مسؤولون أميركيون يكشفون أسرار وإخفاقات الحرب ضد الإرهاب: واشنطن ضيعت فرصة قتل بن لادن بعد أن رصدته من الفضاء والطوق الوقائي ضد الإرهاب النووي لم يثبت فعاليته

إدارة بوش هي الأولى لرئيس أميركي التي تحافظ على وجود دائم للحكومة في مخبأ تحت الأرض * بوب أهم مصادر الاستخبارات المركزية في باكستان عاد إلى مقر الوكالة لإدارة الموقف مع العراق * خلافات بين المسؤولين حول تأثير حرب العراق على الحملة ضد الإرهاب

TT

في أواخر العام الماضي وفي سرية تامة دشنت ادارة الرئيس بوش نظام دفاع وقائيا ضد الارهاب النووي في العاصمة واشنطن، اطلق عليه اسم «طوق حول واشنطن» وكان هذا النظام يهدف الى سرعة اكتشاف الاسلحة النووية والقنابل الاشعاعية قبل استخدامها.

ووفقا لما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة فإن ذلك النظام ما زال تحت التطوير وان كان قد اجريت له تجربة على نطاق واسع في مقاطعة كولومبيا، فقد قام العلماء بتركيب شبكة من أجهزة التجسس الاشعاعية على النقاط المهمة بالمقاطعة في الشوارع وعلى الانهار، اضافة الى عربات عسكرية متحركة تحمل على متنها أجهزة تجسس متنقلة وكذلك كانت هناك وحدة قتالية تم اختيارها من القيادة العليا للعمليات الخاصة تقف على أهبة الاستعداد بالقرب من العاصمة.

ويقول أحد المصادر انه بانتهاء تجربة «طوق حول واشنطن» كانت المعامل القومية التابعة لادارة الطاقة قد تعلمت الكثير عن كيفية التعامل مع شبكة مراقبة موزعة على هذا النحو ولكن هذه المعلومات لم تكن كافية للاحتفاظ بهذه الشبكة في نفس مكانها وبنفس النجاح، ففي بعض الاحيان والتي تكشف عنها لواشنطن بوست تفشل أجهزة الاختبار التي تعمل واشعة جاما او الاشعة النيرونية في تحديد الاشارات الاشعاعية الخطيرة المنبعثة، وفي أحيان أخرى تطلق تلك الأجهزة انذارات كاذبة لمجرد نفايات طبية عادية أو عن اشعاعات عادية لاحجار الجبال.

ورغم مرور 15شهرا على بدء الحرب الاميركية على تنظيم القاعدة الا ان احتمال تعرض الولايات المتحدة لهجمات ما زال قائما، فقد دمرت الحملة العالمية التي اطلقها الرئيس بوش ملجأ أسامة بن لادن في أفغانستان، وخففت موارده المالية، وشتت رجاله، كما قامت بقتل وأسر بعض من اخطر قادته، ولكن لم يكن يوجد شيء في ترسانة القاعدة او كانت قادرة على فعله في 11 سبتمبر (ايلول)، ويمكن على اساسه لمستشاري الرئيس ان يدعو انهم تخلصوا منه.

وما زال تهديد تنظيم بن لادن والذي يقدر البيت الابيض رجاله الاساسيين القياديين بحوالي اكثر من 30 شخصا قائما، لقد أظهر المشاركون في الصراع سواء على المستوى العملي أو المستوى الأعلى بين المسؤولين الاميركيين، والذين تمت مقابلة العديد منهم بصورة مطولة، تسليما قدريا مثيرا للدهشة، حتى عند وصف اعتقادهم السائد بأن الولايات المتحدة سوف تكون لها الغلبة في النهاية، وعند الضغط عليهم، فهم جميعا يقولون انهم سيقيسون نجاحهم بمدى منع تكرار الهجمات التي تتسبب في وقوع ضحايا كثيرين ضد الوطن الاميركي، وليس بعدم وقوعها.

ويقول جنرال الجيش المتقاعد واين داوننج، الذي كان يشغل منصب نائب مستشار الرئيس بوش للأمن القومي للإرهاب المعتاد حتى الثامن من يوليو (تموز) في اشارة الى اعضاء القاعدة : لا يبلغ طولهم 10 اقدام وليسوا رجالا خارقين، وفي العديد من الحالات يكونون بدائيين للغاية، ولكنهم ربما يكونون أكثر قدرة مما مضى.

ويشير أحد الذين عينهم بوش، للعمل كمتفرغ في وحدة مكافحة الارهاب، الى شهادة مدير الاستخبارات المركزية جورج تينت التي صرح بها منذ شهرين «بأننا تعرضنا الى هجمات ارهابية انتحارية وما زلنا نتعرض لها للآن»، ويعقب المسؤول بقوله «مع انفاق كل تلك المليارات بلا حساب ـ بالمال والافراد والدماء ـ كيف يمكن الادعاء بأننا احرزنا أي نجاح اذا ما كنا معرضين للهجوم كما هو الحال في السابق؟ ان هذا لا يستقيم مع ذاك».

