الاستخبارات الكندية ترصد اتصالات لخلايا تنظيم «القاعدة» النائمة وتعتقل جزائريا وتسلم أميركا كويتيا ضبط في سلطنة عمان

مسؤولو استخبارات: الأصوليون استخدموا جوازات سعودية مزورة لدخول كندا بسبب عدم الحاجة إلى تأشيرات قبل عام 2002

TT

قال خبراء الاستخبارات الكندية ان خلايا تنظيم القاعدة «النائمة» في كندا والولايات المتحدة اجرت اتصالات مع بعضها كانت اخرها في الشهر الحالي، ربما للتخطيط لاعمال ارهابية في الولايات المتحدة. وجاء هذا الكشف في اعقاب القبض في الاسبوع الماضي على رجل يعمل في تسليم البيتزا في اوتاوا يشتبه في ارتباطه بشبكة اسامة بن لادن.

وقررت السلطات الكندية القبض على محمد حركات، 34 عاما، بعدما اجرى اتصالات بمجموعة من المشتبه في انتمائهم للقاعدة في الولايات المتحدة، طبق لما ذكره ريد موردن المدير السابق لخدمة الامن الاستخباري الكندية، الذي كان على اتصال مع جهاز الاستخبارات الكندي بخصوص هذا الموضوع. واكد موردن التعليقات التي ادلى بها المسؤولون الكنديون الذين تحدثوا شريطة عدم الافصاح عن هويتهم حول اتصالات الخلايا النائمة.

وقد اتهمت وكالة الاستخبارات الكندية التي عادة تلتزم السرية في عريضة اتهام نادرة تقدمت بها للمحكمة حركات وهو جزائري المولد، يعيش في كندا منذ عام 1995، بانه على علاقة بأبو زبيدة وهو واحد من المساعدين المقربين من بن لادن. وكان ابو زبيدة الذي قبض عليه في باكستان في شهر مارس (اذار) الماضي ومحتجز في الولايات المتحدة في مكان غير معروف، اكد معرفته بحركات خلال التحقيق معه، طبقا لما ذكره المسؤولون الاستخباريون الكنديون.

الا انه من غير الواضح بالضبط ما الذي ادى الى القبض علي حركات. كما لم تعرف طبيعة المحادثات الهاتفية للولايات المتحدة مع اعضاء القاعدة. غير ان المسؤولين الكنديين يعتقدون ان حركات هو عميل «نائم» للقاعدة. وطبقا لعريضة الدعوى التي تقدمت بها الاستخبارات الكندية فإن الاعضاء النائمين «يعيشون في دول اجنبية لفترات مطولة من الوقت لعدة سنوات، قبل تنفيذ عملية محددة. ويعيشون حياة عادية، ويتجنبون اثارة اهتمام السلطات المحلية.

وقال التقرير ان اعضاء القاعدة الذين يعيشون في كندا شاركوا في المعارك في افغانستان والبوسنة والشيشان وتدربوا في معسكرات القاعدة. واضاف التقرير «ان الاستخبارات الكندية تعتقد ان بعض المتطرفين في كندا لديهم القدرة والاقتناع بتقديم دعم للنشاطات الارهابية في اميركا الشمالية. ومعظم هؤلاء الافراد حذرون امنيا ويعملون في تركيبة شبيهة بالخلايا.

ويذكر ان مراقبة واعتقال اعضاء الخلايا النائمة في الولايات المتحدة هو مسؤولية مكتب المباحث الفيدرالي الاميركي (اف. بي.آي). وذكر روبرت مولر مدير المكتب ان جهازه قد زاد عدد المحققين ثلاث مرات وضاعف عملية التسجيلات ضد مؤيدي القاعدة المشتبه فيهم اربع مرات منذ هجمات 11 سبتمبر. بينما ذكر النقاد ان مكتب المباحث لم يكن يلم الماما جيدا بالخلايا النائمة في الولايات المتحدة، الا ان المكتب رد على تلك الانتقادات بالاشارة الى الخلايا التي حطمها عبر عمليات القبض في ديترويت ولاوانا بولاية نيويورك وسياتل وبورتلاند، وفي اماكن اخرى.

وفي الوقت الذي كان فيه تركيز نشاط القوات المسلحة الاميركية ووكالة الاستخبارات المركزية ( سي.آي.ايه) في دول بعيدة مثل افغانستان واليمن واندونيسيا، فإن تحييد التهديدات الارهابية المحتملة في كندا هو الاولوية طبقا للمسؤولين الاميركيين. ولذا فقد زادت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية عدد الضباط الميدانيين في كندا بنسبة لم تحددها. كما زاد المكتب وجوده في السفارة الاميركية في اوتاوا وغيرها من الاماكن وطبقا لما ذكره المسؤولون الكنديون فإن وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ومكتب المباحث الفيدرالية اغرق الاستخبارات الكندية واجهزة تطبيق القانون بطلبات لاجراء مراقبة وتحقيقات في ارهابيين مشتبه فيهم في الاراضي الكندية. ويعتقد الجهازان الاميركيان ان التهديدات موجهة للولايات المتحدة.

