الأمير سعود الفيصل: لن نشارك في الحرب وهدفنا تجنيب العراق الضربة العسكرية وحل الأمور سلميا

لا نريد أن تكرر أميركا تجربة بريطانيا في مستعمراتها في العالم * آسفون لتأجيل «خريطة الطريق»

TT

اكد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، ان بلاده تريد تجنيب العراق اي ضربة عسكرية وحل الامور بالطرق السلمية في اطار الامم المتحدة.

وقال الأمير سعود في مؤتمر صحافي عقده امس في مقر وزارة الخارجية بالرياض «نحن نريد تجنيب العراق اي ضربة عسكرية، وهدفنا هو ان تحل الامور بالطرق السلمية وكنا دائما حريصين على ان يعالج الموضوع في اطار الامم المتحدة». واضاف في رد على سؤال عما اذا كانت السعودية ستسمح باستخدام اجوائها في حال عدم تفويض مجلس الامن لأميركا باستخدام القوة العسكرية ضد العراق، «الدول العربية عند مناقشة ملف العراق في الامم المتحدة في الخريف الماضي بذلت جهوداً حقيقية ملموسة وجماعية للتأكد من ان العراق يستجيب لمتطلبات الشرعية الدولية وقبول المراقبين وهذا ما حدث وهذا نابع من الحرص الجماعي العربي على تجنيب العراق اي عمل يضر بالمواطن العراقي وبالوطن العراقي بشكل عام». وتابع «الآن الموضوع في ايدي الامم المتحدة، نحن نستطيع ان نساهم في محاولة تجنيب العراق اي عمل عسكري، ولكن هذا يتطلب ايضا تعاونا من الحكومة العراقية. ونحن سعداء بتعاون الحكومة العراقية مع المفتشين ونأمل ان يكون في تقرير المفتشين للامم المتحدة ما يجنب العراق اي عمل عسكري».

وقال ايضاً «الفرضيات كثيرة، واذا فرض ان الامم المتحدة اخذت قرارا بفرض تنفيذ قراراتها بناء على المادة السابعة فهذا يتطلب من كل الدول ان تتعاون مع الامم المتحدة ولكن هذا لا يعني ان على كل الدول فرض ان تشارك في العمل العسكري. نحن لن نشارك في العمل العسكري بطبيعة الحال».

وأعرب الوزير السعودي عن سعادته لأن الرئيس الاميركي جورج بوش اعلن مرارا ان الحرب ليست الخيار الاخير وان المطلوب حل الموضوع سلميا، مضيفا بأن الامل والهدف هو الوصول الى حل سلمي. وقال في هذا السياق «املنا، طالما ان الموضوع احيل الى مجلس الامن وان الهدف هو الوصول الى حل سلمي، فانه حتى عندما يصدر قرار من مجلس الامن بعمل عسكري، ان تتاح الفرصة للدول العربية ان تبذل جهدا حتى في ذلك الوقت الدقيق لحل الموضوع سياسيا. هذا كل ما نستطيع ان نعمله». واكد ان «الهدف الرئيسي للسعودية هو تجنيب العراق اي ضربة عسكرية» والتأكيد على «وحدة العراق واستقلاله ووحدة اراضيه، وهذه مبادئ كانت ركيزة السياسة السعودية منذ ان بدأت مشكلة العراق مع الامم المتحدة بعد تحرير الكويت وستبقى هذه السياسة كما هي».

وفي ما يتعلق بمبادرة الخارجية الاميركية للشراكة مع الشرق الاوسط وموقف السعودية منها، قال «في جوانب من خطاب وزير الخارجية الاميركية كولن باول في هذا الشأن مثل التعاون في الجانب الاقتصادي مهمة جدا. وبدون شك ان المشاكل التي تواجه الدول العربية في الشرق الاوسط ليست سياسية وامنية فقط ولكن هناك مشاكل اقتصادية. ولا اعتقد بأن القدرات الذاتية لبعض الدول في الشرق الاوسط قادرة على ان تتغلب على المشاكل الاقتصادية التي تواجهها وبالتالي تحتاج الى دعم خارجي للتغلب على هذه الجوانب الاقتصادية وبالمقابل المساعدة في التغلب على الجوانب الاقتصادية ما في شك سيكون له مردوده على الجوانب الاجتماعية والسياسية في نفس الوقت. وبالتالي اذا بذل جهد دولي للمؤازرة والمساعدة الاقتصادية وتوفير السيولة المطلوبة لهذه الدول للسير في اطار التنمية بشكل جيد سيكون له المردود الكبير على الاوضاع في الشرق الاوسط. والمساعدات الخارجية مثل المساعدات الاميركية للشرق الاوسط حتى الآن جلها يذهب لاسرائيل بينما الدول العربية لا تكاد تحصل على شيء من هذه المساعدات. والمساعدات الاوروبية وان كانت اكثر بالنسبة للدول العربية الا انها لا ترقى الى المستوى الذي تتطلبه الاوضاع الاقتصادية في العالم العربي. نأمل ان يكون هذا المنظور للمشاركة يؤدي فعلا الى مشاركة حقيقية في التغلب على الجوانب الاقتصادية».