* 13 هدفا مهما

* ان عناصر «العجز الأمني» لدى الولايات المتحدة، متنوعة كما يقول مسؤول حالي آخر، ويقع في حدود نطاق مسؤولياتهم، وعلى نطاق واسع من الوظائف الحكومية، تقريبا اعترف جميع الذين تمت مقابلتهم بأنهم يعملون تحت تهديدات ولا يملكون أية اجابة حالية عليها، وفي بعض الحالات، وصفوا التحدي بأنه لا يمكن تفاديه، وفي حالات أخرى، ضمنيا وعلنا، يثير المسؤولون اسئلة حول خيارات الرئيس في الحرب على الإرهاب.

وما زال يوجد 13 رجلا من اصل 20 استطاعت واشنطن بوست ان تحددهم ممن هم مدرجون في قوائم الحكومة بأنهم «أهداف هامة للغاية»، مصيرهم غير محدد، وصرح مسؤول رفيع المستوى من قلب الاحداث يوم الجمعة الماضي، بأن هدف الرئيس بوش الاقصى، هو القبض او قتل الحلقة الضيقة من القادة الذين يرى انهم مسؤولون بالدرجة الأولى عن تهديدات القاعدة القوية، «إننا نريد الوصول الى ذلك القلب أكثر من أي شيء آخر» كما يقول المسؤول واصفا عددهم بأنهم تقريبا 30 رجلا، وقد قامت واشنطن بوست بتحديد العشرين رجلا عن طريق المقابلات ومجموعة من الملحوظات أبداها أحد المشاركين في عمليات ملاحقة رجال القاعدة، بشكل يعتقد بصورة واسعة ان الثلاثة عشر رجلا الذين يدعون «أهدافا هامة للغاية» في لغة الحكومة، يضمون أربعة من خمسة من أعلى قادة التنظيم، وقد صرحت مستشارة الأمن القومي كوندليزا رايس ، في مقابلة مختصرة من أجل الاعداد لهذا التقرير «بأننا نوقع بصورة مستمرة بأعضاء من الشبكات الارهابية، ولكن ذلك، كما تقول، ليست مجرد لعبة أرقام بعض الذين عملوا في الملاحقة، يقولون ان الحكومة قد اضاعت الكثير بل ربما معظم أفضل الفرص لقتل الاهداف العليا في الشهور الأولى الحيوية من الحرب في افغانستان، اذ كانت النزاعات دائرة في ذلك الوقت حول قواعد الاشتباك وخطوط القيادة، وبعضها لم يتم وصفه من قبل».

وفي اكتوبر (تشرين الاول) ونوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2001، كما يقولون، كان أكثر الأعداء المطلوبين يتمركزون في افغانستان، ومنعت الصراعات بين وكالة الاستخبارات المركزية والقيادة الوسطى في الولايات المتحدة من جهة وبينهم أنفسهم من جهة أخرى، اطلاق صواريخ هيل فاير من طائرات الاستطلاع بريديتور 15 مرة على الاقل ضد اهداف ارهابية، وفقا لمصادر ذات صلة مباشرة، وقد تمادت الصراعات من خلال حدوث تغييرين في قواعد الاشتباك، مع تزايد الفرص الضائعة لبدء القتال حتى قدوم الربيع.

وما زال تنظيم القاعدة قادرا على القيادة العالمية والتحكم، كما فعل بالمشارط والطائرات في هجمات 11 سبتمبر، فالتنظيم يعمل على ايجاد استخدامات مبتكرة من التقنيات العادية لافساد جهود الولايات المتحدة «لاختراق التنظيم» والتعبير استخدمه تينت في خضم حالة عدم اليقين الحالية حول قادة تنظيم «القاعد» فإن الهاجس الأكبر لادارة بوش هو ما اذا كانت هناك «خلايا نائمة» لم تكتشف في الولايات المتحدة أم لا، وقد نتج هذا القلق، والذي عبر عن هذا القلق على نطاق واسع الذين قابلناهم، وهو ناتج عن اعتقاد سائد بأنه ربما يوجد متآمرون من داخل الدولة في مؤامرة 11 سبتمبر لم يتم التعرف عليهم من قبل مكتب المباحث الفيدرالي ولكن روبرت. س. مولير المدير بالمباحث الفيدرالي يؤكد عدم وجود متآمرين من الداخل.

ويوجد على الأقل اختلافان هامان بين المسؤولين الذين قابلناهم من أجل ذلك التقرير، أحدهما خاص بالحقائق والآخر خاص بالسياسات، فلا يوجد اتفاق بينهم حول ما إذا كانت القاعدة تقوم بتغيير قادتها الأعلى بخلفاء أكفاء بسرعة بمجرد ان تفقدهم، وهو امر له انعكاسات بالنسبة الى نجاح سياسة الرئيس.

كما انهم لم يتفقوا على الاولوية والسرعة اللتين يتعين على الولايات المتحدة ان توجه بهما سياستها نحو معالجة اسباب الغضب في العالمين العربي والاسلامي، وهو اختلاف يؤدي الى وجهات نظر متعارضة حول ما اذا كانت الحرب على القاعدة ستعزز أم تتراجع أمام الحرب ضد العراق.

