فضائح جديدة في الليكود الإسرائيلي والتحقيق يقترب من القيادة العليا

حزب العمل المعارض يكتشف جاسوسا جديدا لصالح الليكود داخل صفوفه واتهامه بإيداع أموال مسروقة من بنك تجاري

TT

انضم المفتش العام للشرطة الاسرائيلية، شلومو اهرونشكي، والرئيس الاسرائيلي، موشيه قصاب، الى الاوساط التي تحذر من تغلغل رجال المافيا والعالم السفلي الى القيادة السياسية والحزبية في اسرائيل. وفي الوقت نفسه قالت مصادر الشرطة ان التحقيق في الفضائح الداخلية في الليكود يزداد ويتسع، وانه بدأ يقترب من القيادة العليا. وستكون أولى المدعوات الى الشرطة للتحقيق تحت التحذير، نائبة وزير البنى التحتية، نعومي بلومنطال.

وتبين ان بلومنطال ساهمت في تمويل «الليلة الحمراء»، التي تم تنظيمها لمجموعة من أعضاء المجلس المركزي في الليكود في احد الفنادق الفخمة في مدينة رمات غان (قرب تل أبيب)، بهدف «اقناعهم» بالتصويت لها في الانتخابات الداخلية لليكود. وتم اعتقال مساعدها وسائق سيارتها، آفي اسكي، للاشتباه بأنه قام بتسليم النقود الى المقاول الليكودي الذي ادار معظم عمليات الفساد والافساد، وهو ميخائيل النكفا، المعتقل منذ ثلاثة اسابيع. ومع ان بلومنطال تنكر هذه الاتهامات، الا ان الشرطة مصرة على التحقيق معها يوم الأحد المقبل.

وكشف النقاب امس عن فضيحة جديدة في الليكود، تتعلق بأحد قادة الحزب الميدانيين، رجل الأعمال شلومو عوز، الذي كان قد تورط في قضية رشوة كبرى حسب شبهات الشرطة، دعم بموجبها عومري شارون، نجل رئيس الحكومة، وحصل بالمقابل على صفقة بقيمة 50 مليون دولار لحراسة المعابر الحدودية.

وحسب المعلومات الجديدة فان اموالا وصلت الى حساب عوز البنكي، من مصدر مشبوه، ويعتقد انها اموال مسروقة من بنك تجاري في تل ابيب، بقيمة 60 مليون دولار. واذا ثبتت هذه الاتهامات فان النتيجة ستكون خطيرة للغاية، اذ ان الاموال المسروقة ستكون عمليا مصدر تمويل لعدة مرشحين في الليكود. مما يعني ان الاجرام المنظم نجح في التغلغل الى قيادة الحزب الحاكم، مع كل ما يعنيه ذلك من اخطار.

واعلن المفتش العام للشرطة، امس ان هذا الفساد يقلق جهاز الشرطة منذ اكثر من سنتين. لكن شح الميزانيات وكثرة المهام كبلت أيدي الشرطة عن علاج الموضوع جذريا. لكن وعد ان ينهي التحقيقات الجارية حاليا بنتيجة «تجعل كل من يفكر من عالم الاجرام المنظم ان يتغلغل الى القيادة السياسية او كل سياسي يقبل بهذا التدخل، تجعله يفكر مرتين». واكد انه شكل جهاز تحقيق ضخما في هذه القضية بهدف انهائها في اقرب فرصة. ولمح الى ان هناك سياسيين يضغطون على الشرطة اليوم حتى لا تعالج الموضوع بشكل جذري ووعد بأن لا يرضخ لهذه المحاولات وهدد بفضحها.

اما الرئيس الاسرائيلي، فقال في تصريح اذاعي، امس انه ينبه ويحذر من عدة سنوات من خطر سيطرة المافيا على الحلبة الحزبية وانه اوصل رأيه هذا الى الجهات المختصة، لكن التعامل معه كان سطحيا وهامشيا. وقال ان الخطر قائم وواضح. ودعا الى اقتلاع الظاهرة من جذورها.

يذكر ان طاقم الشرطة يواصل التحقيق في القضية. وبلغ عدد الذين تم استدعاؤهم اكثر من 40 شخصا، غالبيتهم الساحقة من الليكود، وابتداء من الأحد المقبل سيرتفع مستوى «المدعوين» الى الشرطة، حيث بالاضافة الى نائبة الوزير، سيتم استدعاء عضو الكنيست ابراهم هيرشنزون، الذي يشتبه بأنه رشى عددا من أعضاء اللجنة المركزية لليكود باستضافتهم في فندق ضخم على شاطئ البحر الميت لكي يصوتوا له.

* افتتاح بارد للمعركة

* يذكر ان فضائح الفساد هذه اثرت بشكل مباشر على تأييد الناس لحزب الليكود. ففي حين كانت استطلاعات الرأي تشير الى احتمال مضاعفة عدد نوابه في الكنيست من 19 حاليا الى 40 نائبا في الانتخابات المقبلة، تعطي استطلاعات الاسبوعين الاخيرين الليكود ما بين 33 و35 مقعدا. أي انه خسر نحو 7 نواب بسبب هذه الفضيحة. الا ان استطلاع الرأي الذي نشرته صحيفة «هآرتس»، امس يشير الى ان التدهور في شعبية الليكود توقف. اذ انه حصل مرة اخرى على 35 مقعدا في استطلاعات الرأي فيما حصل حزب العمل على 22 مقعدا (23 مقعدا في الاسبوع الماضي).

