الأمن الوقائي الفلسطيني سيعلن قريبا عن اعتقال متعاونين مع المخابرات الإسرائيلية في مؤامرة خلايا لـ«القاعدة» بغزة

إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: الحاج يوسف وعدني بالمال والسلاح

TT

يعلن جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة في غضون الايام القليلة المقبلة عن اعتقال عدد آخر من الاشخاص بتهمة التعاون مع اجهزة المخابرات الاسرائيلية لتشكيل خلايا لتنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن في غزة. وقال مسؤول في الامن الوقائي طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» ان «الجهاز يتابع 4 حالات لم يتقدم المتورطون فيها طوعا للاعتراف بما يعملون وسيعتقل بعضهم في غضون الايام القليلة المقبلة».

وتأتي هذه الحملة التي بدأها جهاز الامن الوقائي ردا على مزاعم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بوجود خلايا لتنظيم «القاعدة» في غزة في 7 ديسمبر (كانون الاول) الجاري. وقدم الامن الوقائي الذي يقوده في غزة العقيد رشيد ابو شباك، يوم الاربعاء الماضي «دليلا جديدا على كذب المزاعم الاسرائيلية»، فنظم مؤتمرا صحافيا حضرته وسائل الاعلام في القطاع لشخص ملثم قدم نفسه على انه ابراهيم، كشف تفاصيل «اللعبة الاسرائيلية». وقال انه لجأ الى الجهاز بعد ان غررت به اجهزة المخابرات الاسرائيلية لتشكيل خلية لـ«القاعدة» في غزة عن طريق رجل زعم بانه من فلسطينيي 1948 ويريد مساعدة اهله في غزة، وكشف بعد تطور العلاقة عن النية لتشكيل خلايا لتنظيم «القاعدة» في غزة وتنفيذ عمليات على مستوى عال.

واضاف المسؤول ان 4 اشخاص اعتقلهم الامن الوقائي بناء على معلومات امنية واعترفوا بتعاملهم وادلوا بمعلومات كالتي ادلى بها ابراهيم.

واوضح المسؤول «ان السلطة الفلسطينية اطلعت الاميركيين والاوروبيين والمصريين قبل 5 اشهر على المعلومات التي جمعها الامن الوقائي حول وجود نشاط للاسرائيليين باسم القاعدة في غزة، وبينما تجاوب البريطانيون والفرنسيون والمصريون مع تقاريرنا التي بعثت اليهم باللغة الانجليزية، لم نتلق اي رد فعل من جانب الاميركيين»، وان اكد ان «الاميركيين سيردون في نهاية المطاف».

وكانت بداية «اللعبة الاسرائيلية» كما قال المسؤول الامني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 باتصال اجراه شخص باسم «الحاج ابو يوسف» مع ابراهيم. ويترك المسؤول الامني الخوض في تفاصيل هذه اللعبة الى ابراهيم نفسه الذي اتصلت به «الشرق الاوسط» في مقر الامن الوقائي في غزة، بعد ان رفض المسؤولون فيه الافصاح عن رقم هاتفه الجوال وطلبوا عدم توجيه اسئلة شخصية تعرف من خلالها هويته.

ويقول ابراهيم:

ـ البداية كانت في اكتوبر (تشرين الاول) 2001 عندما نشرت صورتي واسمي ورقم هاتفي الجوال في مجلة تعارف اسمها «فوستا» وهي مجلة اسرائيلية تباع في الاراضي الفلسطينية.

* ولماذا تنشر صورتك واسمك في مجلة للتعارف وانت الانسان المتزوج والاب؟

ـ جاءت بالصدفة، اذ سألني صديق ان نبعث بمعلوماتنا معا، ففعلنا. ما فيها شيء.

* بعد ان نشرت صورتك واسمك، ماذا حصل؟

ـ بعد حوالي الاشهر الثلاثة وتحديدا في يناير (كانون الثاني) الماضي، اتصل بي شخص قال ان اسمه الحاج يوسف وهو من فلسطينيي 1948 ويعيش في عكا. سبب الاتصال حسب قوله ان صورتي التي نشرت في المجلة ذكرته بابنه الذي قتل في حادث سيارة وهو في عمري. واستمرت العلاقة على هذا الاساس. واصبح الاتصال يوميا. وصرنا نتحدث لساعات طويلة. وتطورت العلاقة الى حد اصبحنا نتحدث عن تفاصيل افراد الاسرة.

* خلال هذه الفترة، هل التقيتما... الم يطلب منك اللقاء للتعارف شخصيا؟

ـ بداية لم يطلب اللقاء ولكنه لاحقا وعد بان نلتقي خارج البلاد.

* وهل اقترح عليك اي مبالغ مالية؟

ـ قدم لي فلوساً كمساعدة عن طريق بنك القاهرة عمان؟

* هل كانت مبالغ كبيرة؟

ـ بلغت حوالي 2000 دولار.. اضافة الى بطاقات مدفوعة للجوال لمواصلة الاتصال، ووصل المبلغ باسم احمد. ولما سألته قال: لا تسأل كثيرا وانا اعرف ما افعل.

* وعلى اي اساس كنت تقبل هذه المبالغ وكيف كان ما يسمى بالحاج يوسف يبررها؟

ـ انت تعرف صعوبة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية. ثم ادخل المسألة المادية تدريجيا. بدأها بتقديم نفسه كوكيل لشركة كهرباء ورجل اعمال وتحدث عن رغبته في تقديم مساعدات لاهالي قطاع غزة.

