حزب العمل الإسرائيلي يستخدم اخصائيين نفسيين لتفسير التناقضات في تصرفات الناخبين

TT

إزاء التناقضات الحادة في تصرفات الناخبين الاسرائيليين، اذ تؤيد الغالبية برنامج حزب العمل «السلامي» لكنها تصوت لليكود، توجه عمرام متسناع، رئيس حزب العمل، الى مكتب «اخصائيين نفسيين» طالبا ان يبحث خبراؤه الظاهرة بسرعة ويفسروها، ويقترحوا برنامجا عمليا لتغييرها.

ويقود هذا المكتب د. يورام يوفال، الذي يقول: «ان الجمهور الاسرائيلي يتصرف كالجنود المصابين بالصدمة النفسية خلال الحرب، ولا يدرون بالضبط ماذا يفعلون، ولا يعرفون بالضبط ما الذي اصابهم. وهذا مذهل. فعلى كل سؤال تطرحه امامهم يجيبونك بموقف مماثل او قريب من مواقف حزب العمل، ان كان ذلك في الامور السياسية او الاقتصادية». وأضاف: «انهم يعرفون ان الليكود لم يحقق لهم، خلال حكمه الحالي، اي انجاز، بل هناك تفاقم في الأزمات (الأمن والاقتصاد). والليكود من جهته يتصرف مع الجمهور باستغباء واضح، كما لو ان كل شيء على ما يرام، ومع ذلك فما زالت الغالبية تؤيد الليكود».

وكان حزب العمل وطاقم الدعاية الانتخابية الذي يعمل لصالحه قد اعلن شعاره المركزي لهذه الانتخابات «فقط متسناع يستطيع، اما الليكود فلا». ويتفرع منه العديد من الشعارات الاخرى مثل «فقط متسناع يستطيع ترميم الاقتصاد. وأما الليكود فلا يستطيع» و«فقط متسناع يستطيع توفير الأمن والسلام، وأما الليكود فلا»... وهكذا. ولم يستخدم في هذه الشعارات اسم حزب العمل. وقال بيني كوهن، رئيس الطاقم، ان الهدف من هذا الشعار هو تركيز الاضواء على متسناع كمرشح لرئاسة الحكومة، والتركيز بالمقابل على الليكود كحزب، وليس على رئيسه «المحبوب»، ارييل شارون «فالجمهور يأخذ انطباعا عن متسناع بأنه مجرد رئيس بلدية جيد، وهادئ ورقيق، ونحن نريد ان نذكّر الجمهور بأن متسناع هو جنرال في الجيش وحصل على عدة اوسمة في الشجاعة خلال الحرب ضد العرب، وبأنه انسان قوي وحازم وصاحب قرار وأنه قائد موثوق، وكل ضباطه وجنوده في الماضي، والموظفين من مرؤوسيه في بلدية حيفا، يثقون به وباستقامته، وبحكمته وبقدرته على قيادة حزب العمل وراءه». وأضاف كوهن: «بالمقابل فان شارون فاشل، وانه لن يستطيع قيادة حزبه (الليكود)، لأن معظم المرشحين للكنيست هم من المعسكر المعارض الذي يقوده بنيامين نتنياهو».

ويرد الليكود على توجه حزب العمل هذا بسخرية قائلا ان الشعار الانتخابي المركزي «فقط متسناع يستطيع..» مسروق من حملة الانتخابات التي قادها الليكود سنة 1992 وانتهت بهزيمته «فقط الليكود يستطيع..»، وفي حينه فاز حزب العمل برئاسة اسحق رابين. كما يدرس الليكود كيفية استخدام قرار العمل اللجوء الى اخصائيين نفسيين. وقال احد قادة طاقمه بهذا الشأن: «العمل يتصرف كالجندي الذي يطلق الرصاص على قدمه، فالحديث عن المواطنين وكأنهم مرضى نفسانيون سينقلب عليهم».

ولكن يبدو ان حزب العمل ينطلق في معركته من الحماسة والتفاؤل تجاه نتائج استطلاعات الرأي التي نشرت اخيراً. اذ دلت النتائج للمرة الثانية على التوالي على تراجع في قوة الليكود (حسب استطلاع صحيفة «معاريف» هبط من 41 الى 38 نائبا، وحسب استطلاع «يديعوت احرونوت» هبط من 38 الى 35 نائبا)، فيما ارتفع نصيب حزب العمل (حسب «معاريف »من 20 الى 21 وحسب «يديعوت احرونوت» من 21 الى 22 مقعدا). ويرى حزب العمل هذه النتيجة باعتبارها بداية للتغيير في توازن القوى، اذ ان معسكر اليمين يضم الآن 65 مقعدا (68 مقعدا في الاستطلاعات الأولية قبل شهر). وهم يأملون ان يستطيعوا قلب النتيجة خلال الشهر المقبل، باعتبار انه ليس من الصعوبة جلب 6 ـ 7 مقاعد اضافية لحزب العمل.

وتوصل خبراء حزب العمل الى القناعة بأن الظهور باتجاه «يساري متطرف» في قضية السلام ليس في صالحهم وانه يجب العودة الى مركز الخريطة السياسية في الدعاية الانتخابية. من هنا كان استبعاد يوسي بيلين وياعيل ديان وشالي ريشف ويوسي كاتس، ابرز قادة معسكر السلام في اسرائيل، عن الاماكن المضمونة في لائحة الحزب الانتخابية، مما دفع بعضهم للانسحاب من الحزب والانتقال الى حزب «ميرتس» اليساري. ومن هنا ايضا تصريح متسناع بأن «خروج بيلين من حزب العمل يخدم مصلحة حزب العمل وسيؤدي الى حصوله على 2 ـ 3 مقاعد اضافية».

واذا استمرت هذه القناعة في حزب العمل، فلن يكون مستبعدا ان نستمع الى تصريحات يمينية من متسناع، مثل الهجوم على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وعلى التنظيمات الفلسطينية الاخرى، وغير ذلك.

ومما لا شك فيه ان متسناع سيستفيد في معركته هذه من قرار الشرطة الاسرائيلية، أول من امس، بفتح ملف تحقيق ضد عدد من قادة الليكود بتهمة دفع رشاوى الى اعضاء مركز الحزب لكي يصوتوا لهم في الانتخابات الاخيرة. ومن بين هؤلاء وزير البيئة، تساحي هنغبي، الذي حصل على اعلى عدد من الاصوات، ويتباهى بأنه ادخل الى الوزارة 60 موظفا جديدا كلهم من حزب الليكود. وقد توصلت الشرطة الى هذا القرار بعد ان وجدت ان هناك «مقاولي اصوات» عملوا في الليكود بشكل مكشوف واشتروا الاصوات علنا، واحضروا قوائم بالطلبات والوظائف، فضلا عن الانباء التي اشارت الى ان كل مرشح في الليكود صرف بالمعدل 150 ألف دولار على معركته الانتخابية (علما بأن المبلغ الذي يجيزه القانون هو 20 الف دولار فقط).

وتجدر الاشارة الى ان رئيس الليكود لم يخف قلقه من هذه التطورات، وقد اعلن خلال اجتماعه الطارئ مع اول 50 مرشحا في قائمة الليكود، «ان هذه المعركة الانتخابية قاسية بشكل خاص، وقد تحمل الكثير من المفاجآت، فاذا عملنا من خلال الاطمئنان بأن استطلاعات الرأي تمنحنا زيادة مقاعد كبرى، من 19 الى 38 مقعدا، فقد نجد انفسنا في نهاية المعركة بكتلة يقل عددها عن 19».