القبض على عميل للموساد في ساحل العاج يكشف مخططا لضرب النفوذ الاغترابي اللبناني في أفريقيا

TT

اعلنت مصادر لبنانية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان اسرائيل نقلت حربها ضد لبنان بعد هزيمتها في الجنوب اللبناني، الى بلاد الاغتراب. وقالت هذه المصادر ان اسرائيل تمارس عدواناً مباشراً ضد لبنان عبر استهدافها لبنيته الاغترابية في القارة الافريقية بصورة خاصة، وذلك في سياق مسلسل عدوانها للانقضاض على لبنان وتدمير كل الآمال التي ينشدها لاعادة ما دمرته اسرائيل على امتداد احتلالها لاجزاء واسعة من اراضيه.

واشارت المصادر الى ان تجليات العدوان الاسرائيلي على لبنان المغترب انكشفت مع اندلاع اعمال العنف والتمرد في ساحل العاج اخيراً، بعدما اوقفت السلطات في ساحل العاج المسؤول الامني السابق في ميليشيا انطوان لحد المنحلة والملاحق من القضاء اللبناني رياض العبد الله على رأس مجموعة تضم عشرين شخصاً وقامت بترحيلهم الى خارج البلاد بعد تدخل مباشر من سفيري الولايات المتحدة (التي تحارب الارهاب) واسرائيل في ابيدجان، اذ كان العبد الله مكلفاً بتنفيذ مهمة في اوساط الجالية اللبنانية بامر من الموساد الاسرائيلي، وفق ما كشفته التحقيقات والتحريات التي قامت بها السلطات اللبنانية.

ومن المعلوم ان رياض العبد الله كان يعتبر قائد ميليشيا لحد في الظل اذ ان ارتباطه كان مع جهاز الموساد الاسرائيلي مباشرة وليس مع لحد. والعبد الله من مواليد بلدة الخيام الجنوبية وله تاريخ حافل من التنكيل بالجنوبيين. وكان قد اشرف قبل التحرير على مرفأ الناقورة وقاد عمليات تهريب واسعة للمخدرات باتجاه مصر واوروبا بتوجيه مباشر من الموساد الذي كانت طراداته الحربية تحمي السفن التي كانت تتولى هذه العملية. وقد غادر الشريط الحدودي قبل التحرير ليستقر في تل ابيب بشكل دائم، الا انه كان يحضر الى الشريط لتنفيذ عمليات كان يكلف بها. واضافت المصادر ان الموساد الاسرائيلي يسعى الى استغلال الاحداث الدموية التي تجتاح بعض الدول الافريقية وتوجيهها ضد مصالح اللبنانيين، عبر خلايا للموساد زرعت في افريقيا وتشرف على ادارتها سفارات اسرائيل. والجديد الذي تكشف مؤخراً لجوء اسرائيل الى استهداف اللبنانيين عبر عملاء لبنانيين من ميليشيا لحد، بعد القاء القوات الفرنسية القبض على رياض العبد الله اثناء قيامها بمهمة وقف المعارك التي تشهدها بعض مدن ساحل العاج. وكان العبد الله قد وصل الى ساحل العاج مع مجموعته منذ اسابيع.

وقام سفير اسرائىل في ساحل العاج بتأمين الاقامة لهم وتسهيل جميع تنقلاتهم ليتمكنوا من الوصول الى اهدافهم من المغتربين اللبنانيين وإثارة الفتن من حولهم والتحريض العرقي ضدهم. وقد كشف القبض على العبد الله مخططا اسرائيليا يهدف الى «تصفية» الاغتراب اللبناني تحت ستار الصراعات العرقية والطائفية، وهذا ما يعيد فتح ملف الاغتيالات التي ذهب ضحيتها عدد من اركان الجالية اللبنانية البارزين، وفي الكونغو تحديداً، بعد مصرع الرئيس الكونغولي كابيلا.

