قيادي في جبال النوبة: الحكومة لم تتفهم مطالبنا لذلك فوضنا حركة قرنق للتفاوض باسمنا في ماشاكوس

البروفيسور حمودة: الجبال لا تملك مقومات دولة وسننضم للجنوب أو للشمال

TT

اثار المؤتمر الذي عقدته قيادات بارزة من منطقة جبال النوبة في السودان بمنطقة كاودا التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان بالجبال، جدلا واسعا بسبب القرارات المثيرة التي خرج بها المؤتمرون، ومن بينها مطالبتهم بحق تقرير المصير أسوة بالجنوب، وتفويضهم للحركة الشعبية للتحدث باسمهم في مفاوضات السلام السودانية المقبلة بماشاكوس بكينيا الشهر المقبل.

واتخذ المؤتمر الذي عقد في الفترة من الثاني وحتى الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري بحضور الدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية، قرارا بدمج احزاب الجبال الاربعة في حزب واحد تحت قيادة السياسي الأب فيليب عباس غبوش، واختار ثلاثة نواب له هم رؤساء الاحزاب الثلاثة الاخرى. ولمعرفة تفاصيل ما تم وابعاده وظلاله واسبابه التقت «الشرق الأوسط» في الخرطوم البروفيسور الأمين حمودة الذي اختير في هذا المؤتمر كأحد نواب رئيس الحزب الجديد الذي حمل اسم الحزب القومي السوداني المتحد.

* هل فوضت قيادات النوبة في كاودا الحركة الشعبية لطرح قضية الجبال في منبر الإيقاد؟

ـ لقد تبني المؤتمرون قضايا خاصة بجبال النوبة ومن اهمها المطالبة بحكم ذاتي للمنطقة وهو مطلب قديم ظل مطروحا على الحكومات المركزية منذ السبعينات، وتطبيق قوانين تعترف بالتنوع الثقافي والديني وهي القوانين التي ستحكم مناطق الحركة خلال الفترة الانتقالية، ومن القضايا التي تبناها المؤتمرون ايضا حق تقرير المصير في نهاية الفترة الانتقالية، ومطالبة «الايقاد» بمناقشة قضية جبال النوبة والنيل الأزرق وابيي ووضع الحلول لها كأساس للتسوية الشاملة لكل مشاكل السودان وتخويل الحركة التفاوض نيابة عن أبناء الجبال في مفاوضات «الايقاد» وان يلعب الحزب القومي السوداني الجديد دورا ناشطا في مثل هذه المفاوضات. وتبنينا في المؤتمر قرارات تطالب بسيطرة أبناء الجبال على اقتصاد المنطقة، وان تحل قضية ملكية الارض في أي اتفاق سلام حلا صحيحاً يضمن حقوق شعب النوبة في ارضه وجذب الدعم الدولي لمساعدة النازحين من سكان المنطقة للعودة الى مناطقهم وتأكيد حريتهم في التحرك وأهمية التحقيق الحر المستقل في انتهاكات حقوق الإنسان ضد ابناء الجبال وتقديم المنتهكين للمحاكمة.

* ولماذا تفويض الحركة تحديدا وانتم لستم أعضاء فيها؟

ـ لأن منبر «الايقاد» يتحدث عن الحكومة والحركة ولا يسمح لطرف ثالث بالمشاركة او طرح قضيته فكان لا بد من البحث عن جهة تتبني آراءنا في المفاوضات، لذلك قرر المؤتمرون في كاودا تفويض الحركة. وهي أبدت تفهمها لرؤيتنا وقبلت بطرحنا. ولو كانت الحكومة تفهمت وتبنت نظرتنا لكان من الاولى ان نسمح لها بطرح القضية. ونحن مصرون على ان مشكلة الجبال والمناطق المهمشة لا بد ان تطرح في «الايقاد» وليس في أي منبر آخر لان هذا القضايا جزء اساسي من القضية السودانية ولا بد ان تحل في اطار القضية ككل.