ويقول دواننج الذي لم يعط اي مقابلات خلال وجوده في البيت الابيض، كما لم يتحدث حول هذا الموضوع حتى الان ان الخطر الاكبر يأتي من سعي القاعدة وراء الاهداف الكبيرة ورغبتها في الحصول على اسلحة دمار شامل. ويشير داوننج «الى هوس القاعدة بهذه الاسلحة واجرائهم ابحاثا حول الاسلحة الكيماوية والاجهزة الاشعاعية، وهوسهم بالاسلحة النووية». والإرهاب في أحدث صوره يمثل تناقضات «الحرب غير المتناظرة» والتي يمكن خلالها ان يلحق أذى بأمة قوية من خصم ذي قوة أقل كثيرا من قوتها ولكن القتال مع القاعدة له ايضا جانب متماثل، فبوش يرغب في قتل القاعدة من القمة، وهذا ينطبق ايضا على خطة القاعدة بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية.

وفي مقابلة أجريت في يونيو (حزيران) الماضي ولكن تم بثها في سبتمبر (ايلول) في قناة الجزيرة القطرية الفضائية، قال قيادي القاعدة رمزي بن الشيبة ان الرحلة رقم 93 التابعة لشركة يونايتد، والتي تحطمت في بنسلفانيا في 11 سبتمبر 2001 كانت تستهدف مبنى الكونغرس.

ويميل المحللون الاميركيون الى الرأي القائل بأن بن الشيبة كاذب، وقال اربعة مسؤولون ان ادلة افضل تشير الى ان البيت الأبيض كان الهدف من هذه الطائرة.

* توقع مهاجمة البيت الأبيض

* ويرفض دواننج الاجابة على اسئلة استخبارية لكنه يبدي ملحوظة أيدها أيضا مسؤولون حاليون بشرط عدم نشر اسمائهم، لقد عادت القاعدة في 11 سبتمبر 2001 الى مركز التجارة العالمي، الذي كادت أن تنجح في تدميره في انفجار عام 1993، ولكنه فشل، وفيما بعد نجح، كما فشلت ثم نجحت في قتل دبلوماسي اميركي في عمان في الاردن، وبعد الاخفاق في الهجوم على المدمرة الاميركية سالفانس في ميناء عدن في اليمن في يناير (كانون الثاني) 2000 نفذت القاعدة هجوما مطابقا باستخدام قارب محمل بالمتفجرات، ونجح في المرة الثانية، ضد المدمرة الاميركية كول بعد ذلك بثمانية أشهر، كما يلاحظ داوننج.

ويقول داوننج «بأن هؤلاء الرجال مستمرون في العودة الى الاهداف التي حاولوا ضربها سابقا»، «ولهذا السبب اتوقع انهم سوف يعودون الى واشنطن، وانهم سوف يعودون الى نيويورك، في كلتا الحالتين بسبب التأثير الرمزي لهذه الهجمات وكذلك للتأثير الاقتصادي».

وقد أتى أقوى تعبير عن ذلك الرأي بصورة شخصية للغاية من أحد المشاركين في المجهودات المبذولة ضد القاعدة، والذي كان مكتبه مجاورا لشارع بنسلفانيا.

يقول المسؤول «انهم يريدون قتل البيت الابيض» انني بالفعل بدأت اتساءل ما اذا كنت ارغب في الاستمرار في النهوض كل يوم وان آتي للعمل في هذا البناء.

وفي وسط هذا الخضم من الحرب مع القاعدة، فان اصدق مؤشر على المخاطر التاريخية الموضوعة في الاعتبار هو حرص المسؤولين في الأدارة الاميركية على تبادل الذهاب الى مخبأ تحت الارض بعيدا عن واشنطن، فلم يفكر أي رئيس قبل بوش في أن «استمرارية الحكومة» موضع شك أو أن يحرص بشكل دائم المحافظة على الوجود الدائم المكلف في المخبأ تحت الارض.

ويصف الذين قاموا بعمل رحلات شاقة هناك التجربة بأنها سيريالية ويقول أحدهم «كانت هادئة لمدة ساعة، ولكنها بعد ذلك كانت ثقيلة الوطأة للغاية»، ومن مظاهر ذلك، كما يقول اكثر من واحد منهم، هو ملاحظة بأن العناصر الهامة بالنسبة للسلطة الدستورية ما زالت في خطر، حتى لو كان المخططون قد تمتعوا برؤية مستقبلية لكل عواقب اي هجوم مأساوي.

ويعمل المسؤولون الزائرون للمخبأ على مكاتب من مادة الاستنلي ستيل وأحيانا ينامون كل شخصين في حجرة واحدة عندما يكون مزدحما، بينما المخبأ نفسه مزدحم بأجهزة الكومبيوتر ومعدات الاتصالات، والمخبأ تحت الأرض يحافظ على التقارير والقدرات التي يعتقد المخططون انهم سوف يحتاجونها عند اعادة تكوين الحكومة ونقل مقارها الى مكاتب ميدانية خارج واشنطن، فعلى سبيل المثال، حددت وزارة الطاقة مكتب عمليات Albuaqerane، وهو أكبر مكاتبها كمقر بديل، بينما حدد مكتب المباحث الفيدرالي مكتبه الضخم للقمر الصناعي، في نيويورك IRVFDG.

