رئيس المجلس الثوري الإريتري: قوى المعارضة مخترقة وهؤلاء يشوهون سمعتنا

سيوم ميكائيل لـ«الشرق الأوسط»: نعم انسحبنا من اجتماع أديس أبابا ولكننا لسنا خارج الإجماع

TT

أثار انسحاب جبهة التحرير الإريترية (المجلس الثوري) من اجتماعات قوى المعارضة الإريترية الذي استضافته لأول مرة العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تساؤلات كثيرة في أوساط المراقبين والمهتمين بالشأن الإريتري باعتبار أن المجلس الثوري من أعمدة هذا التحالف ومن واضعي ميثاقه ولبناته الأولى.

وذهب البعض في تفسيراته حول أسباب الانسحاب المفاجئ لوفد المجلس الثوري من اجتماع قيادة التحالف في دورته الخامسة إلى القول بأن خلفيته هو اعتراض المجلس الثوري على اختيار رئيس التحالف الجديد حروي تدلا بايرو، لاعتقادهم بأن اختياره جاء نتيجة لضغوط الدولة المضيفة على المشاركين وبما يشبه إملاء الشروط. «الشرق الأوسط» حملت هذه التساؤلات لـ سيوم عقبا ميكائيل رئيس جبهة التحرير الإريترية (المجلس الثوري) في محاولة منها لاستطلاع الحقيقة، واجرته معه عبر شبكة الانترنت.

* هل تعتبرون انفسكم حاليا الآن خارج التحالف؟ وهل هناك محاولات لإصلاح البين تمهيداً لعودتكم مرة أخرى إلى صفوف التحالف، أم هي بداية لمرحلة جديدة من الانشقاق والتشتت الذي صاحبت المعارضة الاريترية منذ عقدين من الزمن؟

ـ عملياً نحن الآن خارج التحالف الوطني المعارض، وهو أمر فرض علينا من بقية أعضاء التحالف، وكانت لسلسلة الأحداث التي تجلت منذ الجلسة الأولى للدورة الخامسة لقيادة التحالف الوطني التي آتت بعناصر أكثر تصلبا،ً حيث تدهورت عوامل الثقة إلى حد كبير وتلوثت أجواء التحالف بسبب البيانات والسلوك غير المسؤولة من قبل بعض قيادات التحالف حيث أطلقت حملة تشهير ضد تنظيمنا طالت سمعة قيادة التنظيم، وقد استخدموا لهذا الغرض كل الوسائل بما فيها الأكاذيب والافتراءات لزرع بذور الشك والارتياب بهدف خلق الفجوة بين جبهة التحرير الاريترية والمجلس الثوري ودول الجوار.

* هل يمكن ان تكون تلك العناصر نوعا من الاختراق؟

ـ هو اختراق سري وغير معلن في صفوف تجمع المعارضة الإريترية في توسيع الفجوة بين تنظيمنا وباقي أعضاء التحالف، والذي استمر في بث سمومه والطعن والتشويه بتنظيمنا وسمعة قيادته على الدوام، وهو ما صعب كثيرا من عملية إصلاح الخلل الذي أصاب علاقة التحالف، على الرغم من المحاولات العديدة التي بذلت من قبل بعض العناصر الإريترية المعنية أو حتى من دول الجوار لجمع أصحاب القرار من جديد تمهيداً لعودة العلاقات بين تنظيمنا وبقية قوى المعارضة، ولكن وبالرغم مما جري فقد أوضحنا موقفنا وأن أبوابنا ما زالت مفتوحة علماً بأننا لم نسمع بأية مواقف مشابهة من التحالف في هذا الاتجاه.

* اذن هل تواجهون حاليا صعوبة في اعادة العلاقات الى ما كانت عليه؟

ـ على ضوء ما ذكر، يمكن للمرء أن يتخيل حجم الصعوبة في إعادة العلاقات بين تنظيمنا وبقية التحالف إلى ما كانت عليه، ولكن قد يبدو ممكنا عملية إعادة الوئام من جديد عن طريق اكتشاف قواعد جديدة لعمل مشترك، لذلك أطلقنا من جانبنا لجنة استشارية خاصة مهمتها الالتقاء والتشاور مع دوائر المعارضة الإريترية العاملة داخل التحالف وخارجه وأيضا المستقلة من أجل التحضير لمؤتمر الإنقاذ الوطني الذي يجمع بالإضافة إلى بقية التحالف، والأحزاب السياسية، والمنظمات المدنية، وزعماء الطوائف الدينية، والمستقلين وبالطبع المجلس الثوري وذلك للاجتماع والتخطيط للمرحلة الانتقالية نحو حكم القانون في إريتريا.

