مكتب المباحث يثير جدلا في أميركا بطلبه من الجامعات تقديم بيانات عن كل الطلاب والمدرسين الأجانب

TT

طلب مكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي) من كل الكليات والجامعات في الولايات المتحدة ان تمد الحكومة بمعلومات حول كل الطلاب والأساتذة الاجانب، مما اثار موجة من الاحتجاجات من بعض المدارس ومعاهد التعليم العالي التي اعتبرت الطلب مخالفا للقانون.

ويقول مكتب المباحث انه يحتاج الى هذه المعلومات لتحديد ما اذا كان لبعض الطلاب او الأساتذة علاقات بالارهابيين المعروفين او المشتبه في انتمائهم الى الشبكات الارهابية. ويقول مكتب المباحث ووزارة العدل ان لغة القانون الوطني الجديد حول الارهاب تسمح للمؤسسات التعليمية بتوفير المعلومات دون اخطار الاشخاص المعنيين.

ولكن مؤسسة تعليمية كبرى اخطرت أعضاءها ان توفير هذه المعلومات يعد خرقا للقوانين الفيدرالية. واضافت شعبة التعليم الأميركية ان هذه المعلومات لا يمكن توفيرها دون حكم صادر عن محكمة او امر قضائي.

وجذب هذا النزاع انتباه عضوي مجلس الشيوخ الأميركي السناتور باتريك ليهي والسناتور ادوارد كنيدي، اللذين قدما مذكرة الى وزير العدل جون اشكروفت، الاسبوع الماضي، يقولان فيها «ان قانونية هذا الطلب ليست واضحة». واضاف السناتوران، وهما عضوان بلجنة الشؤون القانونية التابعة لمجلس الشيوخ، ان القانون الوطني، الذي اجيز بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، كان المقصود منه على وجه التحديد تضييق فرص الحكومة في الاطلاع على سجلات الطلاب. وجاء في المذكرة التي رفعها العضوان في 18 ديسمبر (كانون الأول) الجاري «يقتضي هذا القانون صدور حكم قضائي وتوضيح ان الطلب يرتبط تحديدا بتحقيق جار حول الارهاب. ان طلب (اف.بي.آي) لا يستوفي أيا من هذين الشرطين».

ويدل هذا النزاع على التوتر القائم بين سلطات تطبيق القانون والدوائر الأكاديمية منذ هجمات 11 سبتمبر التي نفذها خاطفون تلقوا تدريباتهم في مدارس طيران أميركية واستفادوا من التساهل في مراقبة الطلاب الاجانب في الولايات المتحدة.

ويأتي طلب (اف.بي.آي) في وقت تتسابق فيه المدارس على توفير معلومات مشابهة لوكالة اخرى، هي ادارة الهجرة والتجنيس، التي تقوم حاليا بتكوين دائرة معلومات لمراقبة اكثر من 200 ألف من الطلاب الاجانب الذين يلتحقون كل عام بالمدارس والجامعات الأميركية. ولكن على عكس ادارة الهجرة والتجنيس التي يحق لها الحصول على معلومات شخصية حول الطلاب بموجب قوانين الهجرة، فان صلاحيات مكتب (اف. بي.آي) وغيره من سلطات تطبيق القانون، في الحصول على مثل هذه المعلومات تعتبر محدودة، حسبما يقول خبراء القانون والتعليم.

وفي الاسابيع التي اعقبت هجمات 11 سبتمبر، اعترفت نحو 200 كلية، انها وفرت معلومات حول طلاب اجانب الى (اف.بي.آي)، وقالت في مسح اجري على نطاق البلاد انها فعلت ذلك دون احكام صادرة عن محاكم او اوامر قضائية. ولكن تلك الطلبات كانت عن طلاب محددين. وقال المسؤولون ان توفير المعلومات تم وفق احكام القوانين الفيدرالية حول سرية شؤون الأفراد.