وفي ما يتعلق بالشأن السياسي من المبادرة، قال: «طبعا في جوانب اخرى في هذا الطرح وتتعلق بالاوضاع السياسية في هذه الدول. بالنسبة للسعودية فالولايات المتحدة دولة صديقة والنصح والتناصح بين دولتين صديقتين لا استغراب حوله ولا نفور منه ولكن اذا كان نصحا وتناصحا، اما اذا كان رغبة في فرض اساليب لا تتقبلها مجتمعاتنا فستكون الصورة معاكسة لذلك وردود الفعل ستكون اسوأ والنية، ونحن لا نشكك في النوايا، في الوصول الى استقرار في المنطقة ستكون الانعكاسات عليها ليست في صالح الجميع. ونحن نتذكر نحن دول اغلبنا، وهذا لا يشمل السعودية، خرج من الاستعمار قريبا ونتذكر ايام الاستعمار البريطاني عندما كانوا يسمونه بانه يحضر العالم ونحن نعرف ما حصل عن هذا المجهود الذي بذلته بريطانيا خلفت لاجل ذلك مشاكل في كل اصقاع العالم ومن ضمنها العالم العربي».

وفي رد على سؤال عن العلاقة مع قطر بعد انتهاء القمة الخليجية، ووجود اي مساع او جهود خليجية او عربية لاصلاح ذات البين، قال وزير الخارجية السعودي: «لا».

وحول صحة الانباء التي تتحدث عن مساع عربية لاقناع القيادة العراقية بالتخلي عن الحكم وضمان حق اللجوء السياسي لها وهل للسعودية دور في هذه المساعي، قال: «الاتصالات العربية مع العراق في هذا الاطار لم تنقطع وهي مستمرة والمشاورات مستمرة في هذا الاطار، لا يكاد يكون هناك عربي الا ويحاول ان يجنب العراق اي مأساة تصدر عن طريق عمل عسكري، والاتصالات في هذا الصدد مستمرة بعضها معلن وبعضها غير معلن ولكن كل الدول العربية معنية ان يكون هناك تجنيب للعراق اي عمل عسكري، لكن لا توجد للسعودية اتصالات مع العراق في هذا الشأن».

وفي شأن يتعلق بمجلس التعاون الخليجي وتحويله الى منظمة اقتصادية، اوضح الأمير سعود بأن الحكم على مجلس التعاون ليس في ماذا فعله او يفعله بالنسبة للعلاقات الثنائية بين حكومات المنطقة ولكن ماذا فعله ويفعله لمصلحة المواطن الخليجي.

واضاف في هذا السياق قائلا: «والمنصف لا يمكن الا ان ينظر الى الحصيلة الكبيرة التي وجدت بين دول مجلس التعاون في توحيد الانظمة والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة وتوحيد العملة والمواطنة، وهذه اسس».

وأوضح في هذا الخصوص قائلا: «وما يجعلنا لا نرى الصرح كما يجب ان ننظر اليه ان كل الاعمال حتى الآن كانت في التجهيزات الاساسية وهذه لا تظهر كبناء الا بعد ان تكتمل والآن بدأ البناء يظهر على السطح مثل الاتحاد الجمركي على الصعيد الاقتصادي وفي الجانب الامني توجد قيادة مشتركة وهناك قوة درع الجزيرة تتطور على احدث الاساليب والتعاون الامني على اقوى ما يكون والانظمة بين الدول وحدت كلها تقريبا في اطار مجلس التعاون. كل هذه امور حقيقية لكن كلما ظهر خلاف بين دولة واخرى تظهر عبارات ان المجلس سيتحطم، كيف يصدر هذا الحكم عليه بهذه السهولة وسط هذا الزخم الكبير من التعاون الذي تم حتى الآن».

