الجندي الأميركي الوحيد المسلم في المناورات الأميركية بقطر : السياسة لا تعنيني وما يهمني هو عملي كجندي محترف

كانت لعلي شيبرد أمنيتان الأولى تحققت بنقله الى بلد مسلم والثانية على وشك التحقق بعدما وعد بتسهيلات لأداء الحج

TT

السيلية (قطر) - ا.ف. ب: فرح الكوربورال (نائب العريف) علي شيبرد الاميركي المسلم مرتين في قطر. الاولى عندما اختير من بين مئات من الجنود الاميركيين للمشاركة في تدريبات «نظرة داخلية» في قاعدة السيلية جنوب الدوحة والثانية عندما اهدي رحلة حج الى الديار المقدسة. ويقول علي، 22 سنة، ان مصدر فرحه الاول كان سفره الى بلد مسلم قريب من الديار المقدسة املا في تحقيق حلمه بأداء مناسك الحج. وقد تحققت امنيته الثانية عندما اهداه قطري يملك شركة للحج رحلة حج بالاضافة الى حصوله على تسجيلات ومطبوعات اسلامية من وزارة الاوقاف القطرية ومصحف بأصوات ائمة المسجد الحرام من شركة تسجيلات. وعلي شيبرد واحد من زهاء الف جندي اميركي وبريطاني يتدربون على «حرب الكترونية» متطورة في قاعدة السيلية انطلقت في 9 ديسمبر (كانون الاول) الحالي. وقد كان من العسير على كبار الضباط التعرف على الجندي الوحيد المسلم في تلك القاعدة التي تعج بقوات القيادة المركزية الاميركية. ويشرح المتحدث الرسمي باسم القيادة المركزية الكولونيل راي شيبرد «اننا لا نعرف الجنود بدياناتهم» في طريق البحث عن علي الذي يحتفظ بنسخة انجليزية من القرآن الكريم ويعشق سورة «القدر» ومعانيها العظيمة كما يقول بعد ان يرتلها بلغة عربية سليمة.

ويستطرد علي وهو ينقر بخاتم فضي يحمل نقش نجمة وهلال انه لا ينكر وجود صراع في داخله باعتباره مسلما اميركيا قد تفرض عليه الظروف محاربة جنود عراقيين مسلمين. لكنه يضيف «لدي ايمان قوي بأن الله سيقودني الى الطريق الصحيح. وانا على يقين من ان خطط الله وحده هي التي ستتحقق وانه لن يتركني ارتكب عملا سيئا لا يرضاه». ويميل مراقبون كثر الى اعتبار تمرين «نظرة من الداخل» موجها ضد العراق. لكن وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني نفيا ذلك. وغداة التوقيع الاربعاء الماضي على معاهدة عسكرية جديدة بين الدوحة وواشنطن تقنن وجودا اميركيا دائما في قاعدة العديد القطرية حاول رامسفيلد اعطاء انطباع بأن الحرب على الارهاب تتقدم في الاولوية على حرب ضد العراق.

ولم يكن علي بين الذين حضروا اجتماع رامسفيلد وقائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال تومي فرانكس مع الجنود حيث تم التطرق مطولا الى الارهاب، لكنه لا يتردد في ابداء موقف واضح منه قائلا «عندما ايقظوني من النوم يوم 11 سبتمبر (ايلول) 2001 لاخباري بما حدث لبرجي مركز التجارة العالمي. ظننت انها مزحة، لكن صدمتي كانت لا توصف عندما شاهدت شاشات التلفزيون».

ومع ذلك اقر علي بأنه استمع الى مقتطفات من رسائل زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن لكنه اعتذر عن عدم التعليق، مكتفيا بالقول «ان الاسلام الذي تربيت عليه هو غير هذا». ويعتقد علي ان تجربته كجندي اميركي مسلم «تجربة مثيرة». وكشف ان رؤساءه دعوه في اعقاب 11 سبتمبر ( ايلول) والقوا عليه اسئلة لكن «معاملتهم لم تختلف» في ما بعد، كما اضاف. اما زملاؤه فهو يثير فضولهم. ويقول «يسألونني عن الصوم شهرا كاملا وعن تعدد الزوجات وعن امور اخرى يسمعون عنها. وعندما اشرح لهم يجدون الامر صعبا بعض الشيء». اما عندما يسألونه عن علاقة الاسلام بالارهاب، فيقول علي «أقرأ عليهم آيات من القرآن الكريم تريهم ان الله قد طلب منا ان نكون رحيمين بالبشر ومتسامحين ومعتدلين في مواقفنا وفي احكامنا فيهزون رؤوسهم في حيرة بسبب ما يسمعونه».

ولا يضايق علي كونه المسلم الوحيد هنا. فهو يؤدي واجباته الدينية وسط احترام الجميع ويؤكد ان «الجميع يتعاملون وفق النظم العسكرية. وحتى عندما أضطر إلى اداء الصلاة خارج سكني او بعيدا عن المسجد فان زملائي يلزمون الهدوء». ويقطع علي احيانا مسافة طويلة سيرا بين سكنه والمسجد الموجود في احد اطراف القاعدة فوق عربة مقطورة. ويقول انه لا يحب الحديث عن السياسة «فهي لا تعنيني وما يهمني هو عملي كجندي محترف وديني الذي احقق من خلاله توازني النفسي وغايتي في الحياة». ويقول انه لا يعلم شيئا عما اذا كانت ستقوم حرب ضد العراق ام لا، ويقضي وقت فراغه في تلاوة القرآن والتأمل في معانيه وكتابة ابيات من الشعر الصوفي قبل النوم، والتفكير في رحلة الحج الموعودة.

والارجح ان برنامج علي الليلي الهادئ لن يتغير عندما يحتفل رفاقه بعيد الميلاد داخل القاعدة بعيدا عن الاهل، متذكرا خطيبته «فجر» التي قابل والدها من دون ان يراها. ويقول «سمعت عنها كل خير وصلاح. ترتدي الحجاب وتخشى الله واتمنى ان نتزوج قريبا». ويقول عن امنيته الثانية «لقد طلبت من رؤسائي النظر في امكانية حجي ووعدوني بأنهم سيحققون أمنيتي عندما يجدون الشخص المناسب لاصطحابي إلى مكة». واذا كتب له ذلك ستكون السعودية ثالث دولة يزورها بعد مصر وقطر.

وينهي علي حديثه كما بدأه بتحية «السلام عليكم» ثم يغوص وسط عدد غير محسوب من الكتل الاسمنتية الضخمة التي تزيد من الصفرة القاسية للقاعدة البعيدة ليعود الى تمرينه الذي قد يكون مقدمة لهجوم محتمل على العراق.