محقق فرنسي يعمل لحساب عائلات أميركية تقاضي سعوديين يرفع تقريرا للأمم المتحدة يدعو لمراجعة التبرعات الخيرية في السعودية

TT

قال تقرير سلم الى الامم المتحدة، انه على الرغم من اتخاذ اجراءات صارمة بخصوص تمويل الارهاب بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، فانه ما يزال يتعين على السعودية مراجعة النظم التي سمحت لمئات ملايين الدولارات بالتدفق على متشددين إسلاميين عبر الاعمال والجمعيات الخيرية.

وقال المحقق الفرنسي الذي اعد التقرير، في مقابلة اجريت معه، ان المتبرعين السعوديين البارزين والشركات والجمعيات الخيرية التي تم اكتشاف وصول تبرعاتها الى شبكة «القاعدة» عن طريق المحققين حول العالم، مستمرون في تقديم التبرعات. وحسب التقرير فان المشكلة تتمثل جزئيا في الخلط بين التدين والممارسات المالية، الامر الذي يعوق جهود إصلاح نظام التبرعات في المجتمع السعودي.

وأضاف المحقق الفرنسي جون شارل بريسار «إن «القاعدة» تمكنت من الحصول على ما يتراوح بين 300 و500 مليون دولار اميركي خلال العشر سنوات الماضية من رجال الاعمال الاثرياء والمصرفيين الذين تمثل ثرواتهم 20 في المائة من اجمال الناتج القومي السعودي، عبر شبكات من الجمعيات الخارجية والشركات الواجهة. ومعظم هذا العمود الفقري المالي لا يزال قائما وقادرا على دعم المؤسسات الاصولية».

وقد سلم بريسار التقرير الواقع في 43 صفحة الاسبوع الماضي إلى الأمم المتحدة بناء على طلب السفير الكولومبي لدى المنظمة الدولية الرئيس الحالي لمجلس الامن. وقضى بريسار سنوات يحلل، لحساب جهاز الاستخبارات الفرنسي، طرق تمويل تنظيم «القاعدة». ويعمل بريسار حالياً محققاً خاصاً لاقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر الذين رفعوا دعاوى قضائية ضد سعوديين يتهمونهم فيها بتمويل نشاطات «القاعدة».

ورفض متحدث باسم البعثة السعودية في الامم المتحدة التعليق على المزاعم الواردة في التقرير، قائلاً «ان التقرير يرد على نفسه، ونحن لا نعلق على مثل هذه التقارير». واوضح ان السعوديين تعرضوا الى انتقادات غير عادلة في اعقاب هجمات 11 سبتمبر، وان السلطات السعودية اتخذت خطوات لتنظيم التبرعات التي تصل قيمتها إلى مئات ملايين الدولارات سنوياً.

وكانت السلطات السعودية اعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي انها ستكثف عمليات التدقيق في نشاطات الجمعيات الخيرية. وقالت انها ستسن قوانين جديدة وتشكل وحدات خاصة لمكافحة غسيل الاموال.

وزعم تقرير بريسار ان مثل هذه الاجراءات غير كافية، مشيراً الى ان تحويل الاموال المشروعة الى اغراض اجرامية يختلف عن غسيل الاموال المتمثل في اعادة تدوير ارباح العمليات الاجرامية وتحويلها الى مشروعات قانونية.

وأشار التقرير إلى ان البيانات التي اصدرها اسامة بن لادن تظهر انه استفاد من اموال الزكاة. واضاف ان التبرعات اصبحت اهم مصادر تمويل شبكة القاعدة، نسبة لان هذه التبرعات ليست منظمة بصورة عامة. واعترف بريسار بان السعودية «حاولت مرارا وضع قواعد قانونية لتنظيم الزكاة والتبرعات».

يذكر ان السلطات السعودية اعلنت انه منذ 11 سبتمبر 2001، تم تجميد حوالي 5.5 مليون دولار من 33 حسابا مصرفيا تابعا لثلاثة افراد.

وزعم تقرير بريسار ان مقاومة المتدينين قد حمت البنية التي انشأها رجال الاعمال والشركات والمصارف واستفاد منها المتشددون الاسلاميون. واوصى التقرير السعودية بإجراء تغييرات جذرية مثل تشكيل وكالة غير دينية للاشراف على الزكاة ومنع التبرعات النقدية والمساهمات الخيرية من الشركات.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»