* ولكن «الايقاد» اعلنت انها فقط معنية بقضية الحرب بين الشمال والجنوب، فكيف تتجاوزون أنتم والحركة هذه المعضلة؟

ـ ان اعتبار حدود 1956، هي حدود المشكلة تبسيط مخل للقضية، فالحركة التي تحاورها الحكومة لها وجود في الجبال والنيل الازرق، وما دامت الحكومة تتفاوض مع الحركة حول الجنوب فلا بد ان تشمل المفاوضات بقية المناطق. وفي هذا الاطار فان الحكومة فاوضت الحركة مطلع هذا العام لوقف اطلاق النار في الجبال.

* اذن كيف يمكن حل التعارض بين ما هو معلن من الايقاد ومطالبكم والحركة؟

ـ لقد اوصلنا رأينا لكل الاطراف ونرى ان السلام الشامل لن يتم الا على هذا المستوى وأي تجزئة لهذه القضية لن تقود الى السلام شامل.

* ما هي الكيفية التي سيتم بها طرح القضية امام موقف السكرتارية المقتصر على حل مشكلة حرب الشمال والجنوب؟

ـ اؤكد لك ان هذه القضية ستناقش في الجولة القادمة.

* ولكن الجولة القادمة مخصصة لقسمة الثروة؟

ـ لقد علمنا ان قضية الجبال وابيي والنيل الأزرق ستطرح يوم 15 القادم.

* هل ستطرح كجزء من قضية الجنوب؟

ـ لم نقل ذلك والجبال ليست جغرافيا تقع في اجزاء من الجنوب ولكنها جزء من قضية الحركة مع النظام.

* تعني ان الوضع القائم بعد كاودا هو تحالف بينكم وبين الحركة؟

ـ لا يمكن ان نقول تحالفا، فالحركة لا تملك واجهة سياسية والتحالف موضوع سابق لاوانه.

* فاجأتم القوى السياسية بمطلب حق تقرير المصير، الا يجد هذا المطلب معارضة من قوى اخرى في الجبال لها صوت ورأي مسموع؟

ـ القوي الرئيسية في الجبال والتي تمثل 90 في المائة من الشعب هي التي طرحت هذه المطالب وهي دخلت البرلمان خلال الفترة من 1986 ـ 1989 بثمانية نواب، وهذا يعكس الرأي الحقيقي لأبناء الجبال والشارع النوبي. ووارد ان تكون هناك آراء معارضة لحق تقرير المصير ولكن لا قاعدة جماهيرية لها وما تطرحة مجرد آراء فردية وبلا قاعدة سياسية او اجتماعية.

* الملاحظ ان هذه الأصوات التي تقلل من شأنها دعيت للمشاركة في اجتماع كمبالا الشهر الماضي والذي اقر الحكم الذاتي فكيف تصفها بأنها بلا قاعدة؟

ـ ما حدث في كمبالا كان منبراً للحوار، أما في كاودا فقد انعقد مؤتمر ضم التنظيمات الرئيسية وممثلين للشباب والمرأة ورجال الادارة المدنية في المناطق التي تسيطر عليها الحركة. اما قيادات الحركة نفسها فلم تشارك في المداولات او صياغة القرارات والتوصيات. وهذا هو الفرق بين ما تم في كمبالا وكاودا.

* حق تقرير المصير منح الجنوبيين الحق في الوحدة او الانفصال، هل تطالبون به لنفس الغرض؟

ـ الجبال لا تملك مقومات دولة ونحن نطالب بالحق بعد الفترة الانتقالية لنقرر ما اذا كنا سننضم الى الشمال او الجنوب. اما خلال الفترة الانتقالية فنريد ان نحكم انفسنا عبر حكومة ننتخبها بأنفسنا، وطالما ان الفترة الانتقالية تقتضي قيام نظامين في دولة واحدة فاننا نريد ان يكون لنا وضعنا في هذين النظامين.

