الأسد بدأ زيارة رسمية إلى المملكة المتحدة والعراق والقضية الفلسطينية في جدول محادثاته

عدنان عمران لـ«الشرق الأوسط»: سورية عبرت دوما عن معارضتها لأي ضربة للعراق

TT

وصل الى لندن أمس الرئيس السوري، بشار الاسد، في بداية زيارة رسمية الى المملكة المتحدة هي الاولى التي يقوم بها الى بريطانيا منذ توليه الرئاسة عام 2000، تلبية لدعوة رئيس الحكومة البريطانية، توني بلير، الذي قام بزيارة مماثلة الى دمشق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001.

ويذكر أن الرئىس الاسد عاش كطالب في بريطانيا في التسعينات الى أن اضطر الى قطع دراسته الجامعية عام 1994 والعودة الى دمشق إثر حادث سيارة أودى بحياة شقيقه الاكبر، باسل.

وقد أعلنت لندن أن برنامج الزيارة التي ستستمر أربعة أيام يتضمن لقاء في قصر بكنغهام مع الملكة اليزابيث الثانية، هو الاول لرئيس سوري منذ نالت سورية استقلالها عام 1946. وترافق الرئيس السوري في زيارته عقيلته، السيدة اسماء الاخرس، المولودة في بريطانيا والتي تخرجت من كلية «كينغز كوليدج» في لندن، ووفد سياسي واقتصادي كبير يضم نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فاروق الشرع، ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية غسان الرفاعي، ووزير المواصلات محمد بشير المنجد. وفيما ذكر مسؤولون بريطانيون أن التخطيط لهذه الزيارة تم قبل وقت طويل «ولا علاقة لها بتشكيل تحالف» اقليمي ضد العراق، قال وزير الاعلام السوري عدنان عمران ان الممارسات الاسرائيلية والموضوع العراقي سيكونان موضع مناقشة خلال زيارة الرئيس السوري لبريطانيا. ورأى الوزير السوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الزيارة تأتي في التوقيت الطبيعي الذي اتفق عليه بين البلدين في ضوء ظروف العمل والاعداد الذي تم من قبل الطرفين للموضوعات التي ستناقش بينهما بهدف انجاح الزيارة، ولكي تحقق التعاون الثنائي المطلوب في المجالات المختلفة، كما أن الزيارة تأتي تلبية للدعوة الموجهة من المملكة المتحدة ورداً على زيارة رئيس الحكومة البريطاني توني بلير. وأشار وزير الاعلام السوري الى أن المنطقة «تعيش ظروف العدوان والتهديد بالعدوان، لذلك من الطبيعي أن تكون الممارسات الاسرائيلية موضع مناقشة خلال الزيارة بهدف وضع حد لهذا العدوان وقيام جهد دولي حقيقي وفاعل لإلزام اسرائيل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف». وقال عمران: «أما بالنسبة للتهديدات بالعدوان الموجهة ضد شعب العراق فهي أيضاً تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، وتتعارض مع نص وروح قرار مجلس الأمن رقم 1441 الذي قضى بإجراءات التفتيش التي يشرف عليها مجلس الأمن، ومن الطبيعي أيضاً أن يكون هذا الموضوع أمام القائدين، وسورية عبرت باستمرار عن معارضتها لأي عدوان على العراق ومطالبتها باحترام الشرعية الدولية وقراراتها».

وكان الرئيس الاسد قد أدلى بتصريحات، الاسبوع الماضي، أعرب فيها عن اعتقاده بان الولايات المتحدة ستشن الحرب «لا محالة» على العراق، واشار الى أن هذه الحرب ستكون لها آثار في غاية الخطورة على منطقة الشرق الأوسط وستخلق تربة خصبة للارهاب. وفيما حرص مسؤولون في وزارة الخارجية البريطانية على القول بان البلدين لا يحاولان الادعاء بوجود اتفاق بينهما بشأن القضايا المختلفة، بدا أن بريطانيا تسعى في الوقت الحاضر الى علاقات أكثر تقاربا مع سورية بعد أن شهدت هذه العلاقات بعض التوتر في اعقاب مؤتمر صحافي عقد إبان زيارة بلير لدمشق، العام الماضي، وشهد سجالا بين الرئيس السوري ورئيس الحكومة البريطانية عقب تشبيه الاسد للمقاومة الفلسطينية بالمقاومة الفرنسية للاحتلال النازي خلال الحرب العالمية الثانية.