وحسب الاستطلاع نفسه فان 50 في المائة من الجمهور و20 في المائة من مصوتي الليكود قالوا ان فضائح الفساد زعزعت ثقتهم برئيس الوزراء ارييل شارون شخصيا، وقال 16.2في المائة من مصوتي الليكود انهم لن يصوتوا له في الانتخابات المقبلة.

ويلاحظ ان الاستطلاع يشير الى ان اليمين ما زال يحظى بأكثرية في صفوف الجمهور الاسرائيلي.، اذ لو جرت الانتخابات اليوم لكان حصل على 64مقعدا من مجموع 120 (الليكود 35 والحزب الديني لليهود الشرقيين ـ شاس 8 مقاعد والاتحاد اليميني المتطرف 7 مقاعد وحزب اليهود المتدينين الاشكناز ـ يهودت هتوراة وحزب المستوطنين «المفدال» لكل منهما 5 مقاعد وحزب اليهود الروس ـ يسرائيل بعلياه ـ 4 مقاعد). فيما يحصل حزب العمل على 22 مقعدا ويرتفع حزب شينوي الليبرالي ـ العلماني الى 15 مقعدا (له اليوم 6 مقاعد وتنبأت له الاستطلاعات 13مقعدا في الاسبوع الماضي) والاحزاب العربية 10 مقاعد (لها اليوم 11 مقعدا والاستطلاعات توقعت هبوطها الى 9 مقاعد في الاسبوع الماضي) وحزب ميرتس اليساري الصهيوني 7 مقاعد وحزب «عام احاد» النقابي يحصل على مقعدين.

ورغم الضربة التي تلقاها الليكود في هذا الاستطلاع، فان قيادته متفائلة وتأمل في ان يكون اشارة لوقف التدهور. فقد رأت فيه حبل نجاة لها، خصوصا بعد الفشل الذريع الذي منيت به في مهرجان افتتاح المعركة الانتخابية أول من امس، اذ لم يحضر المهرجان سوى 1000 عضو في الليكود وظل اكثر من نصف المقاعد شاغرا. وكانت هذه القيادة قد اختارت اكبر قاعدة في القدس لعقد هذا المهرجان، واختارت القدس بالذات حيث يبلغ عدد اعضاء الليكود المسجلين في سجل الناخبين 40 ألف عضو. وحاول الناطقون بلسان شارون ارجاع هذا الفشل الى برودة الطقس واصابة آلاف الاعضاء بالبرد والزكام. الا ان عددا من قادة الليكود اعربوا عن قلقهم. وقال احدهم ساخرا: «غدا ستكتب الصحافة الاسرائيلية بالبنط العريض ان اعضاء الليكود تغيبوا عن المهرجان بشكل تظاهري وانهم كما يبدو كانوا متغيبين لأنهم موجودون في التحقيق في الشرطة».

* حزب العمل

* من جهة ثانية، ذكر ان قيادة حزب العمل تفتش عن جاسوس يعمل لصالح الليكود تسلل الى طواقم العمل التي تقود معركته الانتخابية. اذ يتبين ان الليكود يسرق عددا من الافكار التي ترد داخل طاقم العمل ويطرحها على الشارع قبل ان يطرحها العمل.

على سبيل المثال، قرر طاقم مرشح حزب العمل لرئاسة الحكومة، عمرام متنساع، ان يعلن برنامجا شاملا لفصل الدين عن الدولة، يقضي بالغاء وزارة الأديان والغاء المجالس الدينية المحلية لليهود. وقبل ان يعلن البرنامج بخمسة ايام، اعلن مرشح الليكود، ارييل شارون، انه ينوي الغاء وزارة الاديان. الامر الذي اثار الشكوك بأن احدا قام بتسريب المعلومات. فأرادوا معرفته ومحاكمته والتخلص منه.

* إلغاء الأحزاب العربية

* من ناحية اخرى من المقرر ان تبدأ لجنة الانتخابات المركزية، بقيادة القاضي ميخائيل حيشن، دراسة الطلبات المقدمة لها لالغاء اربع لوائح انتخابية عربية، في يوم الأحد المقبل.

واعلن النائب ايفي اوشعيا، مندوب حزب العمل في اللجنة، الذي يعارض هذه الاقتراحات، ان هناك اكثرية لليمين داخل اللجنة. وهذه الاكثرية قادرة على تمرير قرار بالغاء تلك اللوائح. ولهذا، فقد طلب من رئيس حزب العمل، عمرام متسناع، ان يدعو قيادة الحزب الى اجتماع طارئ لبحث الموضوع والاعداد للمرحلة المقبلة. وقال اوشعيا: «اذ اتخذ قرار بالغاء القوائم العربية المذكورة، ستكون تلك كارثة قومية بالنسبة لاسرائيل. اذ انها ستتحول في نظر العالم الى دولة أبارتايد (تفرقة عنصرية)».

وطالبت اوشعيا قيادته بأن تبادر الى التفاوض مع الليكود من اجل التوصل الى تفاهم في القضية، فلا تقتصر المسألة على الغاء عضوية القوائم العربية.

يذكر ان اليمين الاسرائيلي يسعى الى الغاء القوائم التي يرشح فيه اربع شخصيات برلمانية عربية (فلسطينيو 48)، هم النواب: عزمي بشارة (رئيس التجمع الوطني) وعبد المالك دهامشة (الحركة الاسلامية ضمن القائمة الموحدة)، ومحمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي، وأحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير، الذي تحالف مع الجبهة الديمقراطية. والذرائع لهذا الطلب، كما وردت في رسائلهم هي ان النواب الاربعة اطلقوا تصريحات سياسية تضر باسرائيل العبرية وأمنها.