واقترح ان نعمل معا نوعاً من التجارة اي ان يرسل الي هواتف جوالة تهريبا واقوم انا ببيعها. وطلب مني ان اقيم علاقات طيبة مع الناس. واعتبر ما قمت به في هذا الاطار خطوة جيدة واشاد بنشاطي.

* وهل تسلمت اي اجهزة هواتف جوالة على الاطلاق؟

ـ لا، لم اتلق اي هواتف وتوقف عن الحديث عنها بعد ان علم بعلاقاتي التي عبر عن شديد سعادته بها.

* ألم تسأله لماذا اوقف فكرة الهواتف الجوالة؟

ـ قال لي: اتركنا من الهواتف الجوالة الان ولنستغل معرفتك بالناس على المعابر (بين غزة واسرائيل) ونستفيد اكثر منك. وسألني عما يحتاج اليه الناس في غزة فقلت له كل شيء. واضاف: لا نريد الان التعامل مع الجوالة ونريد افادة الشعب وافادتك انت شخصيا وسأدفع لك 3 الاف دولار. وتحدث عن مساعدات غذائية قدمها لجنين وشدد على ضرورة مساعدة قطاع غزة. وسألته عن سبب اختياري انا بالذات فقال لان المنطقة التي تعيش فيها تضم مسؤولين في السلطة الفلسطينية وقادة فصائل.

* ألم تشك فيه وفي نواياه في هذه اللحظة؟

ـ طلبت ان اعرف ماهية الشغل. عندئذ قال انه يعمل مع شركة «الشيخ» التابعة لاسامة بن لادن ويريد دعم القطاع وتجنيد اعضاء لتنظيم القاعدة؟

* ومتى كانت هذه الصراحة؟

ـ في حوالي شهر مايو.

* وكيف كان رد فعلك على هذه الصراحة؟

ـ عندئذ تأكد الشك عندي الذي بدأ في لكنته التي لم تكن عربية مائة في المائة وكذلك الهواتف الجوالة التي كان يستخدمها التي كانت اسرائيلية وبعضها يحمل ارقاما دولية.

* الشك في ماذا؟

ـ الشك في انه ربما يعمل مع المخابرات الاسرائيلية. وما اخافني اكثر الحديث في نفس الليلة عن تنفيذ عمليات في اسرائيل على مستوى عال وشكل اكبر كما قال، على ان نقوم نحن في غزة بتحمل مسؤولية من خلال البيانات. وتحدث ايضا عن الاستعداد بمدي بالسلاح والمال وقال لي انني سأكون مسؤول القاعدة في شمال غزة بينما سيكون هناك قادة في الجنوب. وابلغني ان لديه قدرة على ادخال السلاح من المعابر.

* ماذا فعلت عندها... هل قررت مواصلة التعاون معه؟

ـ لجأت للأمن الوقائي، وكشفت لهم تفاصيل المحادثات وسلمتهم رقم حساب البنك وارقام الهواتف التي كنت اتلقى منها الاتصال.

* وماذا كان رد فعلهم؟

ـ تفهموا الوضع تماما وأخذوه على محمل الجد.

* وهل طلبوا منك التوقف ام مواصلة الاتصال؟

ـ طلبوا مواصلة الاتصال وافرزوا لي طاقماً من الضباط لمساعدتي.

* ألم يشعر «الحاج ابو يوسف» بتبدل في الحال؟

ـ لم يشعر بشيء على الاطلاق. وطلبت رؤيته فدعاني الى التريث والانتظار.

* وما هو الدور الذي لعبه الامن الوقائي؟

ـ بدأ بتسجيل كل المكالمات الهاتفية. بالمناسبة طلب مني «الحاج ابو يوسف» المواظبة على الصلاة. وقال لي انه لا يستطيع ادخال اي شخص الى القاعدة دون الالتزام بأداء الصلاة لا سيما صلاة الفجر التي يجب ان تكون في الجامع، وبالفعل وافقت.

* ألم يطلب منك عند هذا الحد تجنيد اناس اخرين؟

ـ نعم بل حدد نوعية الناس الذين يجب تجنيدهم وهم اناس متدينون وليسوا تابعين للسلطة. وطلبت منه منحي بعض الوقت لكنه كان على عجلة من امره. واقترح قائمة اسماء وطلب مني التحري عنهم والتأكد مما اذا كانوا يستحقون التجنيد.

* كم كان العدد وهل هي اسماء معروفة؟

ـ حوالي 12 اسما بعضها معروف من فصائل فلسطينية وتحديدا دينية. وقال لي انه في حال التأكد من نظافتهم سيبدأ بارسال السلاح.

* وهل جندت احدا؟

ـ لا، لم اجند احدا، بل لم ابحث الموضوع مع احد. ووافقت على اقتراحاته بالتنسيق مع الامن الوقائي.

* ومتى قررت وقف الاتصال بـ«الحاج ابو يوسف»؟

ـ في اغسطس (اب) الماضي.

* لماذا؟

ـ الامن الوقائي طلب مني ذلك خوفا على حياتي وحياة الاخرين، بعدما ادركوا وجود ايادٍ اسرائيلية في هذه المؤامرة.

* الم يحاول الاتصال بك من جديد؟

ـ لا، لانني غيرت رقم هاتفي الجوال.