* طالبتم بتطبيق نفس القوانين التي ستطبق في الجنوب لماذا تحديداً هذه القوانين خاصة ان التركيبة الثقافية هنا وهناك ليست واحدة؟

ـ هذا صحيح. ونحن نتصور ان يحكم الجنوب بالقوانين التي كانت سائدة قبل تطبيق احكام الشريعة الاسلامية لذا نقول هذا.

* لماذا افترضتم ان الجنوب سيحكم بتلك القوانين، الا يمكن ان تسن قوانين جديدة تأخذ في الاعتبار وضع القبائل وعاداتها فيها. فهل مطالبتكم بهذه القوانين نتيجة ضغوط؟

ـ لا توجد ضغوط ولا يوجد تعاطف مع الحركة في قضية القوانين. ان موقفنا الاساسي هو رفض قوانين الشريعة نظراً للتعدد الثقافي والديني في المنطقة، ونحن مدركون ان غالبية سكان النوبة من المسلمين بعكس الجنوب حيث الأغلبية من اصحاب الديانات غير الكتابية. ولا يعني قولنا أننا نطالب بتطبيق القوانين التي ستطبق في الجنوب او ان نأخذ بها أياً كانت.

* لماذا اعلنتم توحيد الاحزاب الاربعة في كاودا، الا يثير هذا شبهة الضغوط؟

ـ لقد اعلنا توحيد الاحزاب الاربعة في منطقة تقع بالجبال حيث الجماهير وهي احزاب القومي الحر برئاسة غبوش، والقومي السوداني القيادة الجماعية برئاسة محمد حماد كوة، واتحاد جبال النوبة برئاسة يوسف عبد الله جبريل، والقومي السوداني برئاستي. ولم يكن التوحيد قرار اللحظة بل نتحاور حوله منذ عام وقام بيننا تحالف حول العديد من القضايا وكنا على وشك اعلان التوحيد في الخرطوم ولو تأخر قيام المؤتمر اسبوعاً لصدر الاعلان من هنا. وسوف نخطر مسجل تنظيمات الاحزاب كما تقضي القوانين حتى نستطيع ممارسة نشاطنا.

* هل ستبدأون حواراً مع الحكومة لدعم مطالبكم؟

ـ الحكومة لم توجه لنا الدعوة للتفاكر حول قضية الجبال ولم تدعنا ضمن الوفد الاستشاري، أي انها تجاهلتنا وهذا هو السبب الذي يدفعنا الآن لطرح مطالبنا عبر الحركة فكيف اذن نتحاور مع الحكومة وهي تتجاهلنا.

* هناك مجموعات من المواطنين بينهم سلاطين من الجبال ابلغوا الحكومة قبل انعقاد مؤتمركم انهم ضد تقرير المصير، فكيف ستتجاوزن نفوذ هؤلاء القادة؟

ـ أنا لا اريد ان اقلل من أهميتهم ولكن رجال الادارة الاهلية (السلاطين) جاء بهم الوالي من دون ان يخبرهم بحقيقة الزيارة للخرطوم، وعندما علم عدد منهم بالغرض عادوا ولكن اغلب رجال الادارة لا يتمتعون بنفوذ سياسي.

* تضم الجبال قبائل اخرى غير نوباوية. ما هو وضعها في مطالبكم؟

ـ لقد وجهنا الدعوة للمؤتمر الجامع خلال هذا العام لكل العناصر التي تعيش في المنطقة لوضع أسس للتعايش ولا بد من التأكيد ان مطالب النوبة لا تتعارض مع مصالح الجماعات الأخرى وسنعمل خلال المؤتمر على تأمين مبدأ التعايش.

* ما هي نسبة القبائل الاخرى الى النوبة في المنطقة؟

ـ النوبة 70 في المائة.

* هل سيسمح لهم بالمشاركة في كل المراحل ومن بينها الاستفتاء على حق تقرير المصير؟

ـ بالتأكيد نعم.