وقال ثلاثة اشخاص لديهم خبرة بمخبأ القيادة انه غالبا ما يوجد أحد أعضاء حكومة الرئيس بوش، مقيما في غرف بسيطة، ويقولون ببعض السخرية «هناك مفارقات، فهناك غرفة تسمى «جناح القائد العام» وتمر أيام عديدة عندما لا يوجد أحد مهيأ دستوريا ليحل مكان الشخص المعني مثل عندما يكون الرئيس أو نائب الرئيس أو اعضاء الحكومة مسافرين، كما ان هناك بعض الوزراء لا علاقة لهم بالخلافة، مثل وزير الاسكان ميل. بر. مارتنيز ووزيرة العمل الين. ل. شو، اللذين ولدا بالترتيب في كوبا وتايوان، وهما ممنوعان من تولي الرئاسة».

وفي البيت الابيض، يرى بعض المسؤولين فجوة خطيرة في قانون 1947 الخاص بالتتابع الرئاسي، وهو موضوع يتعين على بوش ان يعالجه، اذا ما تم قتل الثلاثة الكبار في خلافة الرئيس، نائب الرئيس ورئيسي مجلس النواب والشيوخ، عندئذ ينتقل التتابع الى قائمة الوزراء في مجلس الوزراء، ولكن بمجرد ان يقوم مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد، لا يحدثنا القانون عما اذا كان علىه ان يطالب بالاولوية في الخلافة وانه يحل محل عضو المجلس السابق باعتباره رئيسا أم لا، وهذا يرسخ صراعا محتملا في لحظة أشد ما تكون الأمة فيها بحاجة الى كل مورد لا يقدر بثمن للوحدة والسكينة.

ويواجه الكونغرس أكثر المشكلات في الاستمرارية بعد حدوث الهجوم المأساوي، فعلى وجه الخصوص يتعين على البيت الابيض حل اشكالية ستغلق قوة صناعة القانون لشهور، في ذروة الطوارىء القومية، اذا ما قتل أغلبية الأعضاء المنتخبين أو عجزوا عن أداء مهامهم، ويمكن للمجلس التشريعي ان يملأ بسهولة بواسطة حاكم كل ولاية في مواعيد مؤقتة، ويتطلب البيت الابيض اجراء انتخابات خاصة، والتي يتطلب اجراؤها الآن أربعة اشهر في المتوسط، وفي ايام الفوضى بعد حدوث الكارثة القومية، وفقا لما جاء في شهادة خريج معهد المشروعات الاميركي نورمان. ج. اورنستين أمام اللجنة المعينة من قبل الكونغرس لاستمرارية الحكومة، وأية انتخابات خاصة في العديد من المناطق سوف تستغرق على الأقل ستة أشهر، تاركة الكونغرس بدون نصاب دستوري مكتمل. ويعارض بعض أعضاء البيت الابيض أي اصلاح مقدم يسمح بتولي خلفاء الطوارئ مناصبهم بدون عقد انتخابات. ويقول كل من النائبين كريستوفر كوكس و ر. كاليف، وهما يترأسان مجموعة دراسية أخرى حول الموضوع، «انه لم يحدث أن دخل مجلس النواب في الولايات المتحدة عضوا بدون أن يكون منتخبا».

ويقول المسؤولون انه بدون خطة «الطوق حول واشنطن فلن يمكن اكتشاف أي دخول غير متوقع للاسلحة الذرية أو للأدوات الاشعاعية أو حتى للأسلحة التقليدية التي تعبأ بالمواد المشعة». وتبقى فرق القتال المكونة من جنود قوات دلتا ورجال البحرية والذين تلقوا شهورا من التدريبات الاضافية على مهام نزع الاسلحة النووية، جاهزة في أي وقت ومستعدة للتدخل في أقل وقت، ومهمة هذه الفرق هي مهمة سرية تشبه مهام فريق بحث الطوارىء النووي المعروف باسم Nest والذي كشفت عنه صحيفة «البوست» في فبراير (شباط). وخلال اجراء عملية «الطوق حول واشنطن» أصدر قائد العمليات الخاصة أوامره للفرق الخاصة بالوصول الى أعلى درجات الاستعداد واستقطاع ثلاثين دقيقة من الوقت المخصص لطعام الغداء وطوال أكثر من عام كانت هذه الفرق موجودة في حالة تأهب قصوى استعدادا للتدخل. واليوم فإن مهمة الاستجابة النووية أصبحت نزاعا بين الوكالات بادارة الدفاع الاميركية تريد أن تتولى هذه العملية في الداخل، وتبعا للمصادر في كلا الطرفين فإن الـFBI والتي عهد إليها بالمهمة عام 1999، لم تقم بتعيين أي طاقم أو تدريبه عليها وهي تريد أن تتخلص اليوم من التزامها نحو هذه المهمة، وكما يقول أحد المسؤولين، فمع التكنولوجيا الموجودة حاليا فمن الممكن ان يصل الإرهابيون بالمواد النووية الى أية مدينة أو ميناء، وكما يؤكد المسؤول فقبل احداث 11 سبتمبر (ايلول) كان فريقا Nest التابعان لادارة الطاقة يجريان تدريباتهما في مدن يتم اختيارها بشكل عشوائي ولكن بعد 11 ستمبر اصبحت التدريبات تتم في المواقع الأكثر عرضة للتهديدات.