وقد أعرب أمس مسؤول اسرائيلي «تحفظ» بلاده إزاء تضمن برنامج زيارة الاسد لبريطانيا لقاء مع الملكة اليزابيث في قصر بكنغهام. وتريد اسرائيل من رئيس الحكومة البريطانية، توني بلير، أن يضغط على الرئيس السوري ليوقف دعمه «لحزب الله» اللبناني ومنظمات الرفض الفلسطينية التي تصنفها اسرائيل في خانة المنظمات «الارهابية». ومن المتوقع أن تسعى بريطانيا الى إقناع الرئيس السوري باستخدام نفوذه «لاحتواء» الجماعات الفلسطينية المناوئة لاسرائيل والتي تتخذ من دمشق مقرا لها.

وعن ردة الفعل الصهيونية في بريطانيا ازاء هذه الزيارة ومن برنامجها بوجه خاص، قال وزير الاعلام السوري ان رد الفعل الصهيوني في بريطانيا متوقع، لأن المنظمات الصهيونية في الدول الغربية يتوجه نشاطها وجهودها لخدمة اسرائيل حتى على حساب الدول التي تستوطن فيها، وقد أكدت المنظمات الصهيونية البريطانية باستمرار أنها في خدمة اسرائيل وألحقت بمواقفها أضراراً بمصالح الشعب البريطاني الأساسية، وهذه المواقف الصهيونية برهان إضافي على أهمية زيارة الرئيس بشار الأسد الى بريطانيا، وبرهان أيضاً على أنها زيارة مكرسة لخدمة القضايا العربية العادلة وأيضاً العلاقات الثنائية المشتركة. وقال إن المنظمات الصهيونية تسعى دائماً لإضعاف الروابط والعلاقات بين بريطانيا وجميع الدول العربية الاسلامية ما أمكن ذلك علما بأن الشعب البريطاني «الذي يتصف بالذكاء والمعرفة والرغبة في علاقات دولية تقوم على الاحترام المتبادل لا يمكن أن يُخدَعَ بالأكاذيب الصهيونية المكشوفة التي شكلت عبر عقود من السنين عبئاً ثقيلاً على بريطانيا وألحقت بالمصالح البريطانية خسائر فادحة». تجدر الاشارة الى أن سورية هي الدولة العربية الوحيدة التي تشغل حاليا مقعدا في مجلس الامن. وبحكم جوارها الجغرافي للعراق تعتبر في موقع استراتيجي مميز بالنسبة لاي تحولات قد تشهدها الساحة العراقية. وكانت سورية قد وافقت على القرار الذي صدر مؤخرا وتضمن بنودا متشددة بشأن نزع سلاح العراق.

وعن سبب الاهتمام البريطاني السياسي والاعلامي بزيارة الرئيس الأسد لبريطانيا قال وزير الاعلام السوري «إن سبب الاهتمام بالزيارة واضح فهي زيارة قائد عربي كبير يمثل بلداً هاماً يتمتع باحترام إقليمي ودولي وان الزيارة تتم الى بلد أوروبي أيضاً يتصف بالأهمية في قارته ويمتلك إمكانات سياسية واقتصادية وعلمية، وان البلدين يتوجهان من خلال الزيارة الى تطوير العلاقات في جميع المجالات الممكنة التي يتفقان على أهميتها وفائدتها للطرفين».

وعما إذا كان يرى في الزيارة أحد مظاهر الانفتاح السوري على أوروبا في ضوء شراكة قادمة، قال عمران «إن الزيارة ليست مظهر انفتاح بل إنها تأتي لتعزز انفتاحاً قائماً مع أوروبا... ولكن الثقل البريطاني هام ومن الضروري مواصلة تعزيز وتوسيع العلاقات مع جميع الدول الأوروبية». وعما إذا كانت زيارة الرئيس الأسد هذه ستسفر عن توقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع بريطانيا وقدوم مستثمرين بريطانيين الى سورية، قال عمران «في الواقع النشاط الاقتصادي مع بريطانيا بدأ يستعيد قوته منذ مدة والجهود التي يبذلها البلدان تهدف الى إعطائه قوة وزخماً إضافيين، وسبق أن عقد في العام الماضي مؤتمر كبير حول الاستثمار وحضرته مؤسسات استثمارية بريطانية ودولية هامة واتخذ توصيات تتصف بالوضوح والشمولية والجهود تتواصل الآن لوضع التوصيات ضمن آليات القرار».