي ترأس حاليا تجمع البحر المتوسط، ترشح اليونان للانضمام الى التجمع، بسبب علاقاتها القوية والقديمة مع دول البحر المتوسط وشمال أفريقيا. يذكر أن تجمع البحر المتوسط يشمل حاليا فرنسا وإيطاليا والبرتغال ومالطا واسبانيا من الجانب الأوروبي، وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا وليبيا من الجانب العربي. ودعت الدول الأعضاء في التجمع، الذي ترأسه ليبيا، حاليا كلاً من اليونان ومصر للانضمام للتجمع.

من جانبه أشار باباندريو الى العلاقات القديمة والوطيدة التي تربط بين ليبيا واليونان، خاصة في عهد والده رئيس الوزراء الراحل اندرياس باباندريو الذي كانت تربطه علاقة شخصية حميمة مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي. واعرب كذلك عن رغبة حكومة اليونان في تواصل العلاقة وتقويتها بعد أن شهدت فتورا في السنوات الأخيرة .

وقال شلقم: «كانت هناك علاقات قوية بين اليونان وليبيا على الصعيد السياسي والاقتصادي، ومازالت قوية حتى الآن، ولكن بعض الاعتبارات التي جرت في الفترة الماضية خاصة بالبلدين اصابت العلاقة ببعض الركود، ولكن اتفقنا مع اليونانيين على تفعيل العلاقات سياسيا واقتصاديا مثلما كانت في الماضي، وخاصة على مستوى إقليم دول البحر المتوسط».

واضاف في تصريحات لـ«الشرق الاوسط»: «ان الحصار الذي فرض علينا وموقف أميركا المعادي لنا، والموالاة التي شاهدناها من بعض الدول الأوروبية للموقف الأميركي، كانت كافيه لتجعلنا منهمكين في أمور بلادنا، ولكن الأوضاع تغيرت الآن، اذ ان ليبيا تلعب دورا قويا جدا في أفريقيا، وفي منطقة المتوسط، فضلا عن ان اليونان دولة مهمة، ومن الطبيعي أن نلتقي الآن، ونقوي علاقاتنا، وخصوصا ان ليبيا كانت في فترة من الفترات من أكثر الدول العربية المستثمرة في اليونان». وقال: «عرضنا فكرة انضمام اليونان عدة مرات للتجمع قبل ذلك بشكل ودي، لكننا الآن نعرض الأمر بشكل رسمي، لأن اليونان دولة مهمة، وناقشنا فكرة انضمامها في لقاءات أعضاء التجمع، إذ ان بينها وبين دول البحر المتوسط علاقات تاريخية، وتتماثل مشاكلها مع تلك المشاكل التي نواجهها، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تربط اليونان بهذه الدول، والاستحقاقات الحالية التي نواجهها كلنا، سواء الأمنية أو مشكلة الهجرة، والإرهاب، وتهريب المخدرات، لذلك لا يمكن أن تستثني اليونان او مصر من عضوية التجمع».

واوضح: «ان الفترة الأخيرة، وبالتحديد قبل سنة، شهدت تعريفا للتجمع فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، والإرهاب، وقررنا مواجهة تلك المشاكل، بتكثيف التعاون الأمني، ومكافحة المخدرات، لذا فضلنا ضم مصر واليونان لموقعيهما الجغرافيين، وعلاقتهما الحميمة مع بقية الدول الأعضاء».

وردا على سؤال حول الأسباب التي تكمن وراء تقدم ليبيا بطلب انسحاب من الجامعة العربية قال شلقم لـ«الشرق الأوسط»: «ان الجامعة العربية قامت منذ 45 سنة، و كان العالم وقتها يختلف عما هو عليه الآن، الدول (العربية) المستقلة كانت 6 دول فقط، وأوروبا كانت خارجة من حرب عالمية، وأفريقيا كانت مستعمرة، ولكن الآن كل شيء مختلف.