ولكن مسؤولا آخر يؤكد انه ومع كل هذا الجهد الذي تبذله المعامل القومية إلا انه لم يحدث حتى الآن أي تغيير حقيقي في الأدوات المتاحة وليس من الممكن الاعتماد على ادوات الكشف عن المواد النووية الحالية قبل أن يحدث تغيير في قوانين الفيزياء واضاف «أنا متأكد من الفشل، اذا قلت لي بأن هناك سلاحا نوويا موجودا في مكان ما في مدينة نيويورك، وقد يصبح الأمر افضل قليلا اذا حددت انه في مانهاتن ولكن النجاح لن يتم إلا اذا حددت جوارا معينا كمكان للسلاح النووي، أما في مجال الاسلحة البيولوجية فمن الصعب غالبا الكشف عن تلك الجرائم قبل استخدامها بالفعل في الهجوم»، وما زالت ادارة بوش تعمل على بعض السيناريوهات القائمة على انتشار رهيب لمرض معين خاصة بعد ان حسمت الجدل حول لقاح الجدري.

ويقول داوننج انه قد يتوجب على الولايات المتحدة اعلان القانون العسكري يوما ما، ففي حالة حدوث هجوم بأسلحة الدمار الشامل التي تخلف وراءها عشرات الآلاف من الضحايا فلا بد عندها من اعطاء مطلق الحرية للجيش للتدخل وحماية الأعمال والمجتمعات وحتى القيام بالاعتقالات. وعلى الرغم من ان الحكام في العادة لديهم السلطة لاعلان حالة الطوارئ العامة إلا انه في حالة الهجوم البيولوجي الواسع النطاق فهو يعبر حدود الولايات ومن ثم فان لدى وزير الصحة والخدمات الانسانية تومي ثامبسون السلطة لاعلان حالة الطوارئ العامة والتي يحق له بمقتضاها تقديم التطعيمات اللازمة أو الوضع في الحجر الصحي للافراد غير المرغوب فيهم ولكن ثامبسون ليست لديه قوات نظامية خاصة به ومن ثم فان ادارة الرئيس بوش ما زالت تبحث عن اجابات للاسئلة الصعبة عن علاقة ثامبسون مع القيادة الشمالية الاميركية العسكرية الجديدة والتي تقوم بمهام الدفاع الداخلي.

ومن المقرر ان تقوم جولي جربردينج رئيسة مراكز التحكم في المرض في اتلانتا باجراء مقابلة هي الأولى من نوعها في يناير (كانون الثاني) المقبل مع الجنرال رالف جيه ابرهارت والذي يرأس القيادة الشمالية وقد علقت جربردينج على هذه الزيارة بقولها: ان القيادتين بحاجة للاتفاق على بعض القواعد وتعريف أية هوة بينهما عن مسألة الدور المنوط بكل منهما كذلك فان بعض السيناريوهات الحكومية تقوم على أساس فشل القيام بحجر صحي للمصابين وانتشار المرض بين الافراد على نطاق واسع وكما تقول جربردينج فلا بد من مراعاة ان هذه تجارب خيالية ولا بد ان نكون مستعدين للتعامل معها، لكن الهجوم هو المحور في طريقة تفكير بوش لان الدفاع حتى امام اشد التهديدات يكون صعبا، لكن خطة ضرب الاعناق التي يفضلها بوش مع زعماء «القاعدة» كان لها نتائج متضاربة فعلى الرغم من ان اليابان نجحت في القضاء على جماعة «أوم شيرينكو» التي قامت بهجوم بالغاز على أحد محطات القطار بطوكيو بقضائها على جيل المؤسسين للجماعة لكن الخطة نفسها لم تنجح في الشرق الاوسط فقد افرزت حركة المقاومة الاسلامية «حماس» وحركة الجهاد الاسلامية الفلسطينية جيلا جديدا من القادة جعلها تضاعف هجماتها الانتحارية في وجه الحملة الاسرائيلية المعروفة باسم «القتل الاستهدافي»، ففي الوقت الذي نلاحقهم فيه، يتم استبدال البعض منهم كما قال المسؤول الذي قدمه البيت الابيض للاجابة على الاسئلة المتعلقة بهذه الاستراتيجية والذي أضاف: لا يبدو انهم يستطيعون استبدال القادة القدامى بآخرين جدد على نفس الكفاءة والتدريب، لكنه اعترف قائلا «المشكلة أننا لانعرف الكثير من التفاصيل عن هؤلاء الرجال الجدد».