واضاف مؤكدا: «هذه المنظمة وجدت لتبقى وجدت لتخدم المواطن الخليجي ورديف للقضايا العربية والاسلامية».

وفي ما يتعلق بخلو بيان قمة مجلس التعاون الاخيرة من الاشارة الى العمل العسكري الاميركي المحتمل ضد العراق، قال وزير الخارجية السعودي: «صدر في البيان اشارة الى اننا نريد وحدة العراق واستقلال العراق ووحدته الوطنية وعدم تعرض العراق للاعمال العسكرية وهذا امر لا يمكن التشكيك فيه، فالموقف الخليجي موقف ثابت وهو محاولة تجنيب العراق اي عمل عسكري».

وفي رد على سؤال عن وجود قلق سعودي من الاصوات المتطرفة في الادارة الاميركية التي تحاول الضغط على السعودية للقيام باجراءات معينة، وحقيقة وجود القوات الاميركية في قاعدة الأمير سلطان الجوية، قال: «بالنسبة للادارة الاميركية نحن لا نسمع الا امورا ايجابية، لكن هناك اتهامات في الاعلام الاميركي ضد السعودية لكننا لا نلمس من الادارة الاميركية هذا التشكيك الذي يصدر في الاوساط الاعلامية. توجد اصوات هنا وهناك وفي الكونغرس الاميركي ايضا تنساق مع الاتهامات الاعلامية لكننا لا نلمس من الادارة الاميركية. فلا استطيع ان اؤكد ان هناك اصواتا من الادارة الاميركية تشكك في السعودية».

واشار الى حكمة للملك عبد العزيز عندما تعرضت السعودية الى هجوم واتهامات مقاربة للهجوم والاتهامات الحالية، واتهمت بأنها تمارس الديانة الوهابية وبالتالي هناك خطر على العالم العربي منها، فكانت مقولة الملك عبد العزيز دائما لمستشاريه عندما يتساءلون لماذا لا يوجد رد على هذه الاتهامات، «اذا كان ما يقال عنا صحيحا اصلحوه، واذا كان غير صحيح سيظهر للجميع».

واضاف الأمير سعود: «وهذه الفلسفة تسري في السعودية وانا اعتقد ان كل مواطن يتفهم هذا الاسلوب من التعامل مع التهجمات الاعلامية لكنه يتوقع ايضا من الدولة انه اذا كان هناك امر يحتاج الى الاصلاح ان تصلحه وهذا هو ما هي عازمة عليه الدولة وتقوم به بشكل سريع وقوي وفعال».

وفي ما يتعلق بقاعدة الأمير سلطان اجاب بقوله: «هذه القاعدة ليست خفية والجميع شاهد البرامج التلفزيونية التي ظهرت فيها القاعدة وتوجد فيها طائرات اميركية وفرنسية وبريطانية لأعمال المراقبة الجوية على جنوب العراق والتي اسست في اتفاقية صفوان التي وقع عليها العراق وسجلت في اطار الامم المتحدة كأداة لتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي وهي تعمل في هذا الاطار منذ ذلك الحين لا اكثر ولا اقل وهذا لا يعني ان السعودية ستهاجم العراق او ستسمح بمهاجمة العراق من اراضيها والامور بقيت كما هي وفقا لاتفاقية صفوان».

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن احتمال قيام الولايات المتحدة الاميركية بشن حرب ضد العراق والى اي مدى يمكن ان تتأثر الدول المجاورة بنتائج هذه الحرب من ناحية فرض اميركا لسياسات معينة في هذه الدول، اجاب الأمير سعود: «مشكلة الحرب لا يستطيع أن يتنبأ بنتائجها فمتى ما قامت حرب فإن نتائجها لا أحد يستطيع أن يضمنها تبقى نتائجها على البندقية التي في يد العسكري والمدفع والاسلحة فهي التي تتخاطب وليس بالعقل والحكمة. فكيف نستطيع أن نتأكد من ذلك، فالعراق بلد مهم ومحوري في العالم العربي واستقراره وازدهاره مهم لجميع دول المنطقة فلا يمكننا إلا أن ننظر بترقب شديد وبتوجس قوي على نتائج أي عمل عسكري ضد العراق، ونحاول قدر الامكان أن لا تندلع هذه الحرب لكيلا نضطر ان نعالج نتائجها التي ستكون سيئة بلا شك».

