المغرب: مئات المتظاهرين في الرباط يطالبون الدولة بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان

TT

تظاهر أمس في الرباط مئات الاشخاص بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان. وضمت التظاهرة التي دعت اليها عدة جمعيات حقوقية مغربية مستقلة، عشرات المعتقلين السياسيين السابقين واقارب ضحايا القمع السياسي في السنوات الماضية والعديد من الحقوقيين ومناضلي حقوق الانسان في المغرب. وعبرت التظاهرة شارع محمد الخامس في الرباط منطلقة من «باب الاحد» حتى محطة القطار الرئيسية في الرباط المدينة. وتخللت هذه المسيرة التي دامت ساعتين، وانضم اليها العديد من الاشخاص وقفة رمزية أمام مبنى البرلمان المغربي. وحسب المنظمين فإن عدد المشاركين فيها تجاوز الألفي متظاهر، كان يراقبهم رجال أمن يرتدون زيا مدنيا من بعد، بينما وقف بعض رجال الشرطة النظامية أمام مبنى البرلمان تحسبا لكل طارىء.

وتدخل هذه المظاهرة التي رخصت السلطات المغربية لها في اطار متابعة تنفيذ التوصيات التي اقرتها المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي عقدتها قبل عامين عدة جمعيات مستقلة تعنى بأوضاع حقوق الانسان والدفاع عنها، أبرزها الجمعية المغربية لحقوق الانسان، ومنتدى الحقيقة والانصاف، والمنظمة المغربية لحقوق الانسان، وذلك للمطالبة بـ«حل فوري للمطالب المستعجلة التي قدمت في شأنها هيئة المتابعة مذكرتها الى الجهات الرسمية منذ يونيو (حزيران) الماضي»، كما ورد ذلك في بيان وزعه المتظاهرون. وأضاف البيان ذاته أن هيئة المتابعة تطالب بـ«تبلور مقاربة شاملة للحل العادل للانتهاكات الجسيمة» كما تنبه الى «التفاقم المريع للأوضاع الصعبة ماديا وصحيا واجتماعيا لضحايا القمع السياسي وتزايد حالات الوفيات في صفوف العديد منهم». كما سجل البيان ما أسماه بـ«العودة المريبة لظاهرة الاختطاف والاحتجاز والتعذيب في أماكن سرية خارج نطاق القانون».

من جهة أخرى، قال أحمد بنجلون الامين العام لحزب الطليعة الديمقراطي وهو أيضا من ضحايا التعذيب في الماضي، إن «على الدولة أن تعوض الضحايا ماديا، وتعتذر لهم ولعائلاتهم عما ألحقته بهم من أضرار جسدية ومعنوية ونفسية». وكان لافتا للانتباه مشاركة العديد من الاطفال في هذه التظاهرة. وحملت طفلة صغيرة كانت تمشي في مقدمة المسيرة برفقة أطفال في عمر الزهور، لافتة صغيرة كتب عليها «لن يكون المغرب جميلا وأنا أنتظر عودة أبي». وعلى طول شارع محمد الخامس حمل المتظاهرون لافتات طويلة كتبت عليها مئات من أسماء المختفين والمعتقلين الذين ماتوا في السجون أو اختفى اثرهم في المعتقلات السرية في سنوات السبعينات والثمانينات، وكان من بين اللافتات التي رفعت واحدة حملتها نساء محجبات، طالبن من خلالها بإطلاق سراح المعتقلين الاسلاميين القابعين وراء قضبان السجون. وفي نهاية المسيرة قال محمد الصبار، رئيس منتدى الحقيقة والانصاف، ان هذه المسيرة «جاءت لتحث جميع المتدخلين في مجال حقوق الانسان من مسؤولين وحقوقيين وضحايا على القطع مع الممارسات السابقة، ومع عهد الانتهاكات الجسيمة، والاختطافات والاعتقالات السرية، وبكلمة واحدة مع التجربة المظلمة التي عاشها المغرب، وفتح صفحة جديدة لعهد جديد يقوم على احترام حقوق الانسان». بينما طالب متظاهرون آخرون بضرورة محاسبة «الجلادين» وتقديمهم الى المحاكمة لاظهار الحقيقة. وقال جمال الشيشاوي، وهو معتقل سياسي سابق، «ان مطالبنا يجب أن ترقى الى المطالبة بوضع ميثاق وطني لحقوق الانسان يشكل العمود الاساسي الذي ينظم العلاقات مابين الدولة ومؤسساتها من جهة والمواطنين من جهة أخرى، وذلك نظرا لغياب ضمانات قانونية في الوضع الحالي». ومن جهته، قال عبد الحميد أمين رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان، ان لجنة المتابعة الوطنية لملف الاختفاء القسري تتكون من ثلاثة تنظيمات هي المنظمة المغربية لحقوق الانسان والجمعية المغربية لحقوق الانسان ومنتدى الحقيقة والإنصاف وهي الجهة الداعية لمسيرة الرباط أمس، وتتفق حول المطالب الأساسية لإنهاء ملف الاختفاء القسري وهي مطالب تم اعتمادها خلال مؤتمر المناظرة الوطنية الأولى للاختفاء التي عقدت قبل عامين. وأضاف أمين أن الحركات الحقوقية رصدت انتهاكات جديدة في الآونة الأخيرة وشملت عددا من نشطاء الحركات الاسلامية، مطالبا بوضع حد لتلك الانتهاكات التي تتعارض مع الخطاب الرسمي الذي يؤكد على تجاوز سياسة القمع.