الولايات المتحدة تعد قائمة من 6 بنود حول ثغرات في التقرير العراقي لإقناع مجلس الأمن بفشل بغداد في التعاون

TT

في اطار التحضير للمرحلة الثانية من الحملة الهادفة لنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية، تعد الاستخبارات الاميركية قائمة بالتناقضات والفجوات التي وردت في التقرير العراقي حول اسلحة الدمار الشامل. وستوفر هذه القائمة، التي تتضمن نحو ستة بنود، ارضية لسلسلة مشددة وكثيفة من عمليات التفتيش التي قد تبدأ مطلع العام المقبل، حسبما قال بعض المسؤولين الاميركيين.

وتريد ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تحديد ثغرات تؤدي الى الكشف عن اسلحة الدمار الشامل وتقدم دليلا قاطعا على ان هذه الاسلحة ما زالت موجودة في اماكن اخرى، الامر الذي يبرر شن الحرب ضد بغداد، حسبما قالت نفس المصادر.

وقال مسؤول اميركي طلب عدم الكشف عن اسمه ان هذه المرحلة «هي الاكثر تعقيدا. نحن لا نملك الكثير من الحظوظ كي نفسد مسار الامور، والا فاننا سنفقد المبادرة. واذا فشلت عمليات التفتيش الاولى في التوصل الى نتيجة واذا عبّرنا عن سخطنا لذلك بحدة، فان ذلك قد يجعل اي جهود حازمة اخرى في ميدان التفتيش خالية من اي قيمة تستحقها». واضاف المسؤول الاميركي «علينا ان نختار اوراقا رابحة وان نلعبها بشكل صحيح، والا فقدت الأمم المتحدة الصبر، مما سيحول فائدة تعاون الأمم المتحدة في هذا الميدان الى مكسب لصالح صدام».

وقال بعض المسؤولين الاميركيين ان السرعة تمثل عنصراً اساسياً من عناصر النجاح في المرحلة الثانية، اذ ستضغط واشنطن على فرق التفتيش كي تتحرك بشكل اكثر حزما مما هو عليه الحال الآن. وقال احد المسؤولين في ادارة بوش «حينما يوضع كل شيء في مكانه، سيكون بامكانهم آنذاك التحرك بسرعة وبتنسيق اكبر. الامر شبيه بمحاولة العثور على صراصر في مطبخك عند منتصف الليل. فحالما تشعل الضوء يكون امامك اقل من ثلاث دقائق لمسكها. انه نفس المبدأ مع العراق».

ولمنع محاولات تهدف الى نقل بعض المواد، تريد الولايات المتحدة ان تكون عمليات التفتيش ذات رد فعل سريع، ولذلك يجب ان تعمل «فرق ب» جنبا الى جنب مع «فرق ا» التي عُينت للقيام بعمليات التحقيق الاولية. وهذه الامكانية لم تكن متوفرة في عمليات التفتيش السابقة، حسبما قالت المصادر الحكومية الاميركية.

ولتحقيق اقصى درجات الفعالية بالنسبة لعمليات التفتيش، يتعين ان يتم تسريع التخطيط الى «حد الثانية»، بهدف التنسيق، مثلا، بين عمليات مراقبة الاقمار الصناعية لشاحنات عراقية قد تكون واقفة جنب احدى المواقع، لكنها قد تتحرك لحظة وصول المفتشين، حسبما قال مسؤول له علاقة بعمليات المراقبة. وقال مسؤول حكومي آخر «نحن لا نريد ان نترك لصدام فرصة خداع المفتشين».

ويجب ان تكون عمليات التفتيش في المرحلة الثانية مترافقة مع اجراء المقابلات مع العلماء والمهندسين والتقنيين العراقيين الذين شاركوا في تطوير برامج الاسلحة. وقال المصدر المطلع «حالما ننتهي من صياغة التناقضات او الاهداف. سنقول هذه هي الاستراتيجية التي نوصي بها لفحص تاكيدات العراق، وهذه هي الطرق الثلاث التي بامكانكم استخدامها للكشف ان العراقيين يكذبون».

كذلك، ستقوم الولايات المتحدة بتشجيع مفتشي الاسلحة الدوليين على الشروع في تنفيذ تحقيقات متزامنة لعدة مرافق تخزين للاسلحة وعدة مواقع بحث وتطوير لها، اضافة الى التحقيق مع الكادر العراقي الذي لا بدّ ان تكون في حوزته معلومات عن الاسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية او عن الصواريخ البالستية، وفق ما قالت المصادر الرسمية نفسها.

