الجنرال فرانكس قاد من قاعدة السيلية في قطر هجوما افتراضيا على العراق لإطاحة صدام

مسؤولن في البنتاغون: القوات الأميركية في الخليج أصبحت جاهزة لبدء الحرب فورا

TT

اشرف الجنرال تومي فرانكس، قائد القوات الاميركية بمنطقة الشرق الاوسط، على بداية تدريبات عسكرية على شن هجوم عسكري افتراضي على العراق بواسطة شبكة من اجهزة الكومبيوتر المتقدمة من داخل قاعدة عسكرية في قطر. وقاد الجنرال فرانكس، رئيس القيادة المركزية الاميركية التي تتخذ من تامبا بولاية فلوريدا مقرا لها، التدريبات الافتراضية التي اطلق عليها «نظرة داخلية» من داخل غرفة الحرب بقاعدة السيلية العسكرية بالقرب من العاصمة القطرية، اذ كانت تستخدم في السابق كمستودع للمدرعات الاميركية الثقيلة قبل نشرها، إلا انها حولت الى مقر رئيسي للعمليات تحسبا للنزاع العسكري المحتمل مع العراق. وعقب الفراغ من التدريبات الافتراضية، التي قد تستمر نحو اسبوع، من المقرر ان تبقى المباني الخاصة بمركز القيادة واجهزة الكومبيوتر والاتصالات والثكنات لاستخدامها في حال اتخاذ الرئيس الاميركي جورج بوش قرارا بشن هجوم على حكومة الرئيس صدام حسين. وينظر المراقبون الى عملية تجهيز المعدات ودور الجنرال فرانكس في الإشراف على استخدامها كمؤشر على الاستعدادات المتزايدة في منطقة الخليج للتأكيد على استعداد القوات الاميركية لتنفيذ التعليمات في حال اتخاذ الرئيس الاميركي قراراً بشن هجوم عسكري على العراق. وقال مسؤولون في القيادة المركزية ان الجنرال فرانكس قاد حوالي 50 ضابطا في مجال الاستخبارات والعمليات داخل غرفة الحرب التي ستكون في الغالب مركزا للقيادة في حال شن حرب على العراق. وكان قد وصل الى قطر خلال الشهر الماضي حوالي 600 من ضباط القيادة المركزية من قاعدة ماكديل الجوية بتامبا بالاضافة الى مئات الجنود وقادتهم من المنطقة للمشاركة في التدريبات. وعلق مسؤول بارز بالقيادة المركزية الاميركية قائلا ان تدريبات «نظرة داخلية» تعتبر بمثابة المزيد من التحسين في جوانب القيادة واجهزة الاتصالات والتحكم. واصبحت قاعدة السيلية العسكرية جاهزة للعمل تماما، وكان العاملون بالقاعدة قد راقبوا خلال نهاية الاسبوع الماضي تصادم ناقلة نفط ايرانية بسفينة اميركية في الخليج. وتجدر الاشارة الى ان الجنرال فرانكس ظل يتلقى التقارير الخاصة بالاستخبارات والعمليات في افغانستان، من خلال المركز الجديد للقيادة. وقال مسؤولون في القيادة المركزية ان بوسع فرانكس ان يباشر مهامه من مركز القيادة الجديد في قطر على نفس النحو الذي كان يعمل به بمركز القيادة المركزية في تامبا بولاية فلوريدا.

