اعتقال لبناني في المغرب بعد 3 أشهر من فراره من سجن بسويسرا

حسين الحريري خطف طائرة أفريقية قبل 15 عاما وقتل أحد ركابها في جنيف

TT

أعلنت السلطات السويسرية أمس فقط أن اللبناني حسين الحريري، الذي فر منذ 3 أشهر من سجن بسويسرا كان يقضي فيه عقوبة عن خطفه طائرة أفريقية قبل 15 عاما، اعتقل الاثنين الماضي في المغرب، حيث ستتم اعادته ثانية الى سجنه السويسري.

وكانت الشرطة السويسرية قد أعلنت حالة طوارئ، كما بثت مذكرات اعتقال عبر حدودها البرية والجوية ومع الدول المجاورة بحثا عن الحريري، الذي فر من سجن كان يمضي فيه عقوبة بالمؤبد، خفضت بحيث كان سيتم اطلاق سراحه بعد سنتين، عن خطفه طائرة أفريقية في 1987 وقتل أحد ركابها وجرح آخر من أفراد طاقمها.

وكانت دائرة السجن في مدينة أورب السويسرية قد سمحت للحريري، 36 سنة، بأن يمضي يومي نهاية الأسبوع خارج القضبان كعادتها في التعامل مع من يكون سلوكه حسنا داخل السجن، وهو كان منهم في الفترة الأخيرة، الا أنه لم يعد كما كان يفعل في كل مرة يسمحون له فيها بتمضية عطلة نهاية الأسبوع خارج القضبان «بل اختفى له كل أثر» وفق ما ورد في البيان السويسري.

وكان الحريري في الواحدة والعشرين من العمر حين خطف طائرة تابعة لشركة «إير أفريك» طراز «دي. سي ـ 10» كانت متوجهة من الكونغو الى باريس، مشترطا اطلاق سراح سجناء فلسطينيين ولبنانيين في فرنسا واسرائيل وألمانيا الغربية ذلك الحين، وبعد مفاوضات معه طلب خلالها أن تتوجه الطائرة الى بيروت، على أن تمر بجنيف للتزود بالوقود، الا أنه فاجأ وقام بقتل راكب فرنسي، حين وجد أن المهلة التي قدمها لرجال الأمن السويسري لملء الطائرة بالوقود قد انتهت، مما حملهم على اقتحام الطائرة واعتقال خاطفها، الذي واجه في الوقت نفسه مقاومة وعراكا شنه عليه طاقم الطائرة، حيث أصيب أحد أفراده بجروح من رصاصة أطلقها عليه الحريري قبل اعتقاله.

وخلال محاكمته في مدينة لوزان قال الحريري ما سبق أن كرره أمام المحققين، من أنه واحد من «جنود الله» ولم يكن راغبا في قتل أحد خلال عملية الخطف، نافيا في الوقت نفسه أن يكون من أعضاء حزب الله اللبناني، أو قام بالعملية لمصلحة ايران، وفق ما اشتبه فيه القضاء السويسري.

وسبق للحريري أن فر من سجنه بأورب مع 4 سجناء آخرين قبل 10 سنوات، حين سرق شاحنة كانت متوقفة داخل السجن ومضى يقودها الى مسافة 300 متر خارجه، لولا اسراع الحرس بتطويقه واعتقاله واعادته الى حيث كان، والى حيث فر ولم يعد يظهر الا بعد اعتقاله في المغرب الاثنين الماضي. وكانت عائلة الحريري في لبنان قد ذكرت انها لا تصدق رواية فراره من السجن، وأنها قلقة على مصيره، وفق ما أبدته شقيقته الكبرى، هالة، المقيمة بقرية دير قانون النهر، مسقط رأسها في جنوب لبنان، باعتبار أن الحكم بالسجن المؤبد في سويسرا يعني في الواقع السجن 20 سنة، وأنه أكد لها حصوله على تخفيض لمدة 5 سنوات لحسن السلوك. وتساءلت عما يدعوه للفرار وهو الذي لم يكن له سوى عامين من العقوبة، علما أنه تقدم في ديسمبر (كانون الاول) 1999 بطلب عفو، الا أن السلطات رفضته. لكنها قررت تخفيف شروط سجنه اعتبارا من ابريل (نيسان) الماضي، فأفاد في هذا الاطار من 3 أذون للخروج من السجن لفترة محددة، لكنه لم يعد في الرابعة، ولاذ بالفرار.

وروت هالة أنها علمت بفرار شقيقها من السجن من ابنها علي، الذي جاءها وبيده صحيفة تضمنت خبرا عن هروبه «فاستغربت لأنه سبق أن ذكر لنا أنهم نقلوه الى سجن بلوزان يشبه الفندق، حيث كان في البداية يتصل بنا باستمرار، واحيانا 3 مرات في الاسبوع، وأخبرنا أنه في حال جيدة، وأكد أنهم سيفرجون عنه خلال أشهر. ثم سمحت له الشرطة بالخروج والتجول بلوزان كما يشاء ومن دون اي مراقبة، فلماذا يفكر في الفرار»؟

واشتبهت هالة في أن تكون أجهزة استخبارات وراء اختفاء شقيقها، وقالت: «في المرة الاخيرة التي تحدث فيها معي هاتفيا قبل حوالي عام أخبرني أنه تعلم التصوير في السجن ويرغب في العمل كمصور لدى خروجه» كما أخبرها أنه يعد كتابا جديدا عن حياته وعن عذابه منذ خطف الطائرة وعن الجريمة التي ارتكبها، وهو الذي وضع من قبل كتابين آخرين وبعث اليها بنسخ منهما، الأول بعنوان «الحياة والانسان» والثاني بعنوان «فلسفة الحياة» يروي فيه نظرته الخاصة لبعض الأحداث.

وكان الحريري، الذي له أشقاء في أفريقيا والمغرب والكويت، يعد كتابا ثالثا في السجن بعنوان «أنا لست ارهابيا» ساعدته فيه النائبة السويسرية، آن كاترين مينيتري، التي ارتبطت بعلاقة صداقة معه وهو سجين، وقالت إنها لا تصدق «أنه أقام علاقات مع اسلاميين خلال أول أذونات حصل عليها، أو أنه لجأ لمعسكر تدريب» وفق تعبير النائبة التي التقته 8 مرات منذ 1999 على مدى ساعتين ونصف الساعة كل مرة في سجنه بهدف مساعدته على وضع الكتاب الذي يروي فيه طفولته في جنوب لبنان وانخراطه بحزب الله وعملية الخطف التي نفذها، ثم الانقلاب الذي حصل له خلال سنوات سجنه الطويلة، حيث تحول في السجن الى شخص مؤمن جدا «الا أن اسلامه كان متسامحا ومنفتحا، حمله على أن يدين في كتابه غير المنجز استخدام العنف، مع الاحتفاظ بانتقاداته لاسرائيل والولايات المتحدة» بحسب قولها.

=