لكن المسؤولين الاميركيين لا يزالون يتوقعون حدوث مشاكل حتى مع وجود تنسيق عال في عمليات التفتيش. وقال مسؤول في ادارة بوش «لو كان الامر سهلا، لكنا اثبتنا من قبل ان صدام كان يكذب منذ وقت طويل».

وبسبب الحجم الكبير من التناقضات الموجودة في التقرير العراقي عن الاسلحة، قررت الولايات المتحدة انه لن يكون من الواقعي الآن متابعة كل هذه التناقضات دفعة واحدة على الميدان. لكن الكثير منها سيتم تجميعه في سجل كامل يقدم لمجلس الامن، حسبما قال المسؤولون الاميركيون. وقال المسؤول المطلع «سنحتاج الى وقت نهائي لنبرهن كل ما وجدناه من تناقضات، ولذلك ستكون استراتيجيتنا شبيهة بطائر الكناري الموضوع في منجم للفحم».

وتعد الولايات المتحدة، بدعم من بريطانيا، هجوما دبلوماسيا كبيرا لضمان ان تتخذ البلدان الدائمة العضوية في مجلس الامن، موقفا حاسما بعد تقييم التقرير العراقي الذي جاء في 11807 صفحة وتم تسليمه الى الأمم المتحدة الاسبوع الماضي.

ومن جانبه، ظل وزير الخارجية الاميركي كولن باول منشغلا وبشكل يومي في الاتصال هاتفيا بوزراء خارجية البلدان الدائمة العضوية في مجلس الامن. وقال مسؤول كبير في الخارجية الاميركية انه «يقوم بالتنسيق بين الاصدقاء والمفتشين الآخرين وبين الطريقة التي نرتئيها مع اقترابنا من بدء المناقشات الرسمية حول التقرير العراقي الاسبوع المقبل».

وتخطط واشنطن الى ابقاء هوية المواقع التي تحب تفتيشها في هذه المرحلة واسماء العلماء العراقيين الذين ترغب باجراء مقابلات معهم، غير مكشوفة لاطول فترة ممكنة، لكن المسؤولين الاميركيين اعترفوا بان الرئيس العراقي يستطيع ان يقدر بسهولة هوية وطبيعة تلك الاهداف.

وفي محاولة لتخفيف الضغط الدولي عليه، بدا الرئيس العراقي بابعاد بعض اللاعبين الاساسيين عن الحصول على عقود تجارية ضخمة، حسبما قال مسؤولون اميركيون وخبراء متخصصون. وابلغت وزارة النفط العراقية موسكو الاسبوع الماضي انها الغت عقودا قيمتها 7.3 مليار دولار لتطوير حقل النفط الواقع في غرب القرنة. ونقلت وكالة «انترفاكس» للانباء الروسية هذا الخبر عن متحدث باسم شركة النفط «لوك اويل» الروسية. وجرى ذلك الالغاء بسبب فشل الشركة الروسية في تطوير الحقل الذي يبلغ احتياطه من النفط نحو 3.7 مليار برميل.

وظلت بغداد تضغط على الروس كي يبدأوا العمل في هذا الحقل النفطي، وكان ذلك سيكون خرقا للعقوبات الدولية المفروضة على العراق. وعلى الرغم من ان روسيا ظلت تدافع في الأمم المتحدة عن موقف بغداد، فانها صوتت الشهر الماضي على قرار مجلس الأمن القاضي بفرض نظام تفتيش جديد على العراق. وقالت جوديث يافي، المحللة الاستخباراتية السابقة والعاملة حاليا في جامعة الدفاع القومي بواشنطن «صدام يتوقع من الروس ان يعملوا اكثر لانهاء عمليات التفتيش عن الاسلحة، ولانهاء العقوبات الدولية والعمل بشكل اكبر للمحاججة لصالح وجهة النظر العراقية، لكنه شعر بالخيبة لعدم قيامهم بذلك. لقد قيل دائما ان اولئك الذين يدعمون موقفه تتم مكافأتهم بعقود تجارية كبيرة اما اولئك الذين لا يقومون بذلك فانهم سيدفعون الثمن».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»