واعرب مسؤولون بارزون في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) عن اعتقادهم ان الولايات المتحدة قد حشدت قوات جوية وارضية مقاتلة كافية بمنطقة الخليج تسمح لها بكسب أي حرب ضد العراق اذا تلقت اوامر بذلك، اذ اكد مسؤول في البنتاغون على استعداد القوات الاميركية في الخليج لبدء الحرب فورا اذا قرر الرئيس بوش ذلك. ولا تملك الولايات المتحدة قوات ارضية كافية في المنطقة تسمح لها بالزحف على طول الطريق الى بغداد، لكنها تملك قوات كافية لشن حملة قصف جوي والدفاع عن الكويت والمناطق المستقلة في شمال العراق، كما باتت الولايات المتحدة افضل تجهيزا لضرب المواقع العراقية بالاسلحة الدقيقة التصويب خلال الـ24 ساعة الاولى للحرب على نحو افضل كثيرا من حرب الخليج السابقة بالاعتماد على خمسة او ستة أضعاف عدد الطائرات التي استخدمت في الحرب السابقة عام .1991 ففي تلك الحرب استخدمت الولايات المتحدة 100 طائرة هجومية مزودة بقنابل دقيقة التصويب، بالاضافة الى عدد آخر من طائرات مقاتلة تابعة لسلاح البحرية استخدمت في إلقاء قنابل غير موجهة بدقة انطلاقا من حاملات الطائرات الاميركية بمنطقة الخليج، بيد ان هذه الطائرات لم تكن تقترب مسافة تقل على 100 متر من الاهداف المحددة. اما القوات الحالية، فتعتمد على عدة مئات من الطائرات من الكويت وتركيا والمملكة العربية السعودية وقطر مجهزة بقنابل موجهة بالليزر. وتجدر الاشارة الى ان الكثير من هذه الطائرات استخدمت في مراقبة وقصف مناطق في العراق لعدة سنوات في إطار فرض نظام مناطق الحظر الجوي في شمال وجنوب العراق. وبما انه قد بات ممكنا برمجة الهجوم المباشر المشترك بنظام الاقمار الصناعية وتوجيهه نحو الهدف من ارتفاعات عالية، فمن المتوقع استخدام عدد كبير من طائرات «بي ـ 52» و«بي ـ 1» القاذفة للقنابل المتمركزة في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي للهجوم على عشرات الاهداف في العراق من خلال طلعة واحدة. يضاف الى ذلك ان حاملة الطائرات «يو اس اس هاري ترومان» قد غادرت فيرجينيا الاسبوع الماضي باتجاه منطقة الشرق الاوسط على رأس مجموعة سفن حربية. الجدير بالذكر ان «يو اس اس هاري ترومان» تحمل 70 طائرة مقاتلة، اذ من المقرر ان تكمل هذه المجموعة ثلاث مجموعات اخرى من ضمنها حاملات طائرات يسع كل منها 70 طائرة. وبات بوسع كل المقاتلات التابعة لسلاح البحرية الاميركية توجيه قنابل دقيقة التصويب باستخدام نظام الليزر، فيمكن لطائرة «اف 18» من طراز هورنيت، على سبيل المثال، ضرب اربعة اهداف خلال عملية واحدة، فضلا عن ان سلاح البحرية الاميركي قد اجرى تحسينات على نظم صواريخ توما هوك التي تطلق من على ظهر السفن او الغواصات. وباستخدام نظام تحديد المواقع بات من الممكن برمجة الإحداثيات ونقاط التقاطع داخل نظم الصواريخ خلال ساعة او ساعتين، وهي عملية كانت تستغرق في السابق 12 ساعة. ولا تزال هناك حاجة الى القوات الارضية، فالجيش الاميركي يحتفظ بقوات يصل قوامها الى 12000 جندي وضابط في الكويت، بيد ان عمل هؤلاء يتركز في دعم مهام وأدوار مقر القيادة، اذ ليس هناك سوى لواء مدرع واحد في الخدمة قوامه حوالي 3500 فرد. وتوجد بالكويت معدات للواء مدرع ثان، بالاضافة الى المزيد من المعدات في مواقع اخرى بالمنطقة. وتتمركز بالكويت ايضا 24 طائرة اباتشي «أي اتش ـ 64» مضادة للدبابات الى جانب قوة استطلاع تابعة لمشاة البحرية مؤلفة من 2000 فرد في مياه المنطقة بالاضافة الى معدات في المنطقة تكفي لتجهيز 17000 من افراد قوات مشاة البحرية. وتوجد بالمنطقة ايضا وحدات من القوات الخاصة من المحتمل استخدامها في صحراء غرب العراق لتحديد مواقع المنصات المتحركة لإطلاق صواريخ «سكود» والطائرات التي تعمل بدون طيار وتدميرها منعا لاستخدامها بواسطة العراق في شن هجوم عادي او برؤوس حربية نووية ضد القوات الاميركية في الدول المجاورة او ضد اسرائيل. ويحتفظ الجيش الاميركي في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا بدبابات من طراز «ام 1 اي 1 ابرامز» ومركبات برادلي المقاتلة.

اما فيما يتعلق بالدول الحليفة، فإن بريطانيا واستراليا قد انضمتا الى الولايات المتحدة وشاركتا بمراقبين في تدريبات «نظرة داخلية» الافتراضية. كما تحاول الولايات المتحدة في نفس الوقت الضغط على تركيا بغرض اقناعها بالموافقة على استخدام القوات الاميركية لقاعدة «انجيرليك» لشن هجوم على العراق من الشمال وبهدف تمكين القوات الاميركية من التعامل مع مسألة اسرى الحرب وتدفق اللاجئين من اواسط العراق. ولا تتضمن تدريبات «نظرة داخلية» الافتراضية تحريك دبابات او طائرات او سفن حربية حقيقية، بل تعتمد في الاساس على عمليات افتراضية مع تجاوب القادة في مختلف المواقع بالمنطقة مع التعليمات ومختلف الاوضاع مثل شن هجوم بغاز الاعصاب من الجانب العراقي. وآثرت قطر فيما يبدو تجاهل النشاطات التي تجرى فوق اراضيها، اذا ان الحكومة لم تتحدث عن التدريبات او حول احتمال ان تلعب البلاد دورا حيويا في الحرب المتوقعة. والى جانب السيلية تستخدم القوات الجوية الاميركية قاعدة العديد الجوية، اذ يعتبر مدرج هذه القاعدة، الذي يبلغ طوله 15000 قدم، الاطول في المنطقة، كما تنتشر بالقاعدة حظائر ضخمة للطائرات الحربية ومواقف السيارات. وتتجول الجمال خارج حدود القاعدة في منطقة الكثبان الرملية. ويطلق على قاعدة اخرى بمطار الدوحة المدني اسم «كامب سنوبي».

ومن الملاحظ ان القطريين ومئات الآلاف من العاملين الاجانب يبدون حذرا واضحا لدى التعليق حول الحشد العسكري الاميركي. يقول الحائك الباكستاني احسان جمالي ان ما يجري في قطر امر تقرره الحكومة، اذا يمثل هذا تعليقا مشتركا بين الكثيرين. اما بالنسبة للمراسلين الصحافيين، فإن تدريبات «نظرة داخلية» غائبة عن النظر تماما، اذ لا يسمح للصحافيين بزيارة المركز الصحافي بالسيلية او قاعدة العديد، ويعتمون على رسائل البريد الالكتروني اليومية من فرع قطر التابع للقيادة المركزية الاميركية. ويبدو ان «ايا كان» هي الكلمة المفضلة في هذه الرسائل مثل «لن نتحدث حول أي من جوانب التدريبات الافتراضية باستخدام الكومبيوتر ايا كانت»، بيد ان البيان الذي صدر يوم اول من امس تضمن انباء تحدثت عن ان «الجنرال فرانكس، باهتمامه بالتفاصيل، تحدث الى الطاقم العامل معه».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»