الدعم الأميركي لإسرائيل ضعف تكاليف الحرب الفيتنامية

TT

منذ عام 1973 كبدت إسرائيل الولايات المتحدة قرابة 1.6 تريليون دولار أميركي . ولو تمت قسمته على عدد سكان اليوم فستكون حصة الفرد 5700 دولار.

هذا التقدير وضعه توماس ستوفر، الخبير الاقتصادي في واشنطن، والذي جعلت منه تحليلاته المتخصصة في شئوون منطقة الشرق الأوسط على مدى العقود الماضية، مصدر ازعاج الجماعات المؤيدة لاسرائيل. وللمرة الأولى منذ عدة سنوات يتحدث عن التكلفة الإجمالية لدعم الولايات المتحدة لاسرائيل. وحتى الآن، يشير إلى أن تلك النفقات تعادل ضعف تكلفة حرب فيتنام.

ومع ذلك ها هي إسرائيل ترغب في المزيد، اذ تقدمت بطلب الحصول على دعم عسكري اضافي بقيمة أربعة مليارات دولار ، لمواجهة النفقات المتصاعدة للتعامل مع الانتفاضة والعمليات التفجيرية. كما طلبوا أيضا ما يزيد على 8 مليارات دولار كضمانات لدعم اقتصاد الدولة المتجه نحو الكساد.

وبتأمله في مشاكل اسرائيل الاقتصادية العميقة، يثير ستوفر الشكوك حول إمكانية سداد إسرائيل للضمانات على الاطلاق. فالضمانات هذه قد تصمم بطريقة تعفيها من الفوائد حتى موعد استحقاقها. وإذا ما صحت توقعات ستوفر فقد ينتهي المطاف بالولايات المتحدة وبدفع أصل الدين وفوائده، ربما بعد انقضاء عشرة أعوام على موعده.

وهذا الطلب قد يأتي ضمن مشروع قانون إنفاق إضافي من المرجح أن يتم إقراره في الكونغرس الاميركي خلال أوائل العام المقبل ، وقد يتم ادراجه ضمن نفقات الحرب ضد العراق.

وتعد إسرائيل المستفيد الأكبر من مساعدات الولايات المتحدة الخارجية. وحان وقت تلقيها مبلغ 2.04 مليار دولار على هيئة دعم عسكري إضافة إلى 720 مليون دولار من الدعم الاقتصادي خلال السنة المالية .2003 ومنذ سنوات وإسرائيل تتلقى دعما سنويا مقداره حوالي 3 مليارات دولار.

ولو حسب الدعم الرسمي حسب القيمة الشرائية للدولار لعام 2001 فان ستوفر يعتقد ان إسرائيل حصلت على ما قدره 240 مليار دولار منذ عام .1973 مقارنة بذلك مع ما قدمته الولايات المتحدة لمصر 117 مليار دولار، وللأردن 22 مليار دولار ، على هيئة دعم خارجي مقابل توقيع معاهدات سلام مع إسرائيل.

ويقول ستوفر في محاضرة حول نفقات الولايات المتحدة المتعلقة بسياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط، أعدها للكلية الحربية التابعة للجيش الأميركي، والقيت في مؤتمر أخير نظمته جامعة ماين، «بالتبعية السياسية إذا لم تكن الادارية، يمكن احتساب هذه المبالغ جزءا من الدعم الاجمالي لإسرائيل».

وهذه المساعدات الخارجية معروفة للجميع. وقد يقول معظم الأميركيين إنها أموال أنفقت بشكل جيد لدعم ديمقراطية محاصرة من أجل بضع مصالح إستراتيجية. لكن ستوفر يتسائل عما إذا كان الاميركيون مدركين لاجمالي نفقات تأييد إسرائيل على اعتبار ان بعض النفقات مجهولة إلى حد ما إذا لم تكن خفية.

جانب من تلك النفقات لا يعد سريا، ألا وهو نفقات الأضرار النفطية والاقتصادية التي لحقت بالولايات المتحدة بعد توقف الحروب الإسرائيلية ـ العربية. ففي عام 1973 على سبيل المثال شنت الدول العربية حربا على إسرائيل في محاولة لاستعادة اراضيها المحتلة. وقام الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون بإعادة تزويد إسرائيل بالأسلحة الأميركية، مما تسبب في وقف تدفق النفط العربي للولايات المتحدة.