لكن داوننج لديه وجهة نظر مختلفة فهو يقول: بالتأكيد اصبح لديهم الثأر الذي سيقوي التزامهم الطائش نحو هدفهم، فأولئك الذين نجوا تعلموا دروسا قيمة، فقد كيفوا منظماتهم وجعلوها بدون مركز رئيسي وطوروا جيلا جديدا من القادة وعثروا على طرق جديدة للقيام بعملياتهم وكل هذا يجعلهم أخطر من السابق، ومنذ أيامه الأولى في البيت الابيض كان داوننج دائما من بين طليعة المدافعين عن عملية الاسراع بملاحقة زعماء القاعدة.

* الفرصة الضائعة

* ففي اجتماع جرى في قاعدة «الستوتيشن روم» بالبيت الأبيض وكما روى شهود العيان نظر داوننج شذرا لزملائه في الغرفة وضرب بكف يده على المنضدة وعلا صوته وهو يقول: لا بد ان نقتل العوض وهي سابقة نادرة في اجتماعات البيت الابيض واحباط داوننج يعود لما يراه هو بالفرص الضائعة، ويقول أحد المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية ان الولايات المتحدة لديها صورة ملتقطة من الجو يظهر الرجل الأول في القاعدة والصورة الملتقطة يظهر فيها مجموعة من الرجال في حفل وحولهم العربات الرياضية المصفحة مع فرقة أمن تطوق المكان ورغم ان رجال القاعدة جميعهم متشابهون إلا ان الفارق انهم كانوا يقبلون رجلا واحدا على جبينه وحتى الآن فالطائرة «البرديتاور» والتي لها وزن وطاقة محرك عربة جولف والتي تشبه الناموس بأجنحتها التي لاتزيد عن 58 قدم هي التكنولوجيا الاميركية الوحيدة التي تستطيع ان تلاحق شخصا وتحدد مكانه وتضربه في نفس الوقت.

ففي أيام الاشتباكات الأولى كانت وكالة الاستخبارات المركزية تقدم العون الكامل للجنرال تومي فرانكس قائد القيادة المركزية الاميركية والذي قاد العمليات الاميركية في افغانستان، لكنها فيما بعد انشغلت بتغطية عيوبها فقد طبق مستشارها الشرعي قوانين الحرب وليس السلطة الواسعة التي منحها له الرئيس بوش باستخدام أية أسلحة لتحقيق الهدف كذلك فان قرار السماح لرجال الاستخبارات باطلاق النار جاء فيما بعد. واحباط داوننج يتجلى بوضوح من فرق التحكم في البرداتور فقط اضطر احد القائمين على التشغيل لوضع كف يده على شاشة الكومبيوتر لأنه أجبر على ألا يطلق نعيراته على أحد أهم قادة «القاعدة»، كما ان زميلا له قام بتكسير الاثاث بحوذته في موقف مشابه. ومن أجل ذلك اضطرت رايس ونائبها ستيفن هادلي لتحذير داوننج وافهامه انه ليس له أي دور في العمليات، لكن داوننج يقول: أنا أعرف قواعد اللعبة في واشنطن، لكنها مسألة انه في تلك المرحلة من العمر أشعر أننا قضينا الوقت الأكبر في عمليات الـNSC.

وقبيل قرار رحيل داوننج من البيت الابيض والذي وصف بأنه قرار جماعي، حدث تغيير في قواعد الاشتباك فقد سمح لأفراد وكالة الاستخبارات المركزية في افغانستان باطلاق النار اذا لم يأتيهم الأمر من القيادة المركزية في الوقت المناسب وهذه كانت خطوة نحو السلطة المستقلة. وفي اكتوبر (تشرين الاول) سمح لوكالة الاستخبارات لأول مرة باستخدام طائرات البرادتور خارج افغانستان فقد قتل أبو علي الحارثي وهو واحد من أخطر رجال القاعدة المطلوبين في اليمن حتى 3 نوفمبر (تشرين الثاني) بعد ان فجر صاروخ سيارته. ولكن بعدها اختفى أغلب رجال العمليات. وكما يقول داوننج فقد استغرق هذا ستة اشهر وكنت أريده في ستة أيام.

ولكن الولايات المتحدة حققت تقدما في الطرق على مفاصل الشبكة وعلى رجال العمليات الرئيسيين، كما قالت كوندليزا رايس في إحدى المقابلات واضافت «انت لن تقبض على الجميع ولن تختار من تريده، فانت لديك فرصة ولا بد ان تنالها إما بالعمل الشاق أو بالحظ».

لكن ملاحقة «القاعدة» اصبحت أبطأ داخل الولايات المتحدة كذلك فقد اصبحت الادارة أكثر قلقا على النتائج فبعض الذين اجريت معهم مقابلات عبروا عن مخاوفهم من عدم اكتشاف الخلايا النائمة في الولايات المتحدة وكذلك على الهوة التي حدثت في معلومات FBIعن احداث 11 سبتمبر (ايلول)، ووجهوا لوما شديدا لها عن دخول 19 مختطفا الى الولايات المتحدة بدون حتى مساعدة داخلية كما دأبت «القاعدة» على التصرف في عملياتها السابقة.

