الأمم المتحدة تضغط على الولايات المتحدة لمنح العلماء والمسؤولين العراقيين الذين ستستجوبهم حق اللجوء

مؤشرات على احتمال إجراء المقابلات في قبرص واستعداد تركيا لاستضافة بعضها

TT

قال مسؤولون في واشنطن والأمم المتحدة ان رئيس مفتشي الأسلحة هانس بليكس يواصل ضغوطه لاقناع الولايات المتحدة بمنح العلماء والمسؤولين العراقيين وأفراد أسرهم اذا ما رغبوا حق اللجوء السياسي. وأضاف هؤلاء ان ادارة بوش، التي ظلت تحث المفتشين على مقابلة العراقيين المعنيين ببرامج اسلحة الدمار الشامل، امتنعت حتى الآن عن تقديم ضمانات كاملة بمنح جميع العراقيين الذين يستجوبهم المفتشون حق اللجوء في أراضيها.

ويواصل مسؤولون في الادارة الأميركية مناقشات مكثفة مع المفتشين الدوليين من أجل التوصل لتسوية قد تكفل توفير ملجأ آمن لعدد مختار من العلماء العراقيين وأفراد عائلاتهم، اذا ماتعاونوا بالشكل المطلوب. وقد أجرى جون وولف مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الحد من انتشار الأسلحة النووية وجون نيغروبونتي سفير اميركا لدى الامم المتحدة عدة لقاءات خلال الأسبوعين الماضيين مع بليكس ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي وغيرهما من المسؤولين الدوليين، للاتفاق على طريقة استجواب العراقيين المعنيين. وعقب تلك المقابلات استهلت الولايات المتحدة حملة لاقناع المفتشين بالتعجيل بمسار استجواب العراقيين في مسعى للعثور على أدلة جديدة بشأن أسلحة العراق المخفية ولاختبار مدى تعاون بغداد. وقال وزير الخارجية كولن باول الخميس الماضي ان على المفتشين الدوليين «أن يولوا أهمية كبرى لمسألة استجواب العلماء وغيرهم من الشهود، خارج العراق حيث يمكنهم التحدث بحرية».

أما بليكس والبرادعي فقد أعربا الاسبوع الماضي عن رغبة متزايدة في النظر في أمر نقل المسؤولين العراقيين الى خارج البلاد اذا ما تم ضمان سلامتهم. وقد منحا العراق مهلة حتى آخر الشهر الحالي لتقديم قائمة بأسماء العلماء وغيرهم من المسؤولين العراقيين المعنيين ببرامج أسلحته الحالية والسابقة. وكان بليكس، الذي ظل يقاوم ضغط الولايات المتحدة بشأن تهريب المسؤولين العراقيين الى الخارج، طارحا انه لا يريد أن يكون مسؤولا عن وكالة لـ«المنشقين»، قد قال أمام مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي ان اجراء مثل هذا المقابلات مع المختصين العراقيين الراغبين في ذلك «خيار». أما البرادعي فقال «اننا سنجري هذه المقابلات» اذا ما توفرت الاجراءات الكفيلة بحماية العراقيين وأفراد عائلاتهم. وأوضح في مقابلة صحافية «اننا بحاجة لضمان سلامتهم والتأكد مما سيجري في الحالتين، سواء اذا ما طلبوا حق اللجوء في الخارج أو قرروا العودة الى العراق». وأضاف البرادعي انه سيجري الجولة الأولى من المقابلات غير المعلنة مع المختصين العراقيين داخل العراق قبل اختيار مجموعة محددة يتم استجوابها خارج البلاد. وأوضح «نحن بحاجة للتعرف على أولئك الذين تتوفر لديهم معلومات أساسية وللتأكد من استعدادهم لمغادرة العراق طوعا. ذلك اننا لن نرغمهم على ذلك».