والجدير بالذكر ان كندا والولايات المتحدة وقعتا، في الاسبوع الماضي، اتفاقية تمنح الشرطة الاميركية الحق في الحصول على السجلات الجنائية للشرطة الكندية والعكس. كما اتفقت الدولتان على زيادة النشاطات المتعلقة بالهجرة والتفتيش عبر الحدود الاميركية ـ الكندية التي تمتد 4 الاف ميل، زيادة كبيرة، بالاضافة الى زيادة نشاطات المراقبة الالكترونية.

وفي قضية غير عادية وافقت كندا على تسليم السلطات الاميركية، بدون اجراءات قانونية، كنديا اعتقل هذا العام في سلطنة عُمان، طبقا لتأكيدات مسؤول استخباري كندي. وهذا الشخص هو محمد منصور جبارة وهو كويتي الاصل، ومتهم بتنظيم مؤامرة لنسف السفارتين الاميركية والاسرائيلية في سنغافورة. وقد تم احتجازه في موقع سري في الولايات المتحدة، وذكر مسؤولون اميركيون انه يتعاون ويكشف الكثير من المعلومات بخصوص خطط الارهابيين. وكانت كندا قد ذكرت علنا ان جبارة وافق طوعا على الذهاب للولايات المتحدة لاستجوابه.

وفي اجراء غير عادي ايضا، ادلى ضباط استخبارات كنديون بشهاداتهم، في اوائل العام الحالي، في محكمة اميركية ضد عدد من اعضاء خلية لحزب الله مشتبه فيها تعمل في كندا، ولكن تم القبض عليهم في ولاية نورث كارولينا.

وفي خطاب في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ذكر دبليو بي دي الكوك مدير خدمة الاستخبارات الامنية الكندية وهي الاستخبارات الداخلية ان جهازه يحقق في نشاطات 50 منظمة ارهابية مشتبها فيها و«300 هدف فردي».

وكان مكتب المباحث الفيدرالي الاميركي والشرطة الباكستانية قد قبضا على كندي يدعى عثمان خواجة واميركيين في لاهور للاشتباه في ارتباطهم بالقاعدة.

وطبقا لعريضة الاتهام التي تقدمت بها الاستخبارات الكندية في 10 ديسمبر (كانون الاول) للمحكمة الفيدرالية الكندية كان حركات يعيش في اوتاوا حيث تزوج ويعمل عاملا في محطة بنزين وتسليم البيتزا للمنازل.

وقال التقرير ان حركات حضر لكندا في 6 اكتوبر ( تشرين الاول) 1995 حيث وصل لتورونتو قادما من ماليزيا عبر بريطانيا. وكان يستخدم جواز سفر سعوديا مزورا. (ذكرت الوكالة الكندية ان الجوزات السعودية هي «الوثيقة المفضلة للمتطرفين الاسلاميين الذين يودون دخول كندا. وقبل عام 2002 لم يكن حاملو الجوازات السعودية يحتاجون لتأشيرة دخول لكندا.

وذكر حركات للمسؤولين الكنديين انه فر من اضطهاد الحكومة الجزائرية، وقد حصل على حق اللجوء السياسي في 24 فبراير (شباط) .1997 وتقدم بطلب للاقامة الدائمة في 18 مارس (اذار) 1997، ولكن الطلب لم يستكمل لوجود اجراءات فحص امني وجنائي لم يتم الانتهاء منها بعد، طبقا للتقرير.

وذكر المسؤولون ان طلب حركات للحصول على وضع اللجوء، ايد، وكان عضوا في جبهة الانقاذ الاسلامية في الجزائر. وقد تم تحريم نشاط الجبهة عام .1993 وفر حركات من الجزائر في ابريل ( نيسان) 1990 وسافر الى السعودية بتأشيرة زيارة، ثم الى باكستان، حيث بقي فيها حتى سبتمبر (ايلول) .1995 وقالت الوكالة الكندية ان حركات ادعى ايضا ولاءه للجماعة الاسلامية المسلحة، التي تسعى الى تأسيس دولة اسلامية في الجزائر «عبر استخدام العنف الارهابي وتصفية النفوذ الغربي في البلاد».

وذكر المسؤولون هنا ان ولاء حركات للجبهة الاسلامية المسلحة هو «اشارة لتأييده لاستخدام العنف الارهابي».

وفي مايو( ايار) 1990 سافر حركات الى باكستان، حيث ادعى العمل كموظف اغاثة، يوزع الارز والاغطية على المهاجرين. وذكر المسؤولون في الوكالة الكندية ان عمليات الاغاثة هي ستار لتورطه مع المتطرفين الاسلاميين. كما كذب ايضا بخصوص سفره الى افغانستان.

وذكرت صوفي حركات زوجة محمد حركات للصحافيين في الاسبوع الماضي في اوتاوا انها دهشت للقبض عليه. «لقد تزوجته منذ سنتين. وليس لدي اية اسباب للشك في مخالفته القانون».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»