فلسطيني يدفعه الشوق لأبنائه لتدوسه دبابة احتلالية في طريق العودة

TT

لم يستطع عبد الله ربايعة، 29 عاما، ان يصبر اكثر على فراق زوجته وابنه مهند وابنته منار. فمنذ شهرين توجه هذا الشاب الفلسطيني من قريته ميثلون، الواقعة الى الجنوب الشرقي من مدينة جنين شمال الضفة الغربية للعمل في اسرائيل، بعد ان ظل عاطلا عن العمل لمدة طويلة. كان ربايعة يحدث زوجته يوميا عبر الهاتف الجوال ويحكي لها عن شوقه الشديد لمهند، اربع سنوات، ومنار، عامان. ويوم الخميس الماضي اتصل عبد الله بابن عمه باسل ربايعة، 22 عاما، وهو سائق اجرة وطلب منه ان يحضر بسيارة الاجرة التي يملكها الى الحاجز العسكري الاسرائيلي الذي يقع على الخط الاخضر الفاصل بين قريتي باقة الشرقية والغربية «لكي يعود به الى القرية».

وبالفعل توجه باسل في الموعد المتفق عليه، بسيارته الى الحاجز، حيث كان ينتظره عبد الله فعاد به متجها للقرية. يقول باسل ان عبد الله حرص على الاتصال بزوجته عبر الهاتف الجوال ليخبرها انه بعد دقائق سيكون عندها، ولم تمض دقيقتان حتى اتصل كل من مهند ومنار به ليعبرا عن شوقهما له.

لكن ما ان وصلت سيارة الاجرة الى مشارف القرية، حيث يقيم جنود الاحتلال معسكرا لهم، حتى حدث ما لم يخطر ببال عبد الله وابنيه اللذين كانا في انتظاره. فبينما كانت سيارة الاجرة تهم بالالتفاف في الشارع الضيق المؤدي الى بلدة ميثلون، حتى اتجهت نحوها دبابة لجيش الاحتلال من طراز «ميركافا» بسرعة كبيرة. حاول باسل الابتعاد بالسيارة في كل اتجاه، لكن الدبابة ظلت تلاحقها، وقامت بصدمها بل طحنها والصعود عليها من الجانب الايمن لجسمها مما أسفر عن طحن عظام عبد الله وتفتت جسمه، بعد ان دفعته إلى المقعد الخلفي. وقتل عبد الله بينما اسرته في انتظاره.

أما باسل سائق السيارة والشاهد الوحيد على الجريمة، فحاول قبيل لحظة من اصطدام جسم الدبابة بسيارته والصعود فوقها، الهرب من بابها للجهة اليمنى، وعندما فشل في ذلك، حاول الخروج من النافذة، ففشل وعلقت ساقاه في مقود السيارة، وبقي جزء من جسده خارجها، مما أدى إلى اصابته إصابة بالغة في الساقين، أحدثت لديه كسورا مختلفة فيهما، اضافة الى اصابته بعدة جروح ورضوض جراء الصدمة.

وبعد مرور نصف ساعة تقريبا على وقوع الجريمة وبناء على استغاثة بعض أهالي المنطقة، قام طاقم احدى سيارات الاسعاف بالتعاون مع الأهالي بفك حديد السيارة الذي هرسته الدبابة على جسدي الضحيتين وانتشالهما منها، ورفض طاقم الدبابة نقل الجريح باسل في سيارة الإسعاف، فبادر الأهالي بنقله على الأكتاف ثم بسيارة مدنية أخرى إلى عيادة البلدة. اما مهند ومنار اللذان انتظرا اباهما بفارغ الصبر، فلم يعانقاه الا وهو جثة هامدة.