وأدلى مولر وهو مدير في FBI بشهادته في يونيو (حزيران) الماضي والتي لم تعلن إلا في سبتمبر الماضي، قائلا: «اننا لم نعثر على أي شخص داخل الولايات المتحدة باستثناء المخططين الذين فجروا الطائرات في 11 سبتمبر والذين نعرفهم، ومحققي FBI يعلمون ان الالغاز كبيرة جدا وهم لا يعرفون مثلا لماذا سافر المشتبه فيه بقيادة أحد الطائرات محمد عطا الى بورتلاند عشية تفجيره للطائرة وفي البداية اعتقد المحققون ان عطا وضع طريقة ملتوية جديدة لتفادي المرور على اجراءات الأمن المتشددة في بوسطن، ولكن في الحقيقة فان تلك الطريقة جعلت عطا مضطرا للمرور على الأمن مرتين في مطارين مختلفين. والنظرية المطروحة حاليا هي ان عطا سافر الى هناك لتسليم وسيط «للقاعدة» مبلغا من المال لن يستخدمه أو بعض الوثائق لكتابة تقرير أو لتلقي بعض التوجيهات النهائية من ذلك الوسيط. وفي ميناء بورتلاند يمكن لأي شخص بدون ابراز هوية ان يحجز تذكرة الى كندا مباشرة عبر خطوط كودي لوب واذا كان الوسيط قد قابل عطا هناك فبالتأكيد سافر الى كندا بدون ان يترك أثرا.

والسؤال المحير الذي يواجه حكام الولايات والمدن هو «كيف يدافعون عن انفسهم» وحيرتهم تجلت بوضوح في 10 سبتمبر عشية الذكرى الاولى لأحداث 11 سبتمبر عندما اعلن المدعي العام جون اشكروفت ان مستوى خطورة التهديد القومي ارتفع من الأصفر الى البرتقالي. وفي أحد مؤتمرات الامن الداخلي التي عقدها البيت الابيض استفسر عمدة نويهفن من كونكريت جون ديستيفانو عن كيفية التصرف في مثل هذا الموقف، لكن الاجابة على هذا السؤال ليست هي ما يظنه وزير الأمن الداخلي توم ريدج عن طبيعة وظيفته. فالفكرة وراء النظام الاستشاري هي ان انتقال درجات الخطورة عبر درجات الالوان من الاخضر الى الاحمر يعني ان يصاحب ذلك اجراءات وقائية مماثلة لكن السلطات المحلية فقط هي التي تستطيع تفسير معنى توجيهات ريدج علي طريقتها الخاصة مثلما تفعل عند اتخاذ الاجراءات الأمنية المسبقة قبل الاحداث العامة.

ففي 10 سبتمبر قرر ديستيفانو ان يفتح مركز عمليات الطوارئ وهو المبنى الموجود في أعماق الأرض تحت بناية العمودية في شارع اورانج وانتشرت قوات الشرطة والاطفاء والصحة جنبا الى جنب مع مسؤولي الوكالات المختلفة في الشوارع وعلى الكباري وأمام البنايات على مدار يوم كامل. وزادت قوات الشرطة من دورياتها ولكن بعد اضطرارنا لدفع المزيد والمزيد من الاجور الاضافية، كما قال ديستيفانو، قررنا اغلاق المركز وانهاء الاجراءات فعندما انتقل ريدج الى دوره الجديد كوزير لادارة الامن الداخلي اصبحت لديه فجوة في الخطاب، لكن المشكلة الاكبر التي يواجهها في نظر الخبراء هي أمن الموانئ، فوكالة أمن المواصلات الجديدة تراقب يوميا أحذية الملايين من الركاب لكنها لا تستطيع الى الآن مراقبة أكثر من 2 في المائة من 21 ألف حاوية بضائع تصل يوميا الى المواني الاميركية وكل منها يبلغ طوله 40 قدما ومن السهل ان يحوي بيتا كاملا وكما يقول روبرت بونر رئيس الجمارك «انه فعليا لا يوجد نظام امني متبع في وسائل نقل التجارة العالمية وبونر يدعو لوجود نظام امني للكشف عما بداخل الحاويات عند وصولها للمواني او حتى قبل شحنها من موانيها في أعالي البحار ومسؤولي البيت الابيض أثنوا على مبادرة بونر لكنهم لم يمولها بطريقة واضحة. ففي ميزانية 2002 ووفقا لما قاله مشرعين من كلا الحزبين الكبيرين أوصى بعض رجال اللوبي الرئيس بوش من أجل تخفيض الميزانية المخصصة لهذا الغرض الى 39 مليون دولار ورغم ان بوش وقع على الميزانية إلا انها لم تصرف.

وفي ميزانية عام 2003 لم يخصص بوش أي مبالغ مالية لأمن الحاويات وكما يقول النائب الجمهوري ديفيد آر اوبي الذي اختلف من قبل مع البيت الابيض حول الانفاقات، فعندما يقع هجوم على المواني فسيكون لديك مئات الآلاف من القتلى ويتوقف هذا على نوع السلاح المستخدم كما ان هناك خطرا كبيرا جدا على الاقتصاد وعلى الجانب الآخر ذكر متحدث باسم ريدج انه لم يكن هناك وقتا كافيا في العام الماضي لانفاق مخصصات أمن الحاويات ولكن هذا العام ستحول هذه المبادرة الجمارك بدون التحميل على الميزانية العامة.