وفي الرسائل التى ارسلها ضباط (اف.بي.آي) الميدانيون، منذ الشهر الماضي، طلب المكتب من المعاهد المختلفة توفير المعلومات التالية عن الطلاب والأساتذة الاجانب: الاسم، العنوان، رقم الهاتف، معلومات حول الجنسية، مكان الميلاد، تاريخ الميلاد، والاشخاص الاجانب الذين يتصل بهم.

ورفض مكتب المباحث الفيدرالي ذكر عدد المدارس التي طلب منها توفير المعلومات، وتلك التي استجابت للطلب. ولكن المسؤولين يقولون ان الاستجابة اختيارية. وقال بيل كارتر، المتحدث باسم (اف.بي.آي) «الكليات ليست مجبرة على توفير هذه المعلومات. نحن نطلب توفيرها، ويمكنهم ان يوفروها ولكنهم ليسوا مجبرين على ذلك».

وقبل اجازة القانون الوطني، كان القانون الذي يحكم سرية السجلات الطلابية هو «قانون الحقوق التعليمية للأسرة وسرية شؤونها» الذي كان يجيز فقط توفير «معلومات توجيهية» مثل الاسماء والاعمار وتواريخ الميلاد، لضباط تطبيق القانون. وحتى في هذه الحدود، كان القانون يشترط موافقة الطالب على توفير هذه المعلومات بدون حكم قضائي.

والموقف الذي عبر عنه مكتب (اف.بي.آي) في الرسائل التي ارسلها الى الجامعات، هو ان التعديلات التي اشتمل عليها القانون الوطني، يسمح للمعاهد التعليمية «بكشف معلومات للحكومة الفيدرالية بغرض استخدامها في محاربة الارهاب»، بما في ذلك جنسية الطالب وعنوانه بالخارج.

ولكن لوروي روكر، مدير مكتب الالتزام الاسري بالقانون، بوزارة التعليم الأميركية، قال في مقابلة اجريت معه ان المسؤولين الفيدراليين للتعليم توصلوا الى انه حتى بعد التعديلات التي ادخلت على القانون الوطني، لا ينبغي توفير المعلومات حول الجنسية والعناوين الاجنبية لسلطات تطبيق القانون، بدون حكم قضائي. وقد صاغ روكر هذه التوجيهات في وثيقة منفصلة في أبريل (نيسان) الماضي.

وبعد ان بدأ مكتب المباحث ارسال الرسائل الى الكليات الشهر الماضي، اصدرت هيئة مسجلي الكليات وضباط القبول الأميركية، تقريرا الى اعضائها الذين يبلغ عددهم 10 آلاف، تقول فيه «يجب ان تكون كل الطلبات التي ترسلها سلطات تطبيق القانون لتوفير معلومات دون موافقة اصحابها، مصحوبة بأمر قضائي او حكم محكمة»، وذلك فيما يختص بالجنسية وما شابهها من المعلومات. وجاء في تقرير الهيئة «ان توفير معلومات دون موافقة اصحابها، ما لم يكن مصحوبا بامر قضائي او حكم محكمة او مشرعا له وفق قانون منفصل، يمكن ان يعرض المؤسسات لعواقب قانونية وخيمة».

وقال ضباط (اف.بي.آي) ان كثيرا من الكليات رفضت الاستجابة للطلب، ولكنهم رفضوا تحديد عددها. وقال هؤلاء المسؤولون ان مكتب المباحث الفيدرالي لم يصرف النظر عن الحصول على اوامر قضائية او احكام من المحاكم.

وتقول المصادر ان المعلومات التي يحصل عليها (اف.بي.آي) من المعاهد التعليمية ستجري مقارنتها بالمعلومات التي جمعها فريق مراقبة الارهاب الاجنبي، التابع لوزارة العدل، والذي يشرف حاليا على تكوين دائرة معلومات سرية للارهابيين المعروفين والمشتبه في انتماءاتهم الارهابية.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»