* هل كان انسحابكم من التحالف ضرورياً في هذا الوقت بالذات؟

ـ ما قمنا به ليس انسحاباً ولكن نوع من أنواع الاحتجاج، فالخروج من جلسات أي مؤتمر يعتبر أسلوبا سلميا ديمقراطيا يمارس في جميع المنظمات الأهلية والإقليمية والدولية، حيث يعبر المرء عن رأيه في ما طرح من نقاش. وقد فضلنا أن نوضح موقفنا بكل شفافية ووضوح دون أي غموض ورأينا أن لا نشارك في جلسة انتخابات تم الترتيب لها مسبقاً وفق ما أكده باقي أعضاء التحالف بقولهم بان ما تم كان رغبة الدول المجاورة.

* ما ابرز نقاط الخلاف مع قيادة التحالف وأدت بدورها إلى انسحابكم المفاجئ؟

ـ دعنا ننظر للسؤال من منظوره الصحيح، ان التحالف هو مظلة تضم المجموعات السياسية الإريترية التي اتفقت فيما بينها بموجب مبادئ ميثاق التحالف، والميثاق في حد ذاته يشكل الحد الأدنى من الاتفاق وعندما قمنا بتأسيس التحالف كان الهدف منه تهيئة الأرضية الملائمة لقيام عمل جماعي وطني مشترك وفعال أساسه الاحترام المتبادل، وكنا نتطلع دوماً إلى توحيد الصفوف في وجه الدكتاتورية وإعلان دولة مستقرة في إريتريا بطريقة سلسة وديمقراطية.

ومن المعلوم، أن المجلس الثوري لعب دوراً أساسياً في قيام التحالف الوطني وتحمل العبء الأكبر من المسؤولية، وخلال الدورة الخامسة الأخيرة عمل وفدنا بكل قوة في اتجاه تطوير الميثاق والدستور في الوقت الذي كانت تجري فيه في الخفاء مؤامرات لتهميش دورنا وإبعادنا عن الصورة والتقليل من موقفنا داخل التحالف، وقد اتضح هذا كله عندما بُلغنا من قبلهم أي (التحالف) بأنهم سينتخبون السيد حروي تدلا بايرو لرئاسة التحالف في المرحلة المقبلة لأن هذا خيار الدول المجاورة، وقد رأينا في ذلك تجاوزاً خطيراً وظاهرة خطيرة تثير للقلق، إذ كان يتوجب على المجموعات المتحالفة الالتزام بمبادئ الميثاق والمحافظة على استقلالية التحالف، لذلك كان لا بد لنا أن نحدد موقفنا وكان الرد المناسب هو الخروج من الاجتماعات.

* اذن كيف ترون الصورة المستقبلية؟

ـ نحن من جانبنا ملتزمون بمبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل والتعاون الإقليمي والتكامل الاقتصادي فيما بين دول المنطقة، كما نؤيد أن يعم السلام والاستقرار كل دول المنطقة، كما ندرك بأننا يمكن أن نؤثر على الآخرين ونتأثر بهم، كما نعتقد بأن علينا أن نأخذ مصالح جيراننا في إطار المصلحة المشتركة ولكن لا نستطيع أن نسمح لهذه الاعتبارات أن يكون لها اليد العليا عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات في أمور هي في الأساس من اهتمامات شعبنا وبلدنا ونعارض بشدة فكرة قيام نظام تابع لدولة أخرى في اريتريا مهما كان نوعه، لهذه الأسباب أخذنا الأمر محمل الجد وخرجنا من الاجتماع.

* هناك من يقول ان اعتراضكم على اختيار حروي تدلا بايرو لقيادة التحالف كان سببا في الانسحاب من التحالف؟

ـ أولا نحن لم نخرج من صفوف التحالف إطلاقاً، فقط انسحبنا من الاجتماع، أما انتخاب حروي بايرو على رأس التحالف فيجب أن ينظر إليه في إطار الموضوع العام، فالرجل في صلب المؤامرة، وبالتالي فان حملة التشهير ضد تنظيمنا وانسحابها من التحالف يعتبر أكبر كذبة وعملا غير مسؤول ومدمرا في نفس الوقت.

* لكن هناك ايضا من يقول بأنكم كنتم المرشح الأكثر حظاً لقيادة لتحالف، ولكن النتيجة جاءت عكسية لذلك فضلتم الانسحاب؟

ـ إطلاقا لا، فليس من عادة التحالف إجراء انتخابات على أساس شخصي، والمناصب القيادية يتم شغلها حسب الميثاق بشكل دوري، ولم تكن لنا أولوية للترشيح أصلاً، بل ان الدورة ووفقا للنظام المعمول به كانت من حق حركة الخلاص الإسلامي وليس للمجلس الثوري، وقد أوضحنا ذلك للاخوة في (الخلاص)، ولكن في حالة عدم توليهم المنصب كنا على استعداد لتولي قيادة التحالف لأننا كنا الأكثر تأهيلاً لقياد التحالف في المرحلة المقبلة، لذلك فإن إشاعة انسحاب المجلس الثوري من الاجتماعات بسبب عدم انتخاب رئيسه هو مجرد ادعاءات أطلقها الآخرون.

* وردت من قبلكم عبارات مثل (ممارسة ضغوط من دول الجوار على المجتمعين)، هل هذا يعني أن حروي بايرو جاء على رأس التحالف بسبب ضغوط مارستها الدولة الراعية على المجتمعين؟

ـ نحن لم نقل هذا، ولكن من أبلغنا بهذه المعلومات هم أعضاء التحالف الآخرون وهو ما أكده حروي بنفسه، ونحن أبلغناهم بدورنا بأن هذا الأمر سوف يؤثر على استقلالية التحالف ويخلق شرخاً في التحالف بما يؤدي إلى قيام نظام خاضع لدولة أجنبية وهو تطور إن حدث سوف ينتهك كافة الجهود الرامية لإشاعة الديمقراطية والاستقرار في إريتريا.

* لا تزال هناك تساؤلات قائمة حول موقف الإدارة الأميركية من التحالف، فما صحة ما قيل عن عدم ممانعة اميركا في تغيير النظام في أسمرة إذا تعهدت قوى التحالف برعاية مصالحها في المنطقة؟

ـ حسب علمنا أن الإدارة الاميركية لم تتخذ موقفاً واضحاً من القضايا المتعلقة بالتحالف المعارض للنظام في أسمرة، ولكن ما توصلت إليه من نقاشاتي مع المسؤولين الاميركيين اخيرا، فأنهم لا يحملون موقفاً سلبياً تجاه المعارضة الإريترية، وقد أكدوا لنا بأنهم مع الديمقراطية واحترام مبادئ حقوق الإنسان في إريتريا، ومن جانبنا في جبهة التحرير الاريترية (المجلس الثوري) نجري مفاوضات مع الجانب الاميركي وأننا متفائلون بأن موقفاً اميركيا سيتبلور في المستقبل. ونحن نلعب على عدة محاور فقد شجعنا الاعتدال في المجموعات الإسلامية داخل التحالف، وقمنا بجهود لطمأنة الإدارة الأميركية بعدم وجود أي تهديدات إرهابية محتملة ضد الولايات المتحدة من قبل المعارضة، والمهم أن يكون هناك احترام متبادل واعتراف بالمصالح المشتركة.

* كيف ترون الوضع الحالي في إريتريا في ظل التطورات الأخيرة، وهل ما زلتم تصرون على عدم استخدام السلاح في مواجهته؟

ـ موقف الحكومة أصبح بائساً، والرئيس اسياس أفورقي يدير دولة فاشلة، وقد كانت حكومته منذ البداية لعنة على الشعب، فقد صودرت الحريات المدنية وانتهكت حقوق الإنسان وسيطرت على مصادر الدخل وأطلقت حملة إرهابية لم تشهد مثلها البلاد، مما أدى إلى تدمير مكتسبات الشعب وجرده من حقوقه وقيمه وثقافته وكرامته وعلاقاته الطيبة مع الآخرين، ويحمل الضغائن ضد الشعوب الشقيقة في المنطقة، فقد شن الحرب على جيرانه، مما عزل بلادنا عن جيرانه والعالم العربي من حوله، وحول البلاد إلى سجن كبير لشعبه. كما أن عدم ثبات المواقف من الدول المجاورة في السابق وعدم وضوح الرؤية لم توفر للمعارضة الإريترية عناصر الاستقرار حتى تقوي من أرضيتها وتجمع العناصر التي تحدث التغيير المطلوب.

* تحدثتم عن عدم وضوح الرؤية من دول الجوار عن المعارضة، فماذا تقصدون بها؟

ـ في الوقت الحاضر تغير الوضع، وأصبحت دول الجوار أكثر جدية وبالطريقة التي يمكن الاعتماد عليها في إحداث التغيير المطلوب، ونحن لا نريد من جيراننا أن يحلوا محلنا من أجل التغيير المنشود، ولكن كل ما نطلبه منهم هو تضامنهم معنا ودعمهم القوي لنا وتسهيل مهمتنا وخلق الجو المناسب الذي يتيح قيام عمل وطني جاد. أما في ما يتعلق بالشق الثاني من السؤال السابق وهو عدم استخدام السلاح في المواجهة، فاني أحب أن أكد بأن الدفاع عن النفس هو حق مشروع، وأن انهيار النظام أصبح حتميا وهو على الأبواب وكل ما نطلبه هو تنظيم أنفسنا لتحقيق الإجماع المطلوب في مؤتمر الانقاذ الوطني المقبل.