أنباء عن تراجع مدريد عن اتفاق نهائي مع لندن حول جبل طارق بعد ساعات من توقيعه

TT

كُشف امس أن الحكومة الاسبانية الغت في ابريل (نيسان) الماضي اتفاقاً شاملاً مع بريطانيا حول تقاسم السيادة على جبل طارق، وذلك بعد ساعات من عقده. وذكرت صحيفة «ويسترن ميل» في عددها الصادر امس في اقليم ويلز، ان بيتر هين وزير الدولة السابق لشؤون أوروبا قد توصل الى الاتفاق مع نظيره الاسباني رامون ميغيل في ابريل الفائت بعد ستة اشهر من المفاوضات المضنية. بيد ان وزير الخارجية الاسباني السابق جوزيب بيكيه اتصل بنظيره البريطاني جاك سترو طالباً إلغاء الاتفاق، فيما كان هين لا يزال بعد في الاجواء على متن الطائرة التي اقلته الى لندن. واعتذر هين، الذي تمت ترقيته أخيراً الى مجلس الوزراء كوزير لشؤون ويلز، عن الخوض في تفاصيل الاتفاق الذي أجهض لأنها كانت «مفاوضات خاصة مفصلة». غير انه قال «في تلك الفترة كانت هناك صفقة مدهشة تاريخية لكل من جبل طارق وبريطانيا واسبانيا». ونقلت الصحيفة الويلزية عن مصدر في الخارجية البريطانية قوله إن سترو فوجئ بالموقف الاسباني، إذ اعتقد بادئ الامر أن «بيكيه اتصل كي يقدم له تهانيه على الصفقة». واشار المصدر الى أن «كل مواقف الحد الادنى (البريطانية) التي طرحها هين قد حظيت بموافقة رامون دي ميغيل، لكن يبدو أنهم أرادوا في ما بعد تحقيق المزيد، وهذا شيء لم يكن مقبولاً لدينا على الاطلاق». وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء الاسباني خوزيه ماريا آثنار رفض الموافقة على الصفقة، الامر الذي دفع مدريد الى التراجع عنها بالسرعة القصوى. وزادت ان الاتفاق «الذي كاد يتم» كان سيؤدي الى تقاسم السيادة واحتفاظ بريطانيا بسيطرتها المنفردة على قواعدها العسكرية في الصخرة، هذا إذا أقره سكان المستعمرة في استفتاء عام. ومعروف ان الغالبية الساحقة لهؤلاء السكان (حوالي 30 الف نسمة) يرفضون إشراك إسبانيا بالسيادة على جبل طارق.

والجدير بالذكر ان التراجع الاسباني المزعوم لم يُغلق باب المفاوضات نهائياً بين البلدين حول مستقبل المستعمرة. بل أعلن سترو في تصريح غير مسبوق في مجلس العموم البريطاني أدلى به في 12 يوليو (تموز) الماضي، أن لندن متفقة مبدئياً مع مدريد حول تقاسم السيادة. ومع أنه أكد وجود عراقيل لاتزال تمنع الوصول الى «اتفاق شامل ونهائي»، فقد اوضح آنذاك ان الجانبين قد توصلا الى «اتفاق عام حول عدد من المبادئ التي ستستند اليها التسوية». بيد ان البحث عن هذا الاتفاق النهائي لم يبدأ بعد إثر التغييرات التي أجراها كل من آثنار ونظيره البريطاني توني بلير على حكومتيهما في الاشهر القليلة الماضية. وأكدت مصادر الخارجية البريطانية أن وزير شؤون أوروبا الجديد دينيس ماكشين لم يبحث منذ تعيينه ـ قبل أسابيع ـ ملف جبل طارق مع دي ميغيل او مع وزيرة الخارجية الاسبانية آنا دي بلاثيو التي حلت محل بيكيه قبل أشهر.