ارتياح إسباني رسمي وشعبي بمبادرة الملك محمد السادس: المغرب يفتح مياهه لصيادي منطقة غاليسيا المتضررين من كارثة «بريستيج»

TT

ساهمت المبادرة الإنسانية المغربية التي أملتها ظروف الكارثة الطبيعية التي حلت بالسواحل الاسبانية، في اعادة الحرارة لأجواء العلاقات بين مدريد والرباط، بشكل يتجاوز ايقاع القنوات الدبلوماسية التقليدية بين البلدين التي تقوم حاليا بترتيب خطوات تطبيع العلاقات بشكل محسوب ودقيق تلافيا لحدوث أي ارتباك أو اثارة أية حساسيات.

وأطلقت المبادرة الانسانية والتضامنية التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس من خلال قراره بالترخيص استثنائيا للصيادين بمنطقة غاليسيا الاسبانية المتضررة بيئيا واقتصاديا من كارثة «بريستيج»، للصيد بالمياه المغربية، تفاعلات ايجابية في أجواء علاقات البلدين التي بدأ الدفء يعود اليها في الآونة الأخيرة، بعد عامين من التوتر والأزمة. وأوضح بيان صدر عن القصر الملكي في الرباط أن القرار المغربي أملته مبادئ التضامن وحسن الجوار، وأن الملك محمد السادس أجرى اتصالات هاتفية على التوالي مع العاهل الاسباني الملك خوان كارلوس وماريا أثنار رئيس الحكومة الاسبانية وأعلن في الرباط أن العاهل المغربي تسلم رسالة شكر من العاهل الاسباني الملك خوان كارلوس ردا على رسالة وجهها اليه الملك محمد السادس بمناسبة العيد الوطني الاسباني.

ومن جهته سارع أثنار للتأكيد خلال مؤتمر صحافي بكوبنهاغن على هامش المجلس الأوروبي بأنه أبلغ الملك محمد السادس خلال مكالمة هاتفية عميق شكره للقرار المغربي، الذي قال ان اسبانيا تعتبره «التفاتة كبيرة الدلالات نقدرها ونثمنها عاليا»، كما تلقت الأوساط الاعلامية الاسبانية قرار الملك محمد السادس بالترخيص بصفة استثنائية لسفن الصيد الاسبانية، بترحيب كبير.

من جهتها شددت الرباط على الطابع الانساني والتضامني لقرار الملك محمد السادس بالترخيص استثنائيا للصيادين الاسبان بولوج السواحل المغربية. وأوضح بيان الديوان الملكي المغربي أن الملك محمد السادس قرر الترخيص بصفة استثنائية لسفن الصيد الاسبانية بغاليسيا بولوج المنطقة الاقتصادية الخالصة للمغرب وذلك على اثر غرق سفينة «بريستيج» والكارثة البيئية التي نجمت عن ذلك وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية على المنطقة.

وأبرز بيان الديوان الملكي المغربي أن المغرب البلد الجار والصديق لاسبانيا، واعتبارا للتقاليد المغربية العريقة في مجالي البحر والصيد البحري يشاطر بشكل تام انشغالات السكان المتضررين من جراء هذه الكارثة وخاصة انشغالات الفاعلين الغاليسيين ذوي الصلة بالصيد البحري. وأوضح البيان أن الترخيص الاستثنائي للصيادين الغاليسيين بولوج منطقة الصيد المغربية تدوم صلاحيته ثلاثة أشهر قابلة للتجديد على ضوء تطور الوضع ميدانيا. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال الدكتور احمد العلمي أمين عام حزب البيئة والتنمية المغربي أن مبادرة الملك محمد السادس بفتح مجال الصيد البحري لفعاليات الصيادين الغاليسيين، تدل بأن المغرب ملكا وحكومة وشعبا يولون أهمية خاصة للصداقة مع جيرانهم الاسبان وأنهم يشاطرونهم كل الظروف التي يجتازونها ولا سيما اثر تفاعلات الكارثة البيئية التي وقعت في سواحل منطقة غاليسيا.

وقال العلمي ان المغرب كان تاريخيا متضامنا مع اسبانيا ويسعى للتكامل والتضامن معها اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا، لأنها بلد متواصل مباشرة مع المغرب، ولا يفصلهما سوى مضيق جبل طارق الذي يشكل في الحقيقة جسر تواصل وليس فاصلا بين قارتين. وقال العلمي ان مشكل البيئة ليس قضية وطنية بل قضية دولية تهم المجتمع الدولي، وبأن أي ضرر يحدث في اسبانيا أو المغرب أو أي بلد آخر الا وتكون له انعكاساته على الانسان دون تمييز.

ويأتي قرار المغرب في سياق أجواء دفء بدأت تعود للعلاقات بين مدريد والرباط، لكن أبعاد القرار من الناحية النفسية والسياسية والاقتصادية، يكتسي أهمية كبيرة في الوقت الراهن، فصيادو منطقة غاليسا كانوا ضمن الفئات المتضررة منذ انتهاء العمل باتفاقية الصيد البحري المغربية الأوروبية قبل ثلاث سنوات. وهو الموضوع الذي أدت تفاعلاته السلبية الى أزمة حادة في العلاقات بين البلدين، ويعتبره المراقبون المنطلق الأول للأزمة على الأقل من المنظور الاسباني الذي يعتبر المستفيد الأول من اتفاقية الصيد بين الرباط وبروكسل. وكانت مدريد والرباط قد اتفقت منذ يومين في أعقاب اجتماع بين وزيري خارجية البلدين على بدء مسلسل تطبيع العلاقات، وإنشاء مجموعات عمل لمعالجة القضايا الخلافية، وتترقب الأوساط السياسية في العاصمتين المغربية عودة سفيري البلدين اللذين سحبا في سياق تدهور العلاقات.