فعندما تم التوقيع على ميثاق تأسيس الجامعة العربية، كانت أوروبا ماتزال منهكة بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية، وظهر تجمع الحديد والصلب في روما عام 1956، لكن أوروبا الآن توحدت وكونت الاتحاد الأوروبي، وأفريقيا التي عاشت الاستعمار أقامت منظمة الوحدة الأفريقية، والآن يوجد اتحاد أفريقي. اما نحن (العرب) فظللنا متقوقعين داخل هذا التجمع (الجامعة العربية)، وترى ليبيا أن هناك ضرورة لتأسيس تجمع آخر من شأنه تفعيل المجهود العربي الموحد.. كيان آخر يكون في مستوى الظروف الخطيرة القائمة الآن، ففي عام 1945 لم تكن إسرائيل، ولم تكن الامبريالية الحديثة والعولمة وبهذا التعقيد الذي نراه الآن. لقد طالب رئيس وزراء سورية بقيام الولايات المتحدة العربية عام 1952، وندعو الآن الى قيام حلف عربي عسكري على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

* وهل عرضت ليبيا شيئا معينا لتفعيل الجامعة ولم يجد اهتماما؟

ـ بالطبع.. طلب انسحابنا من الجامعة العربية، جاء بعد تقديم عدة مبادرات.. قدمنا مشروع الاتحاد العربي، وشددنا على حتمية قيام صيغة اتحادية عربية، وتفعيل القرارات التي تأخذها مؤتمرات قمم الجامعة، فلم يحدث شيء. والآن أستطيع أن أقول ان الجامعة العربية اصبحت مثل ادوية المضادات الحيوية التي انتهت صلاحيتها، وعند تعاطيها يزداد المريض مرضا، في الوقت الذي يظن فيه أنه يتعاطى الدواء الشافي،وبهذه الصيغة فالجامعة العربية انتهت صلاحيتها وينبغي تجديد نشاطاتها.

واضاف: «طلبت ليبيا ثلاث مرات مشروع تكوين الاتحاد العربي، وتم عرضه على الدول العربية وتشكيل لجان لدراسته.. ولكن كانت المأساة، تشكل اتحاد المغرب العربي، ومجلس التعاون الخليجي، وظهرت صراعات وصدرت قرارات متناقضة. اننا ندعو لحتمية تفعيل الاتفاقيات التي تم اتخاذها، مثلا توجد اتفاقية الدفاع المشترك، الفلسطينيون يذبحون، العراق مهدد.. فمتى يتم استخدام اتفاقية الدفاع المشترك؟ ايضا توجد اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية، فمتى يتم تفعيلها؟

وها نحن نرى الأوروبيين وقد اتحدوا بالرغم من لغاتهم المختلفة، والأفريقيين يتحدون بخطوات أبطأ، من دون مشاكل تذكرعلى المستوى الإقليمي ولا الدولي.

وحول موقف ليبيا حاليا حيال القضية الفلسطينية، واحتمالات توجيه ضربة اميركية للعراق قال شلقم: «هذه القضايا لا تطرح على ليبيا أو على مصر أو أي دولة بمفردها، لكن توجه إلى جسم عربي موحد وهذا الذي نبحث عنه، وليبيا ترى حتمية تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، ونستعد من غد أن ندافع سويا عن بعضنا ضد أي اعتداء، لأن الاعتداء على دولة عربية اعتداء على جميع العرب. فبالنسبة للعراق، لو أن العرب اتخذوا موقفا حقيقيا، وقالوا للأميركان: لا لضرب العراق، ولا لوجود مفتشين حتى يفتشوا عن اسلحة الدمار الشامل لدى إسرائيل اولا، اذا قلنا: لا لن نبتز، ولن نستغفل فسوف نكون، حينها، قوة كبيرة يخشانا العالم كله.

واضاف: «أميركا الآن تستخدم لغة ابتزازية بخصوص المفتشين ضد العراق، لأنه لا يوجد رد فعل يذكر من أي دولة تجاه ما يجري في المنطقة». وقال: «كل مشاكل ليبيا تعود الى دعمنا للقضية الفلسطينية، وفي احدى مؤتمرات القمة العربية تم الاتفاق على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني».