سورية تسخر من ادعاءات شارون عن إخفائها أسلحة الدمار الشامل العراقية

TT

سخرت دمشق امس من ادعاءات رئيس الحكومة الاسرائيلية، ارييل شارون، عن امتلاكه «معلومات» ـ قال انه لم يتحقق منها نهائيا ـ مفادها ان العراق «نقل الى سورية وسائل قتالية كيماوية وبيولوجية لاخفائها عن المفتشين».

وكان شارون قد اطلق هذه التهمة خلال مقابلة تلفزيونية مع القناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي مساء اول من امس. وقال انه سيبذل «قصارى جهده للتحقق منها»، دون ان يفصح عن كيفية حصوله على هذه المعلومات ووقت وصولها اليه.

جاء تكذيب ادعاءات شارون من مصدرين امس، المصدر الاول دمشق التي سخرت من المزاعم الاسرائيلية ونفتها، والمصدر الثاني نائب شارون السابق في حكومة «الوحدة الوطنية»، ووزير الخارجية، شمعون بيريس، الذي قال انه لا يتصور ان تكون سورية مستعدة «لتوريط نفسها امام دول الغرب بمثل هذه الورطة» كونها تدرك جيدا، حسب قول بيريس، ان الوقوع في مطب كهذا «سيعرضها الى المصير نفسه الذي يواجه العراق».

وكان ناطق بلسان وزارة الخارجية السورية قد قال امس ان اتهامات شارون «مثيرة للسخرية» و«عارية من الصحة» بينما يشكل امتلاك اسرائيل لاسلحة الدمار الشامل خطرا على المنطقة وعلى الامن والسلم الدوليين.

وذكر الناطق السوري الرسمي ان بلاده وقعت معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية ودعت مع الدول العربية مجتمعة الى جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من كافة اسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والجرثومية، وكان الطرف الوحيد، وما زال، الذي يقف ضد هذه الدعوة هو اسرائيل. واعتبر الناطق ان ادعاءات شارون تهدف، في الوقت ذاته، الى تحويل الانظار عن الترسانة النووية والكيماوية والجرثومية التي تمتلكها اسرائيل وتقدّم لها الاموال والاسلحة من دول اخرى لحمايتها وتطويرها.

جاءت اقوال شارون في اطار محاولته الرد على التساؤلات العديدة في اسرائيل عن سبب اثارة الاجواء الحربية المفزعة بالحديث عن أخطار هجوم عراقي على اسرائيل ردا على الهجوم الاميركي المتوقع على العراق. بعد ان صدرت اصوات كثيرة في اسرائيل تنتقده على ذلك وتتهمه بإثارة هذه الاجواء الحربية لاخافة المواطنين واشغالهم عن فضائح الفساد داخل حزب الليكود في الانتخابات الداخلية.

وحاول شارون اقناع المشاهدين بانه لم يبالغ في شيء. وقال «احتمالات قيام العراق بشن هجوم ليست كبيرة. ولكن مسؤوليتي تحتم عليّ الاشارة اليها. والاستعداد لمواجهتها. وهذا ما قلته وليس اكثر. واضيف بان اسرائيل قادرة على صد هجوم كهذا اكثر من اي وقت مضى».

ثم واصل إثارة الفزع بالقول ان المخابرات الاسرائيلية اكتشفت عدة خلايا ارهاب فلسطينية في الاشهر الاخيرة تبين ان افرادها تلقوا تدريباتهم في العراق. وان احداها خططت للقيام بعملية تفجيرية في نادي الشباب الليلي «الدولفناريوم» في تل ابيب، الذي كان قد تعرض لعملية كهذه قبل سنتين قتل فيها 23 شابا وصبية. وان خلية اخرى خططت لاسقاط طائرات مدنية خلال اقلاعها او هبوطها في مطار بن غوريون الدولي. وقد تدرب افرادها على صواريخ «شاريلا»، التي استخدمت في محاولة اسقاط الطائرة الاسرائيلية المدنية في كينيا الشهر الماضي.

لكن اقوال شارون هذه لم تخفف من الانطباع السائد بانه يستخدم الحرب الاميركية على العراق لغرض الدعاية الانتخابية. وقد واصل قادة حزب العمل وحزب ميرتس والعديد من الاعلاميين والخبراء العسكريين، بمن في ذلك جنرالات سابقون، اتهامه بإثارة الفزع والهلع من دون سبب موضوعي. واستند هؤلاء الى التقرير الذي كان قد قدمه رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، اهرون زئيفي ـ فركش، الى لجنة الخارجية والامن في الكنيست، اول من امس، وقال فيه ان احتمال ان يقدم العراق على قصف اسرائيل بصواريخ غير تقليدية «ضعيف جدا». ولفت النظر الى ان العراق لا يتحدث ضد اسرائيل هذه الايام، كما فعل قبيل حرب الخليج السابقة سنة 1991.

واجهض زئيفي ـ فركش الادعاءات الاسرائيلية الرسمية ضد «حزب الله» ايضا. وقال ان تقديراته تشير الى ان «حزب الله» لن يستغل حرب الخليج المتوقعة لتوجيه ضربة الى اسرائيل، بل بالعكس، فهو يعتقد ان «حزب الله» سيخفف من لهجته ونشاطه خلال حرب كهذه، حتى لا يضعه الغرب في نفس الخانة مع صدام حسين.

وقد وجه رئيس حزب العمل، عمرام متسناع، اتهاما مباشرا الى شارون في هذه القضايا وقال «نحن لسنا شركاء في الحرب على العراق. والخطر الحقيقي في اسرائيل يكمن في التقارير التي تصدر هنا عن مضاعفة عدد الفقراء وعن تدهور ألوف العائلات الى الجوع». واضاف متسناع «شارون يحاول نشر الهلع في صفوف المواطنين. والحقيقة ان التهديد العراقي لاسرائيل ليس جديا وليس حقيقيا. وحتى لو كان هناك خطر، فمن واجب القيادة المسؤولة ان تهدئ من روع المواطنين، وليس إثارة الفزع لديهم».

وقال رئيس حزب ميرتس اليساري المعارض ان «شارون يفتش عن حبل نجاة لدى صدام حسين. فهو غارق حتى قمة اذنيه في فضائح الفساد داخل حزبه. ويحاول الهاء الجمهور. والحقيقة ان الخطر على الديمقراطية الاسرائيلية من جراء هذا الفساد هو اكبر بما لا يقاس من الخطر عليها من جراء هجوم عراقي».