ولكن كان من الواضح ان هناك تباينا بين رجال الرئيس حول استراتيجيته في التعامل مع الأمر، فالمسؤولون الذين تم اجراء مقابلات معهم اختلفوا حول هذه القصة فالذين يرون ان «القاعدة» تخسر رجالا أسرع من قدرتها على استبدالهم بآخرين اتفقوا على ضرورة ضرب الحية من عنقها، وأما الذين يرفضون الاستراتيجية فقد تحدثوا عن اقتلاع الحشائش الضارة من الجذور، وكلمة الجذور كانت من الكلمات المحرم استخدامها في ادارة بوش وكان يفضل دائما كلمة «الشر» للاشارة الى احداث 11 سبتمبر، لكن مؤخرا جدا بدأ بعض كبار مسؤولي بوش في الحديث عن مصادر أخرى لدعم «القاعدة».

* التحالف العربي الاسلامي

* في حديث له في 11 سبتمبر عن التعاون مع التحالف العربي الاسلامي قال تينيت «لا يمكننا ان ندع ارتباطنا يتوقف عن مستوى التعاون التكتيكي في وقت الحرب إلا بما تقتضيه الضرورة ولكننا نحتاج ايضا الى صلات اساسية لاننا لا نأمل ان نحقق تقدم نهائي في الحرب ضد الإرهاب باتخاذ خطوات جدية لتوجيه الظروف التي أدت الى نشأته. كولن باول وزير الخارجية نفسه قال بعد دعوته الى طريق الأمل والجسر الذي تقيمه الولايات المتحدة بين الشباب والشابات العرب الذين تعلموا في اميركا قال لقد بات من الواضح ان علينا ان نمد ايدينا للمنطقة اذا اردنا ان نحقق النجاح وان علينا ان نعمل مع الشعوب والحكومات لسد الفجوة بين الواقع والمأمول، وباول قال ذلك الكلام مصحوبا بشيك قيمته 29 مليون دولار سيقسم بين 23 دولة يبلغ عدد سكانها مجتمعة 260 مليون.

كما ان الحديث عن الجذور يتزامن مع الحرب الوشيكة على العراق والتي يقول بعض المسؤولين عنها انها ستركز الغضب وتكثفه على الولايات المتحدة، والغضب هو الملاذ الفعال كما قال احد المسؤولين والذي اشار الى التعاطف المتزايد بين العرب والمسلمين ضد هذه الحرب. وبوش ورجاله يقولون ان الحرب على العراق هي لاقصاء الرئيس العراقي صدام حسين وانها مكملة للحرب ضد القاعدة ويقولون ان العراق لديه أسلحة بيولوجية وكيماوية لم يعلن عنها وان لديه نفس نوايا القاعدة للقيام بأعمال ارهابية خطيرة والحقيقة ان نائب وزير الدفاع بول دي ولفووتز لديه اختصار جديد لهذه المسألة وهي «اسلحة الرعب الشامل». ومعظم من تمت مقابلتهم على بعض التشابهات في مستويات التخطيط بين المعركتين. ووفقا لمصادر في المباحث الفيدرالية فقد تم اجبار FBI على نقل اهتمام وحداتها في مكافحة الإرهاب والتخريب من «القاعدة» الى العراق، بعض الخبراء قالوا ان هذا الانتقال حدث الآن بشكل متوسط لكنه سيتصاعد وقت الحرب وستتوجه المخصصات الرسمية في اجتماعات المخابرات الى تلك الحرب خاصة في الامور المتعلقة بالصور التفسيرية والترجمة والتغطية بالقمر الصناعي.

ومن المشاكل التي تواجه اميركا في التعامل مع تلك الحرب، منها عامل اللغة والنقص في الخبراء الاقليميين وهي الامور التي اشتكت منها قبل عام الوكالات العاملة في هذا المجال، وداوننج يقول ان النقص في المتحدثين باللغات الأجنبية ترك أوراقا قابلة للانفجار في أي لحظة في الحرب مع «القاعدة» وانه حذر من هذه المشكلة قبل تركه للبيت الابيض وبأن الوكالات الاستخبارية تستأجر متحدثين محليين وتتعامل معهم باجراءات أمنية غير كافية على الرغم كما يقول داوننج ان واشنطن العاصمة بها عدد كبير من افضل المتعلمين الذين يمكنهم التحدث بأي لغة تريدها. وفي الشهور التي اعقبت 11 سبتمبر كان أحد أهم مصادر وكالة الاستخبارات المركزية في باكستان رجل يدعى «بوب» وكان معروف في اميركا باسمه الاول فقط، وكان يجيد اللغات المحلية بطلاقة وتربطه علاقات جيدة بالمواطنين والمؤسسات وكان ذلك من أهم الأمور في الحرب مع «القاعدة». ولكن مؤخرا عاد الرجل الى لانجلي ودوره الجديد هو مدير موقف للعراق. وكما يقول احد كبار رجال المخابرات فعندما تدخل في شيئا مثل العراق فعليك ان تضع خيرة رجالك فيها.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»