وحسب تقديرات ستوفر فقد أدى انحسار واردات النفط إلى أزمة كساد عميق. وتكبدت الولايات المتحدة خسارة تقدر بـ420 مليار دولار أميركي (بمقياس قيمة الدولار عام 2001) من قيمة منتجاتها نتيجة لذلك. كما أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تكبيد الولايات المتحدة مبلغا إضافيا قدره 450 مليار دولار.

وخشية من ان تستخدم الدول العربية سلاح النفط مجددا، قررت الولايات المتحدة تبني سياسة الإحتفاظ بإحتياطيات نفطية إستراتيجية. وذلك كبد الولايات المتحدة مبلغا لا يقل عن 134 مليار دولار، كما يتوقع ستوفر.

وبالاضافة إلى النفقات المذكورة آنفا ، تدعم الولايات المتحدة إسرائيل بأشكال أخرى تتضمن:

* حصول الجمعيات الخيرية والهيئات اليهودية في الولايات المتحدة على منح مالية أو سندات مالية إسرائيلية بلغت قيمتها ما بين 50 إلى 60 مليار دولار. ورغم الاعتقاد بأن هذه أموال خاصة، إلا انها «انتزعت» من اقتصاد الولايات المتحدة، كما يقول ستوفر.

* قدمت الولايات المتحدة بالفعل قرابة 10 مليارات دولار أميركي على هيئة قروض تجارية لإسرائيل، إضافة إلى 600 مليون دولار على هيئة «قروض إسكانية» (وهو مبلغ جادل البعض في عدم صحته) . ويتوقع ستوفر أن تقوم الخزانة الأميركية بسداد تلك النفقات.

* قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل قرابة 2.5 مليار دولار لدعم برنامج تصنيع مقاتلات لافي وصواريخ السهم (أرو).

* تحصل إسرائيل على تخفيض في قيمة مشترواتها وفي «صيانة» معداتها الأميركية المنشأ. ويقول ستوفر إن قيمة هذه التخفيضات بلغت قرابة «عدة ملايين من الدولارات» خلال السنوات الأخيرة.

* تستخدم إسرائيل قرابة 40 في بالمائه من مبلغ الـ1.8 مليار دولار الذي تحصل عليه سنويا على هيئة دعم عسكري ، خصص في الأساس لشراء أسلحة أميركية، ومعدات من صنع إسرائيلي. كما إنها إنتزعت موافقة واشنطن على أن تقوم وزارة الدفاع الأميركية أو متعهدو الأسلحة في الولايات المتحدة بشراء معدات أو أنظمة مساعدة إسرائيلية الصنع، تحصل منها إسرائيل على 50 إلى 60 سنتاً من كل دولار تدفعه أميركا.

ومكن الدعم المالي والفني لها، إسرائيل من أن تصبح ممولا رئيسيا للأسلحة. وهي الأسلحة التي تمثل ما يقرب من نصف الصادرات الإسرائيلية. و اعتاد متعهدو الأسلحة في الولايات المتحدة مقاومة ضغط شراء معدات إسرائيلية ، والمنافسة الشديدة المدعومة بأموال دافعي الضرائب الأميركيين.

* أدت سياسة الولايات وعقوباتها الإقتصادية إلى تخفيض صادرات الولايات المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط بحوالي خمسة مليارات دولار سنويا، الأمر الذي أدى لفقدان 70 الف فرصة عمل أميركية، حسب تقديرات ستوفر. ولما كانت إسرائيل قد حصلت على إعفاء من شرط إستخدام الدعم الأميركي في شراء سلع أميركية ، كما هو متعارف عليه في حالة الدعم الخارجي ، فقد أدى ذلك لفقدان 125 الف فرصة عمل أخرى.

* ومن جانبها قامت إسرائيل بعرقلة صفقات بيع أسلحة أميركية ، كصفقة مقاتلات إف ـ 14 التي أرادت الولايات المتحدة بيعها للمملكة العربية السعودية خلال أواسط الثمانينات. وتكلفة ذلك كما يقول ستوفر بلغت 40 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية.

وتثير تقديرات ستوفر هذه بعض الجدل . لكنه استند في بحث على دعم عدد من المسؤولين العسكريين والديبلوماسيين المتقاعدين ممن اعتادوا عدم طرح ما لديهم علنا خشية اعتبارهم معادين للسامية إذا ما انتقدوا سياسات أميركا تجاه إسرائيل.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)