وفي سؤال عن توقعه للوضع في العراق، قال: «أنا كوزير خارجية طالت المدة لي في هذا المنصب واذا كان هناك شيء تعلمته فهو أن لا أتنبأ بشيء إطلاقاً».

وحول حقيقة الخلاف مع قطر وتزايد الاجتهادات في هذا الموضوع، قال: «المملكة حريصة في أن تكون علاقاتها مع كل دول المجلس على أرقى المستويات وليس الحد الأدنى من العلاقات، ولكن العلاقات تبقى في اطارها الصحيح بناء على الاطراف المتبادلة، الرؤيا واضحة بيننا وبين قطر على هذه العلاقات وما يجب أن يحدث لاصلاحها ومن الأفضل أن تبقى على الاطار ولكن في هذه الأثناء هذا لن يغير أي شيء بالنسبة لتعاوننا مع دول المجلس جميعاً أو ثنائياً لمواجهة أي تحد. وهذا نهج لسياسة المملكة من قديم الزمان وسيبقى منهجها في المستقبل، ونأمل على أي حال أن اي شوائب أن تزول وبأسرع ما يمكن».

وفي سؤال حول اعلان الرئيس الاميركي اخيراً تأجيل مشروع خارطة الطريق الخاص بالقضية الفلسطينية إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية برغم ان الخارطة نفسها كما يشاع لا تضمن التزاماً بإقامة الدولة الفلسطينية في موعد محدد واللجنة الرباعية العربية اجتمعت مؤخراً، ما هو الموقف العربي المطلوب حيال هذا المشروع، قال: «نحن سمعنا بالمداولات التي حصلت في اللجنة الرباعية حول خارطة الطريق ولم نستلم أية معلومات حولها إلا اننا نتوقع أن الدول العربية، خاصة أعضاء اللجنة سيتم إطلاعهم على المداولات في إطار المجموعة الرباعية، تعليقات الصحف تشير لتأجيل طرح مشروع خارطة الطريق رسمياً، أو علنياً ونحن نأسف لذلك. لو كان التأجيل لأغراض جوهرية كان يمكن أن يكون مقبولاً ولكن تأجيلها لانتهاء الانتخابات الإسرائيلية لا نرى أن ذلك مبرر حقيقي للتأجيل يعني ماذا سيحدث في الانتخابات الإسرائيلية هل ستأتي حكومة أكثر تقبلا لعملية السلام فكل التطلعات أنها ستكون حكومة مؤلفة من متطرفين وسيكون طابعها تطرفاً اشد من الحكومة الحالية».

واضاف: «خارطة الطريق بطبيعة الحال عندما تظهر لا بد أن تدرسها اللجنة الرباعية العربية في هذا الإطار، ونحن اهتمامنا بالمشروع العربي الذي اجمع عليه في بيروت واعتمادها في الجامعة العربية في اللجنة إذا كان هناك خارطة طريق، فخارطة طريق تؤدي إلى أين، يعني يجب أن يكون هناك هدف لهذا الطريق أن يؤدي لوجود دولة فلسطينية، في نظرنا يجب أن يسبق المفاوضات ولا يلحقها وهذا في نظرنا وهذا الفصل فيه للاخوة الفلسطينيين، ولكن إذا أنشئت الدولية فهي التي تستطيع أن تلتزم بخارطة الطريق ولكن خارطة الطريق لن تكون مؤدية إلى المكان المطلوب إذا تركت بدون وضع المشروع العربي المركز النهائي لخارطة الطريق نحن في بلاد صحراوية وإذا أقمت طريقاً بدون أن يؤدي إلى منطقة مدنية يمكن أن تتوه في الصحراء ويهلكك الظمأ، فبالتالي وضع المشروع العربي الذي يحدد النهاية لعملية السلام عنصر أساسي ومحوري لإنجاح خريطة الطريق».

وفي سؤال عن حتمية وقوع الحرب ومن ان هناك مفاجأة اللحظة الأخيرة وهو تنحي السلطة في العراق، فهل لدى السعودية الاستعداد لقبول صدام حسين كلاجئ سياسي، قال «جيد أن هذا هو آخر سؤال، كيف تريدني أن أرد عليه».