جيبوتي تنفي وجود «غوانتانامو» جديد على أراضيها لاستجواب معتقلي الإرهاب في القرن الأفريقي

TT

نفى مسؤول عسكري رفيع المستوى بهيئة أركان الجيش الجيبوتي ما تردد أخيرا من تقارير إعلامية حول وجود معسكر لاستجواب «الإرهابيين» في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا على اراضيها على غرار معسكر غوانتانامو في خليج كوبا الذي تحتجز فيه السلطات الأميركية عددا من قيادات تنظيم القاعدة والعرب الأفغان بعد اعتقالهم في أفغانستان.

وأكد العقيد يوسف قايد جيلة أن ما تردد بشأن وجود معسكر في جيبوتي على غرار غوانتانامو «عار تماما عن الصحة ولا يستند إلى أي دليل». وأوضح أن الاجتماع الأول الذي عقدته الخلية الدولية لمكافحة الإرهاب في المنطقة الاحد الماضي بمشاركة مسؤولين عسكريين من جيبوتي وممثلي القوات الأميركية والفرنسية والألمانية والاسبانية المتمركزة في جيبوتي لمراقبة أي أنشطة محتملة لأية تنظيمات إرهابية، تطرق إلى المسائل المتعلقة بتأمين وجود هذه القوات وتوفير أقصى حماية لها لتمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها.

وقال العقيد يوسف في تصريحات نقلتها أمس وكالة الأنباء الجيبوتية الرسمية ان عناصر من الجيش الجيبوتي ترافق بصورة مستمرة القوات الأجنبية العاملة على طول السواحل الجيبوتية، مشيرا إلى الدور الحيوي الذي تلعبه القوات المسلحة الجيبوتية في تسهيل مهمة عمل هذه القوات الغربية، واعتبر أن مسألة ضمان أمن وسلامة القوات الأجنبية التي تتخذ من جيبوتي قاعدة عسكرية لمواجهة النشاطات الإرهابية في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا تحظى باهتمام كل الشعب الجيبوتي، وكانت الولايات المتحدة قد وجهت أول من امس تحذيرا هو الثاني من نوعه خلال شهر واحد لرعاياها من مخاطر وقوع اعتداءات في شرق أفريقيا وخصوصا في كينيا وجيبوتي. وأعلنت وزارة الخارجية في بيان لها أنها «تلقت معلومات لم تتأكد صحتها» حول احتمال حصول اعتداءات في جيبوتي مثل تلك التي وقعت في مدينة مومباسا الكينية في الثامن والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. واستبعدت الحكومة الجيبوتية في وقت سابق إمكانية وقوع أي هجمات إرهابية ضد أي من القوات الأميركية أو الغربية الموجودة لديها، مؤكدة أنها لم تتلق أي تحذيرات جدية يمكن اعتبارها تهديدا للوجود العسكري الأجنبي على أراضيها. وقال مسؤول بارز في الحكومة الجيبوتية لـ«الشرق الأوسط» انه ليس هناك ما يدعو في الوقت الراهن إلى رفع الاستعدادات الأمنية المتبعة لتأمين هذه القوات أو تشديد الإجراءات حول المصالح الغربية والأميركية في البلاد. واعتبر أن الوجود العسكري الأجنبي في جيبوتي هو جزء من قيامها بمهامها وفقا لميثاق الأمم المتحدة وفى إطار مساندة الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، غير أن المسؤول الذي طلب عدم تعريفه اعترف بان ما حصلت عليه جيبوتي من مساعدات مالية واقتصادية من واشنطن وغيرها من العواصم الغربية لا يتناسب مع حجم التسهيلات اللوجستية التي قدمتها الحكومة الجيبوتية لقوات التحالف الدولية لمكافحة الإرهاب.

وقال إن جيبوتي تتطلع إلى زيادة المساعدات الاقتصادية التي تتلقاها من هذه الأطراف في إطار التعاون الثنائي لمواجهة النشاطات المحتملة للجماعات الإرهابية في المنطقة، مشيرا إلى حاجة المجتمع الجيبوتي إلى إنشاء المزيد من المستشفيات والمدارس وتدعيم البنية الأساسية وكلها مجالات تستطيع القوات الغربية أن تساهم فيها بفاعلية. وبعدما عانت جيبوتي طويلا من التجاهل الدولي والاقليمي منذ تأسيسها عام 1977 بعد الاستقلال عن فرنسا قبل نحو ربع قرن، عادت بفضل موقعها الاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي لتكون مجددا في ذروة الاهتمام الأميركي والغربي بمكافحة الإرهاب في هذه المنطقة.

ويوجد نحو عشرة آلاف من القوات الغربية والأميركية على مقربة من سواحل جيبوتي التي تحولت منذ بضعة أشهر إلى قاعدة عسكرية مفضلة لهذه القوات في إطار الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب. وبالإضافة إلى القوات الفرنسية التي توجد في قاعدة عسكرية فرنسية حصلت عليها فرنسا قبل منحها جيبوتي الاستقلال عام 1977، فان الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا تحتفظ بوجود عسكري منتظم على الأراضي الجيبوتية. وكانت ألمانيا قد وقعت مطلع العام الجاري اتفاقا عسكريا تاريخيا مع جيبوتي يسمح للقوات الألمانية للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 بالوجود في دولة أفريقية، مقابل تقديم مساعدات اقتصادية لدعم جهود الحكومة الجيبوتية في تحسين الظروف المعيشية لمواطنيها.