أما مسؤولو الأمم المتحدة فقد أعربوا عن قلقهم بشأن رفض الولايات المتحدة، أو أية حكومة أخرى، طلبات اللجوء التي قد يتقدم بها أولئك العراقيون ممن تم نقلهم الى خارج البلاد ولم تكن معلوماتهم المتعلقة ببرنامج الأسلحة السرية ذات أهمية. وقال مسؤول في فريق التفتيش، اشترط عدم ذكر اسمه، «ماذا لو أن أحد هؤلاء ـ العراقيين ـ قال: «أرغب في اللجوء الى الولايات المتحدة، وبدورها تقول الأخيرة: كلا، لأن هذا الشخص كرر الطرح الرسمي». وأضاف المسؤول «حينها سنكون في مأزق. فهل سنعيد الشخص وأفراد عائلته الى العراق ونحن نعلم انهم على الأرجح سيقتلون أو سيلحق بهم أذى؟».

من جانبها تقوم الولايات المتحدة بوضع اللمسات النهائية على القائمة التي تضم أسماء علماء عراقيين ذوي خبرة تريد من المفتشين أن يستجوبوهم. ووفقا لمسؤول أميركي فان واشنطن «تعمل بشكل دؤوب» مع الأمم المتحدة من أجل حل قضية اللجوء. وقال «لم نتخذ قرارا بعد بشأن ترحيبنا بهؤلاء الأشخاص. وهناك مداولات تجري مع الأمم المتحدة ومع عدد من الدول، لكن لم يتقرر شيء بعد». وكان مسؤولون في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي قد قالوا انهم يتوقعون أن تتحمل الولايات المتحدة عبء الترحيب بطالبي اللجوء من العراقيين. وقال دبلوماسي أوروبي «هناك دولة واحدة تصر على هذه المسألة، وهذه الدولة سيكون عليها التفكير في ما يمكنها فعله. وليس صعبا على الولايات المتحدة بمفردها أن تستوعبهم. وهي مسألة لا تشكل عبئا كبيرا من حيث الهجرة».

يذكر ان قضية اللجوء تعد واحدة من مسائل عديدة تثير قلق واشنطن وتربك مساعيها الرامية للتعجيل بمسار استجواب المسؤولين العراقيين. ويحاول بليكس والبرادعي وضع ترتيبات أمنية متعلقة باجراء المقابلات مع الخبراء العراقيين داخل العراق. ووفقا لمصدر دولي فان الأمم المتحدة تتوقع الاتفاق على مواقع آمنة لاجراء المقابلات تحت حماية المنظمة الدولية بحيث يتم تغيير المواقع باستخدام معدات تشوش على أجهزة التنصت العراقية. وقال مسؤولون على دراية بالخطط المتعلقة بهذه المسألة ان بليكس والبرادعي ظلا يتشاوران مع الولايات المتحدة بشأن احتمالات اقناع دول مجاورة للعراق بتوفير موقع لاجراء المقابلات، وبتوفير المأوى والاجراءات الأمنية اضافة الى تأشيرات دخول مؤقتة لمن سيتم استجوابهم ولأفراد عائلاتهم. وأكثر المواقع احتمالا هو قبرص، حيث يتوفر للمفتشين الدوليين بالفعل مكتب دائم وحيث يتم تسيير رحلة جوية يومية بين لارنكا وبغداد، اضافة الى الأردن او تركيا.

ويتساءل المختصون في فريق التفتيش الدولي، في حالة اجرائهم لمقابلة مع مختص عراقي، عما اذا كانت قبرص ستمنحهم 42 تأشيرة دخول تشمل المعني وأفراد أسرته، وعما اذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لمنح حق اللجوء للعلماء العراقيين ولجميع أفراد عائلاتهم؟ وقال مسؤولون أميركيون ودوليون ان أيا من الدول المذكورة آنفا لم تتلق بعد طلبا رسميا بشأن توفير موقع لاجراء المقابلات. لكن سفير تركيا لدى الأمم المتحدة، أوميت بامير، قال ان حكومته ستكون على الأرجح مستعدة للمساعدة اذا ما طلب منها ذلك. واضاف «اذا ما اتصل بنا بليكس من أجل اجراء بعض المقابلات في تركيا، فلا أعتقد ان موقفنا سيكون سلبيا».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»