حذف أسماء شركات أجنبية أمدت بغداد بمواد محظورة من نسخة التقرير العراقي «المنقحة» قبل تقديمها للأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن

TT

عندما تتسلم الدول العشر الاعضاء في مجلس الامن، التي لا تملك اسلحة نووية، نسختها من التقرير العراقي حول الاسلحة، اليوم ، فان ذلك التقرير لن يحتوي على الوصفات العراقية لصنع اسلحة الدمار الشامل. ولكن جزءا آخر من أجزاء التقرير سيكون قد حذف ايضا، وهو الجزء الذي يحتوي على اسماء الشركات الاجنبية التي امدت العراق بمواد استخدمت في صناعة هذه الاسلحة، سواء بعلم تلك الشركات او بدون علمها. وكان القلق يساور الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، ليس فقط لأن كشف هذه الاسماء يمكن ان يحرج شركات بلدانهم، ولكن كذلك لأن العراق ربما يكون قد كشف هذه الاسماء عمدا لفضح شركات ذات سمعة حسنة او شركات متعددة الجنسيات ترتبط ببعض المسؤولين الحكوميين. ومن جانبهم ، قال المفتشون التابعون للأمم المتحدة انهم لا يريدون ان يعرقلوا أي جهد يبذل من اجل جمع معلومات استخبارية بالتعاون مع هذه الشركات ولكنهم يثيرون اسئلة تتعلق بالمسؤولية الجنائية. وليس معروفا ما اذا كانت اي من الشركات او البلدان التي وردت في التقرير العراقي، جديدة بالنسبة للأمم المتحدة ام ان الصفقات وحدها هي التي لم تكن معروفة. ويحتوي التقرير العراقي على فهرست من 9 صفحات يوضح ان العراق لجأ هذه المرة، كما فعل في مرات سابقة، الى تكرار إيراد مشتريات حصلت في الفترة ما قبل عام .1991 وكانت الاعلانات والوثائق العراقية التي اكتشفها المفتشون التابعون للأمم المتحدة ما بين عامي 1991 و 1998 حافلة بأسماء الشركات التي امدت العراق بهذه المواد. ومع ان معظم الصفقات التي اعلنت الآن قد ابرمت قانونيا قبل قرار مجلس الامن بنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية، عام 1991، الا انها تكشف اساليب الخداع التي لجأت إليها بغداد في الحصول على المواد الاولية لبرنامج اسلحتها وخاصة برنامج اسلحتها البيولوجية ، الذي يقال انه كان من الضخامة بمكان. وتدل اكتشافات حدثت عن طريق الصدفة المحضة عام 1999 ، ووردت في تقرير الامم المتحدة الذي اعده كبير المفتشين آنذاك رتشارد بتلر عن الفترة الممتدة من عام 1985 الى عام 1989، ان العراق اشترى انواعا من بويغات الجمرة الخبيثة، والبتشولينوم والغنغرينا وفيروس النيل الغربي وغيرها من الجراثيم من شركة امدادات بيولوجية اميركية بمدينة روكفيل (ولاية ميريلاند) هي المجموعة الاميركية للاستنبات البكتيري. كما ان العراق نجح في الحصول على انواع من الجراثيم من معهد باستير الذائع الصيت في باريس. وطلبت بعض هذه الانواع باسم جامعة بغداد، التي تعتبر مكانا مشروعا لاجراء الابحاث. وذهبت اخرى الى شركة واجهة مسؤولة عن المشتريات نيابة عن برنامج التسلح العراقي. ولكن تكلفة كل هذه الصفقات دفعت من قبل الجيش العراقي حسب الوثائق العراقية التي سلمت الى الامم المتحدة. وقد قامت شركات ايطالية والمانية وسويسرية بتوفير خمائر عديدة لاستنبات هذه الجراثيم. وفي عامي 1987 و1988، وصل 39 طنا من خمائر الاستنبات كافية لانتاج 4 أطنان من البكتيريا، وهي كمية يمكن ان تبيد كل فرد في العالم عدة مرات. و جاءت هذه الخمائر من شركة اوكسيد في انجلترا، وشركة فلوكا شيمي بسويسرا. وقال المحللون التابعون للأمم المتحدة نظراؤهم الاميركيون ان العراق فشل في توضيح كيفية حصوله على بقية الخمائر. وقرر رولف ايكيوس، كبير مفتشي الاسلحة العراقية في التسعينات، ألا يكشف ايا من الشركات التي امدت العراق بهذه المواد حتى يضمن تعاونها في تجميع المعلومات من قبل الامم المتحدة. قد تكون هناك كشوفات أخرى حول وثيقة الإعلان العراقي المتكونة من 11807صفحات والتي لا يحق الا للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الاطلاع عليها بشكل كامل، اي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا. وإذا قررت هذه البلدان عدم الإفصاح عما تتضمنه هذه الصفحات فلن يكون بإمكان بقية العالم أن يعرف أي شيء عنها. وقال ديفيد كاي، المفتش الدولي السابق عن الأسلحة، إنه يشك في قائمة العراق المتعلقة بالمزودين الأجانب له بالمواد الأولية. فبعض الشركات التي تم التحقيق معها سابقا من قبل الأمم المتحدة لم تكن تعلم أنها كانت تزود العراق، لأنها كانت تتعامل مع وسطاء أو مضاربين، وقد يسعى العراق لأن يسبب إحراجا للشركات المتعددة الجنسيات بالكشف عن دورها في تمويل المواد التي كان يحتاج إليها في صناعة أسلحة الدمار الشامل، خصوصا تلك الشركات التي لها علاقة ببعض المسؤولين في الإدارة الأميركية.

خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»