واشارت المصادر اللبنانية المطلعة الى ان عناوين المهمة التي كلف بها رياض العبد الله ومجموعته هي ضرب الوجود الاغترابي اللبناني والبنية الاقتصادية لهذا الاغتراب وتصفية البارزين في الجالية وتصوير الامر على انه صراع عرقي افساحاً في المجال امام الاسرائيليين لتهميش الاغتراب اللبناني لا بل تدميره والحلول مكانه.

من جهتها أشارت مصادر دبلوماسية لبنانية الى ان ترحيل رياض العبد الله ومجموعته من ساحل العاج، بعد ثبوت تورطه في اعمال عدائية استهدفت المغتربين اللبنانيين في افريقيا، سلط الاضواء من جديد على خلفيات الحوادث الامنية التي استدفهت في السابق الجاليات اللبنانية في افريقيا وسواها، كما اظهر خلفية الاستهداف، الذي كان عادة ما يوصف بأنه نتيجة اعمال عنف محلية او اضطرابات عرقية او صراعات سياسية داخل هذه الدول والتي كان المغتربون اللبنانيون يحصدون نتائجها، فيما اصابع الاتهام كانت تشير بطريقة غير مباشرة الى تأثير اللوبي اليهودي من دون ان يتخذ هذا الاتهام طابع الجدية والمتابعة والاهتمام.

وتؤكد هذه المصادر ان الحادثة الاخيرة التي حصلت في ابيدجان والتي اثبتت ضلوع رياض العبد الله وآخرين من ميليشيا لحد في عمليات ارهابية ضد الجالية اللبنانية اثبتت بأن الاصابع الاسرائيلية كانت من الاساس وراء العمليات الارهابية التي طاولت اللبنانيين في المهجر. اما الدوافع فهي زعزعة الوجود اللبناني في الاغتراب والذي نجح في تشكيل قاعدة اقتصادية للبنان وقوة سياسية ناشطة وفاعلة تزاحم نفوذ اللوبي اليهودي، لا سيما على صعيدي القرار السياسي والاقتصادي. والاسرائيليون يرون ان الاغتراب اللبناني الناشط يعتبر المزاحم الابرز لهم في القارة السوداء التي تشكو انظمتها السياسية والاقتصادية من اضطرابات وعدم استقرار ويطمع الاسرائيليون في الامساك باقتصادها فضلاً عن قرارها السياسي.

وتوضح المصادر الدبلوماسية اللبنانية انه في كل مرة تشهد اي دولة افريقية صراعات مختلفة ومن اي نوع كان، نجد ان اللبنانيين هم في طليعة المتضررين من هذه الصراعات كما هم دائماً هدفاً لاعمال انتقامية وعدوانية، ومؤسساتهم التجارية ومصالحهم الاقتصادية عرضة للنهب والتدمير. ولطالما شاهد اللبنانيون قوافل المغتربين تفد الى لبنان بعد حوادث امنية استهدفتهم مباشرة، وقد خسروا كل ما جنوه طيلة اغترابهم.

وحول استخدام العملاء اللبنانيين في الخارج ضد الاغتراب اللبناني فان المصادر اللبنانية المطلعة تعزو هذا الامر لكون هؤلاء العملاء يسهل انخراطهم في الاغتراب اللبناني. وتضيف ان الهدف هو التأثير على البنية الاقتصادية للبنان لان الاغتراب هو رافد للاقتصاد اللبناني.

وختمت المصادر بالقول ان اندفاع اسرائيل لمنع محاكمة رياض العبد الله ومنع تسليمه الي لبنان يؤكد أن كل ما فعله هو بموجب امر عمليات اسرائيلي. ولم تستبعد المصادر ان يكون العبد الله يحمل الجنسيتين الاسرائيلية والاميركية، لان السلطة اللبنانية المختصة التي حاولت عبر الانتربول استرداده وجدت امامها الكثير من العقبات اولها ان العبد الله اصبح خارج ساحل العاج وثانيها عدم وجود اتفاق يقضي بتبادل مطلوبين